| الاقتصادية
احتفل العالم يوم الخميس الماضي 8/3/1422ه الموافق 31/5/2001م باليوم العالمي للامتناع عن التدخين، وفي الوقت الذي تأتي معه هذه المناسبة متضمنة العديد من الارقام والاحصائيات المرعبة «اربعة ملايين حالة وفاة سنوياً» سواء من خلال ارقام المرضى والوفيات من المدخنين او من خلال الخسائر الاقتصادية والمبالغ الضخمة التي ينفقها المدخنون سنوياً، فعلى الرغم من تلك الارقام والحقائق المخفية حول التدخين، إلا اننا وبكل اسف نجد بان هذه العادة الممقوتة في ازدياد في دولنا النامية بصفة عامة وفي مملكتنا الغالية على وجه الخصوص،
وفي الوقت الذي نجد فيه ان دولة كالولايات المتحدة الامريكية قد استطاعت خلال فترة وجيزة ان تسيطر على آفة التدخين وان تجعل تلك العادة ليست من الأمور غير المحببة فحسب وانما تجاوزت ذلك الى اعتبارها مخالفة يعاقب عليها القانون ايضاً، نجد ان هذه العادة الممقوتة قد بسطت انتشارها في مختلف الأماكن العامة والخاصة لدينا ومن قبل الكثير من شرائح المجتمع، وازاء ذلك التفاوت العجيب بين كل من بلد غاية في التحرر والانحلال كالولايات المتحدة الامريكية وبلد محافظ كالمملكة العربية السعودية، يخطر ببالي عدد من الاستفسارات:
1- كيف استطاعت الولايات المتحدة الامريكية ان تجعل من الشخص المدخن وكأنه مذنب لا يمكن له التدخين إلا من خلال انزوائه واختلائه بنفسه بعيداً عن الناس؟
2- كيف استطاعت الولايات المتحدة الامريكية ان تنجح في ردع المدخنين عن التدخين في مختلف الاماكن العامة في اثنين وخمسين ولاية في حين اننا نعجز عن السيطرة على تلك الظاهرة في دولنا المحدودة مساحة ومكاناً؟،
3- كيف ينصاع الشخص المدخن في الولايات المتحدة الامريكية لتوجه الحكومة الامريكية بمنع التدخين في حين ان المدخنين لدينا لا يبالون بالكثير من التعليمات المانعة لهذه الظاهرة الممقوتة واهمها على الاطلاق التعليمات الإلهية،
4- كيف تمكنت الاجهزة الامريكية المعنية بمحاربة ظاهرة التدخين في الاماكن العامة من النجاح في مهمتها لو لا وجود العزيمة الصادقة للقضاء على تلك الظاهرة الممقوتة،
5- كيف اننا امة مسلمة وشريعتنا الغراء تحرم التدخين، وعلى الرغم من ذلك لا يوجد لدينا اجهزة فاعلة تحد من ظاهرة التدخين كما لا يوجد لدينا تنظيمات وقوانين كفيلة بإيقاع العقوبات الملائمة على المدخنين في الاماكن العامة كما هو الحال في كثير من دول العام المتقدم؟
6- كيف ان مجتمعاً متحرراً كالمجتمع الامريكي والذي قطع باعاً طويلاً في الانغماس في الشهوات والملذات يقف تلك الوقفة الحازمة في مكافحته لظاهرة التدخين في حين ان مجتمعنا المسلم المحافظ لم يبد التحرك اللازم لمجرد الحد من انتشار ذلك؟
7- هل يعقل ان بلداً اسلامياً محافظاً كالمملكة العربية السعودية يأتي كرابع اكبر دولة مستوردة للسجائر في العالم حيث يستهلك في المملكة نحو 570 مليون ريال لاحراق نحو 34، 3 ملايين كرتون من السجائر اي حوالي 3، 4 مليارات سيجارة سنوياً، وهل يعقل ان نصف الذكور من الرجال البالغين لدينا هم من المدخنين في حين لا يتجاوز نسبتهم في الولايات المتحدة وغيرها من الدول الصناعية الأخرى عن 30% على الرغم من ارتفاع دخولهم؟
ان ما دعاني الى اثارة هذا الموضوع والى طرح تلك التساؤلات هو ما شاهدته خلال زيارة لي مؤخراً للولايات المتحدة الامريكية من وقفة صارمة في التصدي لآفة التدخين في مختلف الاماكن العامة ليس من قبل الاجهزة الرسمية الامريكية فحسب وانما من قبل مختلف اوساط المجتمع الامريكي ايضاً، وما شاهدته في مطار الملك خالد في الرياض من ممارسة للتدخين علانية بالرغم من قرار منع التدخين وانتشار لوحات ممنوع التدخين،
وقد دفعني ذلك الى التفكير الطويل في ما نعيشه من معاناة من تلك الآفة الضارة في ظل صمت مستغرب من مجتمعنا المحافظ وتجاهل اكثر استغراباً من قبل الاجهزة المعنية بالقضاء على تلك الظاهرة، وقد يقول قائل بان الدولة قد اصدرت قراراً بمنع التدخين في الاجهزة الحكومية والجامعات والمطارات وغيرها من الاماكن العامة، إلا انني ومع احترامي لذلك القرار إلا انه جاء غير مصحوب بآليات عقابية واضحة لمن يخالفه، وما استمرارية انتشار ظاهرة التدخين حتى وقتنا الحاضر في كثير من الاجهزة الحكومية وغيرها من الاماكن العامة إلا نتاج طبيعي لعدم معاقبة من يخالف ذلك القرار ولذا فإننا سنتوقع ان يكون هناك وقفة حازمة للتصدي لهذه الظاهرة من قبل كافة الاجهزة ذات العلاقة واخص بالذكر كل من وزارة المعارف، ووزارة الصحة، ووزارة الشؤون الإسلامية، والرئاسة العامة لرعاية الشباب،
)*( رئيس مجلس إدارة الغرفة التجارية الصناعية بالرياض
|
|
|
|
|