| متابعة
* جدة واس:
أكد صاحب السمو الملكي الأمير عبدالله بن عبدالعزيز ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء رئيس الحرس الوطني أن منطقة الشرق الأوسط سائرة بإذن الله إلى مستقبل زاهر ومشرق وأنه ليس هناك من خطر حقيقي يتهددها سوى اصرار إسرائيل على اجهاض فرص السلام والتعامل مع جيرانها من منطق السيطرة والقوة.
وشدد سموه في مقابلة أجرتها معه مجلة «ديرشبيغل» الالمانية ونشرتها في عددها الصادر أمس الاثنين على انه لا مفر للاسرائيليين من التعايش مع محيطهم ان أرادوا أن يكون لهم وجود طبيعي في المنطقة.
وفيما يلي النص الكامل للمقابلة:
س: صاحب السمو الملكي تأتي زيارتكم لالمانيا في فترة عصيبة في منطقة الشرق الأوسط والشرق الأدنى هناك شلال الدم اليومي ولا يبدو هناك بصيص أمل في الافق لحل هذه المشكلة «مشكلة الشرق الأوسط» كيف ترى الوضع حاليا؟
ج: أعتقد أن المواطن الالماني مثله مثل أى انسان على هذا الكوكب الصغير يشاهد بشكل يومي ما وصفتموه وهو وصف دقيق بشلال الدم.. فلم يسبق أن شهد هذا النزاع الطويل مثل هذا المستوى من العنف الذي ترتكبه ليل نهار آلة الحرب الاسرائيلية ضد أناس عزل إلا من بعض الحجارة.. فالتاريخ المعاصر لا يعرف حالة أخرى استخدمت فيها دولة كل هذا الكم الهائل من آخر ما وصلت اليه الصناعات الحربية من الدبابات والطائرات ضد شعب أعزل.. وإذا كانت روح الانسان وعرضه هما أغلى ما في الوجود فان الاسرائيليين لم يوفروا المزارع ولا البيوت ولا أي وسيلة من وسائل العيش والبقاء للشعب الفلسطيني إلا وجرفوها أو هدموها أو قطعوها.. وفى تصوري فان أي شعب آخر لم يتعرض لمثل هذا التدمير العشوائي لكل مصدر من مصادر الحياة كما تعرض له الشعب الفلسطيني وأنا أسأل كل صاحب ضمير حي ماذا ستفعل إذا قتل أحد أفراد عائلتك وجرفت مزرعتك وهدم منزلك ومنعت عنك وسائل العيش والبقاء لقد قلت لمن التقيتهم من اليهود ومن غيرهم ان إسرائيل تدير أكبر مدرسة لتخريج الفدائيين عندما تغلق أبواب الامل والعمل أمام أبناء الشعب الفلسطيني.. وإذا سلمنا بأن هناك عنفا فلسطينيا فهو لا يعدو كونه تعبيراً غير منظم عن اليأس والاحباط بينما نرى ويرى العالم كله أن العنف الإسرائيلي هو «ارهاب دولة» تستخدم فيه أحدث الاسلحة وأعلى درجات التخطيط والتنظيم دقة وتدميراً.
س: هناك الكثير من التساؤل الرئيس بوش استقبل شارون ولكن حتى الان يرفض استقبال الرئيس عرفات ألا ترون في ذلك تقاعسا من جانب الإدارة الأمريكية الجديدة وهل لديكم النية في التوسط لديها لصالح عرفات؟
ج: نحن بطبيعة الحال لا نملك أن نملي على رئيس الولايات المتحدة أو غيره من الرؤساء ما يجب عليه فعله أو من يجب عليه استقباله.. ومن منطلق الصداقة والحرص على صيانة المصالح المشتركة يجرى حوار بناء ومتواصل مع الإدارة الأمريكية.. نحاول من خلاله أن نلفت نظرها إلى ما قد يكون غاب عن بالها من الامور في هذا المجال.. على أي حال الإدارة الأمريكية إدارة جديدة وهي بحاجة كما تقول لاستكمال طواقمها ولتكوين رؤية وخطة عمل محددة لمعالجة هذا الوضع المتفجر.. لكن الاحداث تتسارع ويكاد زمام المبادرة أن يفلت من أيدينا والحاجة ملحة لوقف شلال الدم الذي تحدثتم عنه في بداية هذا الحديث.. وفي اعتقادي فإن أي رؤية متوازنة للامور تقتضي الاستماع لطرفي النزاع وهذا ما بدأنا نلمسه في الايام القليلة الماضية.. ونحن متفائلون من تعيين مندوب خاص للمنطقة عرف عنه الاطلاع الواسع على مجريات الامور ونرجو لجهوده أن تعبر عن المسؤولية المحورية للولايات المتحدة في هذا النزاع فهي القوة العظمى في عالم اليوم وهي صاحبة المصالح الكبرى في المنطقة وهي المنادية دائما بحقوق الانسان ودولة هذا دورها في العالم وهذه علاقتها بالمنطقة يجب ألا تبقى دائما أسيرة لاعتبارات سياسية داخلية يمليها لوبي نافذ لا يمثل إلا وجهة نظر واحدة.
س: تعتبر المملكة من أفضل الاصدقاء بل من الحلفاء لواشنطن في المنطقة.. هل تستطيع أمريكا اغضاب المملكة؟
ج: نحن لا ننظر إلى الامور بمثل هذا المنظار.. فليس وارد في ذهننا أن الولايات المتحدة تحاول اغضابنا.. ونحن بطبيعة الحال مدركون لعمق ما
تتعرض له هذه الإدارة من ضغوط.. لكننا نعتقد أن الموقف الامريكي المتوازن يخدم مصلحة كل الاطراف ويخدم المصالح العليا للولايات المتحدة وهى مصالح لا تتركز في دولة بحد ذاتها.. بل ان ما نسمعه ونراه ونقرأه يؤكد أن الكثير من اليهود لا يقرون شارون واليمين الإسرائيلي المتطرف على سياساته ويعتقدون أن أسلوبه مضر بمصالح إسرائيل ويمثل تهديداً لمستقبلها لانه في نهاية المطاف ليس هناك مفر للاسرائيليين من التعايش مع محيطهم إن هم أرادوا أن يكون لهم وجود طبيعى في هذه المنطقة.. ومنطق الاشياء يقول ان التأييد الذي تحصل عليه دولة ما من دولة أو من مجموعة دول لا يمكن أن يستمر إلى أبد الابدين.. ونحن ننظر بتفاؤل حذر لما هو مطروح من أفكار واقتراحات سواء تلك التي وردت في تقرير لجنة ميتشل لتقصي الحقائق أو التي وردت في المبادرة الأردنية المصرية.. المهم في هذا الامر هو النظر إلى هذه الطروحات ككل واحد.. وإذا تصور الاسرائيليون أن بامكانهم أن يكونوا انتقائيين فيما يقبلون وما لا يقبلون من تلك الافكار والاقتراحات فإن السلام والاستقرار سيصبح أصعب منالا لكلا الطرفين.. ولي في هذا السياق ملاحظة لا بد من التطرق اليها هنا.. فقادة الانتفاضة لم يكتبوا تقرير ميتشل إنما الذي كتبه هم من عقلاء الغرب وقادته البارزين.. ان القيادة الفلسطينية لا تملك مفتاحا سحريا تستطيع من خلاله وقف الانتفاضة.. لكن موقفها وموقف دعاة السلام في كل مكان سيكون أقوى وأجدى إذا قبل الطرف الآخر بسحب قواته من المدن والقرى الفلسطينية وأوقف التمدد السرطاني للمستوطنات وعاد إلى طاولة المفاوضات بنية صافية والتزام صادق بكل ما تم التفاهم والاتفاق عليه في المراحل السابقة.. وإلا فما جدوى الاتفاقات والالتزامات والتفاهمات إذا عرف طرف بأن الطرف الآخر غير مستعد للوفاء بها.. عندئذ فاننا نكون قد دمرنا كل مصداقية للتعهدات والمواثيق الدولية ودفنا كل أمل في السلام الحقيقى وأبقينا نار الشك والخوف مشتعلة ومفتوحة على كل الاحتمالات.
س: نلاحظ أن هناك نوعا من التنافر بين الرياض وواشنطن؟
ج: لا أظن أنني أشاطرك الرأي فيما ذهبت إليه.. فما يربطنا بالولايات المتحدة من صداقة ومصالح هو أكبر من أن يصل إلى حد التنافر.. بطبيعة الحال رؤى الدولتين واجتهاداتهما قد تختلف من وقت لاخر.. وهذا طبيعي في العلاقات بين الدول حتى بين أقرب الحلفاء.. لكننا نعتقد أن الحوار مع الولايات المتحدة ومحاولة ايصال الحقائق إلى الإدارة والشعب الأمريكي هو واجب وضرورة يمليها واقع الامور.. فنحن الذين نعيش في هذه المنطقة.. نعايش آلام اخواننا الفلسطينيين.. ونكتوي بنيران حروبها ومآسيها.. ولن يكون للصداقة معنى أو هدفا إذا لم يستطع أحد طرفيها أن يضع الصورة كاملة أمام الطرف الآخر وأن ينبهه إلى ما يحيط بالمنطقة من مخاطر لا يعلم إلا الله مدى ما يمكن أن تلحقه من أضرار.. المنطقة اليوم تقع فوق برميل من البارود القابل للتفجر.. وكل تراخ أو تهاون في نزع فتيل هذا البارود لن يؤذي الفلسطينيين وحدهم.. بل سيطال أذاه المنطقة ككل وربما العالم بأسره.. ثم ان الولايات المتحدة تحتل اليوم مكانة مميزة كزعيمة للنظام العالمي.. وهذا الدور يملي عليها «شاءت أم أبت» ضرورة التصدي للازمات قبل أن تستفحل.. هذا هو فهمنا للصداقة الحقيقية.. صداقة تقوم على الحوار والمكاشفة والمصارحة ونحن نقول دائما ان صديقك هو من صدقك لا من صدقك.
س: وزير الخارجية الأمريكي زار المملكة وكان همه وغرضه المسألة العراقية ولم يتعرض لفلسطين.. ماذا كان ردكم على ذلك؟
ج: نحن لا نلتقي بأي مسؤول أمريكي بدون أن يتطرق النقاش إلى الاوضاع التي يقاسي منها الشعب الفلسطيني وفلسطين في وجداننا دائما ومحور اهتمامنا في كل لقاء مع أي مسؤول دولي.
س: أرادت أمريكا فرض ما أسمته «العقوبات الذكية» في المسألة العراقية.. هل يؤدي ذلك إلى حل هذه القضية في نظركم؟
ج: لقد بادرت المملكة منذ أكثر من ثلاث سنوات لتبني مبادرة تهدف إلى رفع المعاناة عن الشعب العراقي مع ابقاء الرقابة الدولية على امكانية تصنيع أسلحة الدمار الشامل أو القيام بما يمكن أن يشكل تهديداً لجيران العراق.. ان ما يربطنا بشعب العراق هو أعمق وأكبر من أن تصفه الكلمات المجردة.. فما يؤلم شعب العراق يؤلمنا.. ومعاناته تحز في نفوسنا وتقض مضاجعنا.. لكننا ولمقتضيات الامانة مع النفس ومع شعبنا لا يمكن أن ننسى أن النظام الحاكم في بغداد ارتكب خطيئة «وليس خطأ» عندما سمح لنفسه أن يستبيح جارا ويروّع شعبا أخا وفيا ويهدر إمكانات المنطقة ولا يمكن لأي عاقل أن يمسح حدث غزو العراق للكويت من الذاكرة أو يتظاهر بأنه لم يحدث.. ونحن بدورنا نجد صعوبة شديدة في نسيان الصواريخ التي هبطت فوق مدننا ومنازلنا.. وفى تصوري فإن القيادة العراقية هي التي تقع عليها المسؤولية الآن لاعادة بناء الثقة واثبات حسن النية والالتزام بالعهود والمواثيق والتحدث بصوت واحد وتحمل مسؤولية ما حدث قبل أن تمحي هذه الذكرى الاليمة من الذاكرة الجماعية لهذه الامة.
س: هل صحيح أن الغارات الجوية بالطائرات الامريكية والبريطانية على العراق تنطلق من الأراضي السعودية والكويت؟
ج: هذا الادعاء الاجوف يفتقد إلى الصحة جملة وتفصيلا.. وأراضي المملكة لا تستخدم في مثل هذه الغارات التي يعرف النظام العراقي من أين تنطلق.
س: هل تعتقدون أن الوفاق مع العراق ممكن والرئيس العراقي صدام حسين على رأس الحكم أم لا بد من التغيير ليتم الاتفاق والوفاق والمصالحة؟
ج: ان بقاء رئيس ما هو أمر مرهون بارادة شعبه.. ونحن نتمنى للشعب العراقي الشقيق والقريب كل خير وتقدم.. وكما أسلفت فان من الصعب على أي منا أن ينسى أو يتناسى الخطيئة التي ارتكبها الرئيس العراقي بحق جيرانه وبحق الأمة لاننا حتى هذه اللحظة لا زلنا نعاني من أثارها المدمرة على بنية النظام العربي والتعاون والتضامن الذي تحتاجه الأمة لمواجهة التحديات الكبرى التي تعترض طريها.. وفي نهاية المطاف فإن الشعب العراقي وليس أي حاكم بذاته هو الذي نريد أن نتعايش معه.
س: الوضع في المنطقة أمر مرعب إلى أين تسير الامور هناك تطرف وارهاب ألصق بالاسلام؟
ج: المنطقة سائرة إلى مستقبل زاهر ومشرق بإذن الله وليس هناك من خطر حقيقي يتهددها سوى إصرار إسرائيل على اجهاض فرص السلام والتعامل مع جيرانها من منطلق السيطرة والهيمنة والفوقية.. أما الاسلام فهو ديننا وهو دستورنا وهو شرعنا وهو ركيزة مجتمعنا وثقافتنا.. الاسلام هو الذي انصهرت في تاريخه الشعوب والمدنيات لتنشئ مدنية وثقافة ونهضة فريدة في تاريخ الانسانية.. فريدة في تسامحها وفي انفتاحها وفي رؤيتها.. أما التطرف فليس ظاهرة إسلامية ولا شرق أوسطية ولا عرقية كما يحب البعض أن يقولبوه ليبرروا أهدافهم السياسية.. فالغرب الليبرالي والماركسي والشرق بمختلف طيوفه مليء بحركات التطرف.. وكل ثقافة معرضة لمن يبتسرها ويفهمها فهما متطرفا جانحا عن التاريخ والواقع والحقيقة.. من المهم في هذا المقام أن يتكاتف الجميع لزيادة مساحة الامل وتضييق مساحة الاحباط الذي عادة ما يقود إلى التطرف.
س: الاحداث التي وقعت ضد قواعد الجنود الامريكيين وثكناتهم.. من وراء هؤلاء الذين قاموا بالتفجيرات وأسقطوا القتلى هل وراءهم جهة خارجية؟
ج: كان هناك حادثان حادث في الرياض وحادث في الخبر فيما يتعلق بالحادث الذي وقع في الرياض تم القبض على المتورطين ومحاكمتهم وأذيعت كل المعلومات المرتبطة بالقضية.. فيما يتعلق بحادث الخبر لم تستكمل التحقيقات بعد لوجود بعض العناصر المتورطة خارج المملكة وبمجرد اكتمال التحقيق سوف يتم الاعلام عن كل شيء.
س: لكي يتم احلال السلام ماذا يجب أن يحدث وما هي شروط السلام؟
ج: لا أظن أن هناك خلافا أو اختلافا على الشروط والأسس الضرورية لاستتباب السلام.. هذا الامر في قناعتي هو محل اجماع ينبع من قرارات الشرعية الدولية ويحكمه المبدأ الشهير «الأرض مقابل السلام»..
فإسرائيل مهما حاولت لن تحصل على الارض والسلام معا.. والسلام والاستقرار والرخاء اما أن يكون حقا للجميع أو يصبح حلما صعب المنال.
وأود أن أشير هنا إلى حقيقة لا أظن أنه تغيب عن بال أحد.. فلمدة تزيد عن خمسين عاما لم يكن بامكان أي عربي أن يفكر «حتى مجرد التفكير» بامكانية التعايش مع اسرائيل.. واليوم وبعد أن بذل الكثير من دعاة السلام جهوداً جبارة فان العالم العربي أصبح أكثر تقبلا لهذه الفكرة ونتيجة لهذا القبول العربي بامكانية التعايش مع إسرائيل فقد اقتربنا كثيراً من النقطة التي يمكن للعرب والاسرائيليين أن يجربوا من خلالها
نمطاً جديداً من العلاقات.. وأن يستبدلوا لغة الرصاص بلغة الحوار.. وفي تصوري فاننا نقف الآن أمام فرصة ذهبية لا يجوز لاسرائيل ولا هو من مصلحتها أن تفرط بها.. وأحسب أن القيادات الواعية والمسؤولة في المجتمع اليهودي مطالبة باغتنام هذه الفرصة التي قد لا تتكرر فليس لإسرائيل محيط أو فضاء تستطيع أن تستبدل به محيطها العربي هكذا هي حقائق التاريخ والجغرافيا.. لقد أريقت دماء كثيرة من الطرفين وأهدرت طاقات مهمة وليس أمام إسرائيل سوى خيار حقيقي واحد.. وهو العيش والتعايش مع جيرانها في جو من الامن والاستقرار المشترك القائم على نبذ محاولات الاملاء والهيمنة.
س: أتعتقدون أن تلك الجهود قد تتعثر وتنشب حربا في المنطقة بين العرب والاسرائيليين؟
ج: نحن نأمل مع كل الخيرين ودعاة السلام والاستقرار أن لا تنشب حرب جديدة في هذه المنطقة التي عانت الكثير من الويلات والدمار بسبب الحروب التي أعاقت كل توجه تنموي وأطلقت عقال التطرف والارهاب.. نحن نسمع كلاما كثيراً هذه الايام عن امكانية قيام حرب جديدة وأود أن أطلق من هذا المقام تحذيرا قويا لكل من يهمهم الامر بأن الكل سيكتوي بنيران الحرب وأن مصالح الجميع ستتضرر.. ان من السهل ايقاد نار الحرب.. بل ربما لن يكون صعبا تحقيق انتصار وهمي ومؤقت من قبل أحد الاطراف.. لكن تبعات الحرب وما ستجره من ويلات وتطرف وارهاب وأضرار مباشرة وغير مباشرة بالارواح والممتلكات هي من الامور التي لا تخضع لحسابات دقيقة كما علمتنا التجارب.
س: يعتقد الكثير من العرب ان الاتحاد الاوروبي يستطيع المساعدة.. هل تعتقد ذلك وكيف؟
ج: نعم.. وبكل تأكيد فان الاتحاد الاوروبي بماله من ثقل سياسي وأخلاقي ومالي واستراتيجي يستطيع أن يكون مؤثرا في مسيرة السلام وداعيا منصفا لها.. كما أن أوروبا وهي الجار التاريخي لمنطقة الشرق الاوسط تملك تجربة ودراية كبيرة بأحوال هذه المنطقة وطبائع شعوبها.. وهي تعلم أكثر من غيرها أن وهم السلام لن يؤدي إلا إلى المزيد من الشقاء والمعاناة.. وهي تعلم أيضا أن السلام الحقيقي الذي يعطي لكل ذي حق حقه هو السلام الذي يمتلك شروط البقاء والدوام.. لقد ولد الامل في سلام دائم وعادل في مدريد وشارك عشرات المندوبين والمسؤولين الاوربيين في طرح رؤى وتصورات مختلفة للسلام.. وربما كانت آخر مشاركة أوروبية قوية هي في تقرير لجنة تقصي الحقائق «لجنة ميتشل» التي كانت أوروبا حاضرة فيها بوضوح كبير.. نحن اذن نعتقد أن المشاركة الاوروبية مهمة ولا غنى عنها لاحلال السلام في منطقتنا خاصة وأن بعض دولها تتحمل مسؤولية تاريخية ومبدئية تعود إلى فترة استعمارها وتقسيمها للمنطقة ولفلسطين بالذات.
س: كما تعلمون المانيا مثقلة بالماضي التاريخي.. أي جريمة النازيين ضد اليهود.. هل تعتقد أن المانيا ستوافق على الضغط على إسرائيل للانصياع للقانون الدولي؟
ج: نحن لانريد من أحد أن يضغط على أحد.. كل ما نريده هو أن يتحدث العالم بصوت واحد.. واضح وصريح يسمي الاشياء بأسمائها الحقيقية..
ان جريمة النازي ضد اليهود لايجب أن تستثمر لارتكاب جريمة مماثلة ضد الفلسطنيين.. ومن باب التذكير فقط فانني أعتقد أن العالم كله يعرف أن اليهود وجدوا الامن والاستقرار دوما في أحضان العالم الاسلامي قبل أن تؤدي سياسات إسرائيل التوسعية والعدوانية إلى مانشهده من استقطاب يعرف القاصي والداني أسبابه ونتائجه.
س: رفضت كما قيل زيارة أمريكا.. لماذا؟
ج: مثل هذه الزيارات الرسمية يتم التخطيط لها قبل وقت طويل.. وكما هو معروف فان الاعداد لها يمر بمراحل ويخضع لمقاييس يحرص الطرفان عادة على توفيرها لكي يتم النجاح لهذه الزيارات.. وعادة ما يكون هناك جدول أعمال وقضايا محددة تمت مناقشتها على مستويات مختلفة تتطلب القيام بمثل هذه الزيارات لانضاجها.. وهذا غير متوفر بشكل كامل في الوقت الحاضر لكي نضمن النجاح المطلوب لهذه الخطوة.. عموما المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة حليفان قديمان تجمع بينهما شبكة مصالح ضخمة.. وعندما يرى الطرفان أن الوقت مناسب والظرف مهيأ فان الزيارة ستتم كما هي العادة بين الاصدقاء والحلفاء.
س: وكيف ترون العلاقات الالمانية السعودية وهل تريدون شراء أسلحة المانية للسعودية؟
ج: يمكن وصف العلاقات السعودية الالمانية بأنها علاقات صداقة وتعاون وتفاهم مشترك.. نحن نعتقد أن هناك العديد من المجالات التي يمكننا أن نستفيد فيها من خبرة وامكانيات المجتمع الالماني في مختلف مناحي النمو والتطوير الدائم لقدرات وامكانات الشعب السعودي.. لقد حققت المانيا لنفسها مكانة مرموقة ورائدة في المجتمع الدولي ومن حقكم أن تفخروا بكل ما تم انجازه من تطور هائل في مختلف المجالات.. أما بالنسبةلموضوع الاسلحة فان هذه الزيارة ليست مخصصة لمثل هذا الموضوع وعندما يكون هناك حاجة لشراء السلاح فان الجهات المختصة لدينا هي التي تناقشه مع نظرائها ونحن نتطلع إلى فرصة اللقاء مع المستثمر الالماني ونأمل أن تكون هذه الزيارة فاتحة خير في مجمل العلاقات بين البلدين الصديقين.
س: ولكن أين تجدون المانيا في سياق نظرتكم للعالم؟
ج: المانيا دولة أوربية عظمى.. تحمل معها تاريخا عميقا في قسماته.. انه تاريخ المانى صرف وليس تاريخا أوربيا نمطيا.. والمانيا بفلاسفتها.. ومفكريها.. وأقطاب الاعمال والسياسة فيها مثلث مركز جذب لكثير من التوجهات الفكرية والسياسة والاقتصادية في عالمنا العربي.والنظرة إلى المانيا في سياق تاريخ لمجتمع وليس في سياق ماض يضع الحاضر في اساره تجعل من المانيا خيارا حقيقيا ومستقلا لاكثر من مجال للتعاون بين البلدين.. فنحن نرى آفاق واسعة للتعاون في مجالات التكنولوجيا الحديثة والاستفادة من المناخ الاستثماري الجديد في المملكة.. كما نرى ان هناك فرصة حقيقية لمساهمة المانيا في برامج التعليم والتدريب والادارة الحديثة.. ونتطلع بصدق إلى فرصة اللقاء مع المستشار الالماني شرويدر ونأمل أن تكون هذه الزيارة فاتحة خير ونقطة تحول في مجرى العلاقات بين البلدين الصديقين خصوصا أن المملكة العربية السعودية وجمهورية المانيا الاتحادية تخطوان بكل ثقة نحو آفاق أرحب وأوسع من التقدم والازدهار.
|
|
|
|
|