|
| الاقتصادية
وافق مجلس الوزراء الموقر على توصية المجلس الاقتصادي الاعلى بتخفيض الرسوم الجمركية من 12% الى 5% كإجراء هام من ضمن الاجراءات التصحيحية اللازم اتخاذها لمواجهة متطلبات الانضمام الى منظمة التجارة العالمية ولدعم المقدرة التنافسية للاقتصاد السعودي على الساحة الاقليمية والعالمية. واذا كنا نعلم بأن مثل هذا الاجراء سيكلف الخزينة العامة ما يزيد عن السبعة مليارات سنويا نتيجة لانخفاض الايراد الجمركي، فإننا أيضاً نعلم بان مثل هذا الاجراء سيساهم في تحقيق العديد من المكاسب الملموسة للمواطن والمستثمر السعودي على حد سواء ولعل من اهم هذه المكاسب الآتي:
1- ان انخفاض التعرفة الجمركية سيؤدي الى انخفاض في تكاليف الاستيراد مما سيؤدي الى انخفاض في اسعار السلع المتاحة للمستهلك السعودي والذي بدوره سيؤدي الى زيادة في فائض المستهلك وتحسن في مستوى رفاهية المواطن السعودي. ولكن يجب التنبيه هنا الى ان التاجر السعودي قد يلجأ الى تبطئه تعديل الاسعار بحجة الحاجة الى وقت اكثر للتخلص من الموجودات السابقة التي تم استيرادها قبل قرار تخفيض الرسوم الجمركية. بل ان البعض من التجار ربما يلجأ الى عدم تخفيض الاسعار والاستمتاع بمعدلات الربح العالية خاصة اذا كانت طبيعة السوق لسلعة من السلع غير تنافسية او كانت السلعة محل النقاش لا تتمتع بمرونة طلب سعرية عالية. وبالتالي فاننا نحتاج بجانب هذا القرار الى تفعيل دور الرقابة التجارية ومنع استغلال التجار الذين يتمتعون بشكل من اشكال الاحتكار للقرار كوسيلة لزيادة ارباحهم على حساب المستهلك السعودي. بالاضافة الى ذلك فان بعض التجار قد اعتاد على التلاعب بفاتورة الاستيراد من الخارج كوسيلة للتهرب من تحمل العبء الجمركي مما يعني ان هؤلاء التجار وفي غياب الرقابة الصارمة ربما يستمرون في تلاعبهم ليس فقط على الحدود ولكن ايضا داخل السوق وأثناء تعاملهم مع المستهلك السعودي. وعليه فإن من المفترض ان تقوم وزارة التجارة بدور أكبر لتفعيل الرقابة ومحاسبة التجار المتلاعبين حتى لو اقتضى الامر سحب تراخيص الاستيراد من كل من يثبت تلاعبه بفاتورة الاستيراد.
2- ان انخفاض التعرفة الجمركية على السلع الانتاجية المستوردة من الخارج سيؤدي الى انخفاض تكاليف الانتاج محلياً والذي بدوره سيساهم في دعم القدرة التنافسية للمنتجات المحلية لتكون قادرة على الاقل على منافسة تلك المستوردة من الاسواق المجاورة. وفي هذا الخصوص نتمنى ان تكون قائمة السلع المشمولة بقرار التخفيض تشتمل على سلع انتاجية اكثر من اشتمالها على سلع استهلاكية وذلك لكون زيادة استهلاك السلع الاستهلاكية لا يؤدي بالضرورة الى زيادة في فرص العمل ولا إلى زيادة في الناتج القومي المحلي. والسبب في ذلك يعود الى ان المستفيد الاول من تخفيض الرسوم الجمركية على السلع الاستهلاكية بعد المستهلك النهائي هو المنتج الاجنبي الذي سيواجه زيادة في الطلب على منتجاته نتيجة لانخفاض تكلفة استيرادها مما سيدفعه الى التوسع في الانتاج والذي سيؤدي الى زيادة الطلب على عناصر الانتاج المختلفة وفي مقدمتها بالطبع عنصر العمل. وبالتالي فاننا نتمنى ان نستطيع من خلال اجراء تخفيض الرسوم المساهمة في دعم الصناعة المحلية من خلال خفض تكاليف استيراد المواد الاولية والسلع التي تستخدم في انتاج سلع اخرى.
3- ان تخفيض الرسوم الجمركية قد يكون له دور رئيسي في زيادة صادرات المملكة من خلال برامج إعادة التصدير ومن خلال تشجيع الصناعات المحلية التي تعتمد في انتاجها على السلع الانتاجية المستوردة التي شملها قرار التخفيض.
4- يعتبر قطاع التجارة من اول القطاعات المستفيدة من قرار تخفيض الرسوم الجمركية نتيجة لما لهذا القرار من دور في تنشيط حركة البيع والشراء وفي دعم وتشجيع الطلب المحلي على السلع المستوردة. وهنا اعتقد ان بالامكان ان تكون الاستفادة اكبر لو استطعنا ان ندعم قرار تخفيض الرسوم الجمركية بقرار آخر يقضي بإلزامية توظيف عنصر العمل السعودي في قطاع التجارة او في بعض انشطة هذا القطاع خاصة بعد انخفاض تكاليف الاستيراد الذي سيساهم في تمكين التاجر السعودي من تحمل الزيادة في فاتورة الاجور الناتجة عن توظيف عنصر العمل المحلي. وكل ما نخشاه هنا هو ان يلجأ التاجر السعودي الى زيادة استقدام العمالة الاجنبية لمواجهة الزيادة في الطلب على السلع التي قد تؤدي الى زيادة نقاط البيع او ساعات العمل.
بشكل عام فان حكومة هذه البلاد قد قررت التضحية بحصتها من الايراد الجمركي رغبة في تحقيق مزايا ومكاسب ملموسة للمستهلك والمستثمر السعودي. وبالتالي فان علينا ان نكون حريصين على تحقيق هذه المكاسب على ارض الواقع حتى لا تكون الخسارة غير مبررة وحتى لا تقتصر الفائدة على فئة دون اخرى وعلى قطاع دون آخر.
استاذ الاقتصاد المشارك بكلية الملك فهد الامنية
|
|
|
|
|
