| مقـالات
تولي حكومتنا الرشيدة الدعوة الى الله جلَّ عنايتها، وتبذل لها أكرم اموالها، ويتفرغ من أجلها كبار رجالاتها، وهذا امر ليس بمستغرب على دولة قامت من أجل عز هذا الدين وقويت بتحكيم شريعة رب العالمين في هذه الجزيرة. ولبلادنا = والحمد لله = اليد الطولي في دعم وانشاء الجمعيات والهيئات الاسلامية في انحاء العالم.
وما )المجلس الاعلى للشؤون الاسلامية( الذي يرئسه صاحب السمو الملكي الامير سلطان بن عبدالعزيز الا دليل واضح على عناية دولتنا بالاسلام واهله.. واننا لنشكر المولى القدير ان سهّل ويسّر امر اقامة المراكز الاسلامية في عواصم بلاد الكفر بل بلاد الإلحاد والوثنية. هذا لاشك نتيجة سياسة اسلامية راشدة من لدن قادة هذه البلاد، والا لما استطعنا بناء مساجدنا ومراكزنا في حواضر النصرانية والشيوعية والبوذية.
يحدثني أحد الاخوة العرب عن حادثة حصلت في احدى الولايات الامريكية وفي مدينة بها عدد لا بأس به من المسلمين يقول: انه عندما قدم الى هذه المدينة وجدهم بلا مقر يؤدون فيه شعائرهم من صلاة ومحاضرات ولقاءات وذلك نتيجة عدم قدرتهم على شراء مقر لذلك فما كان من هذا الاخ الا ان بدأ في البحث عن موقع مناسب وكان ان وجد كنيسة فتفاوض على شرائها ومن ثم ابرق الى الامير سلطان بن عبدالعزيز طالبا منه العون والمساعدة لشراء المقر المقترح، فكان التجاوب الكريم خلال ايام قليلة بكامل القيمة فتم الشراء وتم تحويل الكنيسة الى مسجد وملتقى اسلامي لأبناء المسلمين في تلك المدينة.
هذا موقف واحد أوردته كمثال على اهتمام هذه البلاد بالاسلام والمسلمين حيث وأينما كانوا.
ان اهتمام دولتنا بالمسلمين وقضاياهم لا يمكن ان يخفى على ذي بصيرة، منصف صادق، ولا يمكن ان يتجاهله الا حاقد او حاسد، ومما يُحمد لهذه البلاد بذلها دون منٍّ ولا تسلط فها هي المراكز الاسلامية في انحاء متفرقة من العالم تولى اقامتها ومن ثم الانفاق على العاملين فيها المملكة العربية السعودية ومع كل هذا فكثير من الجاليات الاسلامية لا تعرف عن ذلك شيئا..! لا تعرف ان هذا المركز او تلك المدرسة قائمة على حساب هذه البلاد وان هؤلاء الاساتذة يتقاضون اجورهم من لدن هذه الدولة المباركة!!
نعم هذا بالفعل ما هو حاصل في انحاء من هذه الارض.. نحن ننفق والآخرون يجنون الولاء والمحبة..!!
هل نحن في غنى عن ولاء هؤلاء الاخوة المسلمين؟ هل نحن في غنى عن محبة هؤلاء الاخوة أقليات كانوا او مهاجرين..؟ هل.. وهل.. وهل..؟ اسئلة كثيرة تصب في ضياع جهود تبذل وأموال تنفق.. والآخرون يجنون الثمار وهم لم يبذروا ولم يغرسوا ولم يسقوا..
واقعٌ اطلعت عليه في رحلة لي منذ سنوات الى جنوب شرق آسيا حيث سعدت بزيارة بعض تلك المراكز وكانت المفاجأة ان هؤلاء المستفيدين من طلاب ومرتادين يعتقدون ان رعاة هذا المركز او ذاك هي تلك الدولة التي نحن الذين استقدمنا منها الاساتذة العاملين في تلك المراكز..!!
وفي انحاء اخرى من العالم حدثني اخوة اكتشفوا مثل ذلك التصور الخاطىء..
نحن في حقيقة الامر لا ندعو الى ان نرائي بأعمالنا الصالحة فالهدف معلوم مسبقا. ولكن في نفس الوقت يجب ألاّ نغفل اهمية هذه التجمعات الاسلامية المؤثرة ولا نتجاهل حاجتنا في )بعض( الاوقات الى مثل هذه الاصوات.
ان المثالية المفرطة في التعامل مع مثل تلك القضايا تسبب ضررا فادحا في يوم من الايام لا نحسب حسابه الآن الا اذا كان لدينا نظرة «استراتيجية» للامور.
إنني ارى ان سبب الخلل هو الاستعانة باساتذة غير سعوديين في تلك المراكز. بل ان بعضها لا تجد فيه استاذا واحدا!! خلل لا شك كبير يجب الالتفات اليه بجدية وحزم، وإنني وغيري لنتساءل الا يوجد من ابناء هذا البلد من يكفي حتى نستعين بالآخرين..؟
الذي اعرفه ان طلب العمل في الخارج من قبل الاساتذة السعوديين يمكث لدى ادارات الجامعات والوزارات المختصة سنوات حتى تتاح لهذا او لذاك الفرصة!! وإنني اعرف العشرات من هؤلاء الاساتذة سواء في التعليم العام او الجامعات امنيتهم هي الالتحاق بتلك المراكز والمعاهد الخارجية.
ان المسألة مسألة وطنية بالدرجة الاولى، مسألة جهود تبذل واموال تنفق، ومردود يضيع!! انني اعتقد ان اهمية وجود الاساتذة السعوديين في تلك المدارس والمراكز في غاية الاهمية بل يجب ان ينظر في هذا الامر من قبل لجنة عليا تتكون من نخبة من علماء هذا الوطن.
إن اسم السعودية على اي مركز اسلامي او تعليمي له من الاهمية الشيء الكثير خاصة في دول جنوب شرق آسيا ودول افريقيا «خاصة» السوداء.. في عام 1996م كنت في زيارة الى نيجيريا وقد التقيت ببعض الاخوة هناك سواء في لاجوس او العاصمة الحديثة أبوجا او إبادن وعلى الرغم من وجود عدد من الاخوة من المسلمين يمثلون عددا من الدول العربية والاسلامية، الا انني كنت الوحيد الذي كان الاخوة النيجيريون يولونه اهتماما خاصا، وهذا بالطبع ليس لشخصي وإنما لانني انتمي الى بلد له في نفوسهم مكانة خاصة، بل ان اسئلتهم عن هذا الوطن وأهله وقادته كانت تنهمر عليَّ من كل الاخوة هناك علماء وعامة رجالا ونساء صغارا وكبارا. عندها شعرت بأهمية وجودنا في مثل تلك المجتمعات الاسلامية النائية عنا ارضاً القريبة منا قلوبا.
اعود لأقول )حتى لا تضيع الجهود( يجب النظر في نظام معاهدنا ومراكزنا الاسلامية في الخارج ليس فقط من اجل جانب الجهود التي ربما تضيع ولكن خشية ألاّ يكون من نوليهم أمر تلك المراكز وهؤلاء الطلاب والمستفيدين ليسوا على المستوى المطلوب خاصة في الجوانب الشرعية والعقدية تحديدا.. دعوة ارجو ان تجد صدى لدى من يعنيهم الامر.
والله المستعان.
|
|
|
|
|