| مقـالات
السرعة ضررها يتعدى تلف الحديد إلى تلف الإنسان، ولكنها تسر هذا الإنسان المغرم بها! هل لأن الإنسان كائن لا يطير، ويرى الطير وهو مخلوق ضئيل لا قيمة له في الكون، يحلّق في عنان السماء متجاوزاً كل عوائق الأرض، فصنع الإنسان الحديد وطار به ليقاوم عقدة النقص الدفينة في أعماق عقله الباطني!
وأدركنا شابين في سيارة متحطمة وسط جزيرة الشارع دخل سائقها الدوار وهو يقودها فوق السرعة النظامية فدخل في رصيف الطريق وحطم عمود النور واللوحة التي تحمل اسم الشارع وحجارة بكماء في حديقة الشارع، وحاولنا أن ننزع بابي السيارة المشتبكين مع الراكبين فلم نستطع! منظر مأساوي يثير الألم والدموع نراه في كل مفترق طريق وعند كل إشارة ولا ترى الشباب الأغرار غير الناضجين الذين يقودون السيارات لديهم استعداد لعودة الوعي فهم مغرمون بالسرعة، مولعون بالطيران، يستعرضون بسياراتهم وكأنهم في مدينة ترفيهية وكأن السيارة لعبة خطرة يؤكدون فيها شجاعتهم وتفوقهم وقدراتهم الخارقة على المغامرة والإبداع الإعجازي! عقول لم تنضج أمضت زهرة عمرها في متابعة خيال أفلام الكرتون ، ومطاردات السيارات وألعاب الكمبيوتر الأسطورية! فتحول الشارع إلى ميدان لتطبيق ألوان ذلك الخيال السحري العجيب!
ما الحيلة في منع هؤلاء السفهاء من قيادة السيارات مَنْ هذا الذي أعطى ماله للسفهاء وقد نهاه الله عنه؟! أين جندي المرور؟ أين قلم المرور؟ أين صفارة المرور؟ أين سوط المرور؟ أين الرادع الذي يحمي هؤلاء الصغار من أنفسهم؟ ويحمي الناس والمجتمع من أخطارهم؟
لا بد من الحزم مع كل من يستخدم الشارع وهو دون سن العشرين! وهو لا يحمل رخصة قيادة! وهو لم يتخرج من مدرسة القيادة! وهو كبير السن! وهو غير مؤهل صحياً! وهو في حالة فقدان لعقله! وهو يستخدم مركبة لا تشتمل على الحد الأدنى من شروط السلامة!
علينا أن نحمي المجتمع من هؤلاء القتلة الذين يقتلون أنفسهم ويقتلون غيرهم بسلاح حديدي يسمونه السيارة، وهو طلق ناري يتشظى إلى سيوف قاتلة بيد شاب غره الاستعراض!
ü بعد حزام الصدر نريد حزاماً للعقل!
يرى الشباب يوميا في كل ساعة من ساعات النهار حادثاً مروريا أليماً: سيارة دخلت في دوار أو عانقت إشارة مرور أو عمود إنارة أو هوت في منحدر! لكنهم لا يتأثرون أبدً! يسابقون الريح في جنون لا يصدقه عقل! وهب أولئك الصنف من الشباب على ربط حزام الأمن، فأين إذن حزام العقل؟!!
إن صنائع السرعة وبيلة ، وعواقبها أليمة، وفعلها فيك وفي ركابك وسيارتك فعل تظل العمر كله نادم عليه!
السرعة من الشياطين والأناة صفة يحبها الرحمن، والمشي الهون والقصد فيه من صفات عباد الله، وأنت متعبد لله في الأرض فالتزم بصفات العبادة ! إنك إذا قدت سيارتك بسرعة متجاوزة للحد النظامي المحدود لطريقك فإنك بسرعة أيضا تتحول إلى مقود لا قائد، فالسيارة في هذه اللحظة هي التي تقودك ؟ لأنها هي المتحكمة لا أنت!
إن ربح السرعة بعد نصف ساعة أو ساعة لا يساوي من الوقت إلا قليلاً هذا إذا ربحته، لكنك في هذه الساعة معرض لأن تخسر عمرك كله، فكيف تفرط في العمر بقليل لا قيمة له.
أنت لست وحدك في الطريق، المئات يشاركونك السير، وعوارض الطريق كثيرة، وكوامنه أكثر، وللسيارة طوارئ لا تخطر على بالك، فإذا كنت هادئاً منضبطاً في قيادتك لمركبتك، فإنك ستتلافى كل طارئ في سيارتك وكل عارض على الطريق، وإذا كنت مسرعاً فسيفجؤك أقل شيء وعند الفجأة يحصل الحادث الأليم!
اجعل الهدوء من ثقافتك ومن طبعك فإنه الخير كله وتخلص من السرعة فإنها سبب رئيس من أسباب الندم والهلاك!
إني أراك الآن تربط حزام الأمان، ولكن دعني أذكرك بحزام أهم منه، ألا وهو حزام العقل، اربطه قبل السير، إنه من نعم الله عليك، جعله الله عاصماً لك من كل شر وأماناً لك من كل خطر، اربطه الآن وسيمنعك في الحال من ويلات السرعة!
بريدة - ص .ب 10278
|
|
|
|
|