| محليــات
كما نعلم أيها الأحبة اننا الآن على أبواب الإجازة الصيفية الطويلة، تلك الإجازة التي ينتظرها ملايين الطلاب والطالبات من اخواننا وأبنائنا، ليستريحوا من عناء السهر والمذاكرة والذهاب إلى المدارس والجامعات والمعاهد يومياً.. وهذه الإجازة لا ينبغي ان تكون عطلة عن العمل وفي نفس الوقت ليست فرصة للمعاصي والمنكرات، فما دمنا نأكل من رزق الله ونعيش على أرضه ونستظل تحت سمائه فلا ينبغي لنا ان نعصيه طرفة عين لا في سفرنا ولا في اقامتنا.
لا أدري من أين أبدأ؟! ولكن.. تلح عليَّ نفسي ان أبدأ من حيث كانت بداية الطريق إلى النهاية عن قصة أحببت ان أقصها عليك.. قصة واقعية وحقيقية وليست وهمية او تخيلية بل انها من أعجب وأغرب القصص التي مرت عليَّ، فالحياة كتاب كبير ومفتوح مليء بالتجارب والمآسي، ووراء كل باب قصة وفي داخل كل بيت عبرة وعظة.. وقبل أن أخوض في تفاصيل هذه القصة ارجو ان يعلم الجميع انني لست ممن يؤلف القصص، ولست ممن يحسنون الاستعارة والتشبيه، فلا تأمل ان تسمع مني قصة ادبية فيها الصور النادرة والفكرة المبتكرة والأسلوب البارع، فليس عندي من ذلك شيء وإنما هي واقعة أرويها كما وصلتني وإن فيها درسا نافعا لمن يرى ان الحياة مدرسة يستفيد من تجاربها وينتفع من دروسها وسوف اترك لكم المجال لتقرأوا هذه القصة وكل الذي فعلته هو اني قلبت اللهجة العامية إلى الفصحى وأخفيت بعض الكلمات التي ترمز لصاحبها من بعيد أو قريب.
«إنها قصة شاب كان في المرحلة المتوسطة، اجتازها بنجاح وتفوق فكافأه والده بالسفر للخارج بصحبة أحد أقاربه، وهناك اكتشف الشاب ادمان قريبه على شرب الخمر فقلده وعمل مثله وعاد إلى بلده يحمل لوالده جزاء الإحسان وهو الاساءة والعصيان، ولما بحث هذا الشاب عن الخمر في بلاده ولم يجده حاول ان ينساه فمازال صغيرا والمستقبل أمامه طويل، وبالفعل صمم وصدق عزمه وترك الخمر، وفي السنة التالية سافر مع عائلته إلى إحدى الدول الأوروبية فاستيقظت تلك الرغبة الكامنة في نفسه وتجدد لديه حب الخمر، فكان ينتهز فرصة غياب أهله للخروج أو وقت نومهم ليتناول الخمر خفية، فبدأ يشرب قطرات الموت ثم بدأ يعرف الحشيش والهيروين فظل يشم ويتناول حقن جهنم الحمراء ليسجل بذلك صفحة بل صفحات سوداء سيظل نادماً عليها طوال حياته.. وعادت الأسرة إلى بلادها وابنها الشاب قد أدمن وأدمن وأصبح من المستحيل تركه للخمر والمخدرات، فانقلبت حياته وساءت صحته وكثرت مشاكله مع أهله، وظل يبحث جاهدا عن الخمر والمخدرات وأصبح يتخلف عن عمله ويدخل مرحلة جديدة من العدوانية والعصبية بل والسرقة كل ذلك في سبيل بحثه عن تلك الآفات.. فحاول سرقة مجوهرات والدته التي استيقظت من نومها لترى مجرما ملثماً وصرخت حرامي.. حرامي فألقاها أرضاً.. ثم أسرع هاربا وفي يديه المجوهرات فتصدى له اخوه الأصغر دون ان يدري من هذا فطعن المجرم أخاه فقتله بسكين الشيطان الرجيم.. وأمسكت به الشرطة وأودع السجن والضحية هي الأم والأخ والبيت المسروق هو بيتهم جميعا، وكانت المفاجأة المرة والحقيقة المذهلة التي لم تحتمل الأم المسكينة صدمتها عندما اكتشفت ان الحرامي والقاتل هو ابنها المدلل وبعد ذلك نقل الشاب إلى المستشفى للعلاج من الادمان متذكرا انه قد قتل اخاه وحطم حياته وأمرض بل وأشقى والدته كل ذلك بسبب آفة الادمان واتباع مسالك الشيطان».
وبعد.. ماذا بعد؟! فمما لاشك فيه ان في قصتنا التي بين ايدينا دروسا مستفادة وعبرا لمن أراد أن يعتبر.. أهمها: ان نكون حذرين جدا من رفقاء السوء ومخالطة اهل الفساد حتى وان كانوا من الأرحام أو الأقارب، فرفقاء السوء هم حجر الزاوية في كل جريمة مخدرات وادمان.. كذلك مدى خطورة سفر الشاب بمفرده إلى الخارج وبالذات إلى بلاد الرذيلة والفجور إلا للضرورة ومصطحباً معه من يثق في دينه وتقواه.. ليكون عونا له على الثبات أمام فتن الشبهات والشهوات التي تموج موج البحار في تلك الديار كما ان المعاصي يجر بعضها بعضا.. فالتدخين يجر الخمر، والخمر تجر إلى شرب الحشيش، وشرب الحشيش يجر إلى تعاطي الهيروين، والهيروين يجر إلى السرقة وقتل النفس البريئة بغير حق، والأهم من هذا وذاك ان يتذكر الآباء جيدا عظم مسؤوليتهم تجاه أبنائهم وانهم أمانة سوف يسألهم الله تعالى عنها، وصدق الله العظيم إذ يقول: «فاقصص القصص لعلهم يتفكرون».
* طالب دراسات عليا بقسم العلوم الإدارية في أكاديمية نايف العربية للعلوم الأمنية
|
|
|
|
|