«إلى ابني الغالي أسامة في عشه الجديد»
كوميض البرق في ثغر الغمامه
مَرّت الأيام يا إبني أسامهْ
كانتشار العطر في يوم ربيعٍ
للندى فيه بهاءٌ ووسامهْ
كانبثاق الُحلُمِ العابرِ، لمّا
سلَّ منها طالعُ الفجر حُسَامهْ
كسحاب الصيف، ما كاد يُرينا
وجهه حتى طوى عنَّا جَهَامَهْ
كامتزاج الليل بالنور، إذاما
مسح البدر بكفيه ظلامَهْ
كالحكايات التي تُسْرَدُ، لمّا
تُنْعِشُ القمراءُ وجدان تهامَهْ
مرت الأيام تجري في مداها
كحصانٍ تُمْسِكُ الرِّيحُ زِمامَهْ
كخيول يَعْرُبيّاتٍ تجلَّى
ركضها بين حجازٍ ويمامهْ
مَرَّت الأيامُ، في وجهك منها
شاهدٌ عَدْلٌ وفي وجهي علامَهْ
موكبٌ يمضي بنا والعمر يمضي
كلُّ عامٍ فيه يستتبع عامَهْ
لم أزلْ أذكرني طفلاً صغيراً
ثابتَ الخُطْوةِ مشدودَ العُمامَهْ
أبصرتْني قريتي فيها غلاماً
شامخ اليُتْمِ تُربِّيه الشَّهامَهْ
يُبصر المسجدُ منِّي وجهَ طفلٍ
تصغر الدُّنيا وما فيها أمامَهْ
ترسم القريةُ في وجهي مداها
صورةً تشعل في القلب هُيامَهْ
كنتُ أستلهم من أمِّي شموخي
ومن الجدَّين أستوحي الكرامَهْ
وعلى ذكر الأبِ الغالي أناجي
موكبَ العلمِ الذي أعلى مقامَهْ
ومن الخالاتِ ألقى كلَّ عطفٍ
وحنانٍ ومن الخال اهتمامَهْ
وشقيقي، عمُّك المحبوبُ كُنَّا
لانرى من حُبِّنا إلاّ اسنامَهْ
وشقيقاتي، فكم كُنَّا نلاقي
شظف العيش بصبرٍ واستقامَهْ
أيها الغالي، لقد أحيَيْتَ عندي
ذكرياتٍ نشرت فوقي غمامَهْ
لم أزلْ أذكرُ جَدِّي، وهو يُلقي
نُصْحَه الغالي، ويُهديني ابتسامَهْ
قال لي، والشِّعْبُ يختال جمالاً
في صباحٍ رسم الطلُّ انسجامَهْ:
إنَّما يسمو إلى العلياء حُرٌّ
جعل القرآن في الدنيا إمامَهْ
إنَّما العزَّةُ في دينٍ وعقلٍ
ليس في فتل ذراعٍ وضخامَهْ
كم رأينا من عظيمٍ يتباهى
لايساوي عند ذي العرش«قُلامَهْ»
إنَّ من يبدأ بالخير ويمضي
في ثباتٍ، سيرى الخير ختامَهْ
ليس مَنْ لم يملكِ الحُسْنَ دميماً
إنما البعد عن الخير الدَّمامَهْ
لم أزل أذكر يوماً شاعريَّاً
ضاحكَ الساعاتِ مقتولَ السآمَهْ
حَمَلت فيه أيادينا زهوراً
بشذاها بلغ العطرُ تمامَهْ
لم أزلْ أذكرها لّما التقينا
لا نرى إلا تباشيرَ السلامَهْ
ما سلكنا فيه دَرْبَ الحبِّ إلا
ولدينا العزمُ أنْ نغشى زحامَهْ
ربما أضرم نار الشوق فينا
غير أنَّ القلبَ لايخشى ضِرامَهْ
ماعلينا- أيُّها الغالي-إذا ما
فاض بحر الشوق- في الحبِّ ملامَهْ
يومَها كُنّا عروسين، وكُنّا
نبتني العُشَّ ونستجلي نظامَهْ
نقرأ الأخبار عن حُبٍّ وعطفٍ
وحنانٍ ونرى «طَوْقَ الحمامَهْ»
ونرى الأنجم في صَحْوِ اللّيالي
كثقوب النور جَلَّتْها«الثُّمامَهْ»
مَرَّت الأيام- تترى والليالي
وشربنا عَسَلَ العمر، وجامَهْ
ورأينا النخل ينمو، وشهدنا
زَهْوَةَ الطلع، وأدركنا صِرَامَهْ
لم تجئْ في حينها، بل كنتَ غيباً
نتحرّى في مدى الحبِّ انضمامَهْ
ثم أقبلت، فأصبحنا نُكنَّى
باسمك الغالي الذي أصبح شامَهْ
كنتَ أحلاماً، فأصبحتَ جنيناً
ثم مولوداً، دعوناه«أسامَهْ»
ثم أصبحتَ رضيعاً، كم وجدنا
حُرْقةً، لما تعمَّدنا فِطامَهْ
ثم طفلاً، ركضُه في الدار عَزْفٌ
يُسْعِدُ القلبَ ويجلو ما أضامَهْ
ثم ماذا؟ ثم أصبحتَ فتيّاً
باذلاً في طلب العلم اهتمامَهْ
مَرّت الأيام- ياإبني- وهذا
أنت تبني العُشَّ تستجلي نظامَهْ
يا رعاك الله كم يسعد أمَّاً
وأباً أن يجد الشملُ التئامَهْ
كم سيُرضي الأهلَ والأخوالَ بيتٌ
فيه حبٌّ ووفاءٌ واستقامَهْ
جدُّك الغالي«أبو بدرٍ» كأني
بالرضا في وجهه يُبدي اهتمامَهْ
والتي جادتْ علينا بشبابٍ
يوم كنا مثل أفراخ الحمامَهْ
أمُّنا، جدَّتُك الأعمقُ حُبَّاً
منحتْكَ الحبَّ أعطتك وسامَهْ
أنت تبني منزلاً، فانظرْ إلى ما
يطلب المنزلُ من شهمٍ أقامَهْ
قد حباك الله آلاءً فقدِّمْ
شكر ماأعطى لكي تلقى دوامَهْ
وأضِفْ للأمَّةِ الغراءِ بيتاً
طاهراً تستشرف الدنيا قيامَهْ
صانك الرحمن من عين حسودٍ
ورعاك الله، فاهنأ يا أسامَهْ