| الاقتصادية
استبشر المواطن السعودي خيرا عندما أنشئت شركة الاتصالات السعودية لاعتقاده بأن خدمة الاتصالات من الخدمات التي تقع ضمن اطار الخدمات الخاصة بالقطاع الخاص ولاعتقاده بأن انشاء هذه الشركة سيساهم مساهمة فاعلة في تحسين الخدمات المقدمة وفي إيجاد فرص عمل مناسبة للشباب السعودي. وبالفعل فقد استجابت الشركة الى الحوافز الجديدة التي توجدها الرغبة في تعظيم الربح وقامت بالعديد من الاجراءات التي ساهمت في احداث نقلة نوعية على أرض الواقع مستفيدة من رداءة الخدمة في السابق مما مكنها من تحقيق الرضا العام بأقل جهد وتكلفة ممكنة. ولكن مع مرور الوقت بدأ المواطن السعودي يشتكي من رداءة الخدمة المقدمة ومن أسلوب تقديمها الذي لم يستطع الانفكاك من البيروقراطية الادارية التي كانت سائدة في السابق ولم يستطع تقمص شخصية القطاع الخاص الذي يعطي للمستهلك وزنا أكبر لكونه المصدر الرئيس لتحقيق وتعظيم الربح. وهنا أعتقد ان السبب الرئيس لهذا الواقع ربما يكون في عدم قدرة الشركة على تقدير الخطورة التي يفرضها التقدم التقني العالمي الذي ربما يفقد الشركة الطبيعة الاحتكارية التي تتمتع بها في الوقت الحاضر والتي لم تجد معها الشركة مبررا منطقيا لتحمل تكاليف اضافية من أجل تحسين الخدمة وأسلوب تقديمها. واذا كنا قد نجد تفسيرا وتبريرا لواقع الاتصالات مع وبعد نشأة الشركة، فإننا لن نجد مبررا واحدا للجوء الشركة الى الاعتماد على العمالة الأجنبية مفسدة بذلك الحلم الطائر الذي تفاءلنا به جميعا بعد انشاء الشركة. فبعد ان استطاعت الشركة في بداياتها التذرع بنقص التدريب كمبرر لاستقدامها ما يزيد عن ألفي عامل أجنبي، ها هي تواصل اهمالها لعنصر العمل السعودي وتستمر في الاعتماد على العمالة الأجنبية التي تحظى بتفضيل مسؤولي الشركة الأشاوس.
فقد نشرت إحدى الصحف يوم الثلاثاء الموافق 13/3/1422ه خبرا تحت عنوان رغم وجود 10 سعوديين أكفأ منه.. مسؤول بشركة الاتصالات يلح على توظيف مقيم، حيث أفاد الخبر عن تقدم مجموعة من الشباب السعودي المؤهل لشغل وظيفة بالحاسب الآلي في إحدى الادارات التي أنشئت حديثا إلا أنهم جميعا قد رفضوا من قبل المسؤول عن هذه الادارة لوجود مقيم من إحدى الجنسيات يرغب في شغل هذه الوظيفة على الرغم من وجود من هو أكفأ منه وأكثر سنوات خبرة في مجال العمل. فإذا كان الخبر صحيحا وإذا كان مضمونه يتوافق مع معطيات الواقع فإننا نحتاج الى تقديم الشكر لهذا المسؤول الذي ساهم بتصرفه الذي يفتقد للمواطنة الصادقة في كشف واقع سوق العمل للمسؤولين في الجهات المعنية وعلى رأسها مجلس القوى العاملة ووزارة العمل والشؤون الاجتماعية. ان هذا التصرف الغريب لا يمثل في الواقع حالة شاذة ولكنه ربما يكون القاعدة التي لها شواذ شاردة في اتجاهات متفرقة من سوق العمل السعودي. وبالتالي فإن المسؤولين في الجهات المعنية مطالبون بعدم الاستكانة للتبريرات التي يطلقها أرباب العمل لكون الواقع يدحض هذه الادعاءات والتبريرات الظالمة للمواطن السعودي. وهم أيضاً مطالبون بفرض الاجراءات اللازمة التي تكفل للمواطن السعودي الحصول على حقه المشروع في الحصول على فرصة عمل مالم يكن هذا الحق قد أعطي بطريقة أو بأخرى للمقيم الذي تركه كفيله يطوف بالدوائر الحكومية باحثا عن فرصة عمل ومنافسا للشباب السعودي. وهم أيضا مطالبون باتخاذ كافة الاجراءات التي تكفل عدم اقدام من يفتقد للمواطنة على اجراء مماثل في المستقبل.
أتمنى ان تبادر وزارة العمل والشؤون الاجتماعية ويشاركها في ذلك الجهات الحكومية المعنية بالتحقيق في الموضوع ونشر النتيجة في الصحف اليومية حتى يطمئن المواطن السعودي الى وجود من يكفل له حقه ويحميه من الضياع.
أستاذ الاقتصاد المشارك بكلية الملك فهد الأمنية
|
|
|
|
|