| مقـالات
قبس:
«أن يكون معك ذهب زائف شرٌ محتمل وسهل اكتشافه، ولكن الصديق الزائف هو أصعب ما يمكن اكتشافه» - حكمة عالمية
******
من أقسى الامتحانات التي نخوضها تلك التي نضع فيها الأحبة في امتحان لمشاعرهم تجاهنا او نختبر بدون ارادة منا الى اي مدى هم اصدقاء وأحبة!
والكارثة الحقيقية ألاّ ينجح احد في ذلك الامتحان. ربما كانت الاسئلة صعبة.. ربما كانت شروط النجاح معقدة او كان منهج شخصيتك غير واضح... وتصبح بين خيارين إما ان تقبل هذا السقوط المريع الذي لا يمكن بعده ان ينجح ذياك الصديق او ان تغض طرف عينك عن زلاتهم التي تزعجك.. فمن المستحيل ان تجد صديقا بالمواصفات التي تحب او تريد.
قيل لبعض الحكماء من ابعد الناس سفرا؟ قال: من كان ينشد صديقا يرضاه!!.
تخيل ان احدهم بحذائه الضخم يدوس على اصبع قدمك العاري.. هكذا هو الامر حين يخذلك الصديق.. الفارق انه لا يدوس على قدمك بل قلبك...
علاقتنا بالآخر هي جزء من سلوكنا الاجتماعي.. هذا السلوك الذي اكتسبناه من نظام تربوي اسري مستمد من نظام قيمي سائد في المجتمع.
والمشكلة ان المجتمعات العربية تشجع في الفرد الولاء نحو العائلة والعشيرة مما يحد من وعيه الاجتماعي تجاه إنماء الولاء الجماعي وتنبثق من هنا النزعة الفردية التي تفسد العلاقات الانسانية في المجتمع.
اطفالنا الصغار الآن ماذا يتعلمون منا في وقت بدأت فيه اواصر الصلات بين افراد العائلة تتقلص بعد ان تحولت الاسر من نظام المعيشة في البيت الواحد كأسرة ممتدة الى اسر صغيرة نووية مستقلة!!
اطفالنا الصغار الذين يستمعون الى الخلافات العائلية بين افراد الاسرة وخلافات الأخوال والاعمام ومشاحنات الكبار ومنافسات الامهات على توافه الامور التي تعطي دروسا للطفل بأن يحب ذاته.. ذاته فقط ولا يهتم ان يعطي في جزء من حياته للآخر الذي يحتاجه في مجتمع كبير.
ان تكوين الذات يتم في مراحل الطفولة الاولى وتتشكل عبر تفاعلها مع الذوات الاخرى المحيطة، لذلك علينا ان نعي الى خطورة الصور التي ترسخ في عقل ووجدان اطفالنا حتى اذا كبروا صار شعارهم «من اين تؤكل الكتف» و «نجاح اخي يعني فشلي» و «انا وأخي على ابن عمي، وانا وابن عمي على الغريب» وغيرها من الامثال التي تمثل التوجه العام لتورم الذات العربية وتهميشها للآخر.. وهي شعارات تربك تأسيس العلاقات الانسانية في المجتمع.. وتعزز فيه النزعة الفردية.
عندما يجرحك صديق لا بد ان تلتمس له العذر فهو لم يتعلم عندما كان طفلا معنى الحب . لم يتعلم ان للحياة وجهاً آخر مختلفاً عن الكهف المظلم الذي عاش فيه طفولته.
|
|
|
|
|