| تحقيقات
*
تقرير من اعداد د. عبد الإله بن سعيد
في الحلقات السابقة اتضح لنا من خلال مناقشة القضايا الأسرية المتعددة التي تم البت فيها من قبل القضاة في المحكمة الكبرى بمدينة الرياض حجم ونوعية التغير في العلاقات الأسرية خاصة ما ظهر من مطالبات المرأة إما بالطلاق من زوجها أو بتحسين الأوضاع الخاصة بها، بالإضافة إلى التغير في أسلوب معالجة القضايا من قبل القضاة تمشياً وتكيفاً مع الظروف الاقتصادية والاجتماعية المتغيرة، ومن هنا يمكن أن نأخذ ذلك كدليل واضح وقوي على التغير الأسري في مجال العلاقات والأدوار المتوقعة من الأفراد، خاصة الزوج والزوجة مقارنة بما كانت عليه الأوضاع الأسرية في الماضي القريب. كانت تلك القضايا العائلية مؤشراً آخر على عدم الانسجام والتفاهم وانعدام التنازلات بين الزوجين في حياتهم االيوميةولهذه الظاهرة، بالطبع، أسباب كثيرة إن صح التعبير في تسميتها بظاهرة. لم أكن أريد الدخول في ذكر أسباب وخلفيات هذا التغير السريع والعارم في مجال العلاقة بين الزوج والزوجة وأفراد الأسرة ككل، وإنما أردت أن أبرز بعض القضايا كدليل على التغير الاجتماعي الذي يواجه المجتمع العربي السعودي اليوم، والأمر المهم أنني حينما ذكرت أن المحكمة هي أنسب مكان لاصطياد الحلول وللوقوف الحقيقي على المشاكل الأسرية لا يعني ذلك إهمال الجوانب الأخرى، فقد لاحظت في تلك الفترة وأثناء عملي بالمحكمة، أن كل المؤشرات تدل على أن المجتمع السعودي يعيش في مرحلة انتقالية من وضع تقليدي ساد لفترة طويلة إلى وضع جديد بالنسبة للمرأة وبالذات الزوجة من حيث المكانة والمركز داخل النطاق الأسري الذي أصبحت فيه الزوجة أكثر تأثيراً على تصرفات زوجها وأكثر قدرة على توجيه مسار التغير لصالحها وصالح أسرتها، ولا أنسى أنه كان في تلك الفترة نقاشات حادة على مستوى المجالس وكنت أسمع بعض العبارات والأمثال والقصص، والطرائف التي تؤكد أن تغييراً حدث في الأوضاع الأسرية وعلاقة الأفراد داخل الأسرة، وتؤكد أن هناك تغيراً حصل في علاقة الزوج بأقاربه من العصبة وبالذات الأخوة وأبناء العم لصالح الزوجة وأقاربها من الذكور والإناث، وكثيراً ما كنت أسمع عبارة كانت تستخدم بشكل مستمر وكنوع يعبر عن عدم الرضا والنقد بطريقة تدل على فتور العلاقة بين أبناء العم وتزايد قوتها مع أقارب الزوجة أو كما يعبر عنهم بالأنساب «كن نسيباً ولا تكن ابن عم»، عبارة تعكس ذلك بكل تأكيد ثم الصحافة في تلك الفترة وخاصة صفحة «عزيزتي الجزيرة» في جريدة الجزيرة وصفحة «الرأي للجميع» في جريدة الرياض كانت تحمل كثيراً من النقاشات التي توضح ما أصاب العلاقات الأسرية من تغير وقد تم التعبير عن ذلك من خلال مقالات مطولة وحوار بين المتخصصين كما أن رسوم الكاريكاتير كانت هي الأخرى تعبر تعبيراً قوياً عن علاقة الزوج بزوجته وانعدام الانسجام في بعض الحالات واختلاف الأهداف في حالات أخرى، وبرز ما يدور من نقاش في المجتمع عن العلاقة بين الزوج وزوجته وضعف الانسجام بينهما. كذلك التأكيد على بروز دور جديد للزوجة.
فالزوج أصبح وكأنه غير مرضي عنه من قبل أقاربه وبالذات الأهل الذين لاحظوا تغيره وانصرافه الكامل عنهم والاهتمام بزوجته وأسرتها بشكل أكبر بكثير مما كان عليه والده. إن صور الرسومات الكاريكاتيرية تعبر تعبيراً واضحاً وقوياً عن ظهور الزوجة بصورة جديدة ودور جديد ومكانة تختلف تماماً عما كانت تألفه من الأمهات والجدات، فهذه صورة امرأة تسحب زوجها من يده بسلسلة ليشتري لها ما تريد، أو بالأحرى ليدفع ثمن ما تختاره من ثياب وعطور، أو صورة تلك المرأة التي لا تهتم بزوجها فقد رتبت كل أمورها وشنط سفرها لكنها في المطار وفي لحظة التوجه نحو الطائرة اكتشفت أنها نسيت أن تحضر أغراض زوجها معها. لاجدال أن هذه الصور فيها شيء من المبالغة لكن مهما كانت المبالغة فلا يمكن أن ننكر أن ثمة تغيراً قد حدث في العلاقات بين الزوج وزوجته، هذه العلاقة التي كانت في السابق مبنية على إرضاء الزوج والتفاني في خدمته والاهتمام بشؤونه، فأصبح الزوج يقف أمام زوجة قوية عنيدة تستطيع، إن شاءت، أن تدفع الأمور إلى حدها الأقصى أي الذهاب إلى المحكمة للحصول على حقوقها أو طلب الطلاق، فالشاهد أن العلاقة تغيرت ولغة التخاطب تغيرت أيضاً.
إن الأبناء والبنات تضامناً مع أمهم يمكن أن يقفوا ضد والدهم، خاصة إذا تزوج من امرأة أخرى وهي لا يمكن أن تعيش معهم في المنزل مهما كانت الأحوال، وهناك شواهد كثيرة في المحكمة وفي المجتمع تدل على ذلك وقد ذكرت في تلك الحلقات بعض القضايا المتعلقة بمطالبة الزوجة بالطلاق من زوجها أو بعض القضايا الخاصة بعلاقة الزوج بزوجته من حيث الحقوق والواجبات. ولاحظنا مدى التغير على المستوى الأسري وعلى المستوى القضائي في معالجة تلك الأمور وأعود مرة أخرى لأوضح بعض القضايا المتعلقة بالمسائل المالية والمواريث والأوقاف والممتلكات بين أفراد الأسرة وهو جانب مهم يعكس لنا بعض التغيرات الاجتماعية التي واجهت الأسرة في تلك الفترة.
عندما أكتب وأؤكد أن العلاقات الأسرية في المجتمع العربي السعودي تغيرت فهذا لا يعني أنها تغيرت إلى الأسوأ أو إلى الأحسن لكن ما أقوم به كمهتم بهذا المجال هو توضيح وتحليل التغير ورصد مساره. ثم إنني لا أريد أن أقحم القارئ في تبني بعض النظريات الاجتماعية الأكاديمية الخالصة وإنما أكتب هذه الحلقات من واقع معايشة وانطباع وتأمل للأوضاع في المحكمة الكبرى بمدينة الرياض عن طريق القضايا الأسرية التي تصل إليها، فلك أن تسميها خواطر أو ذكريات أو سمها ما شئت أن تسميها، المهم أنني سوف أترك نفسي على سجيتها وأترك قلمي يعبر عن انطباعات جمعتها خلال عملي في المحكمة الكبرى ودعني أستعير عبارة الدكتور طه حسين بشيء من التصرف حيث يقول: إن من الكتاب من تحبه وترتاح للحديث معه لكنك لا تحب كتاباته، ومنهم من تحب كتاباته وتعجب بها لكنك لا تحب الكاتب نفسه ومنهم من لا تحبه ولا ترتاح لكتاباته ولك أيها القارئ أن تختار ما تشاء من حيث تصنيفي. والمهم الآن دعني أبدأ معك بهذه القصة الواقعية التي تعبر عن صورة جديدة من صور التغير الأسري في المجتمع العربي السعودي.
أحمد رجل لا يمكن أن تحدد له عمراً، قصير القامة نحيل لدرجة أنه لو أراد أن يتبخر في قاعة المحكمة لفعل. ثم إنك لا يمكن أن تلحظه إلا عندما يتحدث ومع ذلك كان يملك صوتاً جهورياً قوياً يخرج من نفس صعبة المراس، قوية الشكيمة مستعد لكل التحديات بارع في الجدل وقادر على الاستمرار في كل قضية وهو بمصطلح مراجعي المحكمة «دعوجي». وقف أحمد وتحدث عن قضيته وكان يتحدث وهو يغمض واحدة من عينيه والثانية يتطاير منها الشرر والكيد والتحدي وكان في كل مرة يلتفت إلى أخيه صالح يستشف ردة فعله. صالح كان مطأطئ الرأس منحنياً كأنه القوس، وهو ذو وجه صبوح سمح تلمع فيه عينان صغيرتان تنم عن ذكاء وفطنة. ذكر أحمد قائلاً بالأصالة عن نفسي وبالوكالة عن اثنين من أخوتي ووالدتي ونحن الورثة الشرعيون لعقار والدنا المتوفى الذي اشتراه والدي بمليون ريال من أحد المكاتب العقارية إلا أن أخي الحاضر معنا في قاعة المحكمة يدعي ملكية هذا المنزل. تم استجواب المدعى عليه الذي أكد خلال حديثه، أنه المالك الحقيقي لجزء كبير من قيمة المنزل وليس أبوه وأنه كان يدفع المال على أقساط وفترات متعددة ما عدا المرة الأولى حيث كان الدفع من قبل أبيه وبحضوره، استجوب القاضي صاحب المكتب العقاري وأكد في المرة الأولى أنه استلم مبلغاً وقدره خمسون ألف ريال من والدهم وبحضور ابنه صالح وحرر بذلك سنداً باسم والدهم، وأما بقية الأقساط فكان يدفعها لي الأبن صالح وكنت أحرر له السند باسم والده ولم يعترض وقتها وبعد عدة جلسات وبعد أن تم أخذ اليمين حكم القاضي لصالح الورثة. هذه الحالة تعتبر من الحالات الجديدة التي أفرزتها الظروف الاقتصادية المتغيرة في المجتمع السعودي في فترة من الفترات، وليست بطبيعة الحال هي الحالة الوحيدة وإنما حدث مثلها الكثير، وهي دلالة أكيدة على ما تعانيه الأسرة السعودية من تغيرات جذرية في علاقات أفرادها وذلك نتيجة لتغير الأدوار وتغير المكانة أيضاً وتغير النمط الإنتاجي لكل فرد داخل الأسرة أو الأسرة ككل.
قضية «علي» مع أخوته تفسر لنا ذلك بكل وضوح حيث أدعى أخوة علي أن أخاهم عليا لا يسلمهم نصيبهم من ريع المزرعة حسب ما ذكروا في قضيتهم. وعلي هذا رجل في حوالي الستين من عمره ما أن تتحدث معه حتى تكتشف للوهلة الأولى أنه من الجيل الذين فاتهم ركب التعليم فهو يستبدل حرف الهمزة بحرف العين في كلمة الهيئة وكان علي رجلاً بشوشاً ويتحدث معك دون مقدمات ويشرح لكل من يلتقي به كل شيء عن قضيته دون أن يطلب منه وكان يتكلم عدة كلمات ثم يعقبها بضحكة طويلة ولكنها سريعة ذات رذم مميز تنتهي بوقفة سريعة أيضاً، وهذه الوقفة يعقبها نظرات مركزة على وجه من يتحدث إليه كأنما يريد قراءة ردة الفعل عنده، ومع ذلك لم يكن الاستماع لحديث علي مشجعاً على الاستمرار حيث تجبرك كلماته القاسية وألفاظه النابية أن تنسحب بهدوء حتى لا تتورط معه في جدال قد لا تحمد عقباه ومع أن عليا كان بشوشاً مرحاً إلا أن نظراته الحادة وشكل شاربه الكثيف تجعلان منه رجلاً مخيفاً ولا يشجعان على عمل صداقة دائمة معه.تحدث علي وهو الوكيل الشرعي حسب وصية والده قال: ورثت أنا وأخوان لي مزرعة والدنا وهي لنا جميعاً بعد وفاة والدنا رحمه الله ولكن بعد فترة من الزمن انتقل أخوتي للعمل في الوظائف الحكومية وحصلوا على أعلى المراتب وبقيت أنا في المزرعة دون تعليم ودون وظيفة وعملي الوحيد هو استثمار هذه المزرعة وفي نهاية كل عام أصبحت لا تعطي أرباحاً جيدة ثم إنني مكلف كل عام بذبح ثلاث أضاحٍ تنفيذاً لوصية والدي رحمه الله وما أحصل عليه من ريع يصرف على المزرعة بكاملها، تحدث أخوة علي ونفوا نفياً قاطعاً ما ذكره أخوهم وأشاروا إلى أن المزرعة مؤجرة من قبل أخيهم علي وهو يعمل في أعمال أخرى ودخلوا في تفاصيل دقيقة لا مجال لذكرها الآن ولسنا في حاجة إلى معرفة حكم القاضي في هذه القضية وأشباهها من القضايا العديدة التي تؤكد حدوث التغير في العلاقات بين أفراد الأسرة الوا حدة بسبب الميراث الذي أصبحت قضاياه تثير النزاعات وهو أمر لم يكن معروفاً بشكل واسع في الماضي. وإذا أخذنا هذا الجانب في العلاقات الأسرية نجد أن صاحب التركة أي الوالد مثلاً أو الوالدة تكون لديه نظرة بعيدة يخطط لكيفية استفادة أسرته من تركته بعد وفاته. لذلك كان من المتعارف عليه أن يعمد مثل هذ االشخص إلى تخصيص حوالي ثلث التركة كوقف وهو يهدف من ذلك إلى عدة أمور منها أن يصرف جزء من عائد هذا الوقف كمبرة له بعد وفاته مثل الأضاحي أو الحج عنه. ومنها أن هذا الوقف يمكن أن يكون سبباً لتماسك أسرته بعد وفاته لأنه سوف يوفر نوعاً من الضمان المالي المستمر للأسرة في حالة تبدد باقي التركة ويكون هذا الوقف للاستثمار فقط وليس للبيع كما أن العادة جرت أن الأبناء يستفيدون من هذا الوقف أكثر من البنات ليس تعارضاً مع الشرع، لكن بطبيعة الحال أن أبناء الأبناء يستمرون في الاستفادة من ريع الوقف بينما البنت إذا ماتت يتوقف أبناؤها عن الاستفادة من وقف جدهم وفي هذا خلافات شرعية وجدل طويل عن الوقف يعرفه الفقهاء بأنه تحبيس الأصل وتسييل المنفعة. كما أنه يجب العمل به بشرط الواقف اما بجمع أو تقديم حسب ما تنص عليه الوصية ويعتبر الترتيب فيه أمراً مهماً وشرطاً أساسياً. وللوقف مفاهيم ومصطلحات يعرفها الفقهاء فهناك ما يعرف بالوقف المتصل كأن يكون على الأولاد ثم أولاد الأولاد ما تناسلوا أو أن يكون وقفاً متقطع الابتداء فيسقط نصيب الفرد بوفاته أو أن يكون وقفاً متحيزاً وغير ذلك من المصطلحات التي تحدد بدقة المستفيد من هذا الوقف.
والمشكلة التي لاحظتها هي اختلاف المفاهيم بين الناس في زمن معين وبين المفاهيم التي نصت عليها كتب الفقه ففي الوقت الحالي مفهوم الأولاد يعني الأبناء من الذكور وهذا ما يتعارف عليه اليوم الناس فيما بينهم في الكتب الفقهية ينص هذا المفهوم على البنين والبنات وليس على الأبناء فقط.
ومن خلال تحليلي لمجموعة من الوصايا في مجال الوقف واستناداً إلى اجابات بعض أصحاب القضايا على استفساراتي حول شروط الواقف بالنسبة للأبناء والبنات أجاب أحدهم بقافية شعرية تؤكد على مفهوم الفرق العلاقة القرابية بين الأولاد والبنات بأسرهم فهو يقول:
ولد ابنك لك
ولد بنتك لا
الشعر ينبت بيدك
وبكفك لا
هذا المثل أو هذه العبارة أو هذا الشعر إن صح تسميته شعراً دون النظر إلى قانون الخليل بن أحمد الفراهيدي هل يمثل لنا تصوراً دقيقاً حول الحقوق والواجبات المفروضة للجنسين؟؟ لهذا حديث يطول ويطول وسوف أناقشه في حلقات قادمة.
إن مفهوم الوقف كأحد الوسائل التي ينتقل فيها الملك من شخص لآخر تغير الآن نتيجة لتغير كثير من الأوضاع والمفاهيم. فعلى مستوى المفاهيم أصبحت النظرة إلى أعمال الخير مختلفة حيث إن الناس حالياً يتبرعون لبناء المساجد أو يتبرعون للجمعيات الخيرية كل حسب طاقته. علاوة على أن بعض الأبناء قد يكون أغنى من والده فتراه يضحي عن والده أو يحج عنه وهو بذلك ليس في حاجة إلى ريع الوقف. الأمر الثاني أن بعض الناس صار يوزع التركة حال حياته وقد يعتقد بعض القراء أن ذلك لا يصح شرعاً، لكن الحاصل أن مثل هذا الشخص إنما يستخدم أمراً مشروعاً وهو «الهبة» فهو يهب لبعض أبنائه أو زوجاته في حياته.والناس يلجأون إلى وسائل توزيع التركة وفقاً للمفاهيم الاجتماعية السائدة وبما لا يتعارض مع الشرع الحنيف. وهم بذلك إنما يحاولون تجنب نشوء المشاكل لأن اختلاف الأولاد هو أكثر ما يخشاه كل والد. وهذا الأسلوب قد تكون اقتضته الظروف الاجتماعية المتغيرة، فالمرأة لم تعد كالسابق، فالملكية التي كانت مشاعة في السابق أصبحت اليوم مخصصة فكل واحد يريد حقه. والمرأة تطالب بحقها لأنها تستطيع أن تستثمر وتمتلك وتفتح محلات تجارية ومؤسسات ويكون لديها رصيد في البنك وحساب في عدة بنوك فالوقف أصبح حالياً مصدر نزاع بين أفراد الأسرة.
فقد تكون قيمة الوقف ارتفعت أضعافاً مضاعفة بسبب موقع الوقف وسعر العقار في السوق مما قد يثير شكوك الورثة في كيفية قيام الوكيل بتوزيع الريع والاستفادة منه. بينما نجد الوكيل يشكو من أن الوقف ليس له ذلك الدخل الذي يعتقده بقية الورثة. هذا التغير الاجتماعي في سلوك أفراد الأسرة من إخوان وأخوات أو صاحب تركه يعكسه رسم كاريكاتيري لفت نظري وهو منشور حوالي عام 1405ه يصور هذا الرسم أحد كبار السن على سرير المرض وحوله أبناؤه. ويقترح أحد الأبناء نقل المريض للعلاج في إيطاليا لأن العلاج هناك أحسن في الوقت الذي كان معلوماً لديهم أن الأطباء في إيطاليا دخلوا في إضراب مفتوح ورغم المبالغة في هذا الكاريكاتير المتمثلة في تمني وفاة الوالد أو صاحب التركة حتى يستمتع الورثة بالتركة، إلا أنه يعكس التغير الحاصل في المجتمع هذا التغير كما قلت لا يصل إلى درجة تمني الموت لمالك التركة لكنه يعكس تفكير الناس في التركة وصاحبها مازال على قيد الحياة.. وهذا الأمر ليس بخاف على القراء فالزوجات هن من أكثر الناس حرصاً على تأمين حقوق أبنائهن من تركة الزوج وهو ما يزال حياً... فالرجل إذا كانت له عدة زوجات وأبناء وبنات من هؤلاء الزوجات فإن الغالبية منهن لا يفتأن يفكرن فيما سوف تؤول إليه الحال بعد وفاة الزوج.
قد تكون أسباب التغير في العلاقات بين أفراد الأسرة كثيرة ومتعددة ومتنوعة لكني ركزت هنا على عامل النزاعات الأسرية ذات الخلفية المالية المرتبطة بالورثة والتركة لأن مثل هذا النوع من النزاعات هو من أكثر ما شهدته في المحكمة.. وأكثر ما لفت نظري في هذا الجانب هو الفرق بين السلوكيات والتصرفات بين الماضي والحاضر وهو ما أكد لي أن ثمة عوامل تغيير بدأت تفعل فعلها في المجتمع فكانت هذه الملاحظات التي سجلتها في الحلقات السابقة وبهذا أكون انتهيت من الحلقة الرابعة على أمل اللقاء في الحلقة الخامسة التي سوف نتحدث فيها عن مزيد من القضايا المالية بين أفراد الأسرة الواحدة.
|
|
|
|
|