| القرية الالكترونية
في نهاية أيام الامتحانات تلقيت العديد من الاتصالات والزيارات في مكتبي في الجامعة من الشباب مباشرة ومن أولياء أمورهم يطلبون مني تقديم النصح والاستشارة في مجال المعلوماتية وانطلاقا من إدراكهم لأهمية تلك المهارات فإنهم يرغبون أن يدرس أبناؤهم وبناتهم تلك المهارات، وفي البداية أحب أن أبارك هذه الخطوات وهذا الوعي لدى الشباب وأولياء الأمور ولاشك أن هذا الوعي جاء نتيجة للجهود التي تبذلها الجهات المسئولة في هذه البلاد ممثلة في الوزارات والقطاعات الأخرى بدعم من ولاة أمرنا حفظهم الله.
لكن مما لفت نظري هذا الموقف المبكي والمدمي في يوم الاثنين الماضي وبالتحديد في تمام الساعة العاشرة والنصف صباحاً دخل عليّ شاب وقال لي أنا شاب مؤمن بأهمية الحاسب الآلي وأرغب أن أتعلم مهاراته وفي كل عام أمني نفسي وأقول إن شاء الله لعل الأحوال المادية في العام القادم تكون أحسن حالا من تلك السنة، ولكنني منذ ثلاث سنوات وأنا على هذه الحال ويظهر أنني مازلت أعيش في سراب ولم أستطع ذلك.... ودنا مني قليلاً ثم دنا أكثر وأكثر فقلت لعله انفعل ..... ثم هجم عليّ بعد ما اغرورقت عيناه وسال الدمع على وجهه راغباً أن يقبل رأسي وقال بنص الحرف الواحد ماالحل؟؟؟ فبكيت معه رحمة ورقة واعتزازاً وتقديراً وإجلالاً لهذا الموقف الطموح فقلت في نفسي بعد ما خرج من يمسح دمعة هذا الشاب أو من يمسح دمعة الشاب؟ وحيث اننا في بداية فصل صيفي يكثر فيه فراغ الشباب ويرغبون بقضائه فيما يفيد فكرت كثيرا لمن أوجه الرسالة؟ فوجدت أنه يمكن توجيهها إلى أكثر من جهة فأقول إن مسئولية إعداد الشباب لعصر المعلوماتية مسئولية مشتركة يجب على كل فرد أن يفكر فيها جيداً، وإذا كانت الدولة حفظها الله قامت ببذل كل ما تملك لإعداد هذا الجيل إلا أن القطاع الخاص والجهات الأخرى مسئولة أيضاً. ومن وجهة نظري القاصرة فإنني أسوق هذه الاقتراحات لعلها تجد قبولاً للتطبيق أو للمناقشة.
1 - الرسالة الأولى: موجهة إلى المعاهد التجارية، فأقول هل يمكن تخصيص نسبة 10% من المقاعد من الملتحقين بكل دورة لهؤلاءالشباب غير القادرين على دفع الرسوم، ويتم اختيار هؤلاء بالتنسيق مع الجمعيات الخيرية أو تكوين لجنة في المعهد لتقويم الحاجة، وتكون هذه مساهمتكم في المعلوماتية لأولادنا.
2 - الرسالة الثانية: موجهة إلى الجمعيات الخيرية وهي أن تقوم بتنويع خدماتها، أعني بذلك أن تقوم بتأمين مبالغ مادية لاعداد أبناء للأسر المحتاجة بحيث تقوم بدفع رسوم تكاليف الدراسة لبعض الشباب من أصحاب الدخل المحدود لإعداده للعمل في سلك المعلوماتية. ولا أقول هذا من فراغ فلي في هذا تجربة بسيطة فقد طلبت مني إحدى الأسر الشفاعة لأحد أبنائها في إحدى الجامعات ولكن معدله كان قليلا وحال هذه الأسرة ميسور، فاقترحت على والد هذا الشاب أن يلحق ابنه في احد المعاهد للحاسب الآلي، فكتبت لأحد ولاة أمرنا وفقهم الله وشرحت له القصة فقام بدفع قيمة التكاليف وتم إعداد هذا الشاب وتخرج من المعهد في الفصل الماضي وتوظف براتب شهري يقدر ب 000.4 ريال.
3 - الرسالة الثالثة: للغرف التجارية فهي الأخرى، مسئولة عن تأمين المبالغ المادية لهذه الفئة من المحتاجين والراغبين في تحقيق الطموح وخدمة البلد، نعلم جميعا أن الغرف التجارية تقوم بعقد دورات ولديها جدول سنوي ولكن المطلوب هو إما تخصيص نسبة 10% من المقاعد للمحتاجين أو على الأقل إقامة دورات خاصة لهذه الفئة بدون مقابل، لاسيما أن الغرف التجارية تعرف حاجة رجال الأعمال وبالتالي توجيه تلك البرامج للحاجة.
4 - الرسالة الرابعة: موجهة لرجال الأعمال والراغبين في الخير - كثرهم الله وزاد في رزقهم آمين - والمطلوب منهم هو تخصيص مبلغ معين سنوي ولتكن نسبة 1% من الأرباح مثلا لدعم وتأهيل الشباب فيما يحقق مصلحة البلاد.
5 - الرسالة الخامسة: موجهة للبنوك التي مازالت تستثمر في أموالنا صباح مساء، حبذا تخصيص نسبة 1% من الأرباح لصندوق يتم تأهيل الشباب فيه بدون مقابل. كما أذكِّر البنوك بأحدث النظريات في مجال الاستثمار، فقد حضرت إحدى الدورات التدريبية في الآونة الأخيرة والتي تعنى بتنمية الموارد البشرية وكانت النظرية أن الاستثمار الحقيقي في الوقت الحاضر هو الاستثمار في رأس المال البشري، فمثلا على سبيل المثال مازال العاملون في البنوك يمضون وقتاً كبيراً في التعامل مع الحاسب لاسيما مهارة الطباعة، ماذا لو تم إعادة تأهيل هؤلاء الشباب أو إعداد جيل جديد لكي تكون الإنتاجية أكثر وأفضل فبدلا من أن تتم المعاملة خلال عشر دقائق تتم خلال 3 دقائق.
6 - الرسالة السادسة: موجهة للشباب وهي أن يشمر عن ساعديه وأن يعمل ويكتسب فذلك خير له من أن يسأل الناس وقد جاء في الحديث الشريف «لأن يأخذ أحدكم حزمة حطب فيبيعه خيرٌ له من أن يسأل الناس أعطوه أو منعوه».
أخيراً فإن هذه الرسائل وغيرها التي يضيق المجال لذكرها هي مجرد اقتراحات آمل أن تأخذ طريقها للحوار والمناقشة
إن شاء الله ....
جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
almosa@almosa.net
|
|
|
|
|