أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Saturday 9th June,2001 العدد:10481الطبعةالاولـي السبت 17 ,ربيع الاول 1422

الاخيــرة

نفطٌ.. ثم.. نفطٌ
أنور عبدالمجيد الجبرتي
* كنا، نحتجز، أنفسنا، في سياراتنا، منذ الصباح الباكر، ونرتصُّ أمام محطات البنزين، لنحصل على حفنة من الجوالين، ثم نسرع الى محاضرة السابعة والنصف.
* وفي المحاضرات، مهما كان الموضوع المخصص لها، كان النقاش ينحرف الى الحديث عن أزمة النفط، والأوبك، والدولارات النفطية، وتدويرها، و«البدو» الذين يريدون غزو العالم المتحضر على برميل نفط متدحرج.
* تعلَّم الامريكيون في تلك الفترة مفردات جديدة، كالعربية السعودية، والأوبك، والشرق الأوسط.
* وكان المثير والمحرج في تلك المحاضرات ان تم نقاش الاستراتيجيات المختلفة لكسر ظهر أوبك، أو معاقبة الدول الرئيسة المشاركة في «حصار» النفط، لمنعها من تقويض الحضارة الغربية، ونسف الاقتصاد العالمي. وكانت الخيارات تنتثر على مدى عريض وتشمل العقوبات السياسية والاقتصادية، وقد تصل الى الاحتلال العسكري للمنابع النفطية.
* كنا ثلاثة طلاب سعوديين وآخرين، فلسطيني، وباكستاني، كان هناك زميل ياباني، صامت والبقية أمريكيون اقحاح.
* تثور حميَّة أحدنا فيحاول، ان يؤصّل لأزمة النفط في التاريخ والجغرافية والسياسة الأمريكية في الشرق الأوسط.
* ويحاول آخر ان يكون اقتصاديا حتى النخاع وأمريكيا حتى الثمالة فيحدثهم بمنطق السوق والأرقام ويشرح لهم عن العرض والطلب ونظرية المواد القابلة للنفاد، والقيمة الشرائية للبرميل، ويطالبهم بالهدوء والعقلانية والقبول بالأزمنة المتغيرة.
* كنا نتبادل النظرات، والابتسامات الخفية عن بُعد، ونشعر ببعض الاعجاب، لأن امريكا العظمى والأمريكيون العظام قد تم حشرهم في خانة محرجة فانتقلوا من الهجوم الى الدفاع، ومن الوعظ الى الاحتجاج.
* وكنا نعرف أيضا ان امريكا بلد مختلف عن الآخرين، عندما يعالج أزماته، ويتعامل مع الطلاب الغرباء المتهمة دولهم بالتسبب في الطوابير الطويلة أمام محطات البنزين، وارتفاع الأسعار، ومحاولة تخريب طريقة الحياة الأمريكية، وحضارة الأتوموبيل العالمية.
* ولو طرأ هذا الوضع في دولة من دول العالم الثالث كان سيجري فصلنا من الجامعة، وترحيلنا من البلد، وربما حشدت الحكومة مظاهرات ضدنا، ولا نستبعد رجم بيوتنا وسياراتنا بالحجارة.
* ذهب ذلك الزمان، وتغيرت الظروف، واستطاعت المجتمعات الغربية وبوسائل مختلفة ان تحتوي أزمة النفط، ورُعب الدولار النفطي، واستجابت انماط الاستهلاك الصناعي والاجتماعي للأسعار المرتفعة، ولكن بقي النفط وظلت أوبك قذعة في الحلق، وقذى في العين، وشبحا نفسيا يتراقص خلف شبابيك الغرب.
* النفط لا يزال ورقة ذات قيمة في عالم يعشق الغرب فيه الاحتفاظ بجميع الأوراق.
* والنفط لا يزال سلعة جيدة الثمن في عالم يسعى الغرب فيه الى الاحتفاظ بالقيمة التبادلية للسلع والخدمات لصالحه.
* والنفط لا يزال سلعة اسراتيجية مهمة في عالم لا يحب الغرب فيه ان تتمتع مجموعات أخرى بأي موقع استراتيجي له قيمة واعتبار.
* حوار النفط ومبادلاته فيه شيء من حوار الحضارات، وفيه كثير من اشتباك العلاقات السياسية والاقتصادية وسيظل النفط نفطا حتى حين.

أعلـىالصفحةرجوع















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved