أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Wednesday 6th June,2001 العدد:10478الطبعةالاولـي الاربعاء 14 ,ربيع الاول 1422

متابعة

نحو مزيد من التألق في العلاقة العربية السورية السعودية
د. عدنان الأحمد
إن العلاقة بين سورية والسعودية علاقة قوية تتسم بأنها علاقة أخوية فكلاهما بلدان عربيان اختارا بمحض إرادتهما أن يضعا العروبة عنواناً لهما بحيث يقدمان العام )العربي( على الخاص )السوري أو السعودي( وهذا دليل على صدق الهدف في تقديم القومية على القطرية. ويمكن وصف هذه العلاقة بأنها علاقة بين ندين متماثلين، فبالاضافة إلى كونهما أختين عربيتين فإن كلا منهما تحتل مركزاً مهما في منطقتها وتحظى بموقع ريادي بين أخواتها وهما دولتان رائدتان في السياسة العربية ومنطقة الشرق الأوسط والعالم الإسلامي، وقد اكتسبتا هذه المكانة بفضل نضالات شعبيهما وقيادتهما الهادفة للم الشمل العربي والإسلامي في وجه جميع التحديات الخارجية، ويتجلى ذلك في التنسيق فيما بينهما في المحافل الدولية والاقليمية والعربية وفي علاقتهما الثنائية.
يضاف إلى ذلك أنها علاقة تكاملية وتضامنية تتجه بوتيرة عقلانية وموضوعية متسارعة. فالبلدان يعملان لتحقيق التكامل المتعدد الجوانب فيما بينهما حيث تقدم سوريا لأختها السعودية العمال المهرة والمختصين والاختصاصيين في المهن المختلفة للمساهمة في عملية التنمية في السعودية وتوفر للمواطنين السعوديين فرص الاستثمار والسياحة والتعليم في سوريا.
بينما تقدم السعودية لسوريا فرص عمل للفائض العمالي فيها وتسهم في دعم حركة التنمية سواء بالدعم المالي أو بالقروض أو بالمشاريع والاستثمارات المختلفة.
ولعل أبرز جوانب التكامل بين البلدين ذلك التكامل الواضح في المجالات التربوية والثقافية والإعلامية والعلمية الذي يقوم على تبادل الخبرات والمعارف والزيارات والمعلومات والندوات والافراد المختصين في العلوم والبحوث وميادين الثقافية ممن تخرجهم جامعات البلدين ومعاهدهما ومدارسهما أو تنتجه وسائل إعلامهما ومؤسساتهما الثقافية والعلمية والفنية.
وفوق ذلك كله وربما الأهم ان البلدين قويان في معظم المعايير سواء في الوطن العربي أو في المنطقة وعندما اتحدت قوتاهما معا أعطتا نتائج عززت قوة الصديق وأرهبت الأعداء والحاقدين وقد تجلى ذلك في حرب تشرين عندما اشتركت السعودية مع سوريا ومصر في الحرب ضد العدو الإسرائيلي ودعمت قواهما العسكرية ماديا ومعنوياً. وقد استمر ذلك النهج الأخوي الصادق في بناء القوة حتى غدا محور الرياض دمشق القاهرة عنوانا للم شمل العرب ورمزاً لقوتهم التي يحسب لها الآخرون ألف حساب، فزعماء هذا المحور يجتمعون ويتدارسون الوضع كلما ألمت بالأمة ملمة ويضعون الحلول الجريئة والشجاعة التي تعبر عن قوة الموقف والإرادة لنصرة الحق العربي أينما كان.ومن المنظور الإسلامي ينظر الآن ومنذ زمن بعيد إلى البلدين على أنهما أراض إسلامية نشأت في الأولى الدعوة الإسلامية وأقيمت في الثانية أول دولة إسلامية في المعنى الحقيقي للدولة ومازالتا تحافظان على هذا التراث العظيم في زعامة العالم الإسلامي والسعي لوحدة كلمة المسلمين ورأب الصدع وإزالة الخلاف فيما بين المسلمين، حيث تتدخلان بسرعة لإزالة أي خلاف بين المسلمين قد يضعف قوتهم ويبدد طاقاتهم.والبلدان قوة ردع قومية وإسلامية وعالمية لأي جهة تحاول الاساءة إلى الأمة العربية والإسلامية وهذه القوة ليست مادية فقط بل معنوية أيضاً. فعندما اختلف الاخوة في لبنان واشعلوا فتيل الحرب تدخل البلدان في البداية عسكريا كقوة ردع عربية واستمر الأمر حتى تم اتفاق الطائف الذي ينظم العلاقة بين الأشقاء. بالمثل عمل البلدان تنسيقاً كبيراً لردع الاعتداء العراقي على الكويت. كما أنهما يظلان على استعداد كقوة معنوية في ردع أي جهة أخرى اقليمية أو عربية من الاعتداء على العرب والمسلمين، وقد تجلى ذلك في مواقف البلدين تجاه التحديات التي يواجهها كل منهما؟ وأبرز هذه المواقف الموقف المشرف للأمير عبدالله من أمريكا التي تتنكر للحق العربي وتمالي إسرائيل ضد مصلحة سورية والعرب والأهم من كل ذلك أن البلدين ينسقان سياساتهما على الصعيد العربي والعالمي وبخاصة في مجال القضية الفلسطينية حيث يضع البلدان هذه القضية بين أولوياتهما السياسية وكأنها قضية داخلية.
ان تقديمهما للمصلحة القومية على المصلحة القطرية يدفعمها كما يدفع القياديين الفلسطينيين إلى تجاوز الخلاف لما يمتلكونه جميعاً من مشاعر أخوية صادقة تلزمهم بتناسي الخلافات كلما ألمت بهم مصيبة أو تعرضوا لخطر خارجي. ومن هذا المنطلق القومي وافق البلدان على خيار السلام المتمثل في انسحاب إسرائيل الشامل من جميع الأراضي المحتلة واقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وفق قوانين الشرعية الدولية ومؤتمر مدريد ومبدأ الأرض مقابل السلام، لكنهما في الوقت نفسه يرفضان الاستسلام أو التنازل عن أي حق من الحقوق العربية ويدعمان شعبنا الفلسطيني ماديا ومعنويا داخل فلسطين وخارجها. وقد غدا هذا الموقف موقفا أدبياً وسياسياً قوميا ملزماً للعرب وأصدقائهم في العالم كله وهما لم يتركا الأمر عند حدود الكلام بل يعملان لإيجاد أسباب القوة التي تحمي هذه المواقف وتحولها إلى حقائق بإذن الله.والشيء الأهم أيضاً هو أن البلدين يتطلعان إلى المستقبل من خلال منظور استشرافي يضع التضامن العربي في أول اهتماماتهما لبناء البلدين بناء حضاريا معاصراً يليق بأبنائهما ويرفع الرؤوس عاليا في زمن لم يعد للكسالى والمترددين والخائفين فيه مكان على أمل أن يصبح البلدان نموذجاً عربياً في العلوم والثقافة والبناء الاقتصادي والفكري ويصبح البلدان منارتين، كما كانتا في التاريخ يهتدي بهديهما من ضل الطريق ونأمل أن يستمر هذا النهج القويم كي يبقى البلدان في القمة بعون الله وقوته.
* كلية التربية جامعة دمشق

أعلـىالصفحةرجوع
















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved