أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Tuesday 5th June,2001 العدد:10478الطبعةالاولـي الثلاثاء 13 ,ربيع الاول 1422

منوعـات

وعلامات
متاع الغرور.!
عبد الفتاح أبو مدين
* جملتان قصيرتان، كلماتهما معدودة، وتؤديان معاني عريضة، كل جملة تعلن في وضوح.. التوجه الذي أمام الإنسان، ليختار النهج الذي يسلكه، وهما مستقيم وأعوج.!
* فالمستقيم.. عناء وتحد وحرمان، وصراع مع النفس الامارة بالسوء، وهو امتحان عسير قاس، لا يقوى عليه.. إلا من غلب نفسه وقهرها، واختار، انطلاقا من قول الحق: «قل متاع الدنيا قليل». وما بعدها نعيم مقيم، وجنات تجري تحتها الأنهار، لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر.
* عبر مقاومة النفس الأمارة.. جهاد لا يقوى عليه إلا أولو العزم، الذين رضوا بالباقية عن الفانية، أولئك هم أولو الألباب.. الذين ألجموا الشهوات العابرة العاجلة الرخيصة، أولئك الذين أخلصوا توجههم نحو الأبقى والأكثر عطاء وغنى، في دار.. لا يمسهم فيها نصب ولا يمسهم فيها لغوب، ويومئذ يقولون: «الحمد لله الذي صدقنا وعده وأورثنا الارض نتبوأ من الجنة حيث نشاء» ويأتي الرد من المعطي: «فنعم أجر العاملين».
* ولو تأمل الإنسان في قول الحق: «قل متاع الدنيا قليل»، ولو تخلص أو نجا من فتن المال والولد، وهما كذلك أعداء، ولكن المخلوق مغرور وهلوع وجزوع وغافل، وصدق الله القائل: «فإذا أنعمنا على الإنسان أعرض ونأى بجانبه، وإذا مسه الشر فذو دعاء عريض».
* إن الغافل هو الذي يبيع الباقية، النعيم المقيم.. بالآجلة الفانية التعيسة في حياة نصب ولغوب، ومع ذلك فهو فرح بهذه الملذات العاجلة الزائلة، يسعى اليها غانما لها ، واذا فاته شيء منها.. حزن، كأنه خسر ما لا حياة بدونه، بدل أن يحمد الله الذي جنبه السوء، ويدعو خالقه ان يعصمه من مساوىء الحياة، غير أنه عجول، ينحو الى اللعب واللهو والزينة والتفاخر، التكاثر في الأموال والأولاد، ويكمل وصف الحياة في الكتاب العزيز: «كمثل غيث أعجب الكفار نباته ثم يهيج فتراه مصفراً ثم يكون حطاماً، وفي الآخرة عذاب شديد ومغفرة من الله ورضوان، وما الحياة الدنيا إلا متاع الغرور». وبعد هذا العرض والتصوير لدنيا بالية خاسرة، لا تساوي عند خالقها جناح بعوضة، يدعو الحق عباده الى «سابقوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها كعرض السماء والأرض أعدت للذين آمنوا بالله ورسله، ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء، والله ذو الفضل العظيم».
* إن الذي يكبح جماح نفسه، يشتري الباقية بالفانية، ولا يكون هذا الاختيار إلا عند أولي النهى، الذين غلبوا أهواء نفوسهم، لأنهم أقوياء، فانتصروا، وكانوا أحرياء بالنعيم المقيم، لأنهم وعوا معطيات الطريقين المستقيم والأعوج .. مع اقتناعهم ان النهج المستقيم حرمان ، والأعوج متاع ، وإن كان عاجلا وفانيا.! وما أقسى صراع النفس، وضعف الانسان أمام شهواته وأطماعه.. في الحياة الدنيا، ومرد ذلك الحرص، وغلبة النفس اللوامة.!
* إن الانتصار على النفس، هو مجاهدتها، وكبح جماحها بالممارسات الدينية، التي تكسر حدة جموحها، وتحد من هيمنتها والاندفاع وراء المتاع المحرم، الذي يجلب الويلات، ويبعد عن الحق، وسيقود الى المهالك.!
* إن الزهد في الحياة.. سبيل الى السلامة، وكذلك القناعة بالقليل، وصرف النظر عما في أيدي الناس، حيث الرضا بما قسم الله، ليكون المرء أغنى الناس، لأن الارزاق بيد الله، قال تعالى: «وما من دابة في الأرض إلا على الله رزقها».
* ندعو الله أن ينصرنا على أنفسنا حتى لا نضل.!
حفّت النار بالشهوات، وحفت الجنة بالمكاره.

أعلـىالصفحةرجوع
















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved