| القرية الالكترونية
* أمريكا - خاص بالجزيرة:
للشعب الامريكي ولع من نوع خاص بممارسة القمار في مختلف الكازينوهات، لذلك فانه ليس من الغريب عليهم ان تكون رحلة العمر التي يحلمون بها ويخططون لها لمدة طويلة هي التوجه الى عاصمة القمار لاس فيغاس وسط صحراء «نيفادا» وقضاء بضعة ايام يخسرون فيها ما جمعوه من مال على آلات القمار التي تبتلع ثرواتهم وتبتلع معها آمالهم العريضة المبنية على سراب لا يمت للواقع بصلة في ان تهبط عليهم ثروة ضخمة من المال في ضربة حظ نادراً ما تحدث. مثل هذا الولع لم يكن يمر مرور الكرام على البعض ممن يعيش كجزء من هذا المجتمع الرأسمالي القائم على مبدأ كون المال غاية اكثر منه وسيلة، فجاءوا بفكرة اندية القمار والمضاربة الالكترونية التي تتخذ من الشبكة العنكبوتية مقراً لها، فالعناوين الالكترونية لمعظم من يستخدم الانترنت لابد وانها في مرة من المرات على الاقل قد استقبلت رسالة الكترونية تتضمن دعاية لنادي مقامرة على الانترنت او دعوة رقيقة لزيارته.
هذا الامر يسترعي وجوب توضيح حقيقة وجود قانون امريكي يقضي بعدم قانونية مثل هذه المواقع، غير ا نه قانون مبهم بالنسبة الى ما اذا كان مسموحاً للامريكيين ان يمارسوا لعب القمار على هذه المواقع ام لا.
وهي نقطة تنبهت لها بعض من الولايات فأصدرت قوانين تقضي بعدم قانونية مثل هذه الممارسات وتأتي بالطبع على قائمة تلك الولايات ولاية نيفادا الا ان الامر على مستوى الولايات المتحدة الامريكية بشكل عام في هذا الخصوص سيبقى قرار الفصل فيه بيد مجلس الشيوخ.
وحتى هذه اللحظة، فإن القائمين على امر اندية القمار الالكترونية يستمتعون بالارباح الطائلة التي يحققونها لانهم لم يتم تطبيق قوانين المنع تلك وتنفيذها على امر الواقع، علاوة على انه يصعب السلطات الامريكية ملاحقة اصحاب هذه الاندية الالكترونية المخصصة لمدمني القمار لانهم يديرون هذه الاندية من جزر الكاريبي ومناطق امريكا الوسطى!!
وكما هو الحال مع مدينة «لاس فيغاس» المتميزة بانها تضم بين جوانبها الكثير من وسائل الترفيه والمتعة المتطورة، فان مواقع أندية القمار الالكتروني هي الاخرى تستعمل اكثر التقنيات كفاءة وافضلها بشكل يجعل من تجربة المدمنين على القمار عبرالانترنت قريبة جداً لتجربتهم في الاندية التقليدية.
كما ان اصحاب هذه المواقع الالكترونية يدركون جيداً ان اية عملية لخداع من يدخلون مثل المواقع ويستخدمونها ستنعكس سلباً على تجارتهم المحرمة هذا لذلك نجد ان عدد الشكاوى ضدهم قليل جداً.
هذه المواقع وغيرها تثير مسألة مهمة جداً وتتعلق بأخلاقيات الانترنت، فممارسة القمار محرمة في العالم الاسلامي، ولا تتم ممارستها الا في العالم الغربي، وعلى نطاق واسع ومن ثم فإنه من الضروري وضع ضوابط معينة تضمن ان يكون لخصوصية كل ثقافة احترامها على الشبكة العنكبوتية. كما ان هذه المواقع تصيب مستخدميها بأسوأ انواع الادمان على الاطلاق كما يجب ذلك في شهادات من ابتلوا انفسهم بهذا الداء، ذلك ان هذه المواقع الالكترونية المخصصة للقمار لا تتطلب حزم الحقائب وقطع الطويل من المسافات بحثاً عن آلات القمار هي في متناول اليد ولا تحتاج سوى الدخول على الانترنت وما اسهل ذلك بالطبع.
كما انه يتم التأكد من ارقام البطاقات الائتمانية التي يتم استخدامها في القمار الالكتروني بسرعة عالية وعجيبة علاوة على عدم وجود فترة انتظار على هذه الطاولة او تلك، والامر الاكثر ايلاماً هو ان الضغط المتواصل على الفارة وبشكل سريع ومستمر يولد شعوراً كاذباً لدى الشخص المغامر بقرب هبوط الثروة المزيفة عليه بين لحظة وضحاها!اشكالية وجود هذه الاندية ليست الا جزءاً من اشكالية اعمق واكثر اتساعاً وتتمثل في تلك المواقع التي لا تأبه لخصوصية كل ثقافة ودعائم اي حضارة بل ولا تأبه للأخلاقيات الانسانية بشكل عام ومنها على سبيل المثال المواقع الاباحية. كما انها تقدح شرار مشكلة كيفية ضمان عدم وصول القاصرين لمثل هذا النوع الغث من المواقع، وهو سؤال لابد من بذل الكثير من الجهود والقيام بالمزيد من الابحاث حتى يتسنى لنا الوصول الى الاجراءات التقنية التي تجعلنا ننام قريري الاعين مطمئنين الى ان رحلة ابنائنا في عوالم الشبكة العنكبوتية غير محفوفة بمخاطر فقدان اخلاقياتهم وقيمهم وما اكتسبوه من مال.
|
|
|
|
|