أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Tuesday 5th June,2001 العدد:10478الطبعةالاولـي الثلاثاء 13 ,ربيع الاول 1422

الاقتصادية

قصتي مع جدة!!
م، عبدالله بن يحيى المعلمي
في عام 1393ه كنت اعمل في اول وظيفة لي بعد التخرج في مصفاة جدة للبترول، وعلمت آنذاك بأن كلية الاقتصاد والادارة كانت بصدد تنظيم دورة للادارة المتوسطة، وحاولت الالتحاق بهذه الدورة لشعوري باهميتها ولكن المسؤولين عن الدورة اعتذروا بحجة انني حديث التخرج وان جهة عملي لم ترشحني للدورة وان الوقت متأخر، وفي يوم افتتاح الدورة حضرت الى الجامعة وسعيت الى مقابلة مدير الدورة الدكتور غازي مدني وعبرت له عن رغبتي في الالتحاق بالدورة، وإزاء اصراري ومثابرتي والحاحي ماكان من الدكتور غازي مدني الا ان اخذ قصاصة من ورقة امامه وكتب عليها اسمي وقال لي اسرع لتلتحق بزملائك في الدورة،
ان قصتي مع جدة هي قصة حب قديم متجدد، وحكايتي مع جامعة الملك عبدالعزيز هي حكاية وجد مستمر، اما علاقتي بيوم المهنة فهي علاقة تعارف اذ أحظى هذا اليوم بالمشاركة لاول مرة في يوم المهنة ولعلي اكثر حظا اذ تأتي هذه المشاركة في يوم ينظمه قسم الطالبات في الجامعة،
واسمحوا لي ايها الإخوة والاخوات باربعة اسئلة:
اولها: هل هيأنا في مجتمعنا فرصا معقولة لعمل المرأة؟
وثانيها: هل أعددنا للمرأة في مدارسنا وجامعاتنا برامج تعليمية تؤهل الفتاة لاحتياجات سوق العمل؟
ثالثها: هل استعد القطاع الخاص بما فيه الكفاية لاتاحة الفرصة امام عمل المرأة؟
وآخرها: هو هل يعتبر تدريب العمالة السعودية استثماراً ام إنفاقاً؟
اما بالنسبة للسؤال الاول فلا شك عندي ان فرص العمل المتاحة للمرأة في بلادنا مازالت محدودة للغاية وانها يمكن ان تتضاعف مرات عديدة دونما اخلال بالثوابت الشرعية التي تلتزم بها امتنا، ودونما اضرار بفرص العمل المتاحة للشباب من ابنائنا،
ان مشروعية عمل المرأة اذا لم يصاحبه اخلال بالضوابط الشرعية المعروفة هي امر لم يعد محل نقاش، بل انني اقول: ان عمل المرأة في حالات عديدة ضرورة شرعية تفرضها الحاجة الاقتصادية والاوضاع الاجتماعية احيانا اخرى، كما ان وسائل التقنية الحديثة قد فتحت ابوابا عريضة للاستفادة من الطاقات البشرية النسائية لم نحسن الاستفادة منها بعد، والا فكيف نفسر ان تكون الهند مثلا اكبر مركز لخدمة التجارة الهاتفية في الولايات المتحدة، او ان تسعى الاردن الى ان تضطلع بخدمات المكاتب الخلفية للمصارف في منطقة الشرق الاوسط، او ان تمتاز الفلبين بكونها مصدرا رئيسا لبرامج الحاسب الآلي التي تنتقل بين مكتب وآخر عبر آلاف الاميال او ان تكون ايرلندا مقرا للخدمات الهندسية لكثير من الشركات في اوربا وامريكا، في حين نعجز عن ايجاد فرص عمل حقيقية مثمرة للمرأة خارج قطاع التعليم،
انني ادعو مجلس القوى العاملة وامينه العام الرجل الاقتصادي المتميز صاحب الفكر الخلاق الدكتور عبدالواحد الحميد لان يضع ضمن برامج اولوياته كيفية الاستفادة من وسائل التقنية الحديثة وغيرها من السبل لإتاحة فرص العمل للمرأة في المحاسبة والهندسة و التسويق والاعلام والخدمات الطبية والسياحة والعديد من المجالات الاخرى، وان نسعى الى تكبير حجم كعكة العمل المتاحة لابناء الوطن وبناته بدلا من التركيز على اقسام الكعكة الموجودة حاليا،
اما سؤالي الثاني حول ما اذا كنا قد اعددنا للمرأة في بلادنا من برامج التعليم مايؤهلها لمواجهة احتياجات سوق العمل، فلعل اصول اللياقة الدبلوماسية والمجاملات الحكومية تقضي ان اتجاوز هذا السؤال الى مابعده خاصة وانا في رحاب الجامعة، او على اقل تقدير ان اتحرى السلامة فلا اجيب على هذا السؤال الا بعد خروجي من الحرم الجامعي،
وبجدية اكثر، فإن اجابتي الحقيقية على هذا السؤال هي انني لا ادري، لسببين الاول هو انني قليل المعرفة ببرامج التعليم الجامعي النسائي، والثاني هو ان محدودية فرص العمل المتاحة للفتيات تجعل من الصعب تقويم مدى ملاءمة برامج التعليم النسائي لاحتياجات سوق العمل،
ولعلي أكتفي في هذا الشأن بملاحظتين اترك بعدهما المجال لكم لمحاولة الاجابة على السؤال،
الملاحظة الاولى هي ان برامج التعليم الموجهة نحو تخريج المعلمات قد نجحت نجاحا كميا كبيرا بدليل الاعداد المتزايدة من الخريجات الراغبات في الالتحاق بسلك التعليم، والملاحظة الثانية هي اننا نعاني من غياب شبه تام لبرامج التعليم الفني والتأهيل المهني المناسبة للفتيات، ولذلك فاني ادعو الى ان تتولى المؤسسة العامة للتعليم الفني والتدريب المهني مسؤولية تنظيم هذه البرامج وادارتها اسوة بالتعليم الجامعي الذي تقدمه الجامعات لمنسوباتها من الطالبات، ولا مانع من أن يكون ذلك بالاشتراك والتنسيق مع الرئاسة العامة لتعليم البنات ولكنني اشفق على الرئاسة واخشى ان نحملها مالا طاقة لها به، اذا طالبناهم بتعليم الفتاة من الروضة الى الدكتوراه بما في ذلك التدريب المهني بمختلف فروعه ومجالاته،
السؤال الثالث الذي طرحته هو ما اذا كان القطاع الخاص قد استعد بما فيه الكفاية لاتاحة الفرصة امام عمل المرأة؟
ولعلي هنا لا أحتاج الى شيء من المجاملة فالقطاع الخاص صريح يحب الصراحة، وواضح يحترم الوضوح،، ، وانا اشعر بصراحة ووضوح ان القطاع الخاص لم يفعل لأسباب اعذره في بعضها ولا اعذره في بعضها الآخر،
القطاع الخاص معذور اذا ادركنا ان شيئا من الغموض يحيط بما هو متاح او مباح من مجالات عمل المرأة ومايصاحب ذلك من شروط او اجراءات، والقطاع الخاص كما قلت يحب الوضوح ولايجيد التعامل في الظل، ويسعى الى ان يستبدل بالشك اليقين وان يتجنب ماقد يعود عليه بالتساؤلات او الاحراجات،
والقطاع الخاص ليس معذورا اذا علمنا ان جوهر اعمال القطاع الخاص ومدار نجاحه يتمثل في مايتخذه من مبادرات ومايقبل عليه من اقدام محسوب، وفي تقديري ان تهيئة آفاق ارحب لعمل المرأة في القطاع الخاص ليس ممكنا فحسب وانما هو وسيلة فعالة لتخفيض الكلفة الاجمالية للعمل مع الحفاظ على مبادئ المساواة في الاجور، ولرفع الانتاجية في الاداء،
واخيرا، ، هل التدريب استثمار ام إنفاق؟
لقد كنت اطمح الى ان يكون هذا السؤال محورا أساسيا للورقة التي اقدمها اليكم، ولكن الظروف التي صاحبت اعداد هذه الكلمة دفعتني الى ان يكون هذا السؤال خاتمة المطاف في حديثي اليكم، ، التدريب اذا كان واضح الملامح محدد الغايات فانه بلا شك استثمار يضيف الى المنشأة قيمة اقتصادية تتمثل في مدى ماتستفيد منه من كفاءة اكتسبها المتدرب او مهارة تعلمتها المتدربة، وهي قيمة تظهر آثارها بشكل مباشر على كفاءة الانتاج وحسن الاداء،
والتدريب الاولي هو استثمار ينبغي ان يضطلع به المجتمع عبر مؤسساته التعليمية والتدريبية ذلك ان مردوده يعود على الاقتصاد بشكل شامل وعبر قنواته المتعددة ومنشآته ومؤسساته المختلفة، واما التدريب على رأس العمل فهو استثمار ينبغي ان تقوم به المنشآت الاقتصادية وان تتكفل بمستلزماته، فهو تدريب ذو مردود فوري ومجالات نفعه مباشرة، ولعل كثيرا من حواراتنا في الماضي حول توزيع المهام والمسؤوليات بين القطاعين العام والخاص لم تكن مثمرة عندما كنا نمزج بين الادوار فنطالب القطاع الخاص بان يتكفل بالتدريب الاولي بحجة اننا لانفصل الطلاب على مقاس احتياجات القطاع الخاص، وهي حجة واهية بالنظر الى النظام التعليمي الذي يوجه 80% من طلبة الجامعات الى الدراسات النظرية لايفصل الطلاب على اي مقاس، او نطالب الدولة بتحمل تكلفة التدريب المستمر بحجة ان العامل السعودي تنقصه المهارات المطلوبة، وهي ايضا حجة ضعيفة اذا نظرنا الى مدى النجاح الذي حققته شركات وطنية تميزت بالتدريب في مايتعلق بتأهيل الشباب السعودي العامل في القطاع الخاص، ولعلي ارى في انشاء صندوق الموارد البشرية وطبيعة تكوينه و اهدافه بارقة أمل في ان تقاذف الكرة بين القطاع الحكومي والقطاع الخاص والجهاز التعليمي يوشك ان ينتهي، وان فجرا جديدا من الشراكة الفعالة والتعاون المثمر بين هذه الاركان يكاد يشرق واني اجد نفسي اليوم اكثر تفاؤلا بأن القادم احلى،

أعلـىالصفحةرجوع
















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved