| ملحق المعرض الاول لوسائل الدعوة
نعيش في عصر اتضح فيه تأثير العلم والتكنولوجيا الحديثة في كل مجالات الحياة، والتطورات مستمرة ودائمة، لا بل إنها متسارعة ومتلاحقة، لا تكاد تغمض عينيك وتفتحهما إلا وتسمع بأحداث جديدة، وهذا العصر الذي نحياه ما زالت قضية الدعوة واجبة فيه، لا بل ملحة، وخصوصاً أنه قد تعددت الحاجات والقضايا والأمور، فهناك بشر غير مسلمين، وهناك مسلمون لا يعرفون إلا القليل من أمور دينهم، وهناك الأقليات والجاليات المسلمة في ديار، معظم أهلها لا يدينون بدين الحق، وهناك واقع هائل علينا مواجهته.
إذاً هدف الداعية لم يتغير بتغير الزمان والمكان، ولكن الوسيلة والاستعداد قد تغيرا، داعية اليوم يلزمه التفقه بالدين بعمق ليستطيع المواجهة، إنه عالم قبل أن يكون داعية، وبنفس الوقت عليه أن يلم بتطورات العصر وأحداثه وثقافاته والجديد فيه، وأن يعرف كيف يتم التدبير في هذه الأوساط، وبنفس الإلحاح عليه أن يكون مثقفاً ومطلعاً على تقنيات الحضارة الحديثة، عليه ألا يكون جماداً في مواجهة الأقنية الفضائية وشبكات المعلومات العالمية )الإنترنت(، عليه أن يبث الحياة في هذه التقنيات بدلاً من أن يقف مكتوف الأيدي أمامها!!.
أن قضية الدعوة إضافة إلى ما ذكرته آنفاً تظل قضية اللغة واللسان التي لها من الأهمية مكان كبير في قضية الدعوة، إن الأمور التي تحدثنا عنها ليست كلمات تقال، وإنما واقع وعمل، وتدعونا لتطوير المدارس والمعاهد والجامعات التي تخرج الدعاة، وجعل مناهجها منسجمة مع متطلبات الداعية في في هذا العصر! بل إن الأمر يتطلب أيضاً دراسة واقع الدعاة الحاليين من كافة الجوانب.
إن من السخرية أن يوجد بعض الدعاة أو من يسمون بدعاة يعتبرون ذلك وظيفة ليس إلا، يصلون بها لراتب معين لا أكثر، والأمر أكبر من ذلك بكثير وأخطر من ذلك، فالحياة ومتطلباتها يجب أن تؤمن للداعية، ولكن ليست القضية وظيفة، بل إن القضية تشكل أساساً جوهرياً في الإيمان ونوره، فهي عملية دعوة إلى الله ودين الحق، وثوابها الحق يوم القيامة وعند الله تعالى.
إن الداعية الذي يفكر بالدنيا أكثر من الآخرة يصعب أن نلقي على عاتقه عملية الدعوة، لأنها تحتاج لمجاهد حقيقي يتغلب على نفسه قبل أن يدعو غيره.
ونعود لنذكر عنصراً هاماً ثابتاً على مر العصور، ألا وهو أن الداعية قدوة بحد ذاته، فسلوكه وعمله وأخلاقياته هي دعوة بشكل أو بآخر، وفاقد الشيء لا يعطيه، إني لأذكر أحدهم، وهو يحث الناس في الحج على اغتنام الوقت في الدعاء والصلاة، وبعد قليل يرقد، وينام، ويتركهم ينالون الثواب بالدعاء والعبادة، أما هو فالنوم لذيذ عنده..!!
إن الداعية المسلم يجب أن يعرف إمكانياته ومقدراته العلمية والثقافية، ويحرص على تطويرها باستمرار، ويضع في حسبانه أن اللقاء على الفضائيات ليس أمراً هيناً، فهناك الملايين يرقبونه، ويرصدون كل أفعاله وأقواله.
إننا نحمد الله تعالى أن جعل هذا البلد آمناً مطمئناً يسير على نهج الإسلام، وعلى شريعة الحق السمحاء، لقد خصت حكومة خادم الحرمين الشريفين يحفظها الله قضية الدعوة بكل دعم ومساندة، ومؤازرة، وأوصلتها لحالة توازي ما يتطلبه العصر، ولكن التطورات المتسارعة التي لا تتوقف عند حد تحتم علينا جميعاً أفراداً وجماعات وحكومة وشعباً أن نساهم بقضية الدعوة حسب مقدرتنا، وذلك بدراستها، ومراجعتها بكل دقة وموضوعية، وتهيئة المناخ الملائم لإعداد الدعاة العصريين، وبذلك تكون المملكة وستبقى إن شاء الله تاجاً في جبين الأمة الإسلامية كما كانت بحمد الله.
ويدل على هذه الحقيقة الناصعة قيام وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد بإقامة معرض لوسائل الدعوة إلى الله ، الذي سيفتتحه اليوم صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن فهد بن عبدالعزيز أمير المنطقة الشرقية وفقه الله لكل خير بحضور معالي وزير الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد الشيخ صالح بن عبدالعزيز آل الشيخ صاحب فكرة المعرض والمشرف العام عليه، والذي يولي كل عمل يتعلق بالدعوة والدعاة جل اهتمامه ورعايته وعنايته الخاصة، وهذا المعرض الدعوي الأول يكتسب أهمية قصوى لدى المعنيين بالدعوة، ولدى الناس في الاستفادة من الوسائل الحديثة في الدعوة.
وهو معرض لم يسبق لأي دولة فيما أعرف أن تطرقت إليه، ويرمي المعرض إلى بيان أن كل الوسائل الحديثة، والتقنيات المعاصرة، والمخترعات المتطورة، يمكن الاستفادة منها أعظم استفادة في بيان الحق، ونشر الدين، وهذا يؤكد عظمة الإسلام، وأنه صالح لكل زمان ومكان.
إن تقنيات الحضارة ليست مفزعة، وإنما هي فرح لنا نحن المسلمين، حيث إنها علوم تساهم بإظهار دين الحق وانتشاره، ومن هذه الزاوية يجب أن ننظر إليها، وليس من زاوية أخرى، نعم فيها أخطار ومشاكل، لكن فوائدها وإيجابياتها إن عرفنا كيف نعمل بها ونستغلها أكثر بكثير.
إن الدعوة تشكل أساساً ركناً لا يستهان به في الجسد الإسلامي، وكما كانت فإنه مطلوب منا أن نقوم بها، إن البلدان الأخرى والجماعات غير المسلمة تدفع آلاف المليارات من الدولارات من أجل دعوات باطلة لا تهدف إلا لتدمير حياة البشر، أما دعوة الإسلام فهي نور يحمل السعادة في الدارين لبني البشر، ولذلك إن سخرنا لها طاقاتنا كلها وأنفسنا وأموالنا، فلا خسارة في ذلك على الإطلاق، لا بل هذا هو المجال الرابح والاستثمار النافع. والله من وراء القصد.
alomari1420@yahoo.com
|
|
|
|
|