| الاخيــرة
منذ عهود طويلة، والأجيال المتتالية تغرق في هموم اختبارات الثانوية العامة، وتتعثر في «الحفر والمطبات» التي يستعرض بها بعض واضعي اسئلة هذه الاختبارات عضلاتهم على شباب طري العود، مرهف الإحساس، خالي التجربة في الحياة، والوقوف أمام الشدائد أو الصعاب.
وأما إذا ادعى البعض بأن هذه مناسبة كي يجرب هؤلاء الطلبة بداية خطاهم إلى المستقبل، فإن هذا ادعاء باطل ليس في حد ذاته، ولكن لأننا لم نزودهم بأدوات التجربة الحقيقية، ولم نعودهم المواجهة الاستنتاجية، والغوص للبحث عن التفاصيل الغائبة، خاصة أننا في مدارسنا قد جعلناهم يألفون الملخصات، والمعلومات السطحية، وهونَّا عليهم العملية التعليمية كلها، وكِلناهم إلى طوابير من الدروس الخصوصية القائمة على «نتف المعلومات»، وواضعو الاسئلة يعلمون ذلك وربما كانوا من هؤلاء.
وفي الوقت الذي يعتبر اجتياز مرحلة الثانوية أمراً عادياً في الدول المتقدمة، تقدم لهم خلالها الاسس الحقيقية الصالحة للبناء القادم من الدربة على البحث والتجريب وانتاج الوسائل الذاتية والوصول إلى المعلومات الاختيارية، في هذا الوقت لا نزال نضغط بكل ما أوتينا من «سلطة تدريسية» على أبنائنا بل وكثيرا ما نستعيض عن كلمة اختبار بلفظة امتحان، ولا يخفى على أحد له دراية باللغة من اي فعل تم اشتقاق هذه اللفظة!
متى سندرك أن الثانوية العامة قد اصبحت مرحلة تعليمية متدنية جدا في الرتبة التحصيلية قياساً على آفاق العلوم اللا محدودة التي وصل إليها الإنسان؟ بل إن الابتدائية منذ عقود قليلة كانت تفوق في الأهمية «ثانويتنا العتيدة» . ذلك يعني أن هذه المرحلة العلمية يجب أن تكون في حصيلة طالبي العلم دون أن يقف فيها أو امامها في هالة الرهبة والخوف التي مافتئ يعيش فيها.
والمتتبع لاختبارات الثانوية العامة على مدى السنين القليلة السابقة سوف يلاحظ أنه في كل عام «يتنطع» واضعو الاسئلة في مادة او اثنتين على الأقل، وغالباً ما يكون ذلك للأسف في المرحلة الأولى من الاختبارات مما يسبب احباطاً مبكراً للطلاب والطالبات، ويفت في عضدهم، ويبكرون هم الآخرون في وضع الايدي على القلوب، في الوقت الذي يضع فيها أهاليهم ايديهم على الجيوب.
ما حصل هذا العام في مادتي «الرياضيات والأدب» خير دليل على ذلك ان لم يكن هنالك ما يتبعهما حتى وإن ادعت فئة قليلة منها واضعو الاسئلة عكس ذلك، أقول هذا بعد ما رأيت بأم عيني عيون الكثيرين من ابنائنا وبناتنا تفيض دمعا على وجوههم دون أن آتي على ذكر نهر الدموع الذي بلل اوراق الاسئلة في قاعات الاختبارات فأحال مدادها إلى خرائط توسل ورجاء إلى القائمين على الأمر أن يعيدوا النظر في «امتحاناتهم» لعلهم يريحونهم قليلاً وهم يبكرون إلى مدارسهم بعد أن يكونوا «قد واصلوا سهرهم منذ اليوم السابق» في انتظار الغد الذي يأتي قاتماً بلونه وعثراته وواسطاته لدخول الجامعات والكليات والمعاهد.
نحن لا نزال في القرن الحادي والعشرين نؤمن كارهين بمقولة :«عند الامتحان، يكرم المرء أو يهان».. لكننا لا نطبق ذلك إلا على «ضعافنا» .. طلابنا .. وتاليتها؟!!
Hend Majid@Hotmail.com
|
|
|
|
|