| العالم اليوم
* طهران - عبدالله قاسم الموفد الخاص لوكالة فرانس برس :
^^^^^^^^^^
على المدخل الرئيسي لجامعة طهران صورة كبيرة للامام الخميني بجانبها صورة اخرى اصغر حجما للرئيس خاتمي في ملصق انتخابي «دكتور خاتمي .. الاصلاحات مستمرة». والصورة نفسها تطل على الايرانيين في جنوب طهران لكن كلماتها تشير الى «السيد خاتمي» فالحملة تقضي ان يكون لكل مقام مقال كما علق مبتسما احد اركان حملة خاتمي.
^^^^^^^^^^
قرب المصلى الذي يطل منه مرشد الجمهورية خطيبا يوم الجمعة ملصقات كثيرة لخاتمي بينها ملصق واحد للمرشح المحافظ غفوري فرد فيما غاب المرشحون الآخرون.
وعلى مدخل كلية الاداب ملصق قديم يدعو الى مهرجان جماهيري لمناسبة الذكرى الاولى لانتصار المقاومة الاسلامية على الصهاينة في جنوب لبنان.وتعكس الملصقات الى حد كبير واقع التوجهات في الجامعة حيث كان من الصعب التقاء طلاب يقفون مع التيار المحافظ خارج ميليشيات المتطوعين الاسلاميين الباسيدج.
والامر نفسه ينطبق على الجامعة الاسلامية الحرة في طهران التي يتولى رئاستها المرشح المحافظ عبدالله جاسبي.
فاتنة -22 عاما- الطالبة في قسم اللغات بكلية الآداب في جامعة طهران الرسمية قالت بكل ثقة «90 الى 95 في المئة من الطلاب والطالبات هنا سيقترعون لخاتمي. لقد اختبر الطلاب المحافظين في يوليو 99» )الاحداث التي قتل فيها ثلاثة طلاب عندما اقتحمت الشرطة عنابر الطلاب المحتجين على منع صدور صحيفة «سلام» الاصلاحية( فيما قالت زميلة لها في الكلية نفسها ازاده -22 عاما- «الطلاب الباسيدج فقط سيصوتون لغير خاتمي».
والطالبتان كانتا اختارتا في اول تجربة انتخابية لهما عام 1997 خاتمي ايضا ولم تجدا بديلا في تجربتهما الثانية لان الرئيس الاصلاحي «وفر لنا بعض ما كنا نفتقر اليه من حريات في التعبير وحريات اجتماعية .. صحيح انه لم يف بكل الوعود التي قطعها وان هناك صحافيين سجنوا ومطبوعات اغلقت لكننا لا نلومه .. كيف يعمل اذا كانت يداه مكبلتين" كما تضيف فاتنة.
وتوقعت زهراء - 22 عاما- ان يحرز خاتمي اكثر من ستين في المئة من الاصوات على صعيد البلاد كلها وعزت هذا التراجع من 70 في المئة عام 1997 الى 60 في المئة الى «خيبة الامل» التي قالت انها تلاحظ بصور خاصة عند الموظفين وعند من تجاوزوا الاربعين. اما الشباب «فانا على يقين انهم جميعا مع خاتمي». وعن القلق وفرص العمل عندما يتخرجن قالت فاتنة «طبعا نشعر بالقلق ونفضل لو اتيحت لنا فرصة في الخارج .. لكن الحرية اهم لنا من الخبز في هذه المرحلة».
الامر نفسه تقريبا في الجامعة الاسلامية الحرة في شمال طهران على الرغم من ان رئيس الجامعة هو المرشح المحافظ عبدالله جاسبي )57 عاما( الذي يعتبر الاوفر حظا لاحتلال المركز الثاني. والفارق الوحيد بين الجامعتين ان الجامعة الاسلامية الحرة لم تسمح بمقابلة الطلاب او الطالبات داخل حرم الجامعة وكان علينا ان نلتقيهم في حديقة عامة قريبة من الجامعة.
طالبة واحدة من تسعة طلاب وطالبات. حميدة )25 عاما( قالت انها لن تقترع يوم الجمعة المقبل لانها اصيبت بخيبة امل ابان الولاية الاولى لخاتمي. لكنها اضافت «اذا قررت ان اقترع فليس لدي اي بديل ويجب ان يذهب صوتي الى خاتمي».
زارغول )21 عاما( من قسم اللغة الفرنسية قالت وهي تضحك «الاسبوع الماضي سأل أحد الاساتذة في الصف من سيصوت لجاسبي رئيس الجامعة فلم ترتفع يد واحدة بين الطلاب الاربعين في الصف».
في الجانب الاخر من الحديقة العامة قرب الجامعة الاسلامية خمسة طلاب لم يخرجوا عما قالته الطالبات. محمد رضا -24 عاما- قال «لا يمكن لخاتمي ان يغير ما لم نساعده .. اصواتنا ستكون للضغط لكي تمر التعديلات اللازمة على صعيد الدستور وحتى تكون للرئيس صلاحيات تمكنه من التغيير».
إذن كل الانظار تتجه الجمعة إلى طهران لمتابعة انتخابات الاستحقاق الرئاسي الثامن في ظل الثورة الاسلامية التي انهت عام 1979 خمسة وعشرين قرنا من حكم اباطرة الفرس حيث ينتخب الايرانيون يوم الجمعة سادس رئيس لهم.
لكن الرؤساء الخمسة الذين تعاقبوا على رأس الجمهورية الاسلامية خلال عقدين لم يحظوا جميعا بالنهاية نفسها فبعضهم نفي وبعضهم قتل وبعضهم كاد يفقد ماء وجهه في الانتخابات التشريعية السابقة بعد ان كان وصل باصوات 95 في المئة من الناخبين واخرهم جعل العالم يحبس انفاسه ولا يزال وكان مفاجأة جاءت خارج كل القواميس.
الرئيسان الاول والثاني لم يكونا معممين .. الاول فر تحت جنح الظلام من طهران ويعيش الآن منفيا في باريس والثاني قتل بعد اسابيع من انتخابه .. فيما الثلاثة الباقون كانوا من رجال الدين ومن رفاق الامام الخميني.
الاول ابو الحسن بني صدر انتخب عام 1980 ويعيش الآن منفيا في باريس والتي انطلقت منها شرارات الثورة الاولى.
الرئيس الثاني محمد علي رجائي الذي كان رئيسا للوزراء في عهد بني صدر قتل بعد اسابيع من انتخابه في اغسطس 1980.
اما الرئيس الثالث فهو علي خامنئي مرشد الجمهورية والمصدر الاول للسلطات فيها مدى الحياة .. والرابع علي اكبر هاشمي رفسنجاني الذي امضى كخامنئي فترتي رئاسة من اربع سنوات لكل منهما. والخامس محمد خاتمي الذي يستعد الآن لولاية ثانية.
ابو الحسن بني صدر المثقف الذي كان اقرب المقربين الى الخميني انتخب في 25 ديسمبر 1980 باكثرية 70 في المئة من الاصوات. لكنه لم يستطع ان يحكم في اجواء الحرب التي اندلعت مع العراق وفي مواجهة رجال الدين الذين لم يغفروا له انه ثوري ليبرالي وغير معمم فعزله الخميني في21 يونيو 1980 وفر سرا الى فرنسا حيث بدأ مسيرة طويلة من المعارضة المدنية للنظام . وكان بين ابرز اسباب عزله خلافه الكبير مع رئيس وزرائه محمد علي رجائي الذي انتخب لخلافته. ونال رجائي الذي اصبح رئيسا للبلاد في 24 يونيو 1981نسبة 85 % من الاصوات. لكنه لم يبق في منصبه سوى بضعة اسابيع وقتل في حادث تفجير في طهران في30 اغسطس 1981.
في الخامس من اكتوبر انتخب مقرب آخر من الامام الخميني هو آية الله علي خامنئي ونال وفق النتائج الرسمية 99 في المئة من الاصوات ثم اعيد انتخابه لولاية ثانية في اغسطس 1985 باكثرية 85 في المئة من الاصوات. وقد طغت الحرب العراقية الايرانية على فترتي رئاسته كما شهدت ولايته توترا كبيرا مع الغرب بسبب الفتوى التي اصدرها الامام الخميني باهدار دم الكاتب البريطاني الهندي الاصل سلمان رشدي المرتد والذي أساء للاسلام في أحد كتبه .
بعد وفاة الخميني في الرابع من حزيران 1989 عين خامنئي مرشدا للجمهورية خلفا للامام الراحل الذي كرمه رجال الدين واختصوه بلقب مرشد الثورة الاسلامية.
وتم انتخاب رئيس مجلس الشورى حجة الاسلام علي اكبر هاشمي رفسنجاني رئيسا للجمهورية باكثرية 5.94 في المئة من الاصوات في 28 يوليو 1989. واعيد انتخابه في11 يونيو 1993 لولاية ثانية لكن الاكثرية التي حملته لم تتعد 5.63 في
المئة فيما استطاع وزير العمل السابق وأحد المرشحين في مواجهة خاتمي الآن احمد توكلي ان يحصد اكثر من ثلاثة ملايين صوت في اول اشارة واضحة من نوعها الى التململ الشعبي والى الخلافات التي بدأت تعصف بفصائل النظام. وتدهورت شعبية رفسنجاني اكثر فاكثر وخذله الايرانيون في الانتخابات التشريعية )فبراير 2000( حيث جاء ترتيبه الثامن والعشرين من بين ثلاثين في طهران فاستقال ليتفرغ لرئاسة مجلس تشخيص مصلحة النظام اهم مؤسسات القرار )ينتخب الايرانيون الجمعة خلفا له في مجلس الشورى(.
ثم جاءت الاشارة الثانية مع عودة محمد خاتمي الصاعقة عام 1997 الى الواجهة السياسية وانتخابه رئيسا للدولة باكثرية 70 في المئة من الاصوات في وجه ابرز رموز النظام. رئيس مجلس الشورى والرجل القوي ناطق نوري.. بعدما كان المحافظون دفعوه الى الاستقالة من منصبه كوزير للثقافة عام 1992. وهو الآن يستعد لولاية ثانية تبدو شبه مضمونة.
|
|
|
|
|