| الفنيــة
حوار عبدالرحمن اليوسف
* مقدمة:
الشاعر عبدالله الأسمري شاعر رقيق وطموح.. طموحه لايقف عند خط معين بل يتعداه إلى ماهو أرحب وأوسع، طريقه صعب ويتخذ من الصدق الموضوعي وسيلة للوصول إلى هدفه المنشود..
أطل علينا على استحياء ولكنه أسفر عن مشاعره وأحاسيسه بأغنية ملأت الوادي صدى وعبيراً «متغير علي» التي غيرت من شأن الشاعر الشيء الكثير.. كانت تجربته مع الفنان عبدالمجيد مثار جدل واسع.. من أين أتى ذلك الشاب ومن أين شق الصفوف؟ هذا ماسيخبرنا عنه الشاعر في هذا الحوار:
عبدالله الأسمري
«فرد عضلات!»
* أنت شاعر وصحفي كيف تستطيع أن تجمع بين هاتين المتناقضتين وتخرج بعمل جيد وشعر جيد قابل للغناء والوصول للناس؟
أنا أعتقد أن مايتغنى به الفنانون شعر أيضاً وليس فقط ما أقوله أنا وليس هناك ضرر من كون الشاعر كاتبا أو صحفيا إنما المهم هو الإحساس فالكلمة هي الركيزة الأساسية للأغنية وهي التي توصل العمل إلى الجمهور فاللحن ليس ضرورياً كما ليس ضرورياً أن يكون الفنان هو من يوصل العمل وأنا أقولها وبكل صراحة حتى لوزعل الفنانون أو الملحنون فالكلمة هي الركيزة. وأنا حقيقة لم أكن أنوي دخول الساحة الفنية إنما أردت أن «أفرد عضلاتي» فبعد أن شاهدت في التلفزيون وسمعت في الإذاعة بعض الأغاني التي تحصل على مراكز متقدمة وكان كلام الأغاني هذه تافها سألت من حولي هل هذا الكلام يصلح للغناء؟ فقالوا نعم فقلت إذن أنا لدي كلام أجمل، بعدها دخلت الساحة لمجرد التجربة فقط وبحكم قربي من الشعراء مثل محمد القرني بدأت في كتابة الأغنية وذلك لأنهم كانوا يحفزونني ويحرضوني وأولهم هو الشاعر محمد القرني.
«متغير علي» والاستمرارية
* أنت تعاونت مع الفنان عبدالمجيد عبدالله وكانت الأغنية «متغير علي» أفضل أغنية في الألبوم والقادم أحلى ولكن ألم تفكر في استمراريتك مع عبدالمجيد كيلا يحدث لك ماحدث للشعراء الآخرين الذين مازالوا يعيشون على أمل أن يغني لهم عبدالجيد فيقدمون له أفضل كلامهم والآن قصائدهم حبيسة الأدراج عند عبدالمجيد لم يغنها ولم يتركها لغيره؟
* أنا أشكرك على حديثك عن الأغنية أولاً، ولكن أنا لم أكتب الأغنية لعبد المجيد ولم أكن أعرف أنه سيغنيها، وعندما كتبتها لم تكن كاملة فقط المذهب الأول والذي عرضته على الملحن صالح الشهري وسألته عن رأيه فيه وأثنى عليه ودونه عنده، بعد فترة قال لي إن عبدالمجيد يريد منك تكملة القصيدة، لم أصدقه في البداية ولكن بعد أن التقيت بعبدالمجيد في مهرجان الجنادرية قبل عامين، وكانت أول مرة أقابله فيها قال لي هل انتهيت من القصيدة؟ قلت أي قصيدة
فنظر إلى صالح الشهري وقال ألم تبلغه قال بلى بلغته أنا حقيقة لم أكن أصدق أنه يريد القصيدة حتى انه قال لي أنا لا أريد أن أغادر الرياض إلا ومعي القصيدة كاملة.
الفنان عبدالمجيد عبدالله يتمتع بذكاء وحس فني عالٍ فهو عندما تقدم له شيئاً جيداً يقول لك لا أنا أريد شيئاً أجمل حتى يصل معك إلى أعلى مستوى في الإبداع ويعرف بعدها أن هذا هو كل ماعندك.
* صداقتك كانت قديمة بعبدالمجيد ومع هذا لم تقدم معه إلا عملاً واحداً ما السبب؟
لا لم تكن علاقتي به قديمة ولم ألتق به سوى في مهرجان الجنادرية فقط وأول اتصال به كان عند وفاة والده رحمه الله.
المصلحة قبل كل شيء
* أنت قابلته قبل سنتين وهذه مدة طويلة هل أنت خائف من تعاونك معه؟
نعم أنا خائف وعبدالمجيد قال لي بالحرف الواحد: إن لم تقدم لي عملاً أجمل من «متغير علي» أو في مستواه فلن أغني لك، أنت صاحبي على عيني ورأسي ولكن لمصلحتك ومصلحتي أن تقدم ماهو جميل.
* ما المردود الذي تنتظره من غناء عبدالمجيد لكلماتك هل تريد أن تصل لمحمد عبده مثلاً؟
لم لا ؟ وأي شاعر يطمح في أن يغني له أفضل فنان، ومحمد عبده قامة كبيرة ولا أنكر طموحي في الوصول لمحمد عبده بالعكس سأكون في سعادة كبيرة عندما يغني لي محمد عبده وبالمناسبة أنا لدي نصوص أتمنى أن تصل لمحمد عبده على الأقل لأقيم نفسي من خلالها.
زعامة الصالح
* هل تعتقد أن علاقتك وصداقتك بالملحن ناصر الصالح سيكون لها دور في ايصالك للفنان محمد عبده مثلما حصل مع الشهري؟
ناصر الصالح ملحن كبير جدا وأنا سبق وقلت له : أنت ستصبح سنباطي الخليج، يا أخي أعطني عملاً لم ينجح مع ناصر الصالح، وأنا أقول ليسجل التاريخ ان ناصر الصالح يتزعم حملة بمفرده لإعادة الأغنية الطربية وهذا الملحن سيترك بصمة واضحة في تاريخ الغناء السعودي وأنا متأكد من هذا الشيء لأنه إنسان صريح في المقام الأول فالكلمة التي لاتعجبه يقول إنها لاتعجبني وقد استمعت في إحدى المرات إلى أعماله الجديدة التي سيقدمها مستقبلاً فوجدتها رائعة جداً وتفوق روعتها ما قدمه من أعمال سابقة وهذا يدل على أنه يتطور ويتجدد، وهذا الملحن عملة فنية نادرة يجب أن نحافظ عليها.
* وهل لك تعاون جديد معه؟
هناك مجموعة أعمال ولكنها قليلة موجودة لديه، وقد نفذنا عملا مع الفنانة «دانة» وهو بعنوان «وش اللي باقي تبيه»، وكذلك هناك عمل مع راشد الفارس ولكنه لايحضرني اسمه.
* هناك بعض الفنانين الذين يطلبون من الكاتب نصاً معينا يقوم بكتابته وفق شروط معينة، لو طلب منك فنان أن تكتب له نصاً هل ستقوم بذلك؟
حقيقة لا أعرف أن أكتب بهذا الشكل.
* هل هو موقف؟
مسألة تركيب الكلام هذه لا أعرفها وأعمالي كلها تغنى بدون أن أعرف فالفنان عبدالله رشاد غنى لي أغنيتين في ألبوم «تدور الأرض» ولم أعرف عن ذلك مسبقاً . وكذلك راشد الفارس عندما غنى «ذكرى قديمة» فلم أكن أعرف أنه هو من سيغنيها فأنا أعتقد أنها كانت ستذهب للفنانة «نوال» جميع أعمالي لا أعرف من سيغنيها ولا أخطط لاعطائها الفنان الفلاني، والحاصل أن الملحن هو الذي يخبرني بأن الفنان الفلاني سوف يغنيها، أما محاولاتي في الاعتماد على نفسي لايصال قصائدي للفنانين فقد باءت كلها بالفشل، لذلك رأيت أنه من الأفضل أن أعطي الملحن أعمالي وأرتاح.
* لكن هناك تجربة للشاعر بدر بن عبدالمحسن مع د. عبدالرب ادريس في أغنية «ليلة» وهي تركيب الكلام على اللحن؟
عندما يسألني أحد عن أفضل الشعراء لا أذكر بدر فهو أرقى من أن يذكر في أحاديث مثل هذه فبدر يعتبر رمزا للشعر ولايقدم على شيء إلا وبالتأكيد أنه جميل وهو مقتنع به شخصياً.
أغاني الشكشكة
* هل حاولت أن تكتب الأغنية الرشيقة؟
نعم وقدمت أغنية «تعثر في طرف ثوبه» أما إذا كنت تقصد الأغنية الراقصة فأنا لا أعتقد أنني سأقدمها لأني أحس أنني أكبر منها وهذا النوع أقصد الشكشكة انتهى أعطني أغنية «شكشكة» الآن لايوجد نوال غنت «تهددني» وطارت الأغنية وارتفعت أسهمها ولكن عندما ركدت الأمور انتهت هذه الأغنية وظهرت بقية الأغاني في الألبوم وأخذت فرصتها أنا أقصد أن جو الأغنية الخفيفة بدأ يتلاشى وحتى الناس الآن بدأت تعيد حساباتها في هذه المسألة. أما من ناحية الشعر فالأغنية الخفيفة لاتمت للإحساس بصلة ولها علاقة قوية بالأطراف السفلى. وأنت تستطيع أن تلاحظ توجهات الناس للطرب الأصيل عن طريق مايطرح مثل «بنت النور» لمحمد عبده وكذلك ماتطرحه الفنانة ذكرى والفنانة أصالة التي لا أعرف ماذا حصل لها هذه الفترة وكذلك بعض أغاني عبدالمجيد وراشد الماجد مثل «ماأطوله صبري» و «رجاوي» وغير ذلك.
«سيبويه»
* ولكن رغم ذلك نلاحظ غياب الأغنية الكلاسيكية فالفنان يطرح ألبومه وكله أغان سريعة؟
نعم ولكن الأجواء بدأت تهدأ وتعود إلى سابقها فقط تبقى بعض الاستثناءات مثل عمرو دياب في «تملي معاك» أنا لا أعرف هل سيبويه كان على علم بكلمة «تملي».
* لكن السؤال هو هل جميع الفنانين قادرون على أداء الأغاني الكلاسيكية فالأغلبية تعاني من ضعف الصوت إلى جانب رداءة الصوت عند بعضهم؟
نعم هم قادرون ولكن تنقصهم الجرأة وهم يحتاجون إلى من يفتح الباب لكي يسيروا وراءه وأنا لا أعرف من وضع في مخيلة الفنانين أن الناس يريدون «الشكشكة» دائماً وهل من المعقول ان يستمر أحد في الرقص لمدة عشرين سنة، حتما سيصاب بالروماتيزم.
* هل عرضت نصوصك على الفنان راشد الماجد؟
نعم قدمت له عدة قصائد وقد التقيت به في أوبريت الأمير فيصل بن فهد رحمه الله، ولم أعرضها عليه مباشرة إنما عن طريق مدير مكتبه السابق خالد سلمان وكذلك عن طريق الملحن صلاح الهملان ولا أعرف حقيقة أي شيء عنها إلا أن الفنان راشد معجب جدا بالنصوص ولكن لا أدري ماذا حدث بعد ذلك.
التجربة الانتقالية
* كيف ترى مستقبل الأغنية السعودية؟
لا أعرف الآن نحن نحتاج الوقت ولكن بعد خمس سنوات أستطيع أن أتكلم عن مستقبلها الأغنية السعودية مرت بتجربتين انتقاليتين تجربة عمر كدرس وسراج عمر وغازي علي وسامي إحسان ومجموعة أخرى هؤلاء كانوا يقدمون الأغنية على أنها أغنية حقيقية بعد ذلك خرج لنا جيل من الشباب وعملوا واجتهدوا وهناك ملاحظة جديرة بالاهتمام فالجيل الأول من الملحنين كانوا يفرضون لحنهم على الفنان ولكن من جاء بعدهم غيروا هذا الخط لذلك لاتجد أعمالاً خالدة في هذه المرحلة أما الآن فتستطيع أن تقول إنه هو وقت الجيل الثالث أو المرحلة الثالثة وهذه المرحلة لاتخضع للسن أو العمر وهي مرحلة وسطية بين الخفيف والكلاسيكي ومع ذلك أعتقد أن الكلاسيكي سيطغى علي غيره وسيعود بشكل جميل وهذا التحليل ينطبق على الأغنية العربية وليس السعودية فقط.
* هل تعتقد أنك ستكون من فرسان الجيل الثالث؟
أعتقد نسبياً، وأظن أنه من )5 10%( أنني سأقدم شيئاً جيداً أما الآن فلا أظن فمازال هناك أسماء كبيرة تعمل بكل حيوية وهي مجتهدة وتقدم الشيء الجميل ومن حسن حظي أن المنطقة الشرقية تحوي الكثير من الأسماء الكبيرة من شعراء وملحنين ولو أراد الله وبرزنا فهذا بمساعدة أشخاص منهم الملحن صالح الشهري وصلاح الهملان وناصر الصالح وغيرهم إلى جانب ذلك المنافسة الشريفة بين الشعراء وعلى رأسهم الشاعر الكبير علي عسيري وهو رمز من رموز الشعر وأنا أكن له احتراماً كبيراً ونحن نعتبر من الجيل الذي يليه.
* ماذا تقول في نهاية هذا اللقاء؟
أنا أحب فقط أن أشكر جميع من تفضلوا علي مع أنه لايوجد مكان يتسع لتقديم الشكر ولكني لا أحب أن أنكر فضل غيري علي مثل الملحن صالح الشهري الذي قدم لي الكثير وهو أول شخص أخذ بيدي وقدمني إلى جانب الشاعر الكبير أحمد عبدالحق. ولايزال باب الشكر مفتوحا لكل من قال لعبدالله الأسمري أحسنت أو أسأت.
وأخيراً أشكر الجزيرة وأشكرك أنت بالذات على تقبلك لي.
|
|
|
|
|