| مقـالات
* راحت الصحف في الأيام الفارطة؛ تتحفنا بقصص كثيرة مشوقة؛ تتناول وقائع شبه يومية تحدث في تعليم البنات بالطائف. وفي كثير مما ينشر ويقال في ثنايا هذه القصص؛ تفاصيل مثيرة للدهشة والاستغراب معاً. وهو الشيء نفسه؛ الذي يهيئ مادة صحافية دسمة لمحررين وصحافيين كُثُر؛ كتبوا عنه في صحفهم في الأيام الأخيرة على وجه الخصوص؛ مثلما جاء في الاقتصادية وعكاظ والمدينة والبلاد والجزيرة ، وغيرها.
* لقد أخذ الأمر يبدو لنا؛ وكأنه احتقان في عملية تسيير إدارة تعليمية كبيرة؛ مسئولة عن مستقبل أكثر من 250 ألف طالبة؛ في محافظة الطائف؛ ومحافظات رنية والخرمة وتربة. الأمر الذي لا ينبغي معه؛ السكوت عليه؛ وإلا؛ فليس بمستغرب ما سوف يحدث في المستقبل؛ إذا ترك الحال؛ على ما هو عليه.
* إن من ضمن ما تناولته الصحافة مؤخراً وليس كله بطبيعة الحال قضية الضرب المبرح؛ الذي تعرضت له ثلاثون طالبة؛ في الصف الأول الثانوي بثانوية جدارة بني سعد. والذي أدى إلى إصابات وإغماءات وتنويم في مستشفيات.. ومَنْ ضرب مَنْ في هذه الحلبة يا ترى.. ؟ مديرة مدرسة؛ تفقد صوابها؛ فتضرب بجفاء وقسوة؛ بناتها الطالبات.. ؟
* وفي أيام الاختبارات النهائية؛ قبل أيام قلائل؛ وقع ما لم يكن على بال طالبات الصف الأول الثانوي بالثانوية الحادية عشرة بالطائف؛ فقد جرى فتح مظاريف مادة التوحيد؛ ووزعت أسئلتها في الفترة الأولى التي كانت مخصصة لمادة الجغرافيا..! وعندما وقعت الفأس في الرأس؛ لم يكن هناك من حل أمام إدارة المدرسة؛ سوى )إجبار( الطالبات على تقديم الامتحان في المادتين معاً في وقت واحد..! عندها.. عم الضجيج؛ وسادت الفوضى؛ وارتفعت الأصوات المعترضة؛ لكن القوة سيدة الموقف..!
* وفي المدرسة نفسها؛ وقع )إجبار( من نوع آخر؛ ضحيته طالبات الصف الثاني؛ فقد أدمجت مادتا البلاغة والحديث في فترة واحدة، ولم تراع الأنظمة؛ ولم تسمع أصوات أصحاب الحق.. وعاشت القوة.. !
* لكن أغرب هذه الضحايا وأجسمها حقيقة؛ هو سقوط مادة دراسية أساسية )دينية(؛ من المقررات الدراسية في معهدين تربويين في منطقة تعليمية عاماً كاملاً..! ثم يجري مطالبة الطالبات المعلمات بعد التخرج بالامتحان فيها..!!
* حدث هذا في معهد الشباشبة جنوبي الطائف؛ وحدث في معهد المحاني شمالي الطائف. ذلك أنه منذ بداية العام الدراسي؛ خلال الجدول الدراسي؛ من مادة الفقه التي تدرس في المدارس الثانوية في الطائف، ويجري تعليمها؛ في معاهد المعلمات في أنحاء المملكة، ولم توزع كتب لهذه المادة، ولم تبلغ إدارتا المعهدين رسمياً، ولم يظهر معلمات لها طوال العام، وظن الطالبات؛ )وبعض الظن إثم(؛ أن المادة إياها؛ ملغاة وغير مقررة في عامهن هذا؛ وأنهن لن يسألن عنها آخر العام، لكن جاء الامتحان بما لم يكن في الحسبان؛ و)في يوم الامتحان؛ تكرم الطالبة أو تهان(..! فقد تم توزيع أسئلة في مادة الفقه الغائبة هذه؛ فما كان من طالبات الصف الثالث في المعهدين المذكورين؛ سوى الاحتجاج على هذه المغالطة فرفضن أداء الاختبار في مادة لم يدرسنها؛ وخرجن من قاعة الاختبار..!
* تقول صحيفة عكاظ في هذا الشأن؛ بأن مدير التعليم؛ رفض الرد على خمسة اتصالات منها لطلب التعليق على هذه الفضيحة. والحقيقة أنه كان محقاً في ذلك، فلو كنت مكان هذا المدير؛ لرفضت الرد على هذه الصحيفة وعلى سواها بتاتاً؛ ولفتحت باب مكتبي المغلق..! ثم خرجت؛ وتركت إدارة التعليم هذه دون رجعة..!
* هناك ولابد؛ أساليب ونظريات كثيرة تسير إدارة تعليم البنات بالطائف لا نعرفها ولا نفهمها...! وليس من الإنصاف ولا من العدل؛ أن نتوجه بالاتهام في كل واقعة إلى معلمة أو مديرة مدرسة أو طالبات، ولو أن هذا الذي يجري اليوم في تعليم بنات الطائف؛ أمر ليس من المألوف عندنا؛ ولم نعهده من قبل.. ولهذا؛ فإنه من حقنا ومن حق أولياء الأمور في هذه المنطقة؛ أن نتساءل ونتفاءل؛ نتساءل: إلى متى يجري ما يجري..؟! نتفاءل؛ بقرب تدخل معالي الرئيس العام لتعليم البنات؛ في ترتيب مستقبل هذه الإدارة.
* عندما راحت مديرة مدرسة تصدر الأحكام ضد طالباتها؛ وتنفذ في بعضهن حكم الجلد في فناء المدرسة؛ قيل بأنها حوكمت، وقيل بأنها عوقبت.. وعندما أقدمت إدارة مدرسة على إصدار فرمان من عشرات الطلبات المكلفة مادياً؛ قيل لنا بأن الأمر لن يتكرر.. ولكن الإدارة التي تسير التعليم في المنطقة؛ هي لا غيرها؛ بكل تأكيد؛ وبكل عناصرها ورموزها المعروفة؛ مسئولة عن الاحتقانات التي تشهدها المنطقة اليوم، فالطريقة التي تعاملت بها مع كلية التربية للبنات؛ واحتكار تسيير أمورها المالية والإدارية؛ وتهميش إدارة الكليات؛ ورفض إخلاء مبنيين داخل الكلية؛ والتهديد بسحب معلمات منها؛ يمثل اتجاهاً إدارياً معاكساً؛ ساهم إلى حد كبير؛ في إضعاف المكانة العلمية والاعتبارية لهذه المؤسسة الأكاديمية؛ التي يرجى منها الكثير على صعيد التعليم العالي النسوي بمحافظة الطائف. أما التحقيقات التي قيل بأن الإدارة أجرتها في قضية ضرب مديرة لثلاثين من طالباتها في المرحلة الثانوية؛ فإنها لا يمكن أن تحول دون تكرار حوادث مشابهة في المستقبل، وخير من ذلك كله؛ أن نبحث عن حلول جذرية منطقية؛ تنبع من داخل الإدارة نفسها؛ وهذا ما نتطلع إليه من معالي الرئيس العام.
* أما كيف نفسر سقوط مادة أساسية من مقرر دراسي؛ يؤهل طالبات للتدريس بعد أشهر قليلة..؟ وهل من الإنصاف توجيه اللوم لإدارتي المعهدين وإدانتهما..؟ إن إدارة التعليم على ما يبدو؛ تبحث عن كبش فداء في هذه القضية؛ وهذا على الأقل ما أفصح عنه مدير التعليم في تصريح لجريدة الاقتصادية حيث قال:
)... وكشفت التحقيقات الأولية؛ عدم علم مديرتي المعهدين؛ بوجود هذه المادة ضمن المقررات الدراسية؛ بحجة عدم وصول التعميم بذلك، وكذلك الكتب الدراسية الخاصة بالمادة(...!
* أنا لست هنا في مقام المدافع عن إدارتي المعهدين الثانويين في الشباشبة والمحاني ولكني أرى؛ أن المسئولية الأولى؛ تقع على عاتق إدارة التعليم؛ فهي من يُسْأل ابتداءً عن سقوط مادة دراسية من مقرر معتمد مدة عام كامل؛ ومسئوليتها تتضاعف؛ كونها قررت امتحان طالبات في مادة لم يدرسنها، وحاولت حملهن على تأدية هذا الامتحان بالقوة. وإلا.. فأين هي الكتب التي لم تصل المدرسة؛ ثم وصلت عوضاً عنها أسئلة الاختبار النهائي..؟! وأين المتابعة؛ وأين تقارير الموجهات المفتشات طوال عام كامل..؟! وكيف تحاسب مديرة معهد؛ لم تتسلم مهامها إلا بعد مضي عدة أشهر من الدراسة..؟! ثم.. أين هي الادارة من سير الدراسة في منطقة تعليمية كبيرة؛ تحتاج إلى اليقظة والحكمة والتبصر؛ ويلزمها قبل كل شيء؛ الأخذ بسياسة الأبواب المفتوحة؛ والآذان التي تسمح بسماع الصوت الآخر من داخل الإدارة؛ ومن المدارس والمجتمع؛ ومن الصحافة ... الصحافة غير المرحب بها على كل حال..؟!
* إن ما مر معنا أعلاه؛ هو بكل تأكيد؛ بعض مما لم تصل إليه )الحاسة السادسة( حتى اليوم في تعليم بنات الطائف.. وقليل من هذا؛ يكشف بكل وضوح؛ عن عورة إدارية فاضحة؛ لابد من سترها بسرعة؛ حتى تعود لهذه الإدارة؛ هيبتها وسمعتها الجميلة.
assahm2001@maktoob.com
fax027361552
|
|
|
|
|