| الاقتصادية
عندما تبدأ الدولة تطبيق عملية الخصخصة في اي مجال من المجالات فإن هدفها الرئيس يكون زيادة الانتاجية وتحقيق كفاءة افضل بين المؤسسات العاملة في هذا المجال.. ويأتي ذلك نتيجة الاستغلال الامثل للموارد الاقتصادية. ويكون الهدف الاساسي هو رفع مستوى معيشة الفرد. وقد دفع برنامج الاصلاح الهيكلي كثيراً من الدول النامية developing countries الى الالتفات الى قضية هامة تعوق عملية النمو الاقتصادي وهي الاحتكار.
ان عملية الخصخصة هي عملية بيع الشركات الى المستثمرين اي هي عملية تمليك الشعب لاصول الشركات فهي الاصل اما تملك الدولة فهي لا تكون الا في ظروف استثنائية او في قطاعات معينة غير اقتصادية ويغلب عليها طابع الخدمة العامة مثل القضاء والامن والهدف كما ذكرنا هو تحقيق الكفاءة الاقتصادية Economic Efficiency وبالتحديد فان الاقتصاد يكون منتجا بكفاءة عندما لا يستطيع ان ينتج مزيدا من سلعة معينة بدون انتاج اقل لشيء آخر.. والمعروف عمليا ان القطاع الخاص اكثر قدرة وفعالية من القطاع العام في ادارة الشركات لذلك تزداد الكفاءة وتزداد القيمة المضافة للاقتصاد في ظل الملكية الخاصة.. وهناك حالة واحدة لا تضمن تحقيق الكفاءة الاقتصادية من عملية الخصخصة، وهي عدم وجود عنصر المنافسة وانتقال، الملكية لقطاع خاص محتكر.. ويظهر الاحتكار Monopoly عندما يوجد بائع او منتج واحد مع تحكمه الكامل في صناعة معينة، فهو المنتج الوحيد في هذه الصناعة وليس هناك صناعة اخرى تنتج بديلا تاما.. ويطلق عليه المحتكر Monopolist.
والواقع في العالم يبرهن على وجود احتكارات في بعض القطاعات مثل الاتصالات والنقل ويمكن ان تكون هناك منافسة بين عدد قليل مثلا بين 2 او اكثر مثل حالة صناعة السيارات في الولايات المتحدة الامريكية فهي ليست منافسة كاملة او منافسة احتكارية التي تتميز بكثرة عدد البائعين والمنتجين الذين ينتجون سلعا متمايزة وبالتالي بأسعار متباينة.. والواقع ان احتكار القلة Oligopoly يكون اقل ضررا من الاحتكار الكامل .. اي ان خطورة عملية الخصخصة تكمن في خصخصة اي شركة محتكرة، فالحرية المطلقة في الخصخصة هي مشكلة كبرى.. لذلك فالاحتكار هي المشكلة الاساسية التي تواجه النمو الاقتصادي في النظام الحر.. وتكون سببا مباشرا في حالة الركود والسبب ان في حالة الاحتكار لا يكون هناك تناسب بين التكاليف والاسعار فالاسعار اعلى بكثير من التكاليف وبالتالي ينخفض الطلب الفعال )اي الطلب مصحوب بقوة شرائية فعلية( وذلك لزيادة الاسعار بدون زيادة مناسبة في الاجور.
ومن هنا تأتي اهمية عملية تجريم الاحتكار التي تصاحب عملية بيع الشركات خاصة في الاسواق الناشئة Emerging markets ان التجريم القانوني المصاحب بالعقاب المناسب هو اهم سبل محاربة الاحتكار.. وتوجد نقطة هامة وهي استخدام حصيلة الخصخصة بشكل مباشر في بناء اصل انتاجي جديد في مجال يحتاجه الاقتصاد.. فلا يجب ان يباع الاصل لتمويل اي نفقات جارية.
ان الاسلام يحرم الاحتكار لانه ينعكس مباشرة على معيشة المستهلكين خاصة عندما تكون السلعة او الخدمة ضرورية ورئيسية.. ولذلك لابد من اعطاء اهمية لعدم تخلي الحكومات عن دورها الرئيسي في تسويق بعض السلع والخدمات الرئيسية مثل مرافق المياه والكهرباء والغاز والنقل والخدمات الصحية والتعليمية .. بالاضافة الى السلع الغذائية الضرورية التي يطلق عليها البعض لاهميتها البالغة سلعا استراتيجية والواقع ان هذه السلع تختلف من مجتمع الى مجتمع ومن دولة لاخرى.. ويمكن ايضا عن طريق الانشطة التعاونية في جانب الانتاج والتسويق )بين المنتجين( او في جانب الاستهلاك )بين المستهلكين( مثل جمعيات حماية المستهلك عن طريق مقاطعة بعض المنتجات وهي تمثل وسيلة هامة لتجميع القدرات لمواجهة القوى الاحتكارية.
ان الاحتكار يعتبر من العوائق الهامة لعملية النمو الاقتصادي حيث لا يحقق الكفاءة الاقتصادية المنشودة ولا يساعد على زيادة الانتاجية.
ان المشكلة ليست في عملية الخصخصة ولكن المشكلة في الاحتكار، فالاحتكار مع القطاع الخاص هو مشكلة كما ان الاحتكار مع القطاع العام ايضا مشكلة واشد خطورة، وهنا يجب عدم بيع صناعة معينة لفئة محددة بينها اتحاد او لمستثمر واحد.
واخيرا لابد من وجود قانون يحمي المنافسة ويمنع الاحتكار ويكون مصاحبا لعملية الخصخصة حيث إن اهم العوامل الاساسية لنجاح عملية الخصخصة انما يكمن في مراعاتها للظروف السائدة وعدم تأثيرها على معيشة الفرد.. فالهدف هو رفع مستوى معيشة الفرد وليس العكس.
|
|
|
|
|