| عزيزتـي الجزيرة
لاشك ان الظن الحسن مندوب إليه لقوله تعالى: )ولولا إذ سمعتموه ظن المؤمنون والمؤمنات بأنفسهم خيراً وقالوا هذا إفك مبين( سورة النورآية )16(. بينما الظن المأمور بالاجتناب عنه هو ظن السوء وذلك احتياطا لتوقي الوقوع في الإثم، فيدخل دائرة سوء الظن المحرم، ذلك الظن الذي يتجسد في السلوك العملي لصاحبه، كأن يظن احدنا بزميله أو قريبه المؤمن سوءا فيحكم عليه ويعمل على اشاعة ذلك عنه.
أما الظن بما هو من تداعي الخواطر ومداعبة الاحاسيس وتفاعل الإدراكات النفسية فهو شيء لا سلطان عليه لأنه يفاجىء النفس البشرية بلا إرادة.
وهذا خارج عن دائرة التحريم الا اذا كانت بعض مقدماته خاضعة لإرادتنا واختيارنا.
لهذا لا يجوز اصدار الاحكام القطعية على الآخرين انطلاقا من الظن او ظن السوء الذي قد يكون بعيدا تمام البعد عن ساحة الواقع لقول الرسول صلى الله عليه وسلم: )إذا ظننت فلا تحقق( ولقول علي رضي الله عنه: )ليس من العدل القضاء على الثقة بالظن(. ومما تقدم يتبين انه لا يصح ان يكون الظن اساسا للحكم على الآخرين،
كما لا يصح ان يكون اساسا للتحقيق معهم، ولاسيما في الحالات التي لا يستند فيها الظن الى أي دليل صحيح أو موثوق.اذ أن ظاهر الظن عدم التحريم ما لم يترتب عليه أثر، ولرسم حدود الظن المحرم وموارده ينبغي ألا يطول سوء الظن أياً من هؤلاء:
1 ـ سوء الظن بالمسلم لقول الرسول صلى الله عليه وسلم: )ان الله حرم من المسلم دمّه.. وان يظن به ظن السوء(.
2 ـ سوء الظن بمن ظاهره الخير والاحسان وعدم الخيانة.
بل الواجب )أن نضع أمر اخواننا او زملائنا على احسنه حتى يأتينا ما يغلبنا منه وألا نظن بكلمة خرجت من أخينا سوءاً ونحن نجد في الخير لها محملا( العقد الفريد: ج 6 ص 268.
العقيد الركن
حمود بن مرزوق الروقي
حرس الحدود
|
|
|
|
|