أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Wednesday 6th June,2001 العدد:10478الطبعةالاولـي الاربعاء 14 ,ربيع الاول 1422

متابعة

العلاقات السعودية الألمانية تستند إلى تاريخ راسخ منذ المؤسس الأول للمملكة
المملكة وألمانيا تعيشان مرحلة متميزة في ظل توجيهات خادم الحرمين
حجم التبادل التجاري بين البلدين عام 1994 تجاوز ال 10 مليارات ريال سعودي ، ، ألمانيا رابع أهم شريك تجاري للمملكة في العالم
* علي البدري باحث في العلوم السياسية :
يبدأ صاحب السمو الملكي الأمير عبدالله بن عبدالعزيز ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء رئيس الحرس الوطني زيارة لجمهورية ألمانيا الاتحادية وتأتي هذه الزيارة في إطار حرص المملكة العربية السعودية على تدعيم علاقاتها مع شتى دول العالم لاسيما تلك التي تربطها بها وشائج اقتصادية وتجارية وسياسية متميزة مثل ألمانيا،
كما تأتي الزيارة في سياق توجيهات خادم الحرمين الشريفين وكذلك التوجه العام لسمو ولي العهد وحرصه على تنظيم زيارات خارجية على رأس وفود سعودية رفيعة المستوى تدعيما للمصالح الحيوية للمملكة من ناحية، وتأكيدا لدورها ومكانتها وثقلها على الساحة الدولية،
وتعد جمهورية المانيا الاتحادية واحدة من أبرز دول العالم والدول الأوروبية التي تربطها بالممملكة العربية السعودية علاقات متميزة على شتى الاصعدة السياسية والاقتصادية والثقافية والعسكرية كما ان العلاقات بين البلدين تستند الى تاريخ بينهما منذ ثلاثينيات القرن الماضي،
تاريخ العلاقات السعودية الألمانية
بدأت العلاقات بين المملكة العربية السعودية وجمهورية ألمانيا الاتحادية جذورها التاريخية في عهد مؤسس المملكة الملك عبدالعزيز آل سعود لاسيما في فترة ما بين الحربين العالميتين الأولى والثانية فمنذ العام 1926م حرصت ألمانيا على استطلاع منطقة الشرق العربي بوجه خاص من أجل تهيئتها لدور الماني متميز لاسيما وأن هذه الفترة شهدت مرحلة جديدة من التطور السياسي في المنطقة بعد أن تمكن الملك عبدالعزيز آل سعود من توحيد معظم مناطق الجزيرة العربية بما فيها منطقة الحجاز،
ومن جانبه ارتأى الملك عبدالعزيز بثاقب بصره وحنكته وخبرته السياسية ان المانيا هي اكثر الدول الكبرى التي يمكنها أن يكون لها اهتمامات بدعم مشروعاته التنموية في الجزيرة العربية وبالفعل بدأت المانيا في ارسال بعثات استكشافية الى المملكة لدراسة الأوضاع الاقتصادية بها عن كثب ومن ثم تكللت جهود الجانبين بتوقيعهما معاهدة الصداقة في 16 ذي القعدة عام 1347ه )26 إبريل 1929م( والتي جاءت بعد ادراك المانيا ان المناطق التي وحدها الملك عبدالعزيز كانت مستقلة تماما عن النفوذ البريطاني وملائمة لنشاط اقتصادي الماني بها يمتد منها الى بقية المشرق العربي، وقد ترتب على هذه المعاهدة توجيه الملك عبدالعزيز الدعوة الى عدد من الشركات الالمانية لتنهض بمشروعات عدة في الجزيرة العربية ولتعمل على تنشيط التجارة والتسويق في الحجاز،
ومع مجيء الرايخ الالماني الثالث عام 1933 دخلت العلاقات السعودية الالمانية مرحلتها الثانية وخلال هذه الفترة وحتى العام 1939 تقلص حجم هذه العلاقات نسبيا نظرا لسياسات الرايخ الالماني التي كانت متوجهة بالاساس نحو تقوية البيت الالماني وإعادة ترتيبه من الداخل،
ومع اندلاع الحرب العالمية الثانية اعلن الملك عبدالعزيز موقفه الحيادي منها حفاظا على أمن وسلامة المملكة وتجنبا لتورطها لصالح أي من معسكري الحرب، حيث ادرك الملك الراحل اهمية بلاده لكلا الطرفين المتحاربين ولذلك نأى بها عن التورط في الحرب، ومن هنا كانت جهوده ومساعيه إلى تفادي المساعي الالمانية للزج باسمه في معسكر المحور، وعلى الرغم من التزام الملك عبدالعزيز سياسة الحياد فإنه احتفظ بعلاقات ودية مع المانيا من حيث المبدأ،
والواقع ان هذا الموقف للملك عبدالعزيز رحمه الله تعالى يتسق تماما مع المبدأ الاساسي الذي أرساه في سياسته الخارجية والمتمثل في قبول المساعدة من أي دولة ولكن ليس على حساب استقلال بلده وأمنه وسلامته ويؤكد ذلك الشهادة التي عبر عنها الممثل البريطاني في جدة )اندوريان( عام 1353ه )1934( حين قال: على رغم تقديري واعجابي بالملك عبدالعزيز فإنه مازال عليَّ ان اكتشف انه في تعاملاته مع القوى الأجنبية او المصالح التجارية فإنه لا يقدم الكثير في مقابل ما يحصل عليه، ولم يسبق لي على الاطلاق ان ظننت ولو للحظة ان دولة تقوم بتقديم قوة جوية يمكنها ان تتطلع إلى ما يصل الى بوصة من أجواء المملكة العربية السعودية،
العلاقات السياسية
شهدت العلاقات بين المانيا والمملكة على الصعيد السياسي زخما كبيرا مع مطلع عقد الثمانينيات وهو ما انعكس في تبادل الزيارات بين المسؤولين في كلا البلدين للتعرف على وجهات نظر كل طرف حيال عدد من القضايا الدولية والاقليمية مثل الحرب العراقية الايرانية )حرب الخليج الاولى( والغزو الاسرائيلي لجنوب لبنان في العام 1982، الازمة الافغانية، القضية الفلسطينية، ثم حرب الخليج الثانية، فضلا عن مناقشة دور المملكة بشأن مستوى الانتاج والاسعار في السوق العالمية للنفط،
وفي هذا السياق قام المستشار الالماني هيلموت كول بزيارة المملكة عام 1983 وكانت اول زيارة له للمملكة تبعتها زيارات اخرى، كما تردد وزير الخارجية الالماني على المملكة، ففي نوفمبر عام 1993 زار كلاوس كينكل وزير الخارجية الالماني المملكة حيث أبدى اعجابه الشديد بموقف المملكة العربية السعودية حيال عدد من القضايا الدولية، ووصف السياسة الخارجية السعودية بأنها سياسة حكيمة وتعكس بصدقية الدور المؤثر للمملكة في السياسات الدولية لاسيما السياسة النفطية للمملكة والتي نجحت في الحفاظ في كثير من الاحيان على استقرار الوضع النفطي العالمي وتوازنه،
كذلك قام كبار المسؤولين السعوديين بزيارة المانيا، فنجد سمو الامير سعود الفيصل وزير الخارجية يزور المانيا في اكتوبر 1990 لتقديم التهنئة على الوحدة الالمانية، حيث اجرى محادثات مع نظيره الالماني آنذاك هانز جينشر والمستشار كول،
العلاقات الثقافية
ليست العلاقات الثقافية بين البلدين بأقل تميزا عن مثيلاتها السياسية، وتتعدد هذه العلاقات بين ابرام اتفاقيات للتعاون الثقافي وتنظيم المعارض والندوات المشتركة والتبادل الطلابي، ففي العام 1987م وقع الجانبان بالاحرف الاولى على اتفاقية للتعاون الثنائي الثقافي تتضمن تبادلا للطلاب والعلماء والخبراء بين البلدين،
كما شاركت المملكة في العديد من المعارض الثقافية والفكرية الدولية التي عقدت في المانيا فعلى سبيل المثال شاركت المملكة في العام 1987 في معرض الكتاب الدولي التاسع والثلاثين بفرانكفورت وذلك بتخصيص جناح كبير لعرض الكتب والمخطوطات العربية والاجنبية فضلا عن مطبوعات وزارة الاعلام السعودية وقسم خاص لعرض افلام تسجيلية عن الاوضاع الثقافية والاعلامية بالمملكة،
كما حرصت المملكة كدأبها دائما على توفير الفرص التعليمية والثقافية للمسلمين والعرب في الخارج ومن ثم بدأ منذ اواخر العام 1993 الشروع في تأسيس اكاديمية الملك فهد في بون وهي الثالثة بعد اكاديميتي الملك فهد في بريطانيا والولايات المتحدة بتكلفة 60 مليون ريال، وهي تشكل منارة علمية وثقافية ومركز اشعاع اسلامي يلبي حاجات مئات الآلاف من مسلمي اوربا، حيث يتلقى نحو 800 طالب وطالبة في الاكاديمية الدراسة في المناهج العربية والاسلامية منذ المرحلة الابتدائية وحتى الجامعة،
العلاقات الاقتصادية والتجارية
تتسم العلاقات السعودية الالمانية بايجابية شديدة على الصعيد الاقتصادي والتجاري حيث ترتكز هذه العلاقات على اطر قانونية وآليات رسمية وغير رسمية للحوار وتبادل وجهات النظر بما يصب في نهاية المطاف في خانة دعم وتوثيق الروابط الاقتصادية والتجارية بين البلدين الصديقين،
والواقع ان مجالات التعاون الاقتصادي بين الرياض وبرلين عديدة ومتشعبة منها الثقل البحري وصناعة المعدات والصناعات البتروكيماوية والتدريب المهني والفني فضلا عن التعاون في مجال العلوم والتكنولوجيا لاسيما في اطار مجال الطاقة الشمسية حيث تم ابرام عدد من اتفاقيات التعاون في هذا المجال بين الجامعات السعودية مثل جامعة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية وعدد من الجامعات والمعاهد العلمية الالمانية المتخصصة فضلا عن امكانيات واعدة للتعاون في مجال الاستثمار الزراعي وتصنيع الاغذية،
وقد حرص البلدان على اقامة علاقاتهما الاقتصادية على أسس قانونية سليمة وواضحة وفي هذا الشأن أبرما عددا من اتفاقيات التعاون الثنائي في المجال الاقتصادي في مقدمتها اتفاقية دعم وحماية الاستثمارات والتي دخلت حيز التنفيذ مع مطلع العام 1999 وهي الاولى من نوعها التي تبرمها المملكة مع دولة اجنبية، وهي تعطي استقرارا وحماية قانونية لكل من المستثمرين السعوديين والالمان، وتفتح مجالات اوسع للاستثمارات بين البلدين، بما يكفل توطيد العلاقات الاقتصادية بينهما، ويذكر ان حجم الاستثمارات الالمانية المباشرة في المملكة لم يتعد ال 500 مليون مارك الماني حتى مطلع عقد التسعينيات،
ومن جهة اخرى، يوجد إطار مؤسس للعلاقات الاقتصادية السعودية الالمانية ممثلا في وجود 65 شركة مشتركة برأسمال مليار و74 مليون ريال منها 23 شركة متخصصة في اعمال البناء و22 شركة صناعية و10 شركات في مجال الخدمات علاوة على اكثر من 540 شركة المانية تتعامل مع القطاعات الاقتصادية والانتاجية المختلفة في المملكة،
كما انشئت في العام 1981 الشركة السعودية الالمانية للتنمية والاستثمار )ساجيكو( وذلك بهدف تقديم المعلومات والخدمات الفنية اللازمة لتنمية وتطوير الاستثمارات الصناعية والزراعية والخدمية المشتركة، والترويج لاقامة مشاريع مشتركة لدى كلا البلدين بالتعاون مع القطاع الخاص،
كما تتعاون وزارة المالية والاقتصاد الوطني السعودية مع المؤسسة الالمانية للتعاون الفني )جي تي زد( بموجب عقد موقع عام 1980 يتم بموجبه تزويد المملكة بالخبراء الالمان والبالغ عددهم نحو 270 خبيرا في مجالات التخطيط والاسكان والشؤون البلدية والقروية والصحة والتعليم الفني والتدريب المهني،
ومن جهة ثالثة توجد آليات عديدة للحوار بين البلدين على الصعيد الاقتصادي في مقدمتها اللجنة الاقتصادية والمالية المشتركة والتي انشئت في العام 1974م لبحث اوجه التعاون في المجالات الاقتصادية والتجارية والفنية وإقامة مشروعات مشتركة ودعم التبادل التجاري بين البلدين وهي تجتمع بشكل دوري سنوي بالتبادل بين عاصمتي البلدين، وهناك لجنة حوار بين رجال الاعمال السعوديين والالمان تم تأسيسها عام 1985 لدعم دور القطاع الخاص في تشجيع التعاون الاقتصادي بين الجانبين،
وعلى الصعيد التجاري، تعد المانيا الاتحادية رابع اكبر شريك تجاري للمملكة العربية السعودية خلال عقد التسعينيات، بينما مثلت المملكة اهم شريك تجاري لالمانيا في الشرق الاوسط والعالم العربي، ففي العام 1994 بلغ حجم التبادل التجاري بين البلدين 10 مليارات ريال، حيث مال الميزان التجاري لصالح المانيا ففي حين بلغت قيمة الصادرات الالمانية الى السعودية في العام 1994 25، 9 مليارات ريال، لم تتعد قيمة الصادرات السعودية الى المانيا في العام نفسه المليار ريال وذلك بسبب الركود الاقتصادي الذي اصاب الدول الصناعية المستهلكة للنفط، اما خلال عقد الثمانينيات فخلال الفترة من 80 1986 بلغ متوسط قيمة الواردات السعودية من المانيا 3، 10 مليارات ريال سنويا، فيما بلغ المتوسط السنوي للصادرات السعودية الى المانيا في الفترة ذاتها 17، 7 مليارات ريال،
في ضوء ذلك، فإن زيارة سمو ولي العهد الأمير عبدالله بن عبدالعزيز الى جمهورية المانيا الاتحادية تأتي تتويجا وتدعيما لعلاقات تاريخية راسخة، وممهدة وفاتحة لآفاق جديدة نحو مزيد من الروابط الثنائية السعودية الالمانية في شتى المجالات السياسية والاقتصادية والثقافية بما يتواكب والتطورات الحاصلة على الساحة الدولية مع مطلع القرن الحادي والعشرين،
أعلـىالصفحةرجوع
















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved