| مقـالات
نشرت الجزيرة في عددها يوم الثلاثاء 28/2/1422ه تحقيقاً مطولاً في صفحتي 12 و13 استطلعت فيه آراء شرائح متعددة من المجتمع حول «مشاركة المرأة في عضوية مجلس الشورى بين الرفض والتأييد» وقد تراوحت الآراء المطروحة بين الرفض المطلق والتأييد المقيد بالضوابط الشرعية.
وقد لاحظت على الاستطلاع بشكل عام ملاحظتين: أولاهما أن مفهوم الشورى قد يقتصر على الشورى الجماعية التي نظمت في العصر الحديث في مجالس تختلف أسماؤها من بلد لآخر في حين أن الشورى في الاسلام أوسع من ذلك بكثير فقد تكون جماعية في الأمور المهمة، كما استشار الرسول صلى الله عليه وسلم صحابته في أمر الخروج لمعركة بدر أشاروا عليه بالخروج، وكان ذلك موافقاً لرأيه، كما استشارهم في الخروج في معركة أحد فاشاروا عليه بالخروج ونزل على رأيهم وهو خلاف رأيه الذي كان يرى البقاء داخل المدينة، وكان النصر في المعركة الأولى والهزيمة في الثانية.
وقد تكون الشورى فردية لصاحب الاختصاص، وأمثلة هذه كثيرة في التاريخ الاسلامي، ومن أمثلة الشورى الفردية استشارة الرسول صلى الله عليه وسلم لأم المؤمنين أم سلمة عندما صده المشركون عن دخول مكة في الحديبية، ولم يستجب الصحابة المتعلقة قلوبهم بأداء النسك لأمره بحل احرامهم، فدخل على أم سلمة قائلاً: مالي آمرهم ولا يأتمرون؟ فكانت مشورة أم سلمة هي الفيصل عندما قالت: ابدأ بنفسك يا رسول الله فما كان من الصحابة الا سرعة الاستجابة وتسابقوا في ذلك.
أما الملاحظة الثانية على الاستطلاع فهي الربط بين الاختلاط وعضوية المرأة في الشورى الجماعية، مع أنه لا رابط بينهما وبخاصة في ضوء التقنيات الحديثة التي يسرت للناس ان يتحاوروا في أدق القضايا من القارات.
لقد اتسمت الآراء النسائية في الاستطلاع بالمعقولية والاتزان والبعد عن المبالغة أو ردة الفعل في حين أدلى بعض الرجال بآراء تدل على عدم إلمام بالموضوع أو لإرضاء بعض التوجهات لدى الآخرين، وان كان بعضهم قد قصر دور استشارة المرأة على ما يخصها فقط في حين أن المبدأ العام في الشورى هو استشارة صاحب الاختصاص رجلاً كان أم امرأة، فلو أن امرأة متخصصة في موضوع طبي أو تربوي أو اجتماعي يخص الرجال لكانت أولى بالاستشارة من رجل غير متخصص، والأمر كذلك لو أن رجلاً متخصصاً في اختصاص نسائي طبي أو اجتماعي لكان أولى من المرأة في أخذ رأيه في ذلك.
لقد أحسن الشيخ صالح السدلان عندما ربط موضوع عضوية المرأة في المجالس الشورية بالضوابط الشرعية، وضرب مثالاً بتعليم البنات في المملكة وقال: «اذا وجدت عضوية مستقلة استقلال تعليم البنات فما الذي يمنع من ذلك؟» فالأسلوب العملي هو الذي ينبغي أن يدور حوله الحوار، فإذا وجد أسلوب عملي وفق الضوابط الشرعية فهو مقبول أما اذا كان موضوع المرأة مطية لهدم القيم فهو مرفوض، ترفضه النساء قبل الرجال، وسأضرب مثالاً يوضح ذلك اذا وجد مكان مخصص في المسجد لأداء الصلاة للنساء فهو اسلوب مقبول أما اذا طلب من المرأة أن تدخل وتصلي وسط الرجال فهو مردود، وهكذا يتضح الخلط الواضح في الاستطلاع بين الاختلاط المردود في كل الأحوال والتنظيم المطلوب في كل شأن ديني أو دنيوي.
للتواصل: ص.ب/ 45209 الرياض/ 11512
فاكس/ 4012691
|
|
|
|
|