| متابعة
ما أصعب الشهادة بالقيادات العربية،، وما أصعب تصديق من يحاول أن يدلي بشهادته فيها،،،!
أي يقولها متهم بالنفاق،، وكيفما قالها متهم بالمجاملة،،،!
لكن مع الأمير عبدالله بن عبدالعزيز يختلف الأمر،، ولابد أن يختلف،
فأعماله شواهد حية على مصداقية هذا الفارس، ومنارات تبث نوراً يضيء الظلام الذي يلف عالمنا العربي.
في زمن الاستسلام الذي نعيشه.. ظهر فارس العرب ليثبت للعالم أننا أمة قول وفعل.
لا يرتجل الانتصار،، ولا تدفعه هزيمة الآخرين إلى الخوف من الانتصار، بل تزيده جرأة في إثبات الحقوق لأهلها.
في إرادته مناعة ضد الخوف، وفي قراره حكمة، وفي حكمته شجاعة، وفي شجاعته نصر بإذن الله،
يدرك ان الذل مرض عربي حديث، وأن التضامن العربي أشبه بالجحيم،
وأن الاسماك الصغيرة تتسابق إلى فم الحوت، وأن كل هذه البدل الحديدية العربية في داخل أكمامها أيد مبتورة.
وأن مصافحة الذئب والحمل مستحيلة، وإن حدثت مقدمة لالتهام الحملان!
يدرك هذا جيداً، وهذا تحديداً يجعل مهمته أكثر صعوبة،،
في الوقت الذي يتسابق فيه الزعماء العرب لزيارة البيت الأبيض رفض الفارس العربي المسلم الدعوة التي وجهتها الإدارة الأمريكية له لزيارة البيت الأبيض، رفضها اعتراضاً على السياسة الأمريكية المنحازة تجاه إسرائيل واستمرار دعمها للكيان الصهيوني مع تماديه في الاعتداء على الشعب الفلسطيني الأعزل.
ويشهد التاريخ الحديث بأن خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز هو الزعيم العربي الوحيد الذي طرد سفيراً أمريكيا من المملكة وأمهله الخروج في ظرف أربع وعشرين ساعة بعد أن تجاوز السفير ذات مرة أصول الضيافة.
ما أقسى ان تكون وحدك مسؤولاً عن قضايا الآخرين،،
وكأن كل قضايانا العربية والاسلامية ألقيت أمام بيت أبي متعب،
هذا هو وضعنا العربي، وهذا هو عبدالله بن عبدالعزيز:
يخاطب الناس ايماناً منه بأن لها عيوناً وعقولاً، وغيره يعدها وكأنها كتلة من العُمي يصلها سحر الكلام ولا تستطيع ان ترى بشاعة الفعل،
كان يعرف ان الاحتيال على الحقائق والاعتماد على المبررات المزيفة يشكل سلاماً ملفقاً، ويفتح الطريق واسعاً أمام العصر الإسرائيلي، لهذا أعلن بأن )الحقوق لا تستجدى.. إنها الشرعية التي تستمد منها قضيتنا بعد الله جل جلاله قوة الحجة في وجه المغتصب ومنطق المحق تجاه طرف غلّب لغة القوة على منطق العقل متناسيا أن العنف لا يولد غير العنف(.
وكان يعرف جيداً ان حمى التسابق لإقامة علاقات مع اسرائيل هي أمور مستهجنة لا يمكن الدفاع عنها،
وكان يدرك ان الواقع ليس ما نقبل به فقط، بل ما نرفضه أيضاً إذا تعارض مع الكرامة ومصلحة الأمة العربية والإسلامية، وهو ما أكده بقوله )فليفعل شارون ما بدا له، فاليوم قد يكون يومه .. وغدا لنا إن شاء الله، فكل قطرة دم عربية واحدة لها جزية الدفع عند من أراقها، وليس العرب والمسلمون ممن يقبلون بغير حقهم كاملا جزية(.
عرف الأمير عبدالله بن عبدالعزيز ان الخلط الحاصل في هذه المرحلة بين الواقع والواقعية لا يمكن أن يكون سبباً مقنعاً للتفريط،
فالواقعية هي ألا تحلم بقوة لا تمتلكها لاستعادة الحق، وألا تفرط بالحق لأنك لا تمتلك القوة،، والواقع انك لا تمتلك القوة،،
الواقعية اننا اصحاب حق،،
فالواقعية ثابتة،، والواقع متبدل،،
وهو ما أعلنه مراراً بأن )القدس في نظرنا هو أول شيء مهما كان.. حتى لو قدمنا أطفالنا فداء له فما علينا حسوفة ولا يمكن أن نفرط في القدس أبداً.. أبداً.. لأن كرامة القدس من كرامة المسلم.. المسلم أولاً.. والعربي ثانياً.. ومن ثم الأديان الأخرى ما عدا اليهود الغاصبين الذين يقومون بهذا القتل وهذه الحرب بهذه القوة ضد هؤلاء الأطفال الذين يقاومون بالحجارة.. فأولئك بالدبابات والطائرات.. والأطفال بالحجارة .. كيف يحدث هذا؟ فعليهم أن يخجلوا.. أن يخجلوا من العالم كله(.
لا شك في ان ما تم في اوسلو وإلى الآن خطيئة، لكن من له حق رجم السلطة الفلسطينية بالحجر،،؟
لا أحد،، باستثناء اولئك الذين يحملون مسؤولية المواجهة مع العدو الإسرائيلي،
والأمير عبدالله بن عبدالعزيز قائد المواجهة مع المحتل الاسرائيلي، لم يفعل ذلك بل أعلن عن نصرة الفلسطيني ظالماً ومظلوماً، وبأن )كل رحم امرأة عربية أبية يحمل في أحشائه ثأراً، وكل شهيد عانق الثرى ترك خلفه صرخة مدوية في صدر كل طفل يتطلع إلى الاستشهاد(.
وهنا نسأل عن سر قوة الأمير عبدالله بن عبدالعزيز،،،؟
لم يكن اهتمام المملكة العربية السعودية بالقضايا العربية والاسلامية بصفة عامة وقضية فلسطين بصفة خاصة وليد مرحلة من المراحل بل كان موقفاً ثابتاً تميزت به السياسة السعودية منذ قيام المملكة على يد الملك المؤسس عبدالعزيز آل سعود طيب الله ثراه اضطلاعاً منها بمهام المسؤولية الجسيمة الملقاة على عاتقها، وعلى عاتق القيادة المؤمنة التي حملت راية التوحيد والوحدة والتي أصبح ميراث هذه الأمة أمانة في عنقها، ومستقبلها خيارها،
وقد ظلت المملكة في جميع مواقفها وسياساتها تشكل صمام أمان يحول دون اندفاع الأمة العربية والاسلامية في سبل لا تصون حقوقها، أو في معالجات تحوم حول نتائجها الشكوك، ومثل هذه السياسة والمواقف كانت ولا تزال نصيراً كبيراً لقضايا الأمة، ورفض التفريط في أي من حقوقها.
وقد تبرأ خطاب المملكة السياسي منذ تأسيسها في تعاطيه لسائر الشؤون العربية والاسلامية والدولية من المزايدات والمناورات والالتفاف حول القضايا سواء بالتردد أو اللعب بالألفاظ أو متاهات تأويلها.. كما هو الحال مع خطابات سياسية كثيرة.
حيث ظل خطاب المملكة السياسي هو الأوحد في العالم العربي والإسلامي الذي لم تعصف به متغيرات السياسة، لذلك ظل و يظل هذا الخطاب تجسيداً حياً في التعبير عن ضمير الأمة العربية والاسلامية.
واذا كان ابناء الملك عبدالعزيز سعود وفيصل وخالد رحمهم الله قد جعلوا من التمسك بالمبدأ الذي أرساه موحد المملكة بالنسبة لفلسطين مبدأ لهم وهو القائل ان أبناء فلسطين كأبنائي،، فلا تدخروا جهداً في مساعدتهم وفي تحرير أرضهم، فإن خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز حفظه الله قد جعل من الدعوة لتحرير فلسطين وحق شعبها في تقرير مصيره منطلقاً لتوجهات الأمة العربية والاسلامية نحو فلسطين.
لقد أسهمت المملكة بقدراتها وامكاناتها في استقرار الامن العربي والاقليمي والعالمي، وسعت دوماً إلى البحث عن الوسائل المناسبة لاستقرار منطقة الشرق الأوسط، وكرست المملكة المفهوم الصحيح للقضية الفلسطينية على انها قضية شعب شرد من أرض وطنه، ووطن اغتصب من اصحابه الشرعيين، وكانت ومازالت قضية القدس في اولويات القيادة السعودية التي لم تدخر جهداً في سبيل تخليصها من المحتل،
ووقف خلف القيادة السعودية الشعب السعودي الكريم الذي قدم الغالي والنفيس في سبيل تحرير المقدسات في فلسطين، واتساقاً مع هذه المواقف جاء الأمير عبدالله في جميع مواقفه وأفعاله.
وهذا هو سر قوة الأمير عبدالله بن عبدالعزيز فارس العرب.
في أكثر من قمة عربية وإسلامية ولقاء جمعه مع زعيم عربي أو دولي، استقرأ الأمير عبدالله بن عبدالعزيز بعين الخبرة والانتماء والحرص على هذه الأمة، استقرأ حاضر الأمة العربية ومستقبلها، فشحذ ذاكرتها لاستدعاء ماض تليد وحضارة شامخة وتضامن رائد كفل للمسلمين في ذلك الماضي نجاحهم على مختلف الأصعدة.
لقد علمنا التاريخ أن المخلصين قلة، وفي مقدمة هؤلاء المخلصين خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز والأمير عبدالله بن عبدالعزيز الذين حفظوا القضية الفلسطينية الشعب والأرض والمقدسات والانتفاضة في ضميرهم.
* كاتب وصحفي فلسطيني الرياض
a_abuhashim@hotmail.com
|
|
|
|
|