| الثقافية
تمر أخبار المجموعات القصصية والروايات مرور الكرام إذ لايعلق بالذهن الا تلك الاعمال والانجازات المتسمة بالتميز والصدق والموضوعية..
وللحديث سبب، وللرؤية رجع واضح وصدى بيّن فإذا ما نظرنا الى صدور بعض تلك الاعمال ندرك ان هناك نوايا تحركها، واوهاما تسوقها بينما هناك هواجس طيبة وحب يدفعها من اجل ان تصل الى القارئ الذي ينتظر تلك المجموعة او تلك الرواية ربما قد اشبع بتلك الاخبار والوعود والتصريحات حولها.
انني أسوق في هذا السياق صورتين مختلفتين لكيفية صدور مجموعة قصصية او رواية.. فالقاص والروائي عبدالعزيز مشري يرحمه الله وما ان يصدر له اي عمل الا وكل كاتب حوله او بعيد عنه يتحدث عنه الذي وصل اليه عبر البريد او الرسائل الشخصية.. فلم يكن المشري يرحمه الله يتنكر لمن حوله سواء كان صغيرا ام كبيرا في مجال الكتابة والابداع.
أما بعضهم فان العمل لديه يموت ويدفن تحت الركام ولايتكرم حتى بتقديمه الى الاقسام الثقافية والادبية والمنتديات.. اذكر ان كاتبا صدرت له مجموعة قصصية ولكي يعمل بنصيحة مريضة وقاصرة تقشف في توزيعها لدرجة انه يحلف انها واحدة للاطلاع فقط ويمكن تصويرها.. وقاصة اخرى صدرت لها مجموعة اخرى بالغت بالتقشف والتقتير حتى انها ارسلت لبعض الصفحات الثقافية والادبية صورا للغلاف فقط واخبارا مرفقة تهيل سيل الاطراء لعملها وتكيل من الثناء والتمجيد ما تعجز عن حمله مجموعة قصصية بائسة..
فالمقارنة بين هاتين الصورتين ربما فيها شيء من الاجحاف لأن المشري قامة مديدة تعلمنا منها كيف نخدم الادب والابداع.. وهؤلاء النكرات تعلمنا من «حركاتهم» ان ساحتنا الثقافية تنوء بالادعياء والمتفذلكين..
لقد مر على تلك المجموعات وقت طويل ولم نرها في ايدي القراء ولا في رفوف مكتبات مدبولي والمؤسسات العربية للدراسات، ودار الساقي وشرقيات، والجمل، والمدى، وحوار، والانتشار. لقد كانت هذه المجموعات مجرد فقاعات وزوبعة، حتى وان سألت سيقولون لك انها نفدت وأين سألت ناشرا او صاحب دار سيقول انه لايذكر من هذا الامر شيئا. فهو لايدري ان كان قد طبع لهذه النكرة او ذاك المتسلق فالذي يذكره انه قد مر من امام داره ادعياء يقولون عن انفسهم ادباء، وكتابا يتوسمون في ذواتهم ألق الكلمة..
كنت اذكر ايام «مشري» الاخيرة يرحمه الله عندما زرته برفقة الزميل القاص فالح العنزي الذي كان يحمل له مجموعته القصصية الجديدة آنذاك «البارقة» وهي باكورة اعمال العنزي.. لقد تهلل وجه المشري يرحمه الله وتحسس الكتاب وتلمس حروف الغلاف المحفورة فقال «آه انها من دار الانتشار يافالح»، ودار حول هذا الاصدار حديث مبهج طويل عكس ما يمكن ان يتركه تأثير مشهد متعالم متعال وهو يوجه سهام نقده لمجموعة يضعها كاتب بين يديه «آه ياشين الغلاف.. لماذا لم يكن هكذا.. او مثل ذلك..»..
الحديث يطول عن رسم ابعاد هاتين الصورتين اللتين تتلبسان مشهدنا الابداعي ولاسيما القصص فيما تتداخل العديد من الصور الغريبة والفريدة التي يمكن ان تحدث في ظل هذا التورم والانتشار الاجوف لبعض الكتاب الذين لايزالون في طور البحث عن ذواتهم الملفقة..
|
|
|
|
|