| فنون مسرحية
سيناريو جديد لتوزيع الجوائز في المهرجانات المسرحية اعتمدته دولة الكويت في مهرجانها المسرحي الخامس، بعد أن ذهبت لجنة التحكيم في المهرجان الى حجب الحصة الكبرى من الجوائز المقرة لهذه الدورة، معللة ذلك بانخفاض مستوى العروض المقدمة.
ولم يكن وقع النتائج النهائية مريحا للكثيرين الذين راحوا يجادلون عبر الصحافة او في منتديات خاصة صوابية هذا الاتجاه، مبدين تخوفهم من أن يتحول اجراء الحجب عادة تتكرر في المهرجانات القادمة، على اعتبار ان ذلك قد يهدد روح المنافسة وينال من حماسة الفرق المشاركة، بما يجعلها تحيد عن هدفها الرئيس وهو تشجيع التجربة المسرحية الجادة محليا.
وكان الشعور العام الذي رافق عروض المهرجان من بدايتها يؤكد على مسألة مشتركة لدى الكثيرين وهي تذبذب الحالة الابداعية بصورة عامة وانخفاض مستوى العروض، وهو ما دفع البعض إلى المطالبة بإنقاذ المسرح الكويتي، واختبار العروض قبل اشتراكها في المهرجان.
والحقيقة ان هذا الاجراء الذي يفضل مدير المهرجان، الاستاذ فؤاد الشطي، وصفه «بالقسوة الأبوية» جاء اعترافا صريحا بضعف التجارب المسرحية من جهة، وإصلاحا ضروريا من جهة أخرى لاتجاه سلبي أحال المهرجانات المسرحية، في مستواها الاقليمي والمحلي، الى تجمعات لتصريف الجوائز لا أكثر.
فإذا كانت المهرجانات العربية تقذف غالبا بتهمة الفساد وسطوة المال وجغرافية التمويل، على نتائجها، فإن المحلية منها كثيرا ما ترتبط نتائجها بقسمة رياضية، تجعل من فكرة «جائزة لكل عرض مشارك» همها الرئيس وموضع جهدها، أو ربما مضت الى قسمة جهوية أو حتى مناطقية وذلك بحسب أهواء اللجنة التحيكيمة هنا أو هناك.
وبهذه الكيفيات من القسمة تمضي المهرجانات في الاتجاه المعاكس لأهدافها، تبني منها هياكل تنافسية واهية، لا تنشغل بوصف الوضع الحقيقي للعروض بقدر اهتمامها بإيجاد حلول وسطية لمعادلة التوزيع، بحيث يتركز الاهتمام على شأن التوزيع كهدف نهائي له أن يحدد نجاح المهرجان من عدمه.
والجائزة التي تمنح العروض المكرمة ثقة مفقودة كثيرا ما نجدها تدفع باتجاه تكريس هذه التجربة أو تلك على اعتبار أنها الأنضج، فيما معايير التقويم تتأسس على نسبية الأشياء وبالتالي تتم المفاضلة على هذا الأساس أو على قول «أفضل الممكن»، وهذا عينه ما يدفع الى تكرار تجارب فقيرة جماليا، نكتشف لاحقا مدى بؤسها عندما تنطلق في فضاء تنافسي أوسع، فالجائزة بما هي تشجيع وتقدير قد تنالها عروض لا لشيء إلا كونها أقل قبحا من سواها وهذا صلب المشكلة.
لقد تضاءل الفعل الإيجابي للمهرجانات نتيجة انحرافها عن الغرض المنشود منها، وهنا نجد في إلغاء الجوائز وإبدالها بتوجيهات وتنويهات، كما حدث في الكويت، خيارا استراتيجيا لمواجهة تردي العروض، قد يعين كثيرا في معالجة مواقع ضعفها ، بدلا من دفعها للاسترخاء والتأكيد على أنماط معتلة.
فأن نلغي جائزة في مهرجان مسرحي، يعني أن نمارس مسؤولياتنا تجاه المسرح بكثير من الاخلاص والصدق، نشجع المسرحيين دون أن نخادعهم أو ندفعهم لارتياد طريق خاطئ والسبب جائزة تعيسة ما كان هناك بد من تصريفها.
Atheer93@hotmail.com
|
|
|
|
|