أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Thursday 7th June,2001 العدد:10479الطبعةالاولـي الخميس 15 ,ربيع الاول 1422

فنون تشكيلية

تلميحة
محمد المنيف
وجه أحدهم اتهاماً لفنان تشكيلي قائلاً .. يؤسفني أن لغة فنكم غير مفهومة.. فأجابه الفنان قائلاً: عليك إذاً أن تتعلم هذه اللغة ثم تعود لتقرأ لوحاتي.. هذا الحوار الأزلي بين الابداع التشكيلي وبين المتلقي وعلى المستوى العربي أوجد فجوة كبيرة في فهم اللوحة والتعرف على ابعادها الجمالية والموضوعية «الفكرة» خصوصاً في حالتها المعاصرة التي تتجه نحو التجريد والرمز والايحاء اللوني والخطي للتعبير عن قضية دون مباشرة في الشكل.. ورغم أن اللغة التشكيلية لغة بصرية سهلة التلقي إلا أنها صعبة الفهم إلا لمن يمتلك اللغة الجمالية والثقافة الابداعية علماً عبر التعليم أو اكتساباً من خلال الاطلاع وزيارات المعارض.. وإذا كانت هذه المشكلة قائمة على المستوى العالمي فكيف بها في عالمنا العربي الذي لازال يعيش في قضاياه اليومية من بحث عن غذاء ودواء وخلافهما من متطلبات الحياة.. حتى نأتي لمطالبته بالاحتراف وفهم هذا العالم الجديد عليه وعلى ثقافته.. والمنافسة لما عرف عن المبدعين في الشعر والرواية وما يسمى بدواوين العرب مما يشعرنا باليأس والاحباط عندما يقال أن الفن التشكيلي فن نقش ورقش وطلاء، أداء عبثي لا يشكل أهمية في حياة الشعوب وأن ما يتم القيام به من قبل التشكيليين لا يخرج عن دائرة الهواية والتسلية، بينما نجد هذا الواقع وتلك الفنون تعني الكثير في منظومة النتاج الانساني دافعاً للجهات المعنية بالثروات الوطنية للاعتناء به وبمؤديه باعتباره انجازاً آخر من انجازات بناء الحضارات لما يتركه من بصمة شاهدة على واقع رقي تلك الحقبة من التاريخ، ومبقياً أثراً هاماً يؤكد اهتمام تلك الشعوب ومنها الشعوب المعاصرة بالانسان وبكل عطاءاته فأصبح لهذه الفنون متاحف وقاعات عرض رسمية.
تلك النظرة القاصرة تجاه هذا الفن آتية من عقم في الثقافة العامة التي لم تستطع انجاب ثقافة جمالية مما جعل التشكيليين العرب قنوعين بأقل الزوار لمعارضهم متفائلين بقادم الأيام لعل وعسى..
.. ومن هنا أصبح العبء كبيراً على الفنانين إذ يطالبهم المجتمع بأن يكونوا فنانين مؤدين ومعلمين أيضاً ومفسرين لهذا الابداع.. عبر التعريف بابجديات اللغة الجمالية.. وهنا تكمن المشكلة فالفنان في حاجة لدعم آخر تتحمل مسؤوليته الجهات المعنية بالتربية والتعليم باعتبار أن التربية الجمالية جزء لا ينفصل عن التربية العامة التي يتلقاها الفرد من خلال العلوم المختلفة ومنها العلوم الانسانية وفي مقدمتها تربية الناشئة تربية جمالية تقدر الواقع وتحافظ على مظاهر الابداع والجمال فيه تواصلاً ووصولاً للأعمال الفنية داخل المتاحف والمعارض وفي الساحات وما يقام من أشكال جمالية وحتى في أضيق التفاصيل لكل ما يتم تنفيذه من الدولة ممثلة في المعنيين بجمال المدينة والقرية والمدرسة والمنزل.. وحتى لا نشاهد من يرمي النفايات خارج الحاوية - مجرد مثال.. ومن المؤسف ألا نجد منهجاً لهذا الجانب الهام في تربية السلوك والارتقاء بالذائقة بكل أشكالها.. عبر مادة تسمى التربية الفنية مما أبعدها عن هدفها وجعلها مادة للترفيه والتسلية يخرج الدارس منها ليمارس عبثه على جدران المدرسة أو الجيران ويقذف بالعلب الفارغة في ردهات المدرسة وأرصفة الشوارع.. عكس ما يمكن أن يكون في حالة تفعيلها والاهتمام بها ووضع منهج علمي وعملي مدروس ليؤدي أهدافها.. ويساهم مع بقية المواد في تربية متكاملة قوامها الجمال والحفاظ عليه وعلى مظاهره في الفرد والوطن..

أعلـىالصفحةرجوع


















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved