| متابعة
تاريخ عريق وتراث مجيد يربط شبه الجزيرة العربية وبلاد الشام.. تاريخ يعود إلى اللحظة التي اكتشف فيها الانسان العربي طرق الرقي والتطور الحضاري فهاجر شمالاً إلى بلاد الشام حيث أقام المدن والحضارات المتعاقبة.
ومن قلب جزيرة العرب انطلقت رسالة الأمة الخالدة رسالة الإسلام التي حملها أبناء أمتنا العربية من هناك إلى بلاد الشام ومنها إلى كل أنحاء المعمورة لتعطي البشرية جمعاء نور الهداية وتدلها على سواء السبيل.
ويشكل الحاضر بكل ما يشير إليه هذا الحاضر، وما يختزنه من وقائع للمستقبل امتداداً لهذا الماضي العريق.. وتبقى العلاقات الأخوية بين دمشق والرياض حجر الزاوية والأساس الذي يبنى عليه للإعداد لمستقبل الأمة العربية الذي يحفظ كرامة الانسان العربي ويحمي وجوده ويفعِّل دور العرب في عالم اليوم ليكون الانسان العربي المعاصر على صورة أسلافه صانعاً للحضارة الانسانية ومتفاعلاً معها ومشاركاً في حل مشكلاتها.
فالعلاقات السورية السعودية قوية ومتميزة إلى حد كبير وتقوم على التشاور والتنسيق والاحترام المتبادل لتشكل في الحقيقة جداراً صلباً في وجه كل ما يحاك في العلن والخفاء للأمة العربية من مؤامرات تستهدف وجودها وتاريخها ورسالتها الخالدة.. فدمشق والرياض تنطلقان من الايمان بالمصير الواحد لكل أبناء الأمة العربية وتعملان ليل نهار لحماية هذا المصير ولصنع مستقبل مشرق ينهض بالأمة العربية ويضعها في المكان الذي يليق بها بين أمم الأرض.
إن التاريخ الحديث يؤكد لكل متابع أن متانة العلاقة بين سورية والمملكة العربية السعودية كانت من ثوابت السياسة السورية منذ العام 1970 أي طيلة عهد الرئيس الراحل حافظ الأسد. وفي ظل هذه العلاقة الوطيدة استطاعت الأمة العربية أن توحّد مواقفها تجاه العديد من القضايا المصيرية ولا يزال الموقف السعودي خلال حرب تشرين التحريرية ماثلاً أمام كل مواطن عربي وهو كغيره من المواقف القومية السعودية موضع تقدير واكبار.
وتتواصل في ظل قيادة السيد الرئيس بشار الأسد هذه العلاقات الأخوية المتميزة حيث قام سيادته بزيارتين إلى المملكة الشقيقة وأجرى مباحثات مع أخيه خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز ومع سمو الأمير عبدالله بن عبدالعزيز ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء رئيس الحرس الوطني بهدف تعزيز الموقف العربي وتوحيده تجاه كل التحديات التي تواجه الأمة العربية وفي المقدمة منها العدوان الإسرائيلي المستمر على العرب وعلى الشعب الفلسطيني الباسل.
إن حكمة المواقف السعودية كانت على الدوام واضحة وصريحة وشكلت دعما لسورية الدولة الرئيسية من دول المواجهة الصامدة في وجه إسرائيل وسياستها وكان تصريح سمو ولي العهد الأمير عبدالله قاطعاً في الوضوح والحزم عندما قال رداً على التهديدات الإسرائيلية ضد لبنان وسورية: انه لا يوجد أحد يتصور أن السعودية وكل الوطن العربي سيقف مكتوف اليدين.
وعندما ألم بسورية وأمتها العربية المصاب الجلل برحيل القائد العربي الكبير حافظ الأسد كان للموقف السعودي أعمق الأثر في نفس كل مواطن سوري في تلك اللحظات العصيبة.. وقد عبَّر سمو ولي العهد عن هذا الموقف النبيل عندما قال مخاطباً الرئيس بشار الأسد: ان اخوانكم في المملكة العربية السعوية وعلى رأسهم خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز كانوا ومازالوا وسيظلون مع سورية الشقيقة وشعبها الأبي الصامد قلباً وقالباً في السراء والضراء بلا تردد أو منّ وسيؤازرونكم ويقفون معكم في كل ظرف وحين.
ولا حاجة هنا لتأكيد ما هو مؤكد وهو أن الرؤية السورية السعودية هي رؤية مشتركة تجاه قضية العرب المركزية قضية فلسطين وضرورة تقديم كل الدعم المادي والسياسي والمعنوي لشعب فلسطين الذي يواجه أطفالاً وشباباً ونساء وشيوخاً آلة العدوان الإسرائيلية وقد اقترنت هذه الرؤية بأفعال ملموسة ساهمت في تعزيز صمود أبطال انتفاضة الأقصى.
إن اللقاءات بين قادة البلدين الشقيقين والمباحثات الثنائية بينهما تسهم ولا شك في تعزيز الموقف العربي وتحصينه ضد التحديات والأخطار المحدقة بالأمة العربية لأن لكل من سورية والمملكة الشقيقة تاريخاً مشتركاً من العمل الدؤوب المتواصل للارتقاء بالموقف العربي وجعله أكثر تماسكاً كما أن هذه اللقاءات تشكل دفعاً للعلاقات الثنائية السياسية والثقافية والاجتماعية والإعلامية إلى مستويات جديدة متقدمة تعبر عما يجمع البلدين الشقيقين من تاريخ عريق وحاضر اتصف على الدوام بالتواد والاحترام والتشاور والتنسيق لصنع المستقبل المنشود لشعبينا معاً وللأمة العربية كلها.
* المدير العام للوكالة العربية السورية للأنباء رئيس التحرير
|
|
|
|
|