أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Friday 8th June,2001 العدد:10480الطبعةالاولـي الجمعة 16 ,ربيع الاول 1422

أفاق اسلامية

المفتي العام للمملكة لـ الجزيرة
علينا أن نقف وقفة فاحصة على استثمار الوسائل الحديثة في الدعوة
* «الجزيرة» - خاص:
وصف سماحة الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله آل الشيخ المفتي العام للمملكة ورئيس هيئة كبار العلماء وإدارة البحوث العلمية والافتاء المعرض الأول ل «وسائل الدعوة إلى الله» الذي تنظمه وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد تحت عنوان «كن داعياً» في مدينة الدمام خلال شهر ربيع الأول الجاري تحت رعاية صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن فهد بن عبدالعزيز أمير المنطقة الشرقية بأنه عمل جيد ومبارك.وقال سماحة الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله آل الشيخ في لقاء أجرته «الجزيرة»: إن العمل في مجال الدعوة ودعمه وتأييده ونشره عمل صالح والإعانة عليه من أجل القربات إلى الله سبحانه وتعالى.وتناول سماحته في لقائه وسائل الدعوة إلى الله، والطرق التي يسلكها الداعية في الدعوة إلى الله، والنتائج الإيجابية التي تتحقق من تنظيم واقامة مثل هذه المعارض، ورسالة المسجد في الإسلام، ودوره في نشر الدعوة، وتوعية أبناء المسلمين، والصحوة الإسلامية، وفيما يلي نص اللقاء:
يرعى صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن فهد بن عبدالعزيز آل سعود أمير المنطقة الشرقية المعرض الأول ل «وسائل الدعوة إلى الله» الذي تنظمه وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد تحت عنوان«كن داعياً» في مدينة الدمام بمقر معارض الظهران الدولية خلال الفترة من 17 - 23/3/1422ه كيف تثمنون سماحتكم جهود سموه في مجال الاهتمام بالدعوة الإسلامية ونشرها؟
- العمل في مجال الدعوة ودعمه وتأييده ونشره عمل صالح والإعانة عليه من أجل القربات والله تعالى يقول: «وما تفعلوا من خير يعلمه الله وتزودوا فإن خير الزاد التقوى واتقون يا أولى الألباب»، وليس بمستغرب على صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن فهد بن عبدالعزيز -حفظه الله- أن تكون له أياد بيضاء في مجال الدعوة إلى الله ونشر دين الله في أقطار الأرض، فإن هذا هو ديدن أسرته أدام الله عزهم، وأظهر بهم دينه وأعلى بهم كلمته وجزاهم عنا وعن المسلمين خير الجزاء.
* يهدف هذا المعرض إلى تعريف الناس بمختلف وسائل الدعوة إلى الله والتشجيع على الاستفادة منها، ما هو تقويمكم لمثل هذه المعارض في خدمة الدعوة إلى الله؟
- تعريف الناس بوسائل الدعوة المتاحة وتشجيعهم على الاستفادة منها واستثمارها فيما يعود عليهم بالنفع هذا أمر جيد وجهد مبارك.
ماهي في نظركم الوسائل الأكثر مناسبة لتشجيع الدعاة والجهات القائمة بالدعوة والمهتمة بها على الاستفادة من مختلف وسائل الدعوة المتاحة، وما هو تعليق سماحتكم على جهود الوزارة في الاستفادة من وسائل الدعوة والإرشاد المتاحة إلى ذلك؟
- معرفة الطرق المناسبة لتشجيع الدعاة والجهات القائمة بالدعوة على الاستفادة من وسائل الدعوة هذا أمر راجع للوزارة فهي التي تستطيع تحديد ذلك لكثرة احتكاكها بالدعاةومعرفة المسؤولين بها باحتياجاتهم، وعلمياتهم، ونحو ذلك من الأمور التي يمكن من خلالها تحديد الطرق المناسبة لتشجيعهم على استثمار الوسائل الدعوية المختلفة، ونحن الآن لا شك نعيش في وقت تطورت فيه وسائل الاتصال وكذلك المواصلات فأصبح الوصول إلى المتلقي أو المستفيد أو من تريد الدعوة له أمراً ميسوراً بطرق مختلفة مناسبة لكثير من طبقات المجتمع على اختلاف اللغات والبلدان، إذن الواجب علينا أن نقف وقفة فاحصة متأملة ونعمل على استثمار هذه الوسائل الحديثة الاستثمار الحكيم في الدعوة إلى الله، ولا شك أن وزارة الشؤون الإسلامية قد خطت خطوات جيدة في هذا المجال، نسأل الله لهم المزيد من التوفيق والسداد.
قال الله تعالى : «قل هذه سبيلي أدع إلى الله على بصيرة أنا ومن اتبعني وسبحان الله وما أنا من المشركين»، وقال تعالى: «ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن إن ربك هو أعلم بمن ضل عن سبيله وهو أعلم بالمهتدين«، نود من سماحتكم التحدث عن الدعوة إلى الله في ضوء هاتين الآيتين الكريمتين وحاجة الأمة للدعوة وآثارها؟
- الدعوة إلى الله سبحانه وتعالى هي وظيفة الرسل عليهم السلام، فالله سبحانه وتعالى ما أرسل الرسل إلا ليدعوا أقوامهم إلى توحيد الله سبحانه وإقامة شرعه، وكان آخرهم وخاتمهم وأفضلهم محمد بن عبدالله - صلى الله عليه وسلم-، وقد أمره الله أن يظهر هذا للناس ويبين لهم منهاجه الذي يسير عليه ويتوجب على المتبعين له أن يسيروا عليه فقال سبحانه: «قل هذه سبيلي أدعو إلى الله على بصيرة أنا ومن اتبعني وسبحان الله وما أنا من المشركين»، فسبيل الرسول - صلى الله عليه وسلم- وطريقه ومنهاجه هي التي أمر بالاخبار بها، وهي الدعوة إلى الله على بصيرة، وهي العلم النافع الذي ينير طريق سالكه، ولا يكون ذلك إلا بالعلم الشرعي المبني على الأدلة الشرعية والحسية والعقلية والحسية ودليل الفطرة أيضاً.
وفي الآية الأخرى بين الله سبحانه لرسوله- صلى الله عليه وسلم-، وخطاب الرسول - صلى الله عليه وسلم- خطاب للأمة فيما لم تثبت خصوصيته به، يبين له كيفيةسلوك هذا الطريق، والوسائل والأساليب التي ينبغي للداعية أن يسلكها فيقول سبحانه: «أدع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن إن ربك هو أعلم بمن ضل عن سبيله وهو أعلم بالمهتدين».1فالدعوة إلى الله إذن تكون بالحكمة، وتكون بالموعظة الحسنة، وتكون بالجدال بالتي هي أحسن، يقول ابن القيم - رحمه الله- : ذكر سبحانه مراتب الدعوة وجعلها ثلاثة أقسام بحسب حال المدعو: فإنه إما أن يكون طالباً للحق محباً له، مؤثراً له على غيره إذا عرفه فهذا يدعى بالحكمة، ولا يحتاج إلى موعظة وجدال، وإما أن يكون مشتغلاً بضد الحق، لكن لو عرفه آثره واتبعه، فهذا يحتاج إلى الموعظة بالترغيب والترهيب، وإما أن يكون معانداً معارضاً فهذا يجادل بالتي هي أحسن، فإن رجع وإلا انتقل معه إلى الجلاد إن أمكن.
وأكثر من يتوجه لهم الجدال هم أهل العلم ممن يدرك معاني الأدلة وطرق الاستدلال فهؤلاء يجادلون بالتي هي أحسن يقول الله تعالى: «أدع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن إن ربك هو أعلم بمن ضل عن سبيله وهو أعلم بالمهتدين»، في ختمها بهذا نكته «فائدة» عظيمة، وهي أن الله سبحانه يبين لرسوله- صلى الله عليه وسلم- ولأتباعه من بعده الطريقة الشرعية للدعوة، وأن الواجب عليهم سلوكها ودعوة الناس من خلالها، وكون الناس يقبلون أو يرفضون ويعاندون هذا لا يؤثر في الدعوة، وليس دليلاً على ضعفها أو قصور الطريقة الشرعية كلا، إنما ذلك قدر سبق في علم الله وقوعه وقد كتب سبحانه الشقاء على من أراد، والسعادة والهداية على من أراد، وإنما علينا دعوة العباد بالطريقة التي أوضحها ربنا سبحانه وهو الحكيم العليم، فإن اهتدوا فهذا هو المطلوب وإن ضلوا مع بذل الوسع في سبيل دعوتهم بالطرق الشرعية فذلك أمر الله وهو نافذ لا راد لقضائه، ولا معقب لحكمه، والله تعالى يقول لأشرف الخلق وأفضلهم محمد - صلى الله عليه وسلم- «إنك لا تهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشاء»و ويقول سبحانه «فإن الله يضل من يشاء ويهدي من يشاء فلا تذهب نفسك عليهم حسرات إن الله عليم بما يصنعون».
فعلى الدعاة إلى الله أن يدركوا هذا المعنى لأن بإدراكه انتظام عملهم وحسن اتباعهم وا قتدائهم، وأبعد لهم عن الابتداع في الدعوة إلى الله وسلوك الطرق التي يظن الظان أنها هي السبب في هداية العباد، وإنما هي تزيد في بعدهم عن ربهم وسنة نبيهم - صلى الله عليه وسلم- ، وها نحن نرى ذلك واضحاً عند أرباب الطرق، وكيف أن الشيطان استزلهم فأغواهم بل بلغ ببعضهم الغلو مبلغاً خطيراً أوقعهم في أنواع البدع والشركيات التي هي أبعد ما تكون عن دعوة الرسل بل إنما أرسل الرسل لإخراج الناس من تلك الظلمات، نسأل الله التوفيق والسداد للجميع.
ما الطرق التي يجب أن يسلكها الدعاة في مواجهة الأساليب الماكرة والمخادعة لإعاقة المد الإسلامي؟
الدعاة إلى الله ومن واقع تجاربهم يعلمون حال الناس وطباعهم ومدى تأثير وسائل الدعوة فيهم، فهناك من يتأثر بالخطبة فيصلح لحاله ويستقيم، وهناك من يكون صلاحه في الموعظة، ومنهم من يكون صلاحه بتكرار المحاضرات والندوات والكلمات، وهناك صنف إنما يكون صلاح حالهم بالمقارعة بالحجج، فالناس درجات ومراتب، ومفهومهم وإدراكهم والتأثيرات التي تحيط بهم تختلف من حال إلى حال، ومن مكان إلى مكا ن، ومن وقت إلى وقت، وتحديد طريقة معينة، أو طرق محددة لا أظنه يجدي، والأولى أن نختار من الدعاة من هم أهل العلم والحكمة والدراية، ووزن الأمور ووضعها في نصابها، وعقد الدورات والندوات التي تفيد الدعاة في هذا الجانب المهم واستفادة صغار الدعاة من كبارهم، وذوي الخبرة والدراية فيهم، مع التزام الجميع بالإخلاص لله في كل ما يأتون ويذرون وخصوصاً في الأمور المتعلقة بالدعوة إلى الله، وأن يحرصوا أن تكون وسائلهم وطرقهم فيما لا يخالف شرع الله، وأن يعلموا علم اليقين أن الواجب عليهم إنما هو البلاغ والبيان بالطريقة الشرعية المناسبة حسب القدرة والاستطاعة، أما هداية الخلق فهذا أمره إلى الله وقلوب العباد بين إصبعين من أصابعه يقلبها كيف يشاء، نسأل الله أن يثبت قلوبنا وقلوبكم وسائر إخواننا على طاعته، وأن يتولانا بواسع رحمته.
«الصحوة الإسلامية» أحد مظاهر العودة إلى نهج السلف الصالح.. ما دور الدعاة في حماية هذه الصحوة من الانحراف ومحاولات التشويه التي تتعرض لها من الإعلام المعادي للإسلام؟
- نعلم جميعاً أن الإسلام هو الدين الحق الموافق لصريح العقل وسليم الفطرة، وأنه النور الذي به تحيا القلوب وتنشرح الصدور، يقول الله سبحانه وتعالى: «الله ولي الذين آمنوا يخرجهم من الظلمات إلى النور والذين كفروا أولياؤهم الطاغوت يخرجونهم من النور إلى الظلمات أولئك أصحاب النار هم فيها خالدون».
ثم إن الله سبحانه قد قدر بحكمته خلق إبليس وجنده وجعلهم سببا في إغواء من أراد الله إضلاله من بني آدم فانحرفوا بهم عن الصراط المستقيم يقول الله كما في الحديث القدسي:«خلقت عبادي حنفاء فاجتالتهم الشياطين»، وقد بين الله للعباد طريقي النجاة والهلاك «وهديناه النجدين» أي الطريقين، وجعل الرسل وأتباعهم من العلماء العاملين الدعاة إلى سبيله هم هداة طريق الحق والهدى، وجعل الشياطين وأتباعهم هم دعاة طريق الضلال.
ومن هنا يتبين أنه لابد من وجود الخير والشر، الحق والهدى، والباطل والضلال، وهما في صراع دائم فتنة من الله لعباده «ليميز الخبيث من الطيب» يقول الله سبحانه «ألم أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم لا يفتنون».
فالفتنة والابتلاء لابد منها، لكن الدين نفسه ظاهر بوعد الله الذي لا يخلف الميعاد قال تعالى: «هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون»، وظهور هذا الدين قد يكون بالسيف والسنان، وقد يكون بالحجة والبيان، وقد يجتمعان، ومن نعمة الله على عباده أنه لم يخل زمن من الأزمان من قائم لله بحاجة، وداع إلى الله على بصيرة، لتقوم حجة الله على عباده فمن اهتدى فبفضل الله ومن ضل فإنما يضل على نفسه.وهذه الرجعة من كثير من المسلمين إلى دينهم وتمسكهم به واعتزازهم وحرصهم على نشره، هذا أمر يبشر بالخير، وواجب الدعاة أن يوجهوا الشبيبة خصوصاً إلى ما به ثبات هذه الدعوة وانتشارها على أسس راسخة، ولن يكون هذا إلا بعد توفيق الله سبحانه، ثم العمل بجد وإخلاص على نشر العلم الشرعي وتأصيله في نفوس الشباب المسلم لأن شاب اليوم هو رجل المستقبل فإن كان عنده علم شرعي مؤصل على الكتاب والسنة وفهم السلف الصالح كان كالطود الشامخ يؤثر في المجتمع بالإصلاح، ولا يتأثر في الغالب بما فيه من تيارات الفساد، بل يكون كاشفاً لها مبيناً زيفها ناصحاً لأمته فيحفظ الله به دينه ويعلي به كلمته ويجمع به شتات الأمة ويجعله إماماً يقتدى به «وجعلنا منهم أئمة يهدون بأمرنا لما صبروا وكانوا بآياتنا يوقنون».
هذا هو الطريق الصحيح الذي يجب أن نسلكه، ومتى تحققنا من سلوكه فإننا بتوفيق من الله سنسعد في الدارين ولن يضيرنا ما يخططه الأعداء لنا إذ هذا كله من مكرهم والله تعالى يقول: ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين، رزق الله الجميع العلم النافع والعمل الصالح.
ما السبيل لإعادة المساجد إلى تأدية رسالتها الأولى في نشر الدعوة وتوعية أبناء المسلمين بما يدور حولها من محاولات للإيقاع بهم وإبعادهم عن المنهاج القويم؟
- طريق عز الأمة عموماً هو أن يقوم كل منا بدوره المطلوب منه شرعاً بإخلاص لله ومتابعة لشرعه، فخطيب الجمعة، وغيرها يقوم بدوره في انتقاء الموضوعات وكيفية طرقها، وهكذا أيضاً إمام الحي مسؤول عن حيه وما يحصل فيه من تقصير أهل الحي في واجباتهم الشرعية فينبه هذا وينصح ذاك وهكذا، والمؤذن أيضاً له دوره المهم في حيه، والأب مع أبنائه والأم في بيتها وتربيتها لأبنائها وهكذا أيضاً تتدرج المسؤولية من أصغر الأفراد إلى الإمام الأعظم، فلو قام كل بمسؤوليته على الوجه المطلوب لوجدنا المجتمع الإسلامي مجتمعاً متكاملاً، المسجد له دوره والمنزل له دوره وأماكن التعليم، وغير ذلك من الأماكن.

أعلـىالصفحةرجوع

















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved