| الاقتصادية
منذ فترة ليست بعيدة أكد الرئيس الأمريكي جورج بوش الابن نيته تطوير سياسة وطنية للتعامل مع المشكلة «الخطيرة» التي تواجه الولايات المتحدة في مجال الطاقة.. وتشجيع استخدام مصادر الطاقة المتجددة والبديلة لتخفيف اعتماد السوق الامريكية على واردات النفط الخام وخاصة المستورد من منطقة الشرق الاوسط.
ان السيناتور الجمهوري فرانك مركوسكي قد قدم مشروع قانون للكونجرس الامريكي كحل بديل لما وصفه بأزمة الطاقة التي تهدد أمن الولايات المتحدة واقتصادها.. ولقد حظي هذا المشروع بتأييد مجموعة كبيرة من الحزب الجمهوري من بينهم زعيم الغالبية في المجلس السيناتور ترنت كوت الذي وعد بتسريع اجراءات تبني هذا المشروع.
والجدير ذكره ان فرانك مركوسكي هو رئيس لجنة الطاقة والمصادر الطبيعية في مجلس الشيوخ الامريكي..!
ويضيف السناتور مركوسكي بان انتاج «محمية» ألاسكا من النفط والغاز الطبيعي سيعوض الولايات المتحدة عن وارداتها من المملكة العربية السعودية لمدة ثلاثين عاما قادمة..!
والمعروف ان امريكا تستورد من النفط السعودي حاليا نحو مليون ونصف المليون برميل يوميا.. هذا في الوقت الذي تقدر معلومات الطاقة التابعة لوزارة الطاقة الامريكية احتياط سهل الساحل الشمالي لمحمية الاسكا بما يتراوح بين ثلاثة وستة عشر بليون برميل، كما يقدر انتاجها المحتمل بنحو مليون برميل يوميا، بعد تطويرها والذي يستغرق خمسة أعوام كحد أدنى..!
ان الاحداث السياسية التي تكتنف منطقة الشرق الأوسط هذه الأيام.. وما حدث ويحدث من اضطرابات ومشاكل ومناوشات عسكرية بين اسرائيل والفلسطينيين من جهة، وحالات عدم الاستقرار بين دولة الصهاينة والدول العربية.. كلها أحداث تدعو الى مزيد من الترقب والاهتمام من الدول الغربية في أوروبا والولايات المتحدة، ودول الشرق الأقصى كاليابان والصين وروسيا..!
ان الولايات المتحدة مثلها مثل أية دولة منتجة ومستهلكة للبترول والغاز الطبيعي، تسعى الى تخفيض التكاليف للحصول على النفط بشكل منافس تجاري لغيرها من الدول الأخرى.. ولذا وعد مشروع قانون مركوسكي بخفض التزامات شركات النفط الامريكية من الرسوم الفيدرالية في حال انخفاض أسعار النفط الخام دون مستوى 18 دولارا للبرميل، وأيضا أسعار الغاز الطبيعي تحت 30،2 دولار لكل ألف قدم مكعبة ولمدة 90 يوما بشكل مستمر .. وأخيرا ينص المشروع بمنح صغار منتجي النفط حسومات ضريبية بمعدل ثلاثة دولارات للبرميل عند انخفاض أسعار النفط الى ما دون 15 دولارا للبرميل.
وهنا أود ان أذكر قارئ الكريم بان أرخص دولة في العالم من حيث كلفة استخراج النفط من باطن الأرض هي المملكة العربية السعودية ، فشركة أرامكو قد وقعت اتفاقية «المشاركة» بين الحكومة السعودية وشركة الزيت العربية الامريكية في الثامن عشر من شهر محرم عام 1393 ه المقابل ل 21 فبراير 1973م ..
وبموجبها تستمر أرامكو في ادارة العمليات نيابة عن حكومة المملكة على ان تتقاضى أتعاب خدمة عن كل برميل مبلغ 15 سنتا عن العمليات الأساسية ومبلغ 6 سنتات عن أعمال الاستكشاف .
هذا وتزيد تكلفة انتاج برميل النفط الخام في امريكا عن الدولار الواحد.. فهي أضعاف أضعاف هذا المبلغ المحتسب في المملكة العربية السعودية .. وكذلك مبالغ الضرائب التي تفرضها امريكا او أية دولة اوروبية بحيث يباع برميل النفط الخام ب 25 28 دولارا للمستهلك العادي بينما هو يكلف فقط حوالي دولارين لا غير ..!؟
اذن لا معني لأية شكوى من أن دول الأوبك تزيد أسعار نفوطها، وتكسب الملايين من الدولارات من المستهلك العادي في أوروبا او أمريكا.
فالزيادة جاءت من حكومات تلك الدول بسبب فرض ضرائب مختلفة الأشكال والأحجام .. والجشع المسيطر على شركات التوزيع للبترول الرخيص الثمن أصلا المستورد من بلد كالمملكة العربية السعودية.
ان هذه الحقائق تغيبها حكومات دول الغرب في الولايات المتحدة وكندا وأوروبا الغربية .. عن مستهلكي النفط الخام القادم من أية دولة من دول منظمة الأوبك الاحدى عشرة.. وهي بذلك تكسب محبة شعوبها وتزيد من بغض مستهلكي النفط.. والمنتجات المكررة كالبنزين والمازوت والنفثا لحكومات الدول المنتجة والمصدرة للبترول.!؟
***
وعلى ربع قرن مضى حاولت بذل جهد المقل.. بالكتابة والشرح والتوضيح في صحفنا المحلية والمجلات لأذكر بهذه الحقائق .. خاصة وانني بحكم عملي في سكرتيرية الأوبك فترة أربعة أعوام 69 1973م مندوباً عن وزارة البترول والثروة المعدنية في المملكة، قد تلمست عن قرب وبكل أمانة وجدية سياسات دولة الأوبك اثناء اجتماعاتها الدورية والاستثنائية، وما كان يصرح به وزراء البترول في منظمة الأوبك بعد كل اجتماع تعقده أوبك في مقرها بفيينا او في أية دولة عضو.
واليوم تعاني أمريكا من أزمة طاقة شديدة ،، وتحاول ان تتغلب عليها بالاعتماد على مصادر الطاقة الطبيعية لديها، وزيادة انتاج نفطها بكلفة أقل،، وخفض الضرائب والتي تفرضها على شركات البترول الاحتكارية الكبرى لديها بشكل أو بآخر.
ان التقديرات الامريكية من قبل الجهات المختصة هناك تقدر بأن الواردات من النفط الخام هي في حدود عشرة ملايين برميل يوميا.. وأن دول الخليج العربي ستحتفظ بموقعها منتجا رئيسيا وخاصة المملكة العربية السعودية التي تمثل الدور القيادي بلا منافس .. وقد تزيد دول الخليج العربي من انتاجها بنسبة 60 80% لتلبية الطلب العالمي، والذي من المتوقع ان ينمو بنسبة 50% في أغلب الحالات.
***
تلك اذن قصة أزمة الطاقة في الولايات المتحدة استعرضتها معكم، حتى تكونوا على علم بما يدور حولنا من أحداث تؤثر فينا ونحن نفعل نفس الشيء بدورنا.. فتجعل الولايات المتحدة في حاجة دائمة الى النفط الخام والمنتجات النفطية الأخرى المنتجة في دول الأوبك والمسوقة دوليا في الأسواق النفطية عالميا.
ويظل السؤال قائما:
وماذا بعد النفط ...؟!
والى مقال آخر اذا شاء الله.
|
|
|
|
|