| عزيزتـي الجزيرة
عبر ثنايا الضجيج المعرفي وفي خضم الثورة المعلوماتية التي تحاصر الجيل وتسهم في تشكيل ميوله وتكوين اتجاهاته والتأثير في اهتماماته .. يأتيك «الإرشاد» كدائرة حيوية لها حضورها الفاعل وعطاؤها الفاضل في الميدان المدرسي.
ان آل التحصيل من بنين وبنات بحاجة ماسة الى قراءة همومهم ومعايشة مشاكلهم والتوغل في أعماقهم لزراعة بذور التربية السليمة في نفوسهم النابضة بالتوثب.. وحينما تفتش «مذكرات» هؤلاء الطلاب والطالبات وتقلب أوراق أفكارهم ستجد أذهانهم مليئة بالمواقف المبعثرة .. والنزعات الشاردة .. وبخاصة مع انحسار الرقيب الأسري وضعف الخبرة وغياب التوجيه.
لذا كان على«الإرشاد المدرسي» ان يمارس دورا مؤثرا في رصد شخصيات أهل التحصيل وتبني رعايتهم وتوجيههم وفق منهج إرشادي له إطاره الخاص وقنواته الفاعلة ومسؤولياته المشرفة التي تتجاوز المواقف المدرسية اليومية الطارئة او الحالات الفردية لعدد من الطلاب والطالبات لتشمل عموم فلذات الأكباد الذين ينتظمون في فلك الإرشاد.
وليس ثمة شك في أن لجان التوجيه والإرشاد «تقدم إضاءات كريمة وتلون سلوك الدارسين والدارسات من النشء بريشة القيم النبيلة والمبادئ الأصيلة وترعى الموهوبين وتكرم المتفوقين وتحتفي بالنابغين..
وحينما نلتفت الى مسؤوليات المرشد الطلابي في مدارس البنين نلحظ الأعباء التي ينوء بها كأهله من برامج إرشادية ومتابعات طلابية وسجلات تقويم وملفات توثيق ومشاركة في المناسبات التوعوية وتعبئة دفاتر.
وربما انتقد البعض تجربة الإرشاد الطلابي راميا المرشد بالقصور وعدم التأثير وغياب دوائر العمل الإرشادي .. صحيح ان هناك مرشدين دخلوا هذا المجال بالتخصص والشهادة دون أن يكون لديهم الاستعداد والكفاءة .. غير ان هناك «نماذج مضيئة» من المرشدين الذين يشعلون الموقف الإرشادي ويتوهّجون في آفاقه بذلا وعطاء وهم يمتطون صهوة الصبر والاحتساب .. فكيف نغفل هؤلاء وكيف نتهم الإرشاد الطلابي بأنه بدون هوية مدرسية .. أو انتماء تربوي أو أثر معرفي.. وتلك ممارسة موغلة في الإجحاف بحق فئة عاملة.. ثم إن مما يحجّم دور المرشد الطلابي انصرافه الى أعمال إدارية بحتة ليست من مهامه ليجد نفسه أمام مهام لا تمتّ للإرشاد بصلة موزعا جهده بين «مراقبة» و«تسجيل غياب الطلاب»و«توزيع الكتب» و«متابعة استئذانات الطلاب» وربما شغل حصص انتظار !!
وهناك «لجنة الارشاد والتوجيه» ضمن القوائم المدرسية وتضم مجموعة من المعلمين اضافة للمرشد وهي قائمة شرفية أثرها محدود المهم أن تكتب وتعلق على أحد جدران المدرسة !!
من هنا ظل الإرشاد الطلابي مناطا بالمرشد الطلابي فقط الذي يدور حول جزئيات العمل الارشادي عبر ركض دائم فوق مضمار الواقع المدرسي ..
والعملية تقتضي الحماس والإخلاص وهناك مرشدون دخلوا المجال الإرشادي من غير تخصص وفاقوا خريجي كليات علم الاجتماع من المرشدين.. ثم إن الإرشاد مهمة الجميع لا بد أن تتضافر جهود كل منسوبي المدرسة لمساندة المرشد الطلابي وهو أيضا مطالب بالتركيز على محاور العمل الإرشادي سواء كانت فنية تهتم بتسجيل الطلاب او تربوية تنصب على سلوكهم وتعالج نفسياتهم.
أما بالنسبة لمدارس البنات فهناك «الأخصائية الاجتماعية» وهي تجربة جديدة لم تصل حد النضج شرعت رئاسة تعليم البنات في تفعيل معطياتها في تلك المدارس وإن كان ترشيح المرشدات يتم من خلال اعتماد الأقل نصابا من المعلمات اللواتي يجهل كثير منهن أسس وقواعد العمل الإرشادي ولا يدركن أبعاده ووسائله نتيجة ترشيح معلمات غير قادرات على استيعاب الأساليب الارشادية او امتلاك الحماس والاستعداد.. مجرد معلمات يبحثن عن تخفيض النصاب ويفتقدن الخطاب.. أعني الخطاب الارشادي المؤثر .. ولا بد من فتح المجال للقادرات بعيدا عن ضوابط النصاب او ترشيح مديرات المدارس اللواتي قد يفشلن في الاختيار والانتقاء من خلال معايير بعيدة عن صلب الموقف الارشادي ومع ذلك لا بد لوزارة المعارف ورئاسة تعليم البنات من تقويم التجربة الارشادية المدرسية لدفعها الى الأمام ومعالجة معوقاتها وقراءة عطاءاتها وملء مساحات الفراغ وتغطية دوائر الاحتياج .. لتبدو ذات خصوصية واضحة وملامح بارزة تؤثر في نفسيات الطلاب والطالبات .. حقا من الضروري كسر الروتين الذي غلَّف فضاء الارشاد المدرسي وبث الحيوية والحركة في ميدانه الرحب.
محمد بن عبد العزيز الموسى - بريدة
|
|
|
|
|