أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Friday 8th June,2001 العدد:10480الطبعةالاولـي الجمعة 16 ,ربيع الاول 1422

الثقافية

الدكتور الأنصاري أكمل تأريخه للفكر العربي بإصدار )مساءلة الهزيمة(
> البحرين جمال الياقوت:
بصدور كتاب )مساءلة الهزيمة( للدكتور محمد جابر الأنصاري في الذكرى الرابعة والثلاثين لهزيمة يونيو 1967م يكون المفكر البحريني قد أكمل ثلاثية تأريخه للفكر العربي الحديث بإضافة هذا الكتاب إلى المرجعين اللذين أصدر الأول منهما قبل عشرين عاما وهو )تحولات الفكر والسياسة في الشرق العربي( الذي أصبح من المصادر المقررة في عدد من الجامعات العربية، ثم المرجع الموسوعي الثاني وهو )الفكر العربي وصراع الأضداد( الذي صدر عام 1996 وعرض بإسهاب لتحليل ونقد النزعة التوفيقية في مختلف روافد الفكر العربي الديني والسياسي باعتبارها )ايدولوجيا اللاحسم في الحياة العربية المعاصرة...(
في كتابه الجديد )مساءلة الهزيمة( يتناول محمد جابر الانصاري بتركيز وايجاز مخاض العقل العربي بين هزيمة يونيو )1967( ومفتتح القرن الجديد )2001( معتبراً أن هذا العقل يتصدى لمقاومة الحصار على جبهتين ومناخين: مناخ الحقبة الاسرائيلية وتحديات «التطبيع» المزعوم، ومناخ استشراء النزعات الماضوية والعصبوية في الداخل المرتبطة بترسبات التخلف العربي الذي حان الوقت لمواجهته وتسميته باسمه باعتبار أنه «لن يكون تقدم إلا بوعي التخلف» مذكراً أن هذا الحصار المزدوج ليس جديدا، فقد واجهت الأمة الاكتساح المغولي والصليبي من الخارج في وقت سيطر عليها مماليك الانحطاط والاستبداد وأعداء العقل وحرية الفكر في الداخل باسم مقاومة الغزاة محذراً أن هذا «الخيار البائس» لا يمثل خلاصا حقيقيا، فلن ينقذنا الاستسلام للدكتاتورية الداخلية من براثن العدو الخارجي. لأنهما وان اختلفا وتنازعا شكلاً فإنهما يمثلان جبهة واحدة ضد مشروع التقدم والنهوض المتحرر في صفوف الأمة.
وفي )مساءلة الهزيمة( رصد الباحث ان الفكر العربي لم يخل من أصوات تحذير من الهزيمة قبل وقوعها، متناولاً اشكالية الظاهرة الناصرية والتواطؤ الدولي ضد عبدالناصر، محللاً: «حيرة جيل بين قائد أحبه وهزيمة أنكرها».
ويرى أنه بعد الهزيمة واجتياز فترة التردد للاعتراف بها، بدأت ثقافة المراجعة في وجه التراجع وهي المراجعة المستمرة الى اليوم من منطلق المقولة التي اطلقها ياسين الحافظ في كتابه )الهزيمة والايدولوجيا المهزومة( حين قال: «المعني العميق لحرب الأيام الستة يتجاوز بكثير معنى الهزيمة العسكرية...»
وإذا كانت حرب أكتوبر 1973م ومضة من تلك الومضات الحية التي تصدر عن الروح العربية ثم تنطفئ سريعا في ظاهرة غريبة تستدعي التأمل والتفسير لعدم استمرارها، فإن قاصمة الظهر كانت الحرب العربية الأهلية في جبهة النفط العربي. إن أخطر ما حدث في حرب احتلال العراق للكويت هو ان النفط العربي قاتل النفط العربي ودمره لإلغاء تأثير الجانبين العربيين وإنهاء احتمالات دورهما المشترك، حيث لا يفل النفط إلا النفط.. فبعد ان يهدأ غبار الصراعات فإن التاريخ سيتوقف مطولاً عند هذا المغزى )الحرب الأهلية في معسكر النفط العربي( التي يبدو من استمرار القطيعة بين العراق والخليج أنها لم تنته بعد ولا يراد لها أن تنتهي، منبهاً الى ان نقد النفط قد انقلب هجاء للخليج مستنطقاً المسكوت عنه في هذه الهجائيات العربية المعاصرة بين قبائل الماء وقبائل النفط.
يخلص كتاب )مساءلة الهزيمة( الذي تنشره المؤسسة العربية للدراسات والنشر، إلى ان المعركة الآن في المنطقة العربية والشرق الأوسط، هي معركة ثقافية، انها حرب الثقافة بعد صمت المدافع، فالثقافة العربية، بروحها وقيمها الاسلامية، هي خط الدفاع الأخير عن وجود الأمة، منبهاً الى ان الصحوة ينبغي ان تكون صحوة عقل بالدرجة الأولى.. عقل محلل، ناقد، مستقل متسلح بالوعي العلمي والحضاري، وأن أية أيدولوجيا لا تستند إلى عقل كهذا، لايمكنها ان تكسب المعركة على المدى الطويل.
إلا ان موقفه هذا لم يمنعه كباحث من افساح المجال في دراسته لمختلف الاتجاهات لتعبر عن ذاتها بأصواتها وفي نصوصها الأصلية، محاولاً رد الاعتبار لجهود تأسيسية في نقد العقل العربي غطت عليها الدعاية الفكرية الايدولوجية التي أحاطت بمؤلفات محمد عابد الجابري الذي سبقه في هذا الموضوع عدة رواد عرب أولهم الباحث النهضوي أحمد أمين صاحب المؤلفات المرجعية في دراسة العقل العربي والتي ظهرت منذ 1928 بعنوان )فجر الإسلام وضحاه وظهره(، وهي التي تمثل المنطلق التأسيسي لنقد العقل العربي الذي لا ينبغي ان يقف اليوم على أي حال عند مشروع الجابري الذي تخطاه البحث العلمي بإسهامات جديدة لابد من أخذها في الاعتبار إذا أخذنا بسُنة التصحيح والتجاوز في الثقافات الحية.

أعلـىالصفحةرجوع

















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved