| عزيزتـي الجزيرة
عزيزتي الجزيرة
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
سُئل علي بن أبي طالب رضي الله عنه عن عدد أصدقائه فقال:
لا أدري الآن لأن الدنيا مقبلة عليّ والناس كلهم أصدقاء، وإنما أعرف ذلك إذا أدبرت عني، فخير الأصدقاء من أقبل إذا أدبر الزمان عنك.
ويقول المثل الانجليزي: «الأب كنز، والأخ سلوى، والصديق كلا الاثنين»..
فالإنسان عندما يقع على الأرض وتحتويه الظروف والمشاكل والأزمات، وتكشِّر الدنيا في وجهه، فإنه يبحث في وسط زحام هذه الدنيا عن صديقٍ صادق يقف بجانبه، وينقذه مما هو فيه من الهم والنكد، وفي أحيان كثيرة لايحتاج ذلك الإنسان الواقع على الأرض لأكثر من كلمة صادقة تواسيه، لايبحث عن أكثر من ابتسامة، لايبحث عن أكثر من التشجيع على اجتياز محنته، ورفع روحه المعنوية.
فالصداقة كنز ثمين، وسلوى، الصداقة، أخوة، وفاء، تضحية، الصداقة معانٍ سامية، الصداقة ترقى فوق مستوى الشبهات.
إلا أنه وفي هذا الزمن )الأغبر( والذي طغت عليه الماديات، والمصالح الشخصية، أصبح الصديق الصادق عملة نادرة جداً، حيث إن أغلب صداقات هذا الزمن مبنية على المصالح والأهداف، فمن نظنه صديقاً مخلصاً، لا ترى إلا )عرض أكتافه( عندما يحصل على مصلحته أو ما كان يريده منك.
يقول بنيامين فرنكلين: «أعمق الجروح هو الذي لاينزف منه دم».
فكم من صديق دمَّر صديقة بالمخدرات؟ وكم من صديق كان سبباً في المآسي والمصائب والنكبات لصديقه ؟!
كم من صديق خبيث استغل ظروف صديقه ليحقق أهدافه الدنيئة والخبيثة؟! كم من صديقٍ كان سبباً في انهيار صديقه نفسياً وصحياً؟!
كم من صديقٍ كان سبباً في خراب ودمار صديقه ؟! وكم ... وكم...؟!
ترى هل دامت مثل تلك الصداقات المشبوهة؟ ترى هل يدوم الخراب...؟!
إن صديقك من صدقك، إن الصديق المخلص النادر في الزمن )المنيل بستين نيلة(، هو من ينتشل صديقه من آلامه وأحزانه، ويبذل ما بوسعه من أجل صديقه، يواسيه في أحزانه، وشاركه في أفراحه، ويقف مع صديقه وقت الحاجة فالصديق عند الضيق.
لقد شوه الكثيرون معنى الصداقة بسبب دناءتهم وحقارتهم وتفاهتهم حتى إن أغلب الناس، فضلوا أن يعيشوا بلا أصدقاء، فضلوا أن يعيشوا حياتهم بدون آلام )لاتنزف( بسبب أصدقائهم أو بالأصح ممن كانوا يحسبونهم أصدقاء، وفي الحقيقة، أو ظهرت حقيقة أصدقائهم أنهم )حيّة من تحت تبن(؟!
نعم، إن من يبحث عن صديقٍ بلاعيوب، يعش طوال حياته بلا صديق، ولكن )عيوب عن عيوب تفرق(؟!
وفضّل الكثيرون العيش بدون أصدقاء حتى لا يجلبوا لرؤوسهم الصداع، ويكفي ما عانوه من أصدقائهم.. عفواً )ممن حسبوهم أصدقاء(؟..
عموماً: لاتتوقف الحياة لمجرد أنك اكتشفت لؤم صديقك، وخباثته، فالدنيا مازالت مليئة بالأوفياء وبمن هم فعلاً أصدقاء مخلصون، واجعل الصفعات والتجارب التي مررت بها أن تجعلك كيف تختار صديقك؟!.
أخيراً ليس آخراً، يبدو أن أكثر الصداقات انتهت وانهارت بسبب المادة، وإليكم هذا المثل الألماني الذي يقول:
«عندما يتعلق الأمر بالمال، تتوقف الصداقة»؟! ربما نعم، وربما لا؟!
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
مفلح بن حمود بن مفلح
|
|
|
|
|