| تحقيقات
* تحقيق مريم شرف الدين:
يعيش أبناؤنا الطلبة وبناتنا الطالبات منذ أيام في حالة طوارئ الكل يحاول جني ثمار تلك الشهور الطويلة وبذل قصارى جهدهم لتحقيق هذا الهدف والبحث عن كل العوامل المساعدة التي تمكنهم من ذلك والسهر حتى أوقات متأخرة من الليل ومواصلة مذاكرتهم.
وأمام هذه الجهود مع الأسف الشديد نجد هناك نسبة منهم يعمدون إلى تعاطي بعض المواد والعقاقير المنبهة والمنشطة بغرض شحذ الهمم وتعويض مافاتهم من وقت نتيجة اللهو واللعب بعد إضاعة تلك الأيام.
وباعتبار ان تعاطي هذه المواد أصبح مشكلة واضحة بدأت تتفشى بشكل متزايد بين الطلبة والطالبات بصورة تدعو إلى القلق وبالذات خلال هذه الأيام.. ونظراً للمخاطر الكثيرة والآثار السلبية المترتبة على هذه المواد المنشطة والعقاقير المنبهة وحتى يفيق هؤلاء الطلبة والطالبات من الوهم الذي يعيشون فيه والتراجع عن الانسياق وراء اغراءات الزملاء والزميلات والوهم الذي يروجونه لهم والذي سيقود إلى الفشل وليس النجاح .
ونظراً للأهمية التي تشكلها هذه القضية في واقع حياتنا المعاصرة والمحافظة على هؤلاء البراعم اليانعة التي ستكون الدعامة لاستكمال مسيرة هذا الوطن وباعتبار ان هذه المواد كما وصفها المشاركون معنا في هذا التحقيق انها البداية الحقيقية للانتقال إلى مرحلة ادمان المخدرات بشكل عام أردنا من خلال «الجزيرة» مناقشة هذه القضية التي ينبغي التوقف ملياً أمامها وشحذ الهمم للتوصل إلى الحلول المناسبة لمعالجتها.
ويشاركنا في مناقشة هذه القضية عدد من المختصين ذوي العلاقة.. إلا أننا قبل الانتقال والتعرف على آرائهم حولها أردنا أن نقدم بعض الشرائح من الطلبة التي عاشت وتعايشت مع الآثار السلبية التي انعكست عليهم بالفشل والمضرة إلى درجة كادت تؤدي بحياة البعض منهم نتيجة تعاطيهم لهذه المنبهات والعقاقير والمواد المنشطة من خلال القصص التي يرويها لنا أصحابها:
في البداية يقول الطالب صالح/ع: الطالب في المرحلة الثانوية )توجيهي( كانت لي قصة مع تعاطي بعض المواد والعقاقير المنبهة، ويقول عن قصته:
عندما كنت استعد في العام الماضي للتقدم لاختبار الثانوية العامة.. كنت استذكر دروسي مع أحد زملائي في نفس المرحلة .. إلا أنني مع كل المحاولات التي أقوم بها للاجتهاد في الدروس من أجل تحقيق النجاح والوصول إلى الهدف الذي كنت أطمح إلى بلوغه ومواصلة تعليمي الجامعي والحصول على الوظيفة شأني شأن أي شاب ينظر إلى المستقبل بنظرة تفاؤل إلا أنني كنت أعاني من مشكلة عدم فهمي واستيعابي لبعض المواد العلمية.
ومن خلال علاقتي الكبيرة بهذا الزميل وادراكه للمشكلة التي أعاني منها في إحدى الليالي واثناء استذكارنا للدروس قدم لي هذا الزميل بعض الحبوب واغرائه لي على انها خير طريق تساعد على فهم الدروس وأمام هذا الاغراء ورغبتي الجادة في استيعاب وفهم هذه المواد استسلمت لتعاطي هذه الحبوب والذي وصفها لي بأنها الحبة السحرية لها مفعول السحر.. وتهيأ لي بأنها ستكون خير وسيلة تساعدني على الحفظ.
وفي تلك الليلة شربت مايقارب من عشرة كاسات من الشاي وهذه الحالة لم تحصل لي من قبل وكلما هممت بالمذاكرة كنت أجد نفسي لا أستطيع التركيز أو الفهم لأي مادة في تلك الليلة حاولت جاهداً النوم لعلي أستطيع تمالك بعض قواي ولكن بدون فائدة.
وفي صباح اليوم التالي ذهبت إلى الاختبار وأنا أشعر بحالة من الخمول إلى درجة أنني لم أستطع التركيز فيها على ورقة الاختبارات أو الإجابة على بعض الأسئلة التي كنت متأكداً من الإجابة عليها.
وبسبب تلك الحبوب التي قدمها لي هذا الزميل والذي.. أخبرني أنه حصل عليها عن طريق إحدى الصيدليات وبسبب أنني تعاطيتها لعدة مرات كانت السبب في رسوبي وفي أكثر من مادة حرمت من تقديم اختبار الدور الثاني آنذاك شعرت بألم وندم كبير لأنني حرمت نفسي بهذا التهور من تحقيق طموحي وأضاعت جهد سنة من عمري مقابل تلك الحبوب التي أغراني بها ذلك الصديق إضافة إلى أنني لم أستمتع بالإجازة والشعور بالفرح الذي يعيشه أقراني من الزملاء أو الأقرباء في محيطنا الأسرى.
وهأنذا أعيد تلك السنة التي أهدرتها نتيجة الاستماع لنصح الآخرين الذي من الممكن ان يقودنا أحيانا إلى الوقوع في الهاوية وعدم الخروج منها ولذلك ونحن نعيش أيام الاختبارات.. أعتقد ان هذه التجربة ستكون درساً قاسياً بالنسبة لي.. وصورة واقعية من الممكن ان تساعد الآخرين بالتراجع عن هذه المواد المدمرة التي لن تساعدهم سوى على الرسوب.
ضريبة المواد المنبهة
الطالبة/فيروز.ن/ )الشرقية( المرحلة الجامعية قالت من جانبها:
أنا طالبة في المرحلة الجامعية.. كنت مستعدة للاختبار العام الدراسي الماضي ولكن بسبب تعاطي لبعض المنبهات بغرض السهر في تلك الليالي ليالي الاختبارات والتي تسبقها جعل مني انسانة عديمة التركيز وحقيقة لم أستطع أن اختبر في ذلك اليوم لأنه وبعد سهر الليل بأكمله من الطبيعي أن يفارق النوم اجفاني وبعد دخولي لقاعة الاختبار وجدت نفسي في حالة غير طبيعية ومن ثم أصبت بحالة من الاغماء لم أشعر بنفسي إلا وأنا في المستشفى وتواصل وعند الكشف على واجراء الفحوصات اللازمة اتضح للطبيب الارهاق كان بسبب تعاطي تلك المنبهات وكتابة ذلك في التقرير الذي سأقدمه للكلية التي كنت أدرس فيها.
وبعد الاطلاع على التقرير تم تحويلي إلى التحقيق ومن ثم حرماني من ذلك الترم أنا وزميلتي التي قامت باعطائي هذه العقاقير المنبهة .
أما الطالب رجب/خر:
فكانت له وجهة نظر حول تعاطي المنبهات قائلاً: أنا أعتقد بان الطالب الذي يبدأ استعداداته منذ بداية العام الدراسي سوف يبتعد بصفة عامة عن جميع الضغوطات النفسية التي قد يقع فيها في أيام الاختبارات لأنه في حالة إذا ما خصص لنفسه ساعتين أو ثلاثة من الاجازة الاسبوعية لمراجعة جميع المواد التي سبق له مذاكرتها فسوف تجعل ماتم استذكاره يترسخ في ذاكرته.
وأنا استغرب عندما أسمع بعض الطلاب في صبيحة أيام الاختبار أنهم لايزالون مواصلين السهر وعندما أسأل عن الاسباب يجيب الطالب أنه كان يحاول مراجعة المادة التي من المفترض ان يختبر فيها إضافة إلى تناوله للقهوة بفرض أنها تساعد على السهر.
وهذا في اعتقادي طريقة خاطئة والغريب في الأمر بان والديه هما من يساعدانه على هذا ناهيك بالطبع عن الارهاق الواضح عليه وعدم تركيزه وهذا يؤدي إلى نسيان ماكان على معرفة به من مواد.
ومن خلال المشاهد والصور المؤلمة التي تتضح معالمها بالذات خلال فترة الاختبارات الحمد لله لم أفكر في الإقدام على هذه الخطوة إضافة إلى ان والدي ووالدتي بحكم انها تعمل في مجال التدريس فقد تعلمت منهما الطريقة الصحيحة للتعامل مع أيام الاختبارات التي تشكل هاجساً مرعباً في بعض الحالات.
تزايد المشكلة
ولكن ماهو رأي المختصين حول هذه المشكلة ومرئياتهم حول توجه بعض الطلبة والطالبات إلى الاستعانة بهذه المواد المنبهة.
والآثار السلبية والأمراض التي تتسبب فيها هذه المواد المنبهة تشاركنا:
د. بسمة هاشم عبدالله فيرا الطبيبة النفسية بمستشفى الملك فهد الجامعي )بالخبر(..
وتؤكد ان سوء استخدام المنبهات والمواد المنشطة بدأ تتضح معالمه بصورة متزايدة في السنوات الأخيرة واتجاه الناس إلى استعمال هذه العقاقير وخاصة منهم الطلبة والطالبات.
ويعود هذا لعدة اسباب منها:
الرغبة في زيادة طاقة الاستذكار وضرورة اليقظة في بعض الأعمال الليلة كالسائقين لمسافات طويلة أو )بغرض فقدان الشهية بالنسبة لحالات السمنة(.
لما تعطيه أو تمنحهم من قوة وهمية ونشاط ذهني.
بينما إذا نظرنا إلى حقيقة هذه المواد والآثار المترتبة لوجدناها بأنها البداية الحقيقية التي ستقودهم إلي الادمان.
وهذا بالطبع مما جعل وزارة الصحة في المملكة تتنبه مؤخراً للمخاطر التي تنتج عن تناول هذه العقاقير وادراجها لها ضمن لائحة الممنوعات وخطر صرفها أو تداولها إلا بوصفة طبية.
وتوضح هنا نوعيات هذه العقاقير والمواد وأهم هذه العقاقير )الامغيتامينات والقات كمنشطات( )الكوكايين والكانيين والنيكوتين كمنبهات( أو الكوكايين باعتباره من المواد المخدرة الخطيرة ويصاحب استخدامه زيادة الحركة والهياج الحركي وتقليل الشهية وسرعة ضربات القلب إضافة إلى حدوث اضطراب في التنفس وارتفاع ضغط الدم.
وتشوش الأفكار والهلاوس السمعية واللمسية وبسبب الإدمان وبطء في الحركة وصعوبة الكلام والترنح والخمول وحدوث )اضطرابات عقلية( و )العته المبكر( والجنون والاضرار بالنخاع الشوكي والشلل المفاجئ لعضلات القلب والوفاة المفاجئة.
والإصابة بأمراض الكبد الوبائي من نوع )ب( ومرض فقدان المناعة المكتسبة نتيجة لاستخدام الكوكايين بالأبر ملوثة عن طريق الوريد.
أما النيكوتين فيوجد في التبغ والأنواع المختلفة من منتجاته وله أضرار صحية خطيرة ومن أضرار استخدامه فقدان الشهية وعدم القابلية على الطعام والإصابة بأمراض القلب والرئة وتصلب الشرايين.
إلي جانب أنه يعتبر سبباً رئيسياً في الكثير من حالات السرطان.
أما الكافيين فيوجد في الشاهي والقهوة والشوكلاته والكاكاو إلا أن الاسراف في تناول هذه الأصناف عادة مايؤدي إلى زيادة نسبة الكافيين في الدم ومن أهم الأضرار ا لناتجة عن سوء استخدام هذه المواد مايلي:
الافراط في تناول المواد المحتوية على الكافيين يؤدي إلى الاعتماد النفسي وهذا يعني هنا )ادمان هذه المادة( وحدوث اضطراب في الجهاز العصبي واضطراب في النوم والاحساس بالارق.
وارتفاع نسبة الدهون والاصابة بسكر الدم وهذا بالطبع مما يؤشر على وظائف القلب وحدوث ارتفاع في ضغط الدم واحتمال حدوث الجلطة الدموية.
كما يؤدي الكافيين إلى تعطيل عملية التمثيل الضوئي في الجسم وزيادة افراز البول.
والتسبب في حموضة المعدة وقرحة المعدة والاثنى عشر.
أما الامغيتامين وهي من العقاقير التي تستخدم في الأغراض الطبية منها:
كعلاج صرع النوم وبعض حالات الشلل الرعاشي والتبول الليلي اللاإرادي والاضطرابات السلوكية عند الأطفال.
وبالتالي فإن سوء الاستخدام والاعتماد عليها عادة مايؤدي إلى حدوث ارتفاع ضغط الدم وزيادة سرعة ضربات القلب وهبوط نسبة التنفس.
والتدهور العقلي والثرثرة الإصابة بالهلاوس والتشنجات والغيبوبة. والاضطراب الزماني والمكاني والاحساس بالأرق والقلق والتوتر والإصابة بالانسيميا ونقص كريات الدم البيضاء في الجسم.
واعتلال الصحة والسلوك الهستيري دون وعي والميل إلى ارتكاب جرائم السرقة والسلوك الاجرامي واضطراب السلوك واهمال العمل وبسبب الاعتماد على الامغيتامينات عادة ما ينتج عنه أيضاً الاحساس بالنعاس والكسل والاكتئاب وكثرة الاحلام المزعجة والكوابيس وحدوث خلل في الجهاز التنفسي وضربات القلب كما يؤدي إلى التعلق والرجفة والغثيان وفقدان الشهية.
) نتائج عكسية(
ومن هذا المنطلق حينما يتعاطى الطالب أو الطالبة هذه المواد المخدرة بغرض التنبيه وزيادة التركيز أثناء فترة الامتحانات ومع وجود ضعف الوازع الديني وقلة الثقافة الصحية قد تؤدي إلى نتيجة عكسية إذا ما انتهى مفعول المخدر وقد ينتهي بهم المطاف إلى الإدمان على مواد أخرى.
كالكحول والمواد المخدرة الأخرى والأكثر خطورة إلى جانب المنشطات التي تؤثر على حياة الطالب الصحية والاجتماعية والاقتصادية والاخلاقية مما ينعكس سلباً على الأسرة والمجتمع بأسره وذلك لارتباط المشكلة بغيرها من ظواهر السلوك الانحرافي وجنوح الأحداث وحوادث الطرق والتمرد على الوالدين وغيرها من السلوكيات الشاذة كالكذب والتحايل وعدم الأمانة والبطالة والاتكالية وهجر المسؤوليات الاجتماعية وغيرها.
وهذا يتم نتيجة الرفقة السيئة والاهمال من قبل الطالب على مدار السنة الدراسية وعدم الاستذكار وعدم وجود المراقبة من الوالدين وأحياناً أما تكون نتيجة سوء التربية أما بالتدليل الزائد أو الضغط الزائد.
ولابد على الطالب أن يجتهد وعدم الوقوع في براثن هذه الأوهام التي يزينها له الآخرون والاعتماد على نفسه والتوكل على الله.
حقائق علمية
وباعتبار المرشد الطلابي هو الأقرب إلى الطلبة أو الطالبات.. ماهي مرئياته حول توجه بعض الطلبة والطالبات إلى الاستعانة بهذه المواد هل هي مشكلة موجودة وحقيقية أو غير ذلك.. وللإجابة على هذه التساؤلات يشاركنا المرشد الطلابي بمجمع الأمير سلطان التعليمي القسم الثانوي الاستاذ/ سامي هارون دهلوي بقوله لقد اثبتت العلوم الطبيعية والنفسية ان تعاطي المنبهات لها تأثير مباشر على المراكز العصبية ومراكز التفكير وتعاطي مثل هذه المواد بهدف زيادة القدرة على السهر والتركيز وهم وسلوك خاطئ باعتبار ان هذه المواد وان كانت توحى في ظاهرها للشخص بالحيوية والنشاط إلا أنها في الحقيقة سرعان ما تفقده في المقابل القدرة على الفهم والتركيز والاستيعاب وسرعان مايزول أثرها أيضاً مما يجعل الطالب يجد نفسه يفقد القدرة على الاستيعاب وعدم اختزان أي معلومة من المعلومات التي يرغب في الاستفادة منها ويعجز عن استعادة ما استذكره.
هذا بالطبع بالإضافة إلى حالة الاكتئاب التي تنتابه وفقدان المعلومات التي استذكرها مما يدفعه ذلك إلى تعاطي المزيد رغبة منه في زيادة التحصيل المستمر مما يؤدي بالتالي إلى اضمحلال الصحة البدنية والاحساس بالوهن في القوى البدنية والعقلية والذهنية.
وبالتالي من الضار جداً تناول الطالب للمنبهات أو المنشطات على مختلف أنواعها خلال فترة الاختبار أو غيرها من الفترات خاصة وبعد ان ثبت علمياً ضرر هذه المواد على الصحة الجسمية والنفسية للطالب أو لأي شخص يلجأ إلى تعاطيها وهذا بالطبع مما ينعكس أثره سلباً على أداء الطالب خلال هذه الفترات.
لكن مع ذلك توجد بعض الحالات البسيطة التي تكثر من تناول القهوة والشاي والتي عادة ماينعكس أيضا أثرها سلباً على أداء الطالب من حيث الشعور بالقلق والتوتر وعدم أخذ القسط الكافي من الراحة والنوم مما انعكس أثره سلباً على أداء الطالب خلال مثل هذه الفترات.
ويشير هنا إلى نقطة حيوية وهامة أيضا استغلال الطلبة الذين أضاعوا وقتهم بعدم الاستذكار لأصدقائهم من الطلبة الذين اهتموا بالمذاكرة ومايترتب على ذلك من مخاطر يجعلنا نقول إن الطلاب الذين يضيعون وقتهم خلال فترة الاختبارات هم عادة مايمثلون فئتين:
الفئة الأولى: طلاب يشعرون باحباطات نفسية نتيجة عدم قدرتهم على تحقيق النجاح أو درجات تؤهلهم للالتحاق بكلية أو جامعة مثل بعض الطلاب الذين يعانون من ضعف شديد في التحصيل الدراسي أو البعض من طلاب الثانوية العامة.
أما الفئة الثانية فتمثل الطلاب الذين لم يحددوا لأنفسهم أهدافاً واضحة في حياتهم المستقبلية أو طلاب مستوى الطموح لديهم محدود وخاصة في الحصول على التفوق والنجاح.
وقد يوجد من هاتين الفئتين من الطلاب إما من يحاول استغلال زملائهم المتفوقين من خلال الجلوس بجانبهم أو الغش منهم أو أخذ ملخصاتهم الدراسية.
طرق ملتوية
كما يشاركنا الاخصائي النفسي بدار الملاحظة الاجتماعية بجدة الاستاذ/ سعيد بن أحمد السيد على بقوله: نلاحظ مع اقتراب موسم الاختبارات يحاول الطالب تكريس وقت أطول من ذي قبل لاعطاء كل مادة حقها في المذاكرة.. ولتحقيق ذلك يتجه بعض الطلبة والطالبات مع الأسف الشديد لاستخدام العقاقير المنبهة التي يعتقدون بأنها تساعد على السهر مثل عقار «الامغتامين» المعروف )بالكبتاجون( والذي يتداول باسماء متعددة بين الطلاب منها:
)الشبح( )الأبيض( )أبوملف( وغيرها من الاسماء علماً بأن هذا العقار غير متداول بالصيدليات ولكن بطرق ملتوية يحصل عليه الطلاب اعتقاداً منهم بأن هذه العقاقير تساعد على التركيز وقوة الانتباه دون ان يشعروا بالمخاطر الكثيرة والآثار النفسية السيئة التي قد تترتب على ذلك ومن هنا كان لابد من ايضاح الأمر بشكل مفصل أمام الجميع خاصة الطلبة والطالبات حتى يتجنبوا الوقوع في مصيدة الادمان.
حيث ان استخدام الطالب لهذه العقاقير لايقدم إليه الحل بقدر ما يضيف إليه المزيد من المشاكل إلى المشكلات التي يعاني منها باعتبار ان هذه العقاقير تستنزف قواه وتعيقه عن التعامل مع الأمور بواقعية وتمنعه من تحقيق أهدافه فهي إن كانت تساعده على السهر إلا أنها في المقابل تؤدي إلى الارهاق وتشتت الذهن وعدم التركيز هذا من ناحية، الناحية الأخرى قد يدخل الشخص المتعاطي لهذه العقاقير في اعراض ذهنية كالهلاوس السمعية والبصرية والضلالات في حالة تعاطيه لها لفترة طويلة أو إذا كانت عنده حساسية للدواء حتى مع تعاطيه لها لفترة قصيرة.
كما أن الدراسات العلمية المتخصصة أوضحت خواص وأضرار المواد المخدرة والمواد المنشطة بشكل واضح لا غموض فيه.. مما يشير إلى أهمية الوقاية منها حتى لا يتعود عليها الطالب أو الطالبة وتقوده لامحالة إلى الادمان لان تأثير هذه العقاقير المنشطة والمواد المخدرة يرتبط بتركيزها الذي يقل تدريجياً بفعل عوامل الهدم والتحول )البيولوجي( في جسم الشخص المتعاطي وذلك يقودنا إلى استنتاجين.
الأول هو احتياج هذا الشخص إلى جرعات متكررة بل بصورة متزايدة.
الثاني تعوّد مراكز التأثير والمستقبلات العصبية على وجود تركيز معين من هذه المواد وذلك هو المعنى الحقيقي للادمان.
ثالثاً: إن سوء استخدام وتعاطي هذه العقاقير والاعتماد عليها جميعها تصنف ضمن الاضطرابات الشخصية وهناك علاقة بين الشخصية والتعاطي والادمان..
ويوضح هنا الحالة التي يكون عليها الطالب في حالة تعاطيه لهذه المواد فالشخص المتعاطي شخص قلق سلبي اندفاعي غير ناضج غير متزن غير مبال بالأعراف والعادات.
من ناحية أخرى.
الشخصية التي وصلت إلى مرحلة الادمان.. عادة ماتتصف بقلة الانتباه والتركيز كما أن صاحبها يعاني من صراع نفسي واجتماعي بشكل واضح.
والمتعاطي شخص تنخفض قدرته على التحكم في سلوكه سواء كان جسمياً أو اجتماعياً وربما يمتد لعدم وعيه بذاته أو انخفاض تقديره لذاته مما يجعله اكثر خضوعاً لحاجاته المباشرة... والاستجابة سريعاً للمؤثرات البيئية والتي قد لا تتبع هذه الحاجات كالعقاقير المخدرة والمنشطة وغيرها..
الطلبة والسهر:
أما الأخصائي النفسي والاجتماعي والارشادي بمدارس الأندلس الأهلية الاستاذ علي سعفان فيتحدث لنا عن استبيان بعنوان )اختبر طريقتك في المذاكرة مع اقتراب الاختبارات(.. وكانت العينة مائة طالب.
30 طالبا من الصف الأول الثانوي والصف الثاني 30 طالبا والصف الثالث الثانوي 40 طالبا.
ويقول: إنه بعد تفريغ الاستبيان وجدنا ان هناك نسبة كبيرة من الطلاب تسهر في أيام الاختبارات تصل إلى )78%( وان أكثر من ربع هذه العينة مايشغل تفكيره عن المذاكرة حتى في أيام الاختبارات تصل إلى 48%. ولعل هذا يرجع إلى المنزل ومايلعبه من دور كبير في متابعة الطالب أو في إكسابه عادات صحيحة في الاستذكار.
أيضاً يتضح نوع الشخصة في السلوك اليومي ومدى تفاعله مع الحياة الدراسية والسلوكيات التي يتعامل بها الطالب مع المادة الدراسية مع التحليلات والتي من الممكن ان نحصل عليها ولتكون الطريقة السليمة في التعامل مع الطالب. وبالتالي فإذا ما تجمعت كل هذه الأشياء في رأس الطالب أو الطالبة دفعة واحدة يقف ليرى نفسه ليس لديه القدرة على التركيز، ينوي الاستذكار كل يوم ولايفعل.
ثم يستدرج ليسأل نفسه ماهي أفضل ساعات المذاكرة.
أكره ساعات المذاكرة هل أترك هواياتي؟ أنسى ما أذاكره!
أميل إلى السهر لا أعرف بماذا أبدأ؟! إلى آخره من الأسئلة التي لن تنتهي ولايجد لها إجابات.
إلى جانب ذلك ابتعاد أبويه عنه فأمه مشغولة انشغالاً شديداً في الواجبات الاجتماعية أو في عملها في أي من الأشياء الأخرى.
وهو في ذلك يرى في بعض المنبهات خلاصا لهذه الأسئلة بداية من الاسراف في شرب الشاي والقهوة وانتهاء بالحبوب المنشطة تحت دعاوى انها حبوب مقوية للتركيز والفهم ثم الادمان والعياذ بالله.
وفي الواقع ان كل من الشاي والقهوة وانتهاء بالحبوب المنشطة ليس لها دور في عمليات التركيز أو الحفظ أو الفهم بل على العكس ان الاسراف في مثل هذه يؤدي إلى حدوث ضغط على الجهاز العصبي ويجعله يعمل بشكل غير عادي وفي ظروف غير قليلة تؤدي إلى ارتباك في وظائف الجسم الهامة وبالتالي التأثير السلبي على الطالب واستيعابه.
ومثل هذه الحالات موجودة ولكن بنسبة ضئيلة وخصوصاً إذا ما تحدثنا عن ادمان الحبوب المنشطة فإنها نادرة ولكن مع وجود بعض السلوكيات الخاطئة في التعامل مع المشروبات التي تحتوي على شيء من المنبهات مثل الشاي والقهوة فهو موجود بكثرة.
ولكن لايلبث الأمر ان ينتهي بجلسة أو جلستين مع مثل هؤلاء الطلاب وتوضيح مخاطر الاسراف في هذه المواد وما لها من أضرار.
أين الأهل؟!
ونحن ننتقل إلى هذا المحور من القضية..
وأمام هذه المخاطر.. كان لا بد لنا من طرح هذا السؤال لمعرفة أهمية الرقابة الاسرية سواء خلال فترة الاختبارات أو في الأيام العادية من أجل الحد من تداول هذه المواد بمخاطرها الخفية..
المرشد الطلابي سامي هارون دهلوي يرى من جانبه أن من الضرورة والأهمية وجود التوجيه الأسري والتربوي السليم الذي يدفع بالطالب نحو التفوق والنجاح وذلك من خلال تعزيز الجوانب الايجابية في الطالب أو الطالبة وحثهم على بذل المزيد من الجهد لتحقيق التفوق والنجاح دون إحداث مزيد من الضغوط والانفعالات النفسية على الطالب أو الطالبة والتي قد ينعكس أثرها سلبا على أدائهم خلال هذه الفترة.
أيضا هم ليسوا بحاجة إلى رقابة أسرية أكثر مما هم بحاجة إلى توفير الظروف البيئية المناسبة للاستذكار مثل عدم الاكثار من الزيارات والحد من الخلافات الأسرية وعدم الاحساس بالفوضى داخل المنزل.
أما الاخصائي النفسي في دار الملاحظة الاجتماعية بمحافظة جدة سعيد السيد علي فأكد من جانبه على أهمية الدور الكبير الذي تقوم به الاسرة في عملية الرقابة الاسرية أو القضاء على هذه المشكلة لأن التربية السليمة في الطفولة من العوامل المهمة للاستقامة في الكبر وهذا مما يستدعي من الوالدين غرس القيم الإسلامية والعمل على انماء الوازع الديني لدى الابناء خاصة وبعد ان بينت الدراسات العلمية اثر الايمان والعبادات الاسلامية في ارساء قوة التحكم الذاتي لدى الفرد وسيادة سلطان عقله .
أما المرشد الطلابي بثانوية الأندلس الاستاذ علي السيد سعفان فيقول:
العلة أو السبب في افتقار الاطفال إلى الشعور بالأمان الأسري والسعادة وجنوح نسبة كبيرة من طلاب وطالبات الثانوي والجامعة يعود إلى الأسرة التي تخلت عن وظيفتها التي بقيت لها وبعد ان أخذ المجتمع العام يضفي سلطانه على سلطان الأسرة وينقص من وظائفها من أطرافها ويسلب نوع الوظيفة وينشئ لكل وظيفة منها هيئة خاصة وعلى أسس مستقلة ولم يبق للأسرة إلا القليل من التربية الخلقية كانت أو وجدانية أو دينية وفي المراحل الأولى من حياة الشاب أو الفتاة.
حلول للمشكلة
ولكن حتى لاتتفشى هذه المشكلة وتتحول إلى ظاهرة سلبية قد تقود هؤلاء الطلبة للوقوع بين براثن الادمان وهذه المصيدة التي يصعب الخلاص منها ماهي ا لحلول أو التوصيات التي يمكن طرحها لمعالجة هذه المشكلة قبل ان تستفحل.
وبالعودة إلى المرشد الطلابي الاستاذ/ سامي دهلوي أكد ان معالجة هذه المشكلة تكمن في محورين اثنين:
المحور الأول: يتوقف على دور المدرسة حيث يتمثل هذا الدور في توعية الطلاب وتوجيههم عبر مختلف القنوات المتاحة مثل:
الإذاعة المدرسية والصحف الحائطية وإقامة الندوات والمحاضرات التوعوية التي توضح مدى الاضرار الجسمية والنفسية التي من الممكن ان تنتج من جراء استخدام هذه المواد وحث الطلاب على عدم السهر خلال فترة الاختبارات لما يسببه من ارهاق جسمي ونفسي ينعكس سلباً على أداء الطالب خلال هذه الفترات.
أما المحور الثاني فيتمثل في دور الأسرة ومتابعة الوالدين لابنائهم الطلاب وعدم السماح لهم بتناول هذه المنبهات خلال فترة الاختبارات أو غيرها من الفترات بحجة انها تزيد من قدرة الابناء على الاستذكار وتعويضهم بدلا عنها بالعناصر الغذائية المفيدة.
ويقول الاخصائي النفسي سعيد أحمد السيد: للقضاء على هذه المشكلة لا بد من تكاتف جهود جميع وسائل الإعلام وكذلك البرامج الدراسية لتبصير الطلاب بأضرار المخدرات والمنشطات والمسكرات والمواد المنبهة وتكثيف الحملات الأمنية على أماكن بيع المواد المنشطة والمنبهة بين الطلاب والطالبات. إلى جانب دور الأسرة ومتابعتها ومراقبتها لابنائها وتهيئتها للظروف الملائمة التي تمكنهم من الاستذكار. من ناحيته أكد المرشد الطلابي علي سعفان أن الطالب في هذه المرحلة عادة ما يكون في أمس الحاجة إلى مزيد من الراحة النفسية العالية التي تنتج بدورها عن الثقة التامة في قدراته وامكانياته وما يمكن ان يفعله كل ذلك بالاضافة إلى تشجيع الآخرين له بالكلمة ونظرة الرضا والابتسامة ثم تنظيم الوقت وتوزيعه توزيعا سليماً وصحيحا في تناول هذه المواد. وباعتبار ان تنظيم الوقت يعتبر من العوامل المهمة التي تساعد الطالب أو الطالبة على الابتعاد من كل هذه المتاهات التي من الممكن ان تؤدي بهم إلى طريق الادمان.. كما سبق وأشرنا لكان لا بد لنا من ان نطرح هذا السؤال.. لكيفية معرفة الطريقة السليمة للمذاكرة. وتنظيم الوقت.
الحالة الانفعالية والسهر
يضيف الاخصائي النفسي سعيد أحمد السيد علي: في تقديري من الضروري ان يقوم الطالب أو الطالبة بعملية المناقشة سواء مع أنفسهم أو مع زملائهم المقربين والاستذكار مبكرا حيث يكون الذهن صافيا والقدرة على الاستيعاب ميسرة بدلا من الاستعانة على السهر بالعقاقير والأدوية المنشطة التي تؤثر على تفكيره وتجعله مضطرباً مما يؤثر على حالته الانفعالية ولا بد من الاستذكار يوميا خلال النهار وليس فقط صباحا عدة ساعة على الأقل لمساعدة الذهن على نشاطه الدائم.
كما ينصح الاستاذ/سعيد كل طالب بأن يكون رقيبا على نفسه خلال فترة المذاكرة مع تجنب التفنن في إضاعة الوقت وخداع نفسه وأهله عن طريق النظر في الكتاب دون فهم أو تركيز لأنه لن يضر إلا نفسه.
أيضاً مقابل ذلك لا بد من تحديد ساعات مناسبة للنوم مع الحرص على عدم السهر لأنه يؤدي إلى إضاعة واهدار طاقة اليوم التالي.
مقومات بلوغ الهدف
وقال المرشد الطلابي علي سعفان:
قبل ان تتحول الإجابة على هذا السؤال إلى مجموعة من النصائح لاتسمن ولاتغني من جوع لدى أوساط الشباب لابد ان نذكر الأهداف أو الهدف من المذاكرة والاستذكار وهو هدف يسعى الطلاب إلى تحقيقه فنقول إن أهدافنا من المذاكرة الفهم والحفظ وتثبيت المعلومات أما القواعد الأساسية لتحقيق الأهداف السابقة فتتمثل في القراءة الاجمالية للدروس وتتضمن حفظ العناوين الكبيرة للدروس ثم العناوين الأصغر والقراءة الجيدة للدرس بصوت مسموع.. كما ينبغي للطالب أو الطالبة الاهتمام بكل الرسومات التوضيحية وملخص الدرس ثم الاجابة على أسئلة التدريبات كل على حدة.
أما الحفظ فيتطلب التعرف على النقاط الأساسية في الدروس وفهم القوانين والمعادلات والنظريات وحفظ الرسومات التوضيحية والتدريبات العلمية مع التأكد من فهم الدرس فهماً تاما ثم محاولة وضع أسئلة على أجزاء الدرس. وهنا لابد من وقفة تربوية..
يجب ان يؤكد لنفسه الطالب أو الطالبة قبل البدء في أي من هذه الخطوات انه مصمم على حفظ وفهم الدروس وتسميع مايحفظ وبذلك يشعر بأدائه قد تزايد على التركيز وسرعة الحفظ بإذن الله تعالى.
|
|
|
|
|