| شرفات
لا يمكن التصديق بأن تطوير تعليب الطعام كان للقائد الفرنسي نابليون بونابرت اكبر الاثر فيه اذ مرت على الانسان مئات السنين لم يجد خلالها منفذا ولو صغيراً لحفظ المأكولات من التعفن ولكن نابليون وفي غمرة من حملاته العسكرية تفتق ذهنه عن فكرة كانت هي الزاوية الاساسية في تعليب الطعام وحفظه من التفسخ والاهتراء.
وتعتبر هذه الخطوة القفزة الاولى في هذا المضمار ومن المعروف ان الجيوش الفرنسية من المشاه البحرية والبرية التي كانت تحارب في حملات نابليون خضعت كلها لتقنين غذائي معين اقتصر على السمك المدخن واللحم والملح ولم يقتصر التقنين على نوعية الطعام فقط بل تعداه الى التوقيت حيث حددت اوقات متباعدة لوجبات الطعام وهذه الاحتياطات القاسية ذهبت بالكثير من الجنود الفرنسيين وراء متاريسهم وعرضتهم للهلاك بعد انتشار مرض الحفر بينهم وهو مرض يضرب دم الانسان حتى الموت.
وامام نكبة فرنسا هذه خصصت الحكومة الفرنسية عام 1795م مبلغ اثني عشر الف فرنك فرنسي كمنحة لمن يقدم )الطعام الطازج( للجيوش الفرنسية البحرية والبرية والمشاة والذي يكون كافياً لاطعامهم ومر زمن طويل حتى تقدم رئيس الطباخين ويدعى )نيكولاس أبيرت( القاطن خارج باريس بحل المشكلة ليتسلم الجائزة المخصصة له منذ 15 عاما وهي اثنا عشر الف فرنك فرنسي كما ذكر.
ولم يكن نيكولاس ابيرت قد اتى بالمعجزة ولكنه وضع تصميما لتعليب المأكولات بأن أتى بأوعية زجاجية عريضة العنق تختم بقطعة فلين مع شريط نحاسي خاص ثم تغلف بقطعة قماش ويحكم اغلاقها داخل هذا الكيس وتخضع هذه الاوعية الزجاجية بعد تعبئتها الى عملية اخرى وهي انزالها في الماء المغلي مع الغطاء القطني حتى تمتد الحرارة العالية الى الداخل بعد ان تكون الحلل قد اغلقت هي الاخرى على ما فيها من اوعية زجاجية.
وبقيت هذه الطريقة سارية المفعول حتى الان لكن لا تشمل جميع المأكولات ورغم انها لم تكن الامثل في حفظ الاغذية المتنوعة فقد اعتقد نيكولاس ابيرت انها على الاقل تمنع تسرب الهواء الى الداخل خصوصا بالنسبة للمأكولات الطازجة.
وتوالت الدراسات بعد ذلك لحفظ الاطعمة وركزت كلها على تنقية الاطعمة من الجراثيم والبكتريا بعد طهيها حتى توصل العالم البريطاني )بيتر ديراند( الى اكتشاف التعليب بواسطة علب التنك والتي تسمى )تن كانستر(، وكان ذلك في عام 1901. ويؤكد العارفون بأنه اقتبس فكرة التعليب من علب الشاي وطريقة تعبئتها وهي طريقة كانستر وبقيت الولايات المتحدة الامريكية تدعو هذه الطريقة )كنن( بينما اختصر الاسم في انجلترا ليصبح )تنن(.
وفي عام 1819م أسس أول معمل لتوضيب السمك فقط على طريقة التعليب وكان صاحب المصنع يدعى )ازراداجت( من مدينة نيويورك في الولايات المتحدة الامريكية ولم يمض عام واحد حتى بدأ توضيب الفاكهة والخضار في اوعية زجاجية في مدينة بوسطن.. ومن الاهمية بمكان ان تخضع الاواني للغلي وكذلك المأكولات بهدف التخلص من جميع الجراثيم الصغيرة فيها مثل العفن والبكتريا والتهمر وهذه كلها تؤدي لاتلاف الاطعمة الطازجة كما ان عملية الاقفال المحكم للاواني الزجاجية ضرورية جداً حتى لا يتسرب اليها الهواء.
علي البلهاسي
|
|
|
|
|