أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Sunday 3rd June,2001 العدد:10475الطبعةالاولـي الأحد 11 ,ربيع الاول 1422

مقـالات

المساواة بين الجنسين!!
د. عبد الله بن محمد الرميان
قرأت قبل أيام في إحدى الصحف هذا الخبر: قدم محام مصري شكوى ضد الكاتبة نوال السعداوي متهما اياها ب«ازدراء» الاسلام لاعتبارها ان الحج أصبح من العادات الوثنية حسب ما أفادت عائلتها أمس وقدم المحامي نبيه الوحش شكوى الاثنين أمام المدعي العام متهماً الكاتبة بإنكارها المعلوم من الدين وازدرائها الدين الاسلامي في مقابلة نشرت في السادس من مارس في جريدة «الميدان» الاسبوعية المستقلة.
وسينظر المدعي العام في الشكوى ويقرر الاجراءات الواجب اتخاذها.
وكانت السعداوي قد قالت في مقابلة ان الحج من بقايا الوثنية. مضيفة انه لا يوجد نص يوجب ارتداء الحجاب للنساء في القرآن وطالبت السعداوي ب«المساواة» في الميراث بين الرجال والنساء، ما يخالف الشريعة التي تقول ان للذكر مثل حظ الانثيين. ورد مفتي مصر الشيخ نصر فريد واصل في الجريدة معتبرا ان السعداوي انكرت معلوما من الدين بالضرورة ما يعني خروجها عن دائرة الاسلام». «انتهى»
ونوال السعداوي الشيخة الهرمة التي جاوزت السبعين قضت عمرها المديد في الطعن في الاسلام والاعتراض على أحكامه وخصوصا فيما يتعلق بالمرأة.
وهذه الكاتبة ممن يطالبون بما يسمى «التحرر الجنسي» ولها كتابات في هذا الشأن ومؤلفات عديدة كما ذكر ذلك عنها الاستاذ أنور الجندي في كتابه «الصحافة والاقلام المسمومة».
وفساد هذه الدعاوى يغني عن افسادها فالطعن الصريح في القرآن والمحاربة الواضحة لتشريعات الاسلام أمر لا يخفى على مسلم ضلاله وانحرافه.
لكني سأتحدث بهذه المناسبة عن دعوى المساواة بين الجنسين التي تفوهت بها هذه الكاتبة وغيرها ممن يجهدون في بث الشبهات في طريق المرأة المسلمة وسيكون حديثي في هذا الجانب من خلال النقاط التالية:
* من المعلوم لدى الجميع تكريم الاسلام للمرأة وان النساء شقائق الرجال وان التفاضل يكون أولا بالتقوى كما قال تعالى : «يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا ان أكرمكم عند الله أتقاكم(.
فالمرأة أمرت كالرجل بتوحيد الله وعبادته واتباع أنبيائه ولذا فكل خطاب جاء ب«يا أيها الذين آمنوا» أو «يا أيها الناس» دخلت فيه المرأة الا ما دل الدليل على اختصاص الرجال به.
ونجد في جانب المسؤولية المرأة قرينة الرجل كما قال تعالى: )والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة ويطيعون الله ورسوله» وقال صلى الله عليه وسلم )ألا كلكم راعٍ وكلكم مسؤول عن رعيته، فالأمير الذي على الناس راعٍ وهو مسؤول عن رعيته والرجل راعٍ على أهل بيته وهو مسؤول عنهم والمرأة راعية على بيت بعلها وولده وهي مسؤولة عنهم(.
وسوّى الله تعالى بينها وبين الرجل في الوعد بالحياة الطيبة في الدنيا والجزاء الحسن يوم القيامة بشرط العمل الصالح كما قال تعالى : )من عمل صالحا من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة ولنجزينهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون(.
وقال تعالى: )فاستجاب لهم ربهم أني لا أضيع عمل عامل منكم من ذكر أو أنثى بعضكم من بعض..( «الآية». فالقرآن جعل المرأة بعضا من الرجل والرجل بعضا من المرأة، فكلاهما يكمل الآخر ولا يستقيم أمر الدنيا الا بهذه الطبيعة المزدوجة وهذا التداخل الوثيق، فليس بينهما خصام أو تنافر أو تنازع على المسؤولية كما يدعي هؤلاء انما تعاون وتكاتف لحمل الأمانة.
* موقف المسلم من عموم الشبهات التي حرص أعداء الاسلام على بثها ونشرها في المجتمع المسلم بعد ان تحولوا من الحرب العسكرية الى الحرب الفكرية.
فالمسلم آمن بالله رباً وبالاسلام ديناً وبمحمد صلى الله عليه وسلم نبياً ورسولاً ولذا فهو يستسلم لله تعالى ولما جاء عنه ويتيقن ان ما جاء عن الله تعالى فيه الخير والصلاح والاصلاح وان الله تعالى لا يظلم الناس شيئا وأنه سبحانه حكيم عليم لا يشرع الا ما فيه الحكمة البالغة والمصلحة الراجحة.
وهذا الايمان يدعوه الى الرضا بشرع الله والاستسلام لأمره كما قال تعال : )وما كان لمؤمن ولا مؤمنة اذا قضى الله ورسوله أمرا ان يكون لهم الخيرة من أمرهم( وكما قال تعالى: )انما كان قول المؤمنين اذا دعوا الى الله ورسوله ليحكم بينهم ان يقولوا سمعنا وأطعنا وأولئك هم المفلحون(.
العلم انه لا مجال في الاسلام لظلم المرأة من قبل الرجل لأن الرجل لايحكم بهواه، بل هو محكوم بشريعة الله كما ان المرأة محكومة بشريعة الله وتحقيق الخير في المجتمع الاسلامي يتوقف على فقه الشريعة التي تحكم الرجل والمرأة ثم تنفيذ هذه الشريعة في حال رضا الطرفين أو عدم رضاهما وهذا ينطلق من تصور المسلم للقضية وقد عبر الله عن هذا بقوله: ).. وعسى ان تكرهوا شيئا وهو خير لكم وعسى ان تحبوا شيئا وهو شر لكم والله يعلم وأنتم لا تعلمون(. «الآية»
ثم يجب ان نعلم ان الاختلاف في بعض أحكام الشريعة بين الذكر والأنثى انما يعود لاختلافهما في الخلق والطبيعة والله سبحانه وتعالى أعلم بخلقه.
فاختلاف المرأة عن الرجل أمر ظاهر محسوس والذين لا يثبتون فروقا بين الرجل والمرأة يتعامون عن الحقيقة، فالتكوين الجسمي في المرأة غيره في الرجل فالمرأة تميزت عن الرجل بلين الجانب ونعومة الملمس ورقة العاطفة وغلبة الحياء وضعف التحمل وسرعة التأثر اضافة الى ما ينتابها من الحيض والنفاس والحمل والولادة وما تعانيه خلال هذه المراحل من تعب وضعف وتأثير على الفكر والعاطفة.
وقد جاء العلم الحديث ليبين ان الفرق بين الرجل والمرأة بعيد الغور لا يتوقف على المظاهر الخارجية.
قال إلكس كاريل في هذا الموضوع : ان الفوارق بين الرجل والمرأة ذات طبيعة أساسية من اختلاف نوع الانسجة في جسم كليهما والذين ينادون بمساواة الجنس اللطيف بالرجل يجهلون هذه الفوارق الأساسية فيدعون انه لابد ان يكون لهما نوع واحد من التعليم والمسؤوليات والوظائف.
ولكن المرأة في الواقع تختلف عن الرجل كل الاختلاف. ان قوانين وظائف الأعضاء محدودة ومنضبطة كقوانين الفلك حيث لا تملك إحداث أدنى تغيير فيها بمجرد الأمنيات البشرية وعلينا ان نسلم بها كما هي دون ان نسعى الى ما هو غير طبيعي وعلى النساء ان يقمن بتنمية مواهبهن بناءً على طبيعتهن الفطرية وان يبتعدن عن تقليد الرجال.
والله تعالى هو الذي خلق الخلق وهو سبحانه اعلم بأحوالهم وقدراتهم وما يتناسب مع خلقهم حيث جعل للرجل القوامة وكلفه بالنفقة لأنه أقوى من المرأة وأقدر على مواجهة الصعاب وتحمل المشاق ومكابدة شدائد الحياة، فهذه المهمة تتناسب مع خلقه وقدراته وهي تنظيمية لا استبدادية.
وأوجب الله تعالى الجهاد على الرجال وفيه سفك الدماء وقطع الأعضاء وازهاق الأرواح لأنه يتناسب مع طبيعتهم ولا يتناسب مع طبيعة المرأة في ضعفها ورقتها ونعومتها.
وجعل للرجل ضعف نصيب المرأة في الإرث لما على الرجل من واجبات مالية فهو الذي يدفع المهر ويكلف بالنفقة عكس المرأة التي يُدفع لها المهر ويُنفق عليها ولو كانت غنية فالحكمة ظاهرة لا خفاء فيها.
وأبيح للرجل التعدد مع العدل ولم يُبح ذلك للمرأة لأنه مخالف لطبيعتها وفطرتها فهي موضع الحرث.
ثم إن المرأة تنجب من رجل واحد كما تنجب من عدة رجال - لو قدر لها ذلك - أما الرجل فقد ينجب له بعدد نسائه دون اختلاط أنساب أو خوف ضياع اضافة الى ان عمر الرجل في الانجاب ضعف عمر المرأة فالمرأة تقف عند سن الأربعين والرجل قد يصل الى التسعين.
مع ان الاحصائيات بينت ان عدد النساء أكثر من عدد الرجال وكانت الحروب في القديم تذهب بألوف الرجال وتبقى النساء دون عائل فكان هذا من رحمة الاسلام بالمرأة حيث تجد من يقوم عليها ويعتني بها ويرعى أولادها اضافة الى ما قد يعتري المرأة من مرض او عقم لا تستطيع معه ان تقوم بحاجة الرجل فلو لم يبح التعدد لأدى هذا إلى طلاقها وبقائها دون عائل ثم ان المصلحة الأولى في التعدد للمرأة وهي الزوجة الثانية التي لو لم تقبل ان تكون زوجة ثانية لبقيت دون زواج، فان لم يكن فيه مصلحة للزوجة الأولى فهو مصلحة للزوجة الثانية دون شك.
فالفروق الواضحة والاختلافات الظاهرة بين الذكر والأنثيت قتضي الاختلاف في بعض الأحكام بما يتناسب مع هذا الاختلاف ويتلاءم مع فطرتيهما.
والعدل ليس في المساواة كما قد يظن البعض وانما العدل في اعطاء كل ذي حق حقه وتكليفه بما يتناسب مع خلقه وفطرته وهذا ما جاءت به الشريعة.
فنعلم بعد هذا ان هذه الدعوى معارضة لشرع الله تعالى كما هي معارضة للعقل السليم والفطرة السوية.


أعلـىالصفحةرجوع

















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved