أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Thursday 7th June,2001 العدد:10479الطبعةالاولـي الخميس 15 ,ربيع الاول 1422

الثقافية

الفقي.. صاحب الخمسين ألف بيت
ا.د.محمد خضر عريف
الشاعر السعودي الكبير محمد حسن فقي قد يكون أغزر شعراء العربية انتاجا على مدى الدهر.
ويعرف الكثيرون من المهتمين بالأدب بالشاعر العملاق محمد حسن فقي من خلال ديوانه الأشهر «قدر ورجل»، إلا ان مجموعته الشعرية الكاملة تجاوزت ثمانية مجلدات يقع كل منها فيما يزيد على أربعمائة صفحة، أي أننا نتحدث عن ثلاثة آلاف صفحة أو يزيد من الشعر، وان تخيلنا ان كل صفحة تحمل خمسة عشر بيتا على الأقل، فمعنى ذلك ان نتاجه الشعري في هذه المجموعة المطبوعة فقط قد يصل الى خمسين ألف بيت وهو كمّ لم يبلغه أحد من الشعراء القدامى أو المحدثين على أصح تقدير، وهذا الانتاج الغزير يسير في ركاب الشعر السعودي الملتزم الذي يجمع بين العروبة والاسلام في منظومة شعرية بديعة.
ولد محمد حسن فقي في مكة المكرمة عام 1332ه الموافق لعام 1914م، وبعد ان انتقلت أسرته الى جدة بدأ في تلقي علومه بها في مدرسة الفلاح، ثم عاد الى مكة المكرمة وأتم دراسته بمدرسة الفلاح فيها. وعمل فترة من الزمن بالتدريس في مدرسة الفلاح بمكة بعد تخرجه.
وفي عام 1351ه تولى رئاسة تحرير جريدة «صوت الحجاز» ثم التحق بالعمل الحكومي في وزارة المالية، ولكنه عاد الى رئاسة تحرير جريدة «صوت الحجاز» مرة أخرى لمدة عام الى جانب عمله في وزارة المالية عام 1354ه وقد تدرج في عدد من الوظائف الرسمية الأخرى الى ان وصل الى أعلى المراتب ثم تركها متفرغا للأدب والشعر.
وللفقي أيضا قصائد كثيرة في قضية العرب والمسلمين الأولى قضية فلسطين.
يقول الفقي في قصيدة بعنوان «أواه فلسطين»:


أإخواننا في الدين والدم والقربى
وأحبابنا سلما وأحبابنا حربا
ومن حفظوا الربع المنيف وشيدوا
به الصرح بعد الصرح يحتضن الشهبا
يؤرقنا من يومكم أن يومكم
أجاج وأن الأمس كان لكم عذبا
فبعض يعيش اليوم في دار ذلة
ولكنه يأبى ويقتحم الصعبا
يقاتل وهو الأعزل الخصم مالئا
جوانبه مما يصاب به رعبا

الى أن يقول تفاؤلا في عودة الحق الى أصحابه:


لعل السحاب الجون ينهل وبله
علينا فما يبقي بأكنافنا جدبا
لعل الدجى هذا يطل بومضةٍ
تضيء فما تخشى مراتعنا الذئبا

وقد احتفت مؤسسة ثقافية عربية كبرى بالشاعر الكبير محمد حسن فقي، تلك المؤسسة هي «مؤسسة يماني الثقافية الخيرية» لصاحبها رجل الثقافة والسياسة والاقتصاد معالي الأستاذ أحمد زكي يماني، فخصصت هذه المؤسسة جائزة عالمية باسم الشاعر الكبير هي: جائزة الشاعر محمد حسن فقي، التي تمنح مكافآت مالية مجزية للأعمال النقدية المتميزة في العالم العربي كل عام كما تمنح مكافآت مجزية أيضا للأعمال الشعرية البارزة في العالم العربي، ولكل دورة من دورات الجائزة يحدد موضوع نقدي مهم يقدم فيه كبار النقاد في العالم العربي أوراقا وبحوثا تقدم ملخصاتها في ندوة علمية تستمر على مدى يومين أو ثلاثة ويقام على هامشها عدد من الفعاليات الابداعية في مقدمتها الأمسيات الشعرية التي يشارك فيها شعراء عرب كبار ويلقى فيها أيضا الكثير من شعر محمد حسن فقي.
وقد كان موضوع احتفالية الدورة الثانية للجائزة «الفقي شاعرا» وافتتحت في القاهرة في 19/10/1416ه. وشارك فيها عدد كبير من نقاد الشعر من العالم العربي الذين قدموا دراسات متأنية عن شعر الفقي ومنهم: الدكتور محمد زكي العشماوي - نائب رئيس جامعة الاسكندرية الأسبق - وكان بحثه بعنوان «شعر محمد حسن فقي بين الكلاسيكية والرومانسية». والأستاذ الدكتور يوسف نوفل - وكيل كلية البنات للدراسات العليا بجامعة عين شمس - وكان بحثه بعنوان «رباعيات محمد حسن فقي»، ومحمد حسن فقي شاعر مرهف الحس، عميق التجربة، متمكن من أساليب اللغة وجماليات التعبير، يزاوج في شعره بمهارة فائقة بين القديم الموروث والرومانسية الحالمة، وبين الفكر الفلسفي الرصين والخيال المجنّح والاحلام الراقصة. وتتجلى في شعره كثير من خصائص الرومانسية في تنقل الشعور بين اليأس والأمل، بين حب الحياة والغناء لها، وبين السأم منها والنقمة على الشر فيها. فهو في لحظة واحدة قد يجمع بين قمة الشعور بالخيبة والحزن، وبين السعادة المفرطة، تماما كما يفعل كل الرومانسيين في الآداب الحيّة.
كما يتبدى في شعره الربط البديع بين العروبة والاسلام. وكان له شعر وطني كثير في بلاده المملكة العربية السعودية عموما ومكة المكرمة مسقط رأسه خصوصا، وقد تغنى الشاعر الكبير محمد حسن فقي بمكة المكرمة مراراً، استمع اليه في احدى قصائده التي يتحدث فيها عن مكة المكرمة حيث يقول:


مكتي أنتِ.. ولا جلال على
الأرض.. يداني جلالها أو يفوقُ
ما تبالين بالرشاقة والسحر
فمعناك ساحر ورشيقُ

كل حسن يبلى وحسنكِ - يا مكة - رغم البلى الفتيّ العريقُ
درَج المصطفى عليكِ فأغلاك وأغلاك بعده الصدِّيقُ
وكانت له كذلك أشعار وطنية عديدة، ومن أجمل شعره الوطني قصيدة له في اليوم الوطني للمملكة العربية السعودية، إذ طالما أسهم الفقي كغيره من الشعراء السعوديين في الاشادة باليوم الوطني للمملكة.
يقول فقي في قصيدة بعنوان «يوم وطني»:
هو يوم بداية التوحيد تمت على يد الصنديدِ
لم يكن يعرف المحال من الأمر إذا سار على الطريق الحميد
ليس في هذه الحياة محال يتصدى أمام عزم شديد
ولقد كان ألمعيّاً فما يحكم في الأمر غير حكم الرشيد
منذ ما شب، شب للعرب الشمِّ فكان العميد وابن العميد
وحّد الشمل بعدما انفرط الشمل وكدنا نضيع بالتبديد
فإذا بالنثير يجمعه النظم فيغدو به كعقد نضيد

أعلـىالصفحةرجوع


















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved