| مقـالات
في خلال ثلاثة أيام احتلت الاخبار التالية واجهات الصحف والعناوين في الكثير من الصحف العربية: «صدور الحكم بالاعدام على عشرين من المنشقين السياسيين في بلد خليجي!! صدور الحكم بالاعدام على سبعة من النشطين السياسيين في بلد مغاربي!! صدور حكم بالسجن مدة سبع سنوات على الباحث المصري سعد الدين ابراهيم!! نائب برلماني يقضيم أُذن نائب برلماني آخر في أحد البرلمانات العربية، المتظاهرون يحرقون مركز شرطة في الجزائر».
ولكم ان تتخيلوا هذا الكم الوافر من العنف الاخطبوطي العارم، الذي كان يجاور بدوره واجهات الصحف التي تحمل اخبار العنف الاسرائيلي الموجه ضد الفلسطينيين.
ولربما مشاعرنا الفائضة تجاه ما يجري في فلسطين تمنعنا من التفرس في كمية العنف الوافر التي تمارس بيننا وتتغلغل في أعماق نسيجنا الاجتماعي، بل الطريقة التي نتعامل بها مع الطارىء والجديد والمختلف، تماماً كالفصائل التي تتقاتل ضد عدو خارجي محدد ومعروف حتى اذا تلاشى هذا العدو تحول النضال الخارجي الى حرب أهلية تأكل الأطراف جميعها.
وكان الوجدان العربي الذي تربى وتعايش مع العنف أصبح باستطاعته ان يحيّده ويتعامل وإياه بوصفه عابراً ومؤقتاً، أو بالتحديد لا يتقاطع مع أولوياته ولقمة عيشه.
وفي العالم العربي الذي يعاني قطاع كبير منه من الأمية ويعيش قطاع آخر تحت مستوى الفقر، بينما تنعم القطاعات الأخرى ببقية مصائب دول العالم الثالث من «بيروقراطية، وغياب الحريات، وقسوة الأوضاع الاقتصادية» يبدو من غير المجدي التطلع الى فعل حضاري ومسؤول تجاه مشروع عربي كبير وموحد بحيث تصبح من أولويات هذا المشروع «تحرير فلسطين والقدس» وما حالة الانهزام والخذلان التي يمر بها العالم العربي على المستوى العسكري والاقتصادي والتهديد الدائم المسلط فوق رأسه لموارده الطبيعية والمائية الا إحدى الفواتير التي يجب ان يسددها للعالم من حوله، نتيجة عدم امتلاكه للأدوات التي تتيح له الاستقلال بقراراته المصيرية والسياسية، ولعل الأوضاع في فلسطين والنهايات التي انتهت إليها صناعة السلام في العالم العربي ليست شيئاً طارئاً وغريباً أو نستنكره، هو بالضبط يكمل نسيج الخيمة العظيمة التي تغطي العالم العربي من محيطه الى خليجه وأي محاولة للتغيير .. التعبير.. الاختلاف تستقبلها رمال جاهزة وخبيرة ومدربة.. عمرها مئات السنين ومن ثم تجهض تلك المحاولات بسهولة ويسر.
العنف في إسرائيل هو امتداد يندرج في منظومة العنف المترابطة التي تسيطر على هذا المكان وأي محاولة لفصل هذا العنف سواء على مستوى السبب ام النتيجة، هي محاولة مضللة وتحاول ان تلغي علاقة السبب بالنتيجة وتحاول ان تلغي بُعداً مختلفاً يجب أن نتوقف عنده في هذا المجال، وهذا هو المدخل الذهبي الذي تدخل منه الصهيونية العالمية لتصور من خلاله إسرائيل كواحة من الديمقراطية والحرية وسط شعوب متخلفة أدمنت العنف والقمع ومصادرة الحريات وما هنالك من أشكال القمع والنفي المتعددة والتي تمتد من المحيط إلى الخليج.
فقبل أن نتابع آثار نكبتنا الأولى وصراعنا مع الصهيونية العالمية لا بأس من التوقف لوهلة، والتفرس في أحوالنا الخاصة والداخلية التي أدت بنا إلى هذا التقهقر والهزيمة.
فالإنسان المقموع والمنفي والمغيب عن قضاياه الحقيقية، لا يمكن ان يكون في يوم ما بطلاً.. ومحرراً في نفس الوقت.
e.maiI:omaimakhamis@yahoo.com
|
|
|
|
|