| الثقافية
الكتاب: دوائر المقارنة: دراسات نقدية في العلاقة بين الذات والآخر
المؤلف: خليل الشيخ
الناشر: بيروت: المؤسسة العربية للدراسات والنشر، 2000م «303ص، 22سم»
تسعى بحوث هذا الكتاب الى الكشف عن مجموعة من التحولات في عالمي الابداع والنقد في العالم العربي الحديث، وتحليل منطلقات تلك التحولات ومرجعياتها في ضوء اشكالية العلاقة بين الأدب العربي الحديث والآداب الغربية وهي تناقش ماهية تلك التحولات من منظور نقدي مقارن، بهدف قراءة مستويات العلاقة بين الذات والآخر، وتبيان ما انتجته تلك العلاقة من تحولات معرفية وفنية وتغيرات على مستويي الرؤية والمنهج.
يحتوي الكتاب على سبعة بحوث تنتمي الى حقل الدراسات النقدية المقارنة، تتوقف بعض تلك البحوث، على المستوى النقدي، عند الحلقات المبكرة في حركة النقد الادبي العربي الحديث: كجماعة الديوان، وجهود محمد حسين هيكل النقدية، اضافة الى جهود احد الرواد شبه المنسيين وهو احمد ضيف، وتسعى الى قراءة نتاجهم عبر منظور نقدي مقارن. وقد ارجع المؤلف اسباب اختيار هؤلاء على ما بينهم من تفاوت في المرجعيات النقدية، وكثافة الحضور في المشهد النقدي العربي المعاصر، الى كونهم يشكلون لحظات نقدية يؤرقها البحث عن المنهج، لذا كان من الطبيعي ان تتسم تلك اللحظات بالانقطاع عن السائد، وبالتغير، والحركة، ومحاولة تشكيل الرؤية الذاتية، وان يقترن ذلك كله بالانفتاح على المرجعيات النقدية للآخر. وبالمقابل فإن تلك البحوث تبين مستوى العلاقة بين الخطاب النقدي العربي والمنهج النقدي القادم من مركزية غربية، تفرض صوتها على الآخر، وتحيل غيرها الى اطراف تمتثل للمركز وتقنع بدور التابع. لقد سعت هذه الدراسات ذات البعد النقدي إلى ان تعيد البحث في المرجعيات النقدية لكل من جماعة الديوان، ومحمد حسين هيكل واحمد ضيف، وان تكشف عن دور تلك المرجعيات في تشكيل الرؤى النقدية لأولئك، وتبين في الوقت نفسه ما اصاب تلك الرؤى من تحولات، فمرجعية جماعة الديوان الانجلو سكسونية تعجب بأدب الألمان وفلسفتهم من خلال ترجماتها الى الانجليزية، بينما استجابة هيكل واحمد ضيف محكومة بالإطار الفرنسي، فالاثنان معجبان بنقاد المنهج التاريخي الفرنسيين لهذا كان من المنطقي ان تنحو الاستجابة النقدية لديهم منحى تاريخيا يهتم بالصلة الحتمية التي تنشأ بين العمل الادبي والبيئة التي تنتجه. لهذا تعكس التجربتان النقديتان التي غدا العقاد وطه حسين - فيما بعد - ابرز فرسانها صورة تكاد تكون ممثلة لطبيعة الخطاب النقدي آنذاك وتبين مقدار ما كان يتسم به الخطاب من انتقائية وانفتاح على الآخر، وتعكس في الوقت نفسه قدرة ذلك الخطاب على التحرر التدريجي من سطوة الآخر والسعي الى اكتساب ملامحه الذاتية. اما على الصعيد الابداعي فتتوقف هذه الدراسات عند علاقة الأدب العربي الحديث بالآداب الغربية من منظور دراسات التأثر والتأثير، ودراسات الترجمة والتفاعل الحضاري الذي يبين صورة الآخر في مرايا الذات. وقد اختارت بحوث الكتاب ان تدرس من منظور دراسات التأثير، طبيعة العلاقة بين «الغرف الأخرى» لجبرا ابراهيم جبرا»و«المحاكمة» لكافكا، لتخلص بعد تحليل نصبي الى ان «الغرف الأخرى» قد استلهمت المحاكمة واستطاعت ان تعبر عن اشكالية بطلها على نحو كافكاوي،ولكن ضمن روائية مختلفة، وفي إطار تقليد روائي مغاير. كما درست تلك البحوث تجربة المرض من خلال تحليل قصيدة الشاعرة الامريكية«سيفيلا بلاث» «1932-1963»، «زنابق»، وقصيدتي الشاعر امل دنقل: «زهور»، و«ضد من».
وقد اعتمدت الدراسة منظور دراسات التوازي، هذا المنظور الذي لا يتكئ على علاقات التأثر والتأثير خلصت الدراسة إلى اكتشاف التماثل بين التجربتين، نظرا لانبثاقهما من تجربة انسانية متشابهة، وقد وضحت الدراسة هذا التماثل، كما بينت لحظات الاختلاف في التشكيل والرؤية. كما توقفت تلك البحوث عند صورة المسرح الاوروبي في كتابات المثقفين العرب في القرن التاسع عشر، وبداية القرن العشرين، وذلك لتحليل طبعية الانطباع والتخيل الذي رسمه اولئك المثقفون عن هذا الفن الجديد، واصحابه وما في كتاباتهم من ابعاد تبشيرية تروج للمسرح وتبين وظيفته التربوية. ثم انتقلت البحوث عند ترجمة الشعر العربي الى اللغات الاجنبية، واختارت ان تدرس مختارات المستشرقة الألمانية «آنا ماري شيمل» من الشعر العربي الحديث، وقرأت طبيعة تلك المختارات الاسلوبية، والتاريخية، والايديولوجية، وبينت ما تنطوي عليه من تغييرات واضافات وأخطاء.
|
|
|
|
|