أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Thursday 7th June,2001 العدد:10479الطبعةالاولـي الخميس 15 ,ربيع الاول 1422

الاخيــرة

لاستمرار الانتفاضة
فوزية عبد الله أبو خالد
احس بالعرق يتفصد من مسام اصابعي وبدماء الحياء تضرج وجهي وبالحرج يجرح روحي كلما فكرت في الكتابة عن ماء الكوثر ونوافير المرجان والارجوان التي فجرتها انتفاضة القدس على ارض فلسطين من اكف الأطفال وخواصر الشباب منذ تسعة اشهر.
اطفال صغار يحاولون ان يمحوا وحل الاحتلال عن المسرى بعشب سواعدهم الطرية وشباب يفع يحاولون ان يغسلوا عوادم قطار التسوية والتلوث السياسي في المنطقة بهواء رئاتهم النظيف لشعب اعزل صمود يحاول ان يكمل السلام الناقص بما لا يحصى من الشهداء.
من كانون الأول )اكتوبر( عام 2000م الى حزيران )يونيو(2001م ـ من رجب 1421هـ الى ربيع الأول 1422هـ تسعة شهور كافية لأن تضع الحامل حملها، وتطرح النخيل رطبها وتبلغ الفصول ذروتها والشعب الفلسطيني المحاصر بمستوطنات العدو وأسلحته ليس له الا ان يقدم القربان تلو القربان من أطفاله والشهيد تلو الشهيد من شبابه عله يغير في العالم أو على الأقل في الشارع العربي عادة المشاهدة السالبة.
ولكن يبدو ان مشاهد الاستشهاد نفسها تكاد تتحول الى جزء من حالة التعود العام على غياب العدل وفضيلة الصمت والاستسلام لسياسة الأمر الواقع.
ان ما يجري اليوم على أرض فلسطين الشقيقة سابقة بطولية شعبية وتتويج لكفاح طويل مرير، وهي ان لم تغلب ميزان القوى بعد، بين عدو مدجج بالأسلحة الثقيلة الحديثة وبالدعم الغربي والامريكي وشعب أعزل إلا من ارادة المقاومة فإنها قد وضعت هذا العدو في مأزق جغرافي وسكاني وجعلته يعيش حالة من الذعر اليومي وارتباك الحسابات لم يعرفها من قبل في مواجهاته العسكرية لحروبه السابقة مع دول الطوق العربي باستثناء حالة المقاومة الشعبية الشبيهة بما هو قائم الآن على أرض فلسطين وتلك هي المقاومة بالجنوب اللبناني التي انتهت بهزيمة ذلك العدو رغم تفوقه العسكري وبانسحابه من تلك الارض العصية.
الا ان المثير للتساؤل ويحتاج الى تحليل سياسي ونفسي معا لمعرفة ما آل اليه الحس الوطني لهذه الامة انه رغم هذه البطولة الشعبية التي يسجلها اطفال الحجارة بمرحهم الحروبراءتهم الابية، هناك فتور عربي عام فيما عدا التفاتة هنا وتلويحة هناك وكأن مواكب الكبوات السابقة تكبح قدرتنا على استيعاب عظمة هذه الانتفاضة الفتية وعنفوانها فما الذي يشل قدرتنا على التفاعل مع هذا الحدث غير العادي والذي يجب ان نجعله غير عابر بعد صمود تسعة اشهر متواصلة؟
لماذا كان اسم جميلة بو حيريت في مقاومة الاستعمار الفرنسي كافيا لأن تنتفض له كرامة الاطفال ما دون سن المدرسة؟
لماذا كان اسم سناء المجدلي بجنوب لبنان كافياً لان يكسر كلس اليأس الذي كان قد بدأ يزحف الى المنطقة؟
ولماذا يمر اسم ايمان حجو وسعيد الحوارثي ومحمد الدرة وكأنها صور التقطت بالصدفة لتختفي سريعا في دفتر الذاكرة التي يجري تجنبا لنكء الجراح التستر على بيانها بالسكوت.
لماذا يمر رفض لسمو الامير عبد الله بن عبد العزيز لزيارة واشنطن احتجاجا على السياسة الامريكية المساندة لوحشية العدو الاسرائيلي في التعامل مع انتفاضة القدس، بمثل هذا الهدوء المثير باستثناء بعض الثناء الهامس ودون وضع مثل هذه البادرة الهامة في نصابها السياسي الصحيح لتشكل مسارا سياسيا عاما لا يساوم على الاساسيات من حقوق الشعوب في تقرير مصائرها؟ هل لأن مثل هذا الموقف الاحتجاجي الجريء يحرج الانظمة التي سارت في مسار التسوية غير العادلة؟ هل لأن اعطاء مثل هذا الموقف حجمه الحقيقي واستثماره مرحليا على الاقل قد يقض مضجع الهاجعين على الضيم وينقض عادة اللامبالاة التي تعود عليها بالعصي الشارع العربي؟
لماذا لا يدخل البترول العربي في الخليج وخارجه كطرف ضاغط لمساندة الانتفاضة؟
لماذا تحيد تسهيلات الاستثمارات الاجنبية الغربية من ان تكون على الاقل عاملاً مساهماً في تقوية موقف الانتفاضة؟ لماذا لا يكون قطع دابر التطبيع مع العدو بكل أشكاله الدبلوماسية والتجارية على المستويين السياسي والاقتصادي ـ والذي لم تتورط المملكة والحمد لله في اي منه ـ وسيلة حاسمة لمنع المساومات على حساب الانتفاضة؟
للأسف ليس هناك على ما يبدو في الوطن العربي جهة اكاديمية، صحفية او سياسية أو موقع الكتروني أو سواه لقياس اتجاهات الرأي العربي العام وموقفه لما يجري على أرض فلسطين اليوم من عمليات حصار منظم وابادة جماعية مقابل مقاومة شعبية شجاعة كما انه ليس هناك مؤشر على التفكير في كيفية دعم هذه الانتفاضة وخلق التفاف شعبي عربي واسلامي حولها يفوت على العدو هدن التقاط الانفاس ويحرمه فرصة الاستفراد بها وكسر شوكتها، فهل على الشارع العربي في متابعته لمشاهد الاستشهاد من انتفاضة القدس ان يكتفي بدور اقل من دور الشاهد؟

أعلـىالصفحةرجوع


















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved