| متابعة
منذ زمن بعيد بدأت أميز خصوصية سمو ولي العهد السعودي في السياسة السعودية ازاء القضية الفلسطينية والسياسة السعودية كانت دائما معقولة بل كانت ريادية دائماً ازاء القضية الفلسطينية الا ان سمو ولي العهد تمتع بخصوصية اضافية في نطاق تلك السياسة.
حين اعود بالذاكرة الى السياسة السعودية ازاء قضية فلسطين تحضرني صورة المؤسس جلالة الملك عبد العزيز رحمه الله وهو يناقش الرئيس الامريكي روزفلت في القاهرة ويقول له بكل جرأة البدوي وبكل صراحة العربي وبكل حماسة العامل من اجل حقوق الانسان )لماذا تريدون ان تنشئوا لهم وطنا هنا في قلبنا في فلسطين لقد تحدثت ايها الرئيس روزفلت عن الاضطهاد الذي لقيه اليهود على يد هتلر والالمان فلماذا يا ايها الرئيس وقد انتصرت في الحرب على الالمان وانهيت حكم هتلر لماذا لا تجد لهم مكانا في المانيا التي اضطهدتهم، لماذا تأتي بهم الى هنا؟! نحن لم نضطهدهم ولم نكن مسؤولين عن اضطهادهم لماذا تأتي بهم يضطهدون شعبا هو شعبنا الفلسطيني(.
وفي المحاضر التي قرأتها عن ذلك لاجتماع وجدت ان الرئيس روزفلت لم يستطع ان يقدم جوابا مقنعا لمحامي العرب الاول في قضية فلسطين جلالة الملك عبد العزيز رحمه الله.
كان روزفلت يتحدث عن كرم الضيافة العربية وعن احتفاء العربي بالضيف لكنه لم يضع في حسبانه ان العربي لا يقبل العدوان ولا يستكين للمعتدين ذلك الموقف في منتصف الاربيعينيات تذكرته جداً وانا اقرأ في الصحف ان سمو ولي العهد رفض دعوة امريكية لزيارة واشنطن هذا الشبل من ذاك الاسد بل هذا الاسد من ذاك الاسد وبمثل هذا الاسد يعتز العرب.
موقفه في رفض الدعوة لامس وجدان كل عربي ومسلم ولامس وجدان كل من يهتم بحقوق الانسان وبحقوق الشعوب وبكرامة الانسان وكرامة الشعوب.
لو ان الحكام العرب الآخرين اقتدوا به لكنا قد وصلنا الى حل عادل مشرف لقضية فلسطين وللصراع في المنطقة ذلك ان ما اطمع اسرائيل فينا هو معرفتها بأننا لا نرد للولايات المتحدة طلبا حتى لو كان على حساب حقوقنا وكرامتنا اما وان سمو ولي العهد رفض دعوة امريكية لزيارة واشنطن فهو بهذا اختط طريقا أكيداً لدرء مطامع الصهيونية واسرائيل فينا لانه ابلغ اعداءنا وبصريح العبارة اننا لم نغفر للولايات المتحدة دعمها غير المشروط لاسرائيل واننا لا نستطيع ان نتصادق مع امريكا، اي مع دولة تقود سياستها في المنطقة سياسة العدو الصهيوني.
في دمشق نرحب جداً بزيارة سمو ولي العهد لقد عهدناه مخلصا للعرب ولسوريا في طريقها الصعب من اجل بلوغ سلام عادل وشامل ولن تنسى له سوريا تأييده لمواقفها في الفترة التي اعقبت زياردة الرئيس المصري السابق الى القدس المحتلة.
نذكر لسمو ولي العهد تصريحات كثيرة ايد بها سوريا ونذكر لسموه مواقف سياسية وكان لهذه المواقف وزنها في السياسة العربية والسياسة الدولة.. نذكر له مواقفه وتصريحاته ونشكره عليها واذ يأتي هو الآن الى سوريا بنفسه فاننا نتوقع ان تكون زيارته معلما جديداً من معالم التأييد العربي للانتفاضة الفلسطينية اهلا بسمو ولي العهد واهلا بالجهد العربي المبارك لدعم انتفاضة الاقصى انتفاضة الاستقلال حين تتحد دمشق والرياض في عمل واحد فمعنى ذلك ان الامة العربية بخير وان الجهد العربي سيبلغ شأوه في احقاق الحق.
ولسموولي العهد جانب آخر تعرفت عليه حين حظيت بأن أكون ضيفا على مائدة عامرة أقامها بمناسبة مهرجان الجنادرية عام 1997م في ذلك المهرجان كرست كثيراً من الجهد من اجل موضوعين فيهما خير للحضارتين العربية والاسلامية الموضوع الاول هو موقف الفاتيكان من حروب الفرنجة والموضوع الثاني هو التعريف الدولي بحلف الفضول الذي اعتبره اول جمعية للدفاع عن حقوق الانسان في العالم يبدو ان نتائج جهدي الدؤوب في مهرجان الجنادرية بلغت اسماع سمو ولي العهد فما كان منه الا هنأني على هذين المسعيين وقال لي:
كلنا معك في احياء حلف الفضول وفي جعله يمتد من ادنى بلاد العرب الى اقصاها بل من ادنى العالم الى اقصاه.
ومن المعلوم ان حلف الفضول حلف تعاهد به فضلاء مكة آخر القرن السادس الميلادي على ألا يدعوا في بطن مكة مظلوما من اهلها او ممن دخلها من غيرهم من سائر الناس الا كانوا معه على ظالمه حتى ترد مظلمته وقد شهد الرسول العربي الكريم محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم حلف الفضول وهو فتى وقال بعد البعثة النبوية الشريفة في حديث متواتر )شهدت مع اعمامي في دار عبد الله بن جدعان حلفا لو انني دعيت الى مثله في الاسلام لاجبت( هكذا كان سمو ولي العهد حيث قابلته في الجنادرية )مارس 1997( بقتدى بالسنة النبوية الشريفة وحين ذكر له حلف الفضول لبى الدعوة وبارك من يقوم بالسعي من اجل ان يعرف العالم بارتباط العرب بفكرة العدالة وفكرة الحق.
وتأتي زيارة سمو ولي العهد الى سورية اليوم ضمن اطار السعي من اجل العدالة والسعي من اجل الحق لقد سمعت خطاب الامير عبد الله في مؤتمر القمة العربية الطاريء الذي عقد في القاهرة )اكتوبر 2000م( فتساءلت ان رجلا يملك مثل هذه العزيمة وله اثره في سياسة بلده وفي السياسة العربية تساءلت لماذا اذا لا تنهض ولماذا تستباح حقوقنا.
أعلم طبعا ظروف السياسة الدولية تلك التي لا تسمح لنا بالنهوض وتصر على استباحة حقوقنا الا انني اعلم ايضا اننا أقوياء بأشخاص مثل سمو ولي العهد والرئيس بشار الاسد وابطال حماس والجهاد الاسلامي وغيرهم من المخلصين الذين يقدمون لنا مشاعل من الاستشهاد والمثل تنير طريق الخلاص.
* مستشار سابق رئاسة الجمهورية ..رئيس اللجنة العربية لاحياء القرار 3379 المساوي بين الصهيونية والعنصرية.. استاذ الدراسات العليا في كلية الحقوق جامعة حلب
|
|
|
|
|