| شرفات
وجدت بين العديد من الشعوب البدائية في كل أنحاء العالم فئة من المدخنين تتعاطى ما يسمى )التدخين الأرضي( بحيث تغرز عصا في حفرة بالأرض بها نار مشتعلة بهدف استعمالها كما يستعمل الغليون ومهمة العصا المركزة في الحفر إيجاد ممر ممتد من قاع الحفرة الى سطحها وعندما تسحب العصا من الأرض تترك وراءها هذا التجويف الذي تمتد منه غيمة الدخان المحروق في القاع ثم ينبطح الرجل أرضا واضعا فمه على فوهة الأنبوب الترابي المجوف ليسحب الطبقة الدخانية الصاعدة من القاع في الحفرة وهذا ما يسمى بالتدخين الأرضي.
ثم تطورت عملية الغليون الأرضي الى صنع جرن صغير من الصلصال )الحجر الصلب( يضعه فوق الأرض لا تحتها ولكن بقيت طريقة الأنبوب كما كانت في العملية الأرضية الأولى بحيث ينحني الرجل على فوهة الحجر ويمتص الدخان المتصاعد منها وبالإمكان نقل هذا الجرن من مكان لآخر.
وتطور هذا النوع من الغليون في بعض أجزائه في القارة الآسيوية وجنوب أفريقيا لكنه لم يجذب إليه سكان الغرب أبدا ففكرة الغليون الحديث أتت من الهنود في أمريكا مباشرة والسبب يعود في الغالب الى زراعة التبغ التي كانت من المهام الوطنية الملحة في أمريكا. وفي بداية رحلات اكتشاف أمريكا كان الهنود يستعملون الغليون في أشكال متنوعة بعضها كان بشكل حرف )Y( ويضع المدخن الفوهتين في أنفه دفعة واحدة. أما التبغ فكان يوضع في إناء بعيدا عن الأنف ويأخذ المدخن باستنشاق الدخان من الإناء بواسطة الغليون المثبت في أنفه.
وكان الهنود في المكسيك خلال هذه الفترة من الزمن يتعاطون التدخين بواسطة أنبوب مستطيل مصنوع من الخشب وأحيانا من العظام أو من الفخار وأحيانا من الحجارة. واعتمد الهنود المسكوجيون الذين قطنوا الجنوب الشرقي من أمريكا على الزراعة في حياتهم حتى تمكنوا من القيام بخطوة كبيرة في تطوير صناعة الغليون فرفعوا أحد أطرافه الى أعلى وبشكل أوسع من الطرف الآخر حتى أصبح مطابقا للجرن الحجري الذي استعملوه في الأرض.
والواقع أن شكل هذا الغليون ليس بعيدا عن تصميم غليون عصرنا الحالي وقد أدى هذا النوع أو النموذج من الغليون لاستعمال غليون الصلصال في كل أنحاء أوروبا فيما بعد. وبالتالي فإن هنود الشمال الشرقي من الولايات المتحدة الأمريكية طوروا الغليون المصنوع من قطعة واحدة الى الغليون ذي القطعتين، القسم الأول هو الرأس أو ما يسمى بالحجرة والثاني هو الساق وهذا بدوره أدى لصنع الغليون في أوروبا بحيث التقت الحجرة والساق الذي تداخل فكان أن تعرفنا على الغليون المعاصر الذي يعرفه كل الناس حاليا.
علي البلهاسي
|
|
|
|
|