أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Friday 1st June,2001 العدد:10473الطبعةالاولـي الجمعة 9 ,ربيع الاول 1422

تحقيقات

«الجزيرة» تواكب فعاليات اليوم العالمي لمكافحة التدخين
4 ملايين إنسان يقتلهم التدخين سنوياً 70% منهم من الدول النامية
وفاة مدخن كل عشر ثوانٍ والتدخين سبب رئيس لسرطان الرئة والفم والجلطات
* تحقيق - محمد الجبيري:
رغم ما يسببه التدخين من مضار جسيمة على صحة الفرد والمجتمع ورغم كل النداءات للإقلاع عن التدخين فانه وللأسف الشديد ما زال أعداد المدخنين والاستهلاك الانساني لهذا السم القاتل في زيادة وخاصة في الدول النامية فالتدخين يقتل 4 ملايين شخص، 70% منهم من الدول النامية بينما تنخفض النسبة كلما اتجهنا للدول الأوروبية.
وتفاعلا من «الجزيرة» مع الاحتفال باليوم العالمي للاقلاع عن التدخين وأضراره كان لها استضافة العديد من الأطباء والمختصين على مختلف تخصصاتهم، واستطاعت «الجزيرة» الحصول على تقارير موثوقة تبين حجم هذه المشكلة الخطيرة على الفرد والمجتمع والاقتصاد الوطني، فإلى الموضوع والفائدة..
رائد طبيب إبراهيم العاصم
د. محمد عبدالحميد
صور المكافحة المتعددة
استضفنا الأستاذ وليد الدعيجي الاعلامي المعروف ومدير الاعلام والعلاقات بمستشفى قوى الأمن الذي أوضح أنه يجب على كل مؤسسة حكومية كانت أم خاصة محاربة هذا الداء الجسيم ففي المؤتمر الأوروبي العاشر للسرطان كان هنالك استطلاع يفيد بأنه يتوفى شخص كل 10 ثوان بسبب التدخين، ويجب على كل الوزارات والدوائر الحكومية معاقبة المدخنين ونشر الوعي بين فئات المجتمع بشكل مستمر، كذلك أود ان أشير الى ان المستشفيات يجب ان يخرج نطاق عملها عن معالجة المرضى بل يمتد الى تثقيف جميع طبقات المجتمع واعداد نشرات وملصقات توعوية.
ثم انتقلنا الى الدكتور ابراهيم العاصم استشاري عيادة تقويم الأسنان بمستشفى قوى الأمن بالرياض ليحدثنا عن جملة من الموضوعات تتعلق بالتدخين والصحة.
فعن الأمراض التي يسببها التدخين للفم وصحة الجسم عموما، قال الدكتور العاصم: التدخين عادة يومية متكررة إذ يدخن شخص ما على الأقل 5 سيجارات يوميا بل يتعدى الأمر عند البعض الى 20 سيجارة أو أكثر لكل يوم. لذا من الطبيعي ان يترك ذلك آثاراً سلبية كثيرة على الانسان المدخن.. وعندما نتحدث عن منطقة الفم فالتأثير كيمائيا وشكليا. فتفاعل مادة النيكوتين والترسبات الناتجة عنها تؤثر مباشرة على أنسجة الفم مكونة التهابات مزمنة على اللسان واللثة وما حولها تكون سببا في بعض الحالات لسرطان الفم ومن البديهي في ظل وجود هذه الأمراض في الفم ودور الأكل الى الجهاز الهضمي ان تنتقل هذه الالتهابات لتؤثر على باقي أجزاء الجسم لتعم العدوى والمرض.
أما من الناحية الشكلية فلا شك ان جمال الابتسامة مطلب لانسان العصر الحديث وتلعب نظافة وبياض الأسنان وانتظامها دوراً هاماً في هذا المجال وقد أثبتت الأبحاث الإكلينيكية ان التدخين سبب رئيسي لتصبغ الأسنان ووضع السيجارة )خاصة السيجار والغليون( يسبب تشوه الأسنان وعدم انتظامها.
وكما أشرت فيما سبق ان التدخين كونه عادة ضارة يسبب إزعاجا لكثير من أنسجة الجسم ولا يجهل أحد من عامة الناس ان التدخين سبب لسرطان الفم والرئة ويتجلى ذلك في العبارة التحذيرية التي تضعها شركات التبغ على كل علبة تدخين.. وهو مضعف لطاقة الجسم ولا تخلو خلية من خلايا الجسم من ضرره كيف لا والدخان العادي يسبب الربو والتهاب الشعب والقصبات الهوائية وإنهاك أعضاء الجسم بلا حصر.. المأساة إذاً أكبر عندما يكون الدخان لمادة ضارة كالنيكوتين وبصفة متكررة.
وعن آثار التدخين الاجتماعية قال: ومن وجهة نظر شخصية أصنف آثار التدخين كما يلي:
أولا: آثار أثناء مزاولة التدخين فهي عادة لا تليق بالكثير من المقامات وتعبير عن اللامبالاة للجلساء، ونفخ الهواء من الفم غير مقبول فكيف تكون الحال عند نفخ الدخان الضار مع رائحة التدخين المزعجة.
ثانيا: آثار عامة:
مكلف اقتصاديا، فهو سلعة شراء للمدخن يوميا تبذير بكل المقاييس، واضعاف للصحة قد لا يقبل بها المدخن على نفسه ولكن كيف يرضى بها على من يعاشر من أهله وولده وجلسائه ومظهر فم وأسنان المدخن يزعج الكثير أضف لذلك رائحة فم المدخن غير المقبولة عند التحدث ويعبر التدخين عن شخصية صاحبه في ظل هذا العصر الذي يتنافس الجميع فيه للمحافظة على الصحة.. وأصبحت الرياضة ونوعية الأكل مظهراً حضارياً يعبر عن حيوية الفرد ونظرته البعيدة للاستثمار في جسمه.. ولنا عبرة في كثير من ضحايا التدخين.. فهل من مستفيد؟
التدخين وصحة الإنسان
الدكتورة روضة عبدالله البهيان استشارية نساء وولادة تحدثت عن مضار التدخين على الصحة العامة فأشارت الى ان الدراسات والأبحاث أثبتت ان لمكونات الدخان تأثيرا أكيدا على صحة الانسان فهو يؤثر في البداية على الجهاز العصبي كمنبه ولكن مع كثرته يؤثر على الجهاز العصبي للمدخن ويشعره بدوار في الرأس وارتعاشات حيث يحدث تلفاً بالخلايا العصبية بالاضافة الى الشعور بجفاف الفم نتيجة تأثير الدخان على افرازات الجسم والرائحة الكريهة في فم المدخن كما ان له تأثيرا قابضاً للأوعية الدموية ويؤدي لضعف وضيق الأوعية وبالتالي يؤثر على القلب ويسبب مرض القصور الشرياني للقلب والذبحة الصدرية وهذا الانقباض للأوعية الدموية يؤثر على كل عضلة في الجسم لأنه يقلل من وصول المواد الغذائية للأعضاء عن طريق تأثيره على الأوعية التي تغذي الأعضاء وبالتالي يؤثر على وظيفة العضو وحركته.
ويتركز تأثيره على الفم والحنجرة وأمراض اللثة والفقدان المبكر للأسنان وقد ثبت علميا ان مادة النيكوتين التي يتكون منها الدخان لها علاقة أكيدة بالأمراض السرطانية مثل الحنجرة، الرئة، المثانة، وسرطان الرحم والثدي عند المرأة وقد وجد بالأبحاث التي أجريت في سويسرا ان نسبة سرطان الثدي تتضاعف ثلاث مرات عند المرأة المدخنة بالاضافة الى زيادة نسبة حدوث هشاشة العظام وخصوصا في منطقة العمود الفقري والحوض مما يؤدي الى حدوث كسور مضاعفة.
ولا يخفى علينا أيضا تأثير أول أكسيد الكربون السام الذي ذكرته سابقا على قدرة كريات الدم الحمراء على حمل الأكسجين من الدم لكل أنحاء الجسم وبالتالي يؤثر على كل أعضاء الجسم المهمة ويسبب تلف الأنسجة بالجسم ونقص الأكسجين مما يؤدي لصعوبة التنفس والشعور بالجهد والتعب من أي مجهود يبذله الانسان.
آثاره على الأم والجنين
أكدت الدكتورة روضة البهيان ان التدخين من العادات غير المستحبة والمكروهة في بلادنا ولكن للأسف أرى أن نسبة التدخين عند السيدات سواء عن طريق تدخين السجائر أو ما يسمى بالمعسل في ارتفاع وذلك بالتالي يؤدي الى التأثير على صحة المرأة نفسها وصحة جنينها فكل أم تأمل بأن يكون حملها صحيا وجنينها مكتملاً جسمانيا وذهنيا ولذلك لو سردنا بعضاً من مشاكل التدخين سواء كان ذلك مباشرة أو من تأثير الدخان بصورة غير مباشرة لوجدنا مخاطره التي من الممكن تفاديها لو ابتعدنا عن التدخين مسبقا قبل أشهر من التخطيط للحمل. ان الدخان له تأثير على صحة الأم والجنين فقد وجد ان نسبة الاجهاض تكون أكثر في الشهور المبكرة أو من الممكن ان تتعرض الحامل لولادة مبكرة نتيجة لانفجار في كيس الماء المحيط بالجنين لمشاكل الولادة المبكرة. وهذا يحدث بسبب النيكوتين الذي له تأثير قابض للأوعية الدموية مسببا ضيقها مما يؤدي الى اضطراب في العمليات الحيوية للفيتامينات وتزيد من افراز هرمون اوكسيتوسن الذي يسبب تقلصات للرحم ومشاكل الولادة المبكرة.
وقد أثبتت الأبحاث ان نسبة حدوث التشوهات الخلقية لأجنة الأمهات المدخنات وخصوصا في فترات الثلاث الأشهر الأولى التي تعتبر الفترة الحرجة لتكوين الجنين مما قد يؤدي الى حدوث تشوهات مثل عدم التئام واكتمال الشفاه العليا وسقف الحلق والذي يعرف بالشفاه الأرنبية.
بالاضافة الى ان التدخين يؤدي الى قصور في نمو الأجنة داخل الرحم وولادة ما يسمى بالأطفال المبتسرين الذين عادة ما يحتاجون الى عناية فائقة في العناية المركزة كما ان النمو الجسماني والذهني أقل من الطبيعي بالاضافة الى خطورة الوفاة في المهد )الوفاة المفاجأة( بسبب مشاكل نفسية تكون أعلى ووجد ان النسبة تكون أكثر ثلاثة أضعاف الخطر المماثل للطفل من امرأة غير مدخنة، بالاضافة لزيادة تكرار نوبات الربو وصعوبة السيطرة عليها وانخفاض معدل التركيز ونسبة ذكائه ومقدرته الذهنية في مراحل الطفولة.
وجد ان مادة أول أكسيد الكربون الذي ينتج من عملية حرق التبغ هو غاز سام يقلل من نسبة حمل كريات الدم الحمراء للأكسجين فيسبب نقص الأكسجين في الأنسجة ويؤدي لعدم اكتمال وظيفة المشيمة للمرأة المدخنة وبالتالي عدم وصول المواد الغذائية والمهمة لنمو الجنين جسمانيا وعقليا.
ووجد أيضا ان نسبة حدوث مشاكل المشيمة مثل المشيمة الساقطة أو الانفصال المبكر للمشيمة تزداد فيؤدي ذلك للولادة المبكرة نتيجة لنقص الأكسجين مما قد يؤدي الى نمو المشيمة بشكل غير طبيعي على جدار الرحم من أجل البحث عن أوعية دموية سليمة بحثا عن الأكسجين والتغذية فيؤدي ذلك لكبر حجمها وتغطي عنق الرحم مما ينتج عنه مخاطر النزيف أو عدم نمو الجنين صحيا لأن المشيمة لا تؤدي وظيفتها طبيعيا من ناحية التغذية للجنين فينتج عنه نقص في نمو الجنين الجسماني وانقباض الرحم بالاضافة الى امكانية تعرض الأم لعملية قيصرية نتيجة للنزيف الشديد أو صحة الجنين المتدهورة والمشاكل الناتجة عن ذلك وزيادة نسبة الحمل خارج الرحم ملاحظ جدا بنسبة ليست قليلة.
ولا يخفى علينا من البداية تأثير التدخين على خصوبة المرأة حيث تقل عن المعدل الطبيعي وأيضا خصوبة الرجل إذا كان من المدخنين ومكونات الدخان تؤدي الى ضعف الجهاز التناسلي والقوة الجنسية للرجل ويؤدي ذلك الى تشوه الحيوانات المنوية )الحيامن المنوي( وضعف حركتها وعددها وتجعلها غير قادرة على التلقيح، ولهذا ننصح كل سيدة مدخنة قبل ان تخطط للحمل بأن تتوقف أو تمتنع عن الاختلاط بأماكن قد تمتلىء بتأثير المدخنين أو عن التدخين وذلك من أجل حمل صحي والحصول على مولود صحيح جسمانيا وذهنيا وحمل من غير مشاكل للأم والجنين، ولا يقتصر تأثير التدخين على فترة الحمل فقط بل يستمر حتى فترة ما بعد الولادة حيث ان كثير من السيدات يستعملن الحبوب المانعة للحمل المكونة من الاستروجين والبروجسترون مع الاستمرار في عادة التدخين مما قد يؤدي الى حدوث الجلطات سواء دماغية أو رئوية والتي لا يخفى خطرها على صحة السيدات لذا في حالة الاصرار على الاستمرار في عادة التدخين فاننا كأطباء نساء وولادة ننصح باستعمال موانع بديلة عن الهرمونات مثل اللولب والعزل وطرق أخرى.
الأزمات القلبية
الدكتور محمد بن علي عبدالحميد اخصائي أمراض القلب بمستشفى قوى الأمن تحدث عن المعاناة التي يجلبها المدخن لقلبه وبالتالي لعموم صحته والعلل التي يسببها التدخين بصفة عامة، فنوه بداية الى ان الدول الصناعية أدركت مدى خطورة التدخين على مجتمعاتها فبادرت بسن القوانين التي تحد من انتشاره منذ أكثر من 30 عاما، فالتدخين له آثاره المدمرة على النواحي الصحية والاجتماعية والاقتصادية، وقال: أما من الناحية الصحية فمن المعروف ان أمراض الشريان التاجي للقلب والأورام السرطانية هي من أهم أسباب الوفيات في أغلب المجتمعات وقد ثبت ان التدخين هو أحد أهم عوامل الخطورة المؤدية الى هذين المرضين. ان خطره على القلب لا يقل عن خطر مرض ارتفاع ضعط الدم أو الكلويسترول بل انه يؤدي الى الاصابة بمرض القلب في سن مبكرة )قبل الأربعين(، والتدخين يؤدي الى تصلّب الشرايين وانقباضها ثم الى حدوث تخثر الدم المتدفق في الشريان فجأة فيتوقف سريان الدم ويحدث احتشاء عضلة القلب )الأزمة القلبية( فيكون ذلك سببا للوفاة المفاجئة أو الى الاصابة بهبوط القلب المزمن مما يقلل من القدرة على الاعتماد على النفس وعلى الأداء الوظيفي والاعتماد على عدد كبير من الأدوية طوال الحياة والى التنويم المتكرر بالمستشفى والتعرض لمخاطر العمليات الجراحية للقلب ثم الى الوفاة في سن مبكرة. ولا يقتصر ضرر التدخين على كونه سببا لمرض القلب بل انه يؤثر سلبا على فعالية بعض الأدوية المستعملة في علاجه وعلى نتائج العمليات الجراحية للقلب. وتبدأ الخطورة مع تدخين سيجارة واحدة يوميا وتزداد مع زيادة العدد وطول مدة التدخين وتزداد أيضا كلما اجتمع التدخين مع أحد عوامل الخطورة الأخرى مثل تقدم العمر بعد الخامسة والأربعين ومرض ارتفاع ضغط الدم أو داء السكري أو الكليسترول أو وجود تاريخ عائلي لمرض الشريان التاجي أو السمنة.
أثبتت الدراسات ان خطورة الموت بسبب أمراض الشريان التاجي عند المدخنين هي ثلاثة أضعاف الخطورة عند غير المدخنين. ومن الملاحظ ان ضرر التدخين على القلب هو أشد ضراوة على المرأة منه على الرجل وتزداد الخطورة ايضا عند استعمال أقراص منع الحمل مع التدخين. ولوحظ أيضا ان عملية الاقلاع عن التدخين أكثر صعوبة عند المرأة منها عند الرجل وذلك ربما لخوفها من زيادة الوزن التي تعقب عملية الاقلاع. وعلى الرغم من هذا فان عدد المدخنات في ازدياد مقارنة بعدد المدخنين في العالم. مثلما ان الخطورة تزداد مع ازدياد فترات التدخين، فإنها لحسن الحظ تبدأ في الزوال تدريجيا بمجرد الاقلاع عنه حتى انها قد تزول تماما إذا لم تكن فترات التدخين قد زادت عن 7-10 سنوات. أثبتت الدراسات العلمية ان خطورة التعرض للأزمة القلبية الثانية عند المدخنين تتراجع حتى تصبح مثلها عند غير المدخنين بعد 3 سنوات من الامتناع عن التدخين، فأحرى بكل مدخن ان يبادر الى محاولة الاقلاع.
لا شك ان مهمة الاقلاع عن التدخين لا ينبغي ان تلقى على عاتق المدخن وحده بل انها ايضا مهمة الهيئات الصحية والثقافية والاقتصادية التي يجب ان تقدم الدعم المعنوي والعملي للمدخنين وأصبح من المعروف ان الانفاق المدروس في هذا المجال يعود بالنفع الاقتصادي الكبير سواء بالنسبة للفرد أو للمجتمع. يجب تشجيع وتدريب عيادات طب العائلة والأطباء الممارسين وغيرهم على التعرف على المدخنين واعطائهم النصائح والمعلومات الضرورية وتوجيههم الى عيادات مكافحة التدخين عند الحاجة لذلك فقد أثبتت الاحصاءات ان التدخل المباشر من الطبيب يجدي في كثير من الأحيان.
وهذه بعض النصائح نسديها لمن أراد أن يقلع عن التدخين خاصة في الأسبوع الأول من هذا المشوار:
- ليكن هدفك واضحا وأكيدا.. وهو الاقلاع كليا ولبقية العمر.. وليكن ذلك الآن أو بعد أسبوع أو أسبوعين.
- استعن بالله فانه هو الموفق.. وتذكر ان ما تفعله هو ما يرضيه كلما ألحت عليك الرغبة في اشعال السيجارة.
- لا تخجل أو تيأس إذا فشلت المحاولة الأولى أو الثانية فان هذا كثيرا ما يحدث قبل النجاح.
- أخبر أقاربك وأصدقاءك بأنك أقلعت عن التدخين واطلب منهم التشجيع والمساعدة.
- أكثر من شرب الماء وعصير الفاكهة وقلل من شرب القهوة والمشروبات الغازية وتجنب الوجبات الدسمة والسكريات.
- خذ قسطاً من الراحة ونم مبكرا ومارس الرياضة الخفيفة.
- تخلص من العادات المرتبطة بالتدخين مثل شرب القهوة بعد الأكل وتجنب الأماكن والجلسات المرتبطة بالتدخين.
- كن على اتصال بطبيبك أو عيادة مكافحة التدخين ويمكنك الاستعانة باستعمال لصقات النيكوتين.. ولا تقلق من زيادة الوزن التي ربما تحدث فانها ليست خطرا على الصحة ويمكنك معالجتها بسهولة فيما بعد.
مضاره على الأطفال
الدكتور فهد العثمان استشاري أطفال ببرنامج مستشفى قوى الأمن تحدث بهذه المناسبة عن أضرار التدخين وآثاره العكسية على الأجنة والأطفال بعد الولادة فأكد أن تأثير التدخين على الاطفال الذين ولدوا من أمهات مدخنات يبدأ منذ الاشهر الأولى من الحمل ويستمر حتى سنوات عديدة بعد الولادة، فأثناء الحمل يتعرض الجنين للعديد من المشاكل وخاصة في عملية نقل الاكسجين اليه من خلال المشيمة حيث ان اول اوكسيد الكربون المنتج اثناء التدخين يتحد مع الهيموجلبين «صبغة الدم الحمراء» وينتج ذلك مركبا آخر يقلل من نسبة نقل الاكسجين وبالتالي قد يؤدي الى اختناق الجنين، كما ان التدخين يؤدي الى ارتفاع عدد ضربات القلب وضغط الدم في الأم الحامل وهذا يؤدي الى ارتفاع ايضا في ضربات القلب في الجنين وضعف حركته، كما ان مادة النيكتوين الناتجة أثناء عادة التدخين تؤثر سلباً على كمية ضخ الدم للرحم وهذا ايضا يؤثر سلباً على الجنين، وقد اوضحت الدراسات ان التدخين المستمر اثناء الحمل يؤدي الى مضاعفات مزمنة في المشيمة وقد تأكد ذلك من خلال التشريح المخبري للمشيمة حيث وجد بها العديد من التغيرات غير الصبغية في تركيب المشيمة وشكلها مما يؤثر على وظيفتها.
واثبتت بعض الدراسات ان تأثير التدخين ليس فقط على وزن الطفل وحجمه بل على تطوره العقلي. حيث وجد ان الاطفال المولودين من امهات مدخنات كانوا اقل تطوراً عقلياً من الاطفال الآخرين عند سن العاشرة وقد لوحظ من بعضهم تعرضهم لبعض المشاكل مثل الحركة الزائدة وعدم التركيز .
النساء والسحابة السوداء
الدكتور فيصل محمود ثلاب مستشار امراض نساء وولادة زائر لمستشفى قوى الأمن بالرياض تحدث بإيجاز عن مضار التدخين على النساء ايضاً وعلى الجنين أثناء الحمل فأشار بداية أنه خلال السنوات الماضية لوحظت زيادة في اعداد النساء المدخنات في المجتمع الشرقي والمواد التي تصنع منها السجائر لا تشمل النيكوتين وأول اوكسيد الكربون فقط، بل تحتوي 2500 مادة أخرى، لم تتم دراسة تأثيرها على اعضاء الإنسان بعد، ولما كانت عادة التدخين بين الرجال ينحسر تأثيرها فقط على المدخن شخصياً، إلا ان تأثيرها بين النساء يمتد ليشمل الجنين الذي في بطن الأم الحامل او الرضيع بعد ولادته، وبذلك فإن أثر التدخين هنا يكون اخطر لأنه يؤثر على جيل المستقبل الذي قد يعاني من زيادة نسبة حدوث التشوهات الخلقية وانخفاض معدل الذكاء.. الخ.
أما بالنسبة لأضرار التدخين على النساء، فقد اثبتت الدراسات ان التدخين مسؤول عن 29% من امراض السرطان لدى السيدات، ومنها: سرطان الرئة، الثدي، الرحم، المبايض، الحلق، الحنجرة، المريء، البنكرياس، الكلى والمثانة البولية. هذا بالاضافة الى ان التدخين يؤدي الى زيادة نسبة حدوث جلطات القلب والرئة والمخ.
وحيث ان الدراسات الأمريكية تفيد بأن نسبة المدخنات أثناء فترة الحمل يصل الى 30%، فقد اجريت العديد من الدراسات لايضاح المضاعفات التي يمكن ان تحدث في أثناء فترة الحمل، على سبيل المثال وليس الحصر نورد التالي:
ارتفاع نسبة الاجهاض من 15% الى 30%، وارتفاع نسبة الحمل خارج الرحم وزيادة نسبة حدوث التشوهات الخلقية وزيادة نسبة حدوث وفاة الاجنة داخل الرحم، وكذلك زيادة نسبة حدوث الولادات المبكرة، وولادة الاطفال المبتسرين، الذين يعانون من انخفاض في الوزن والحاجة الى عناية خاصة بعد الولادة، وذلك نتيجة انخفاض معدل الاكسجين بالنسبة للجنين داخل الرحم.
يذكر ان للتدخين علاقة مباشرة بالتسبب في زيادة نسبة حدوث العقم لكلا الجانبين النساء والرجال، كما يتسبب التدخين في زيادة نسبة حدوث الجلطات القلبية والدماغية والرئوية لدى النساء اللاتي يستعملن حبوب منع الحمل. كما يتسبب التدخين في زيادة نسبة حدوث هشاشة العظام لدى النساء وما يترتب عليها من حدوث كسور مضاعفة في العمود الفقري وعظام الحوض والفخذ.
تواجه دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية منذ عدة عقود عملاً مخططاً له من قبل صناعة التبغ وتجارته، وقد استطاعت صناعة التبغ بممثليها في المنطقة أن تتعامل مع المتغيرات الاجتماعية والثقافية لشعوب المنطقة والتكيف مع جميع ردود الأفعال والمبادرات الرسمية والتنظيمية للحد من انتشار التبغ وان توجد لنفسها قدماً سابقة في أسواق دول المجلس مستأثرة بنسبة مرتفعة من دخول أفراد المجتمع لصالح تجارة وصناعة التبغ الدولية، وقد كانت لدول المجلس جهود متميزة في مواجهة مشكلة تعاطي التبغ بأشكاله المختلفة تمثل ذلك في منظومة قرارات وتشريعات بدأت منذ عام 1979م متصدية لجميع محاور المشكلة مثل الدعاية والإعلان والترويج، المواصفات القياسية لمحتويات السيجارة، زيادة تدريجيية في الرسوم الجمركية، برامج توعوية وندوات علمية ودعم قوانين وطنية تشريعية واستطاعت هذه الجهود بفضل الله أن تتصدى للهجمة الشرسة المضادة لشركات التبغ في المنطقة وان تحد من استهلاك التبغ في المنطقة إلا أن أساليب شركات صناعة وتجارة التبغ لا زالت تركز على هذه المنطقة كمنطقة تسويق استراتيجية لها وباستخدام وسائل جديدة وبأساليب ملتوية تستغل الثغرات في الأنظمة والتشريعات في دول المجلس مما يستدعي تضافر الجهود وتكثيفها وعلى جميع المحاور والتركيز على الجوانب التي أثبتت أن لها مردوداً ناجحاً في الحد من استهلاك التبغ في الدول الغربية وفي مقدمتها وضع وتنفيذ برامج شاملة لمكافحة التدخين على المستوى الوطني مع الزيادة المرتفعة للأسعار وبعدة أساليب.
الكلام أعلاه جاء في مقدمة لمذكرة تقدم بها الدكتور/ عبدالله بن محمد البداح رئيس الجمعية الخيرية لمكافحة التدخين للمكتب التنفيذي لمجلس وزراء الصحة لدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية بعنوان/ جائحة التبغ والحد منها بتفعيل دور الرسوم الجمركية والرسوم الأخرى في دول المجلس تحدث خلالها عن حجم المشكلة والتكاليف الاقتصادية ومحاولات شركات التبغ الدعائية وامتصاص أي ردود فعل في أسواق المنطقة قد تؤثر على هذه الأسواق من حيث عمليات التسويق والترويج لمنتجاتها وتقابلها بإغراءات متتالية مضاعفة، كما تطرق لمستقبل جهود الاقتصاديين والمعنيين بالصحة في إجراءات الحد من انتشار واستهلاك التبغ هنا في الخليج، فلنستعرض ونطالع فقرات مما جاء في مذكرة الدكتور/ البداح لتعميم الفائدة..
حجم المشكلة:
تظهر المؤشرات الاقتصادية والوبائية المتوفرة رغم قلتها أن حجم المشكلة في دول المجلس تشكل نذير كارثة اقتصادية وصحية واجتماعية لشعوب دول المجلس وقد أظهرت عدة دراسات وبائية خلال العشرين عاماً الماضية وعلى فئات مختلفة )مثل أطباء، طلاب طب، طلاب مدارس عامة، عينات من المجتمع( في مجتمعات الدراسة أن ما يقارب من نصف مجتمع البالغين الذكور يدخنون أما المجتمع النسوي فالنسبة فيما بين 5- 15% من الإناث البالغات يدخن في مجتمع محافظ تراعى فيه الجوانب الاجتماعية والثقافية والعادات والتقاليد بشكل كبير.
وجاءت مؤخراً دراسة صحة الخليج وبأسلوبها الفني والتصميمي المتميز لتغطي جوانب متعددة من السلوكيات الصحية غير السليمة في المجتمع الخليجي ومنها عادة تعاطي منتجات التبغ ولكن مع شديد الأسف جاءت نتائجها اقل من المتوقع عن انتشار هذه العادة خاصة وسط صغار السن والنساء ونظراً لأن المعلومات تم استقاؤها بشكل غير مابشر، وذلك لعدة أسباب منها عدم معرفة من أعطى المعلومة عدد من يدخن داخل الأسرة )ان كانوا يدخنون في الخفاء( أو لا يرغبون إعطاء المعلومات الخاصة بالتدخين نظراً لوجود اعتقاد بان التدخين لازال عيباً اجتماعياً وعادة مستهجنة لدى قطاع عريض من المجتمع الخليجي خاصة إن كان المدخن من صغار السن ومن النساء مما يؤدي إلى إخفاء المعلومات.
التدخين يعتبر مشكلة في دول المجلس فنسبة المدخنين البالغين عالية في كل من الكويت والمملكة العربية السعودية نجد أن فئة يفترض فيها أن تضرب مثلاً إيجايباً في عدم التدخين)الأطباء، العاملين في القطاع الصحي وطلاب كليات الطب( تمارس التدخين وبنسبة تصل إلى ثلث الشريحة بل وقد تتجاوزها إلي حوالي نصف الشريحة يدخنون كما هو في المملكة العربية السعودية والكويت والإمارات العربية المتحدة، ومما ينذر بالكارثة أن نسبة الطبيبات المدخنات في بعض هذه الدراسات تصل إلى حوالي 15%.
كما أن طلاب المدارس الثانوية ومن الدراسات المتاحة وبنسبة مرتفعة مقارنة بفئاتهم العمرية )الحساسة والحرجة( وتتراوح النسبة من 15% إلى 26% لكن وصلت معدلاً خطيراً في عام 1991م في دولة الكويت حيث إن )50%( من طلاب المدارس الثانوية ممن هم في أعمار )14-18 سنة( يدخنون.. وتشير هذه الدراسات أن حوالي ربع الطلاب المدخنين قد بدأوا التدخين وهم في عمر غضة ما بين )10-15 سنة (.
ويمكن الخلوص إلى أن أنتشار التدخين في دول المجلس حتى بين الفئات المختارة يعتبر عالياً مقارنة بدول العالم الصناعي إذا أخذ في الاعتبار الدخل القومي ودخل الفرد والتقدم الحضاري والمعيشي لدول المجلس فحينما تكون نسبة انتشار التدخين في دول المجلس تتراوح من 30- 50% عند الذكور نجدها في الدول الصناعية ذات الدخول المرتفعة لا تتجاوز 30% حسب معظم الدراسات خاصة تقارير منظمة الصحة العالمية في أو اخر التسعينيات. ونفس الأمر على الفئات المختارة خاصة الأطباء فقد كانت قبل خمسين عاما في حدود 70% في العالم الغربي وانخفضت لتصل إلى ما دون 20% في التسعينات بينما في بعض دراسات دول مجلس التعاون تفوق 30% مدخنين.
والحاجة قائمة لدراسات أكثر عمقاً ونقداً لواقع التدخين في مجتمعات دول المجلس حتى تكون الصورة معبرة خاصة أن إجراء هذه الدراسات لا تواجهه عقبات ذات شأن سوى الدعم المالي، وأما دراسة صحة الأسرة في الخليج فقد كانت معظم نتائجها دون الأرقام المتوقعة للأسباب المذكورة سلفاً.
أما الأمراض التي لها علاقة مباشرة باستهلاك التدخين فلا يوجد عنها دراسات وافية، إلا أن الأمراض السرطانية ذات العلاقة بالتدخين فالمعلومات عنها افضل مقارنة بأمراض القلب والأوعية الدموية والتهابات الرئة المزمنة وأمراض الجهاز الهضمي وذلك نظراً لوجود السجل الخليجي للأورام والمعلومات التي يوفرها في هذا المجال تظهر تقدم السرطانات المرتبطة بالتدخين على السرطانات الأخرى، ويبدو أن سرطان الرئة بين الذكور البالغين سيكون في المرتبة الأولى مستقبلاً في المنطقة مشابها بذلك الوضع الحالي في الدول الغربية، كما لاتوجد دراسات علمية موسعة كافية من الأمراض التي لها علاقة باستعمال الشيشة والنارجيلة والمعسل نظراً لحداثة كثرة استعمالها وغياب مواصفات قياسية لصناعتها وتغليفها وتخزينها، ولكثرة المواد والنكهات المضافة علىها وبدون رقابة.
وبتطبيق المعادلة التقديرية من البنك الدولي التي تقدر أن كل طن من التبغ المستهلك يؤدي إلى وفاة 65،0 فرد سنوياً نرى أن المعلومات المتاحة تبين أن دول المجلس في عام 1995م قامت باستيراد ما مجموعه )46( ألف طن من التبغ مما يعني أن هناك حوالي 30 ألف وفاة سنويا بأمراض لها علاقة باستهلاك التبغ في دول المجلس.
ردود الفعل لرفع الأسعار:
يتوقع أن تكون هناك مخاوف حول ردود أفعال زيادة الأسعار وما هي إلا أوهام وحجج تقوم بها شركات التبغ بشكل غير مباشر أو بعض الاقتصاديين ممن هم تحت تأثير دعاية شركات التبغ مما يؤدي إلى تأخير أو إلغاء أي عملية لرفع الأسعار وفرض رسوم جديدة ومن هذه المخاوف:
رفع الأسعار يؤدي إلى التهريب: وقد ثبت أن 30% من التبغ الموجود في السوق العالمية يتم تداوله عن طريق التهريب وللشركات الكبرى دور في ذلك وهي المستفيد الأول من ذلك حيث ان الأموال تذهب إليها في آخر الأمر ويتم التغلب على هذه المشكلة بعدة إجراءات صارمة منها وضع طابع على كل علبة سجائر انها مدفوعة الضريبة مما يجعل معرفة التبغ المهرب عملية سهلة مع تشديد العقوبات على المهربين وتوحيد الرسوم الجمركية في الدول المتجاورة وطلب مصنعي التبغ وضع رقم متسلسل على كل علبة ووضع اسم الدولة المراد استهلاك التبغ فيها لتتبع مسار تجارة التبغ بسهولة مع العلم أن دول المجلس لديها إمكانات عالية متطورة في ملاحقة ومراقبة التهريب بشكل عام.
رفع الأسعار يؤدي إلى ضعف العائدات الحكومية: حيث إن الاستهلاك سوف يقل وبالتالي تقل الرسوم المدفوعة للحكومة، ويقول الخبراء الاقتصاديون ان التبغ سلعة مثالية لزيادة الضرائب وبالتالي زيادة موارد الحكومة إضافة لتقليل استهلاكه والتخفيف من ضرره الصحي ويؤكد البنك الدولي أن زيادة الضرائب بنسبة 10% يؤدي إلى ارتفاع العوائد الحكومية بنسبة 7% على المستوى العالمي إضافة إلى إنقاذ آلاف الضحايا من أمراض التدخين.
الفقراء هم الأكثر تضررا من ارتفاع الأسعار: في الواقع هم الأكثر استجابة وتجاوبا مع رفع الأسعار بتخفيف الاستهلاك مما يحقق الهدف المنشود.
رفع الأسعار سيؤدي الى انخفاض الطلب وبالتالي فقدان وظائف كثيرة: يحمد لدول المجلس أن الزراعة والصناعة المتعلقة بالتبغ محدودة جداً مما يجعل هذا تخوفا في غير محله، فقط هم التجار الرئيسيون هم الذين سيتأثرون بانخفاض الطلب وقد بدأ كثير منهم في العديد من دول العالم إيجاد مصادر رافدة صناعية وتجارية لتجارة التبغ مثل الصناعات الغذائية وخاصة في أمريكا الشمالية.
الحاجة الحقيقية:
قطعت دول المجلس ومن خلال الجهود الحقيقية التي بذلها مجلس وزراء الصحة الموقر شوطاً جيداً في مكافحة هذه الجائحة إلا أن اثر هذه الجهود يقابل بإجراءات ومحاولات لشركات التبغ وممثليها يتم فيها امتصاص أي ردود فعل تؤثر على الأسواق بل تقابلها جهود مضاعفة من الشركات واغراءات متتالية للحصول على مدخنين جدد خاصة بين فئات صغار السن ومن الجنسين ومن ذلك قيام الشركات الدولية بإعلان تجمع لهم من خلال «جمعية الشرق الأوسط للتبغ» ويرمز لها «ميتاً» ونجح المكتب التنفيذي للمجلس في رفع الرسوم الجمركية وبالتالي رفع الأسعارمن 30% إلى 100% خلال عشر سنوات تقريباً إلا أن ذلك لم يكن له أثر فاعل لعدة أسباب من أهمها: رخص أسعار التجزئة اصلاً وتحمل شركات التبغ 65% من الزيادة في الأسعار للحفاظ على المبيعات والحملة الدعائية الترويجية المغرية للشركات وربطها بالمسابقات والمنافسات الرياضية أو التجارية في جميع دول المجلس.
والحاجة قائمة إلى رفع الأسعار وحسب توصيات سابقة للجنة مكافحة التدخين بدول المجلس وتوصيات الهيئة التنفيذية ومن أهم سبل رفع الأسعار وأكثرها فاعلىة وأسهلها تنفيذاً مع مراعاة الظروف والإجراءات الإدارية والمالية لدول المجلس مايلي:
رفع الرسوم الحالية من 100% إلى 200% بحلول عام 2002م وهذا المقترح هو الأكثر أولوية والحاحاً وهي زيادة كفيلة بتحقيق رفع أسعار يؤدي إلى تراجع في الاستهلاك للتبغ إلى حوالي50% وفي نفس الوقت يؤدي إلى زيادة سنوية في عائدات ضرائب التبغ للحكومات بنسبة تقدر بحوالي70% مع مراعاة توحيد مقدار الرسوم وتوقيت التطبيق في جميع دول المجلس وهذه الزيادة سوف لا تحتاج إلى وقت طويل لإقرارها نظراً لوجود تجربة سابقة ناجحة في رفع النسبة من 50% إلى 100% في دول المجلس ولعدم وجود خلاف بشأن مصير أموال الضريبة الجمركية )ستذهب لوزارات المالية(. في حالة الموافقة على الطرح المشار إليه أعلاه كما هو أو تعديل النسبة تظل الحاجة قائمة إلى الإجراءات الأخرى المرادفة وذلك تحقيقاً لهدف تقليل الاستهلاك وبالتالي تحسين المستوى الصحي للمجتمع وأفراده وكما هو معمول به في عدة دول كان لها تجارب ناجحة في الأخذ ببعض هذه الحلول المرادفة وفي أمثلتها:
تخصيص ما نسبته 55% من الضريبة الجمركية المستوفاة لدعم أنشطة وبرامج مكافحة التدخين والأبحاث والدراسات في دول المجلس والتنسيق مع وزارات المالية بشأن توجيه هذه النسبة لصالح الأنشطة المذكورة مع مراعاة صعوبة إقناع وزارات المالية بالتنازل عن أموال تم تحصيلها عن طريقها، أو يتم تحصيل ما نسبة 5% من قيمة كل شحنة تبغ مستوردة لصالح أنشطة مكافحة التدخين وبرامج التوعية وتحصلها مباشرة من الوكلاء والتجار قبل فسحها من الجمارك ولا علاقة لها بالضريبة الجمركية وتخصيص صندوق لها في المكتب التنفيذي أو لدى وزارات الصحة لكل دولة.
العمل على إيجاد رسوم مرتفعة لرخص محلات وكالات تجارة وتسويق التبغ ويتم تحصليها من قبل الجهات التي لها علاقة بالترخيص بمزاولة هذه التجارة)بعد تحديدها( أما وزارات الصحة أو البلدية أو التجارة وذلك للصرف منها على أنشطة المكافحة وللحد من انتشار محلات البيع.
مراعاة أن تكون للقوانين والتشريعات التي صدرت في دول المجلس لوائح تنفيذية لتفعيلها بأسلوب الغرامات والجزاءات للمخالفين وتوريد مبالغ لصالح أنشطة مكافحة التدخين وبرامج التوعية.
المستقبل القادم:
وبعد.. فان الفرص سانحة جداً للاقتصاديين والمعنيين بالصحة العامة لاتخاذ إجراءات جادة وعاجلة تؤدي إلى الحد من انتشار استهلاك التبغ نظراً لأن:
الاتفاقية الاطارية لمكافحة التبغ على الأبواب)بحلول 2003م( والتي تتبناها منظمة الصحة العالمية وبقوة ويدعمها العديد من الدول والمنظمات الأهلية المتهمة بمكافحة التدخين وموقف شركات التبغ أمامها ضعيف جداً، وسيكون لدول المجلس زمام المبادرة فيما لو أملت شروطها وأبدت تحفظاتها من البداية في بعض بنود هذه الاتفاقية خاصة في جوانب هامة مثل الدعاية والإعلان والترويج والضرائب والتهريب وحماية الصغار وفرضت شروطها ووضعت متطلباتها في بنود الاتفاقية وبرتوكولاتها.
قد تضطر بعض دول المجلس بالأقدام على اتخاذ إجراءات من جانب واحد فيما بتعلق بالأسعار والضرائب مما يترتب علىه تسهيل التهريب ومضاعفاته وتأزم الاتصالات التعاونية المشتركة في مجال مكافحة التدخين والاقتصاديات المرتبطة بالتدخين والصحة وغيرها.
اضطرار كثير من المتضررين في بلدان دول المجلس إلى رفع قضايا قانونية من الأفراد بالتدخين والقوانين اللازمة لحماية صحتهم من أضرار التدخين. الفرصة سانحة لأن شركات التبغ والوكلاء في حالة توجس وتقبل لأي ضغوط وإجراءات تقوم بها الدول والمجتمعات ضدها، الشركات الكبرى تلقت ضربات اقتصادية وقانونية موجعة في عقر دارها أفقدتها كل مصداقيتها الأمر الذي سيكون من السهل تكراره في أي مكان آخر لو تمردت على أي إجراءات ضدها مع سعيها لأسلوب التسويات خارج المحاكم والبحث عن أساليب جديدة للإيقاع بمدخنين جدد.
إذن هي فرصة لتبني رفع رسوم التعريفة الجمركية لدول المجلس إضافة لفرض رسوم أخرى تقتطع من الرسوم الجمركية أو تخصص رسوم بنسبة من قيمة الشحنة قبل فسحها، وتوجه لأنشطة برامج التوعية ومكافحة التدخين بدول المجلس، مما سيكون له اثر إيجابي بإذن الله في خفض نسبة مستهلكي منتجات التبغ ومن ثم الحد من ويلات وأمراض لها علاقة باستعمال التبغ والذي يمثل تهديداً لا مثيل له للصحة العامة.
تكاليف غير مباشرة
وهي تكاليف قد لا يكون من السهل قياسها والتعرف علىها مثل تكاليف الرعاية الاجتماعية للمدخن المريض، تكاليف أداء المسؤليات المناطة به في عمله، تكاليف رعاية أسرة المدخن المريض)والذي كان يقتطع جزءاً كبيراً من دخلهم لشراء التبغ( مما يؤدي إلى تدني المستوى التغذوي والتعلىمي للعديد من الأسر.
كما أن هناك تكاليف يتعذر قياسها مثل الآثار المرتبطة بقيمة حياة المدخنين الجوهرية وتكاليف المعاناة النفسية والمعنوية لهم أو لأقاربهم عندما يفقدونهم أو يعانون معهم في أمراضهم.
ان تكاليف ما يحدث في دول المجلس من هدر متصاعد لكثير من الموارد الاقتصادية بسبب التبغ لا يمكن تحديدها أو حتى تصورها، وتأتي أرباح شركات التبغ الضخمة لتعطيها فرصة لحملات مكثفة ومتلاحقة للدعاية والترويج والاعلانات وباهظة التكاليف لكي تتمكن من زيادة أعداد المدخنين والعمل على تحسين صورتها الاجتماعية وتقبل الناس الاجتماعي للتدخين، وفي نفس الوقت تنشىء شركات أغذية مساندة لحمايتها اجتماعياً واقتصادياً. ان دول المجلس قامت في عام 1990م باستيراد ما مجموعه )20( مليار سيجارة بلغت تكاليفها 405 مليون دولار، وزادت كمية الاستيراد في عام 1995م لتصل )46( مليار سيجارة بتكلفة تزيد على 900 مليون دولار لتصل كمية المستورد في عام 1998م إلى )65( مليار سيجارة وبتكلفة )1300( مليون دولار، فهذه الأرقام المتاحة والمحسوسة فكيف بأرقام تكاليف العلاج والحرائق وانخفاض الإنتاجية والوفيات وأنشطة مكافحة التدخين، ولقد قدر البنك الدولي تكاليف ما ينفقه العالم من استنزاف اقتصادي له علاقة بالتبغ بما يعادل )200( مليار دولار سنوياً وبهذا يكون نصيب دول المجلس من هذه الخسائر التقديرية حوالي )800( مليون دولار سنوياً عدا تكاليف شراء التبغ.
وتصرف شركات التبغ وممثلوها في دول المجلس مبالغ طائلة على الاعلان والدعاية والتسويق وتقوم شركة «فيلب موريس» احدى الشركات الرئيسية في العالم بانفاق حوالي)10( ملايين دولار سنوياً للدعاية والإعلان في منطقة الخليج كان نصيب دولة الكويت منها 9،3 مليون دولار والسعودية 4،3 مليون وعمان 5،0 مليون دولار وتعتبر هذه الشركة في أعلى قائمة المعلنين انفاقاً على الدعاية والإعلان في دول المجلس.
كل هذا يتطلب جهوداً متكاتفة لتخفيف معاناة مواطني دول المجلس من ويلات استعمال التبغ وما يترتب عليه وذلك بالحد من الكميات المستهلكة ولن يكون إلا باتخاذ تدابير صارمة تعالج عدة جوانب من أهمها:
زيادة الجانب التوعوي بمخاطر وأضرار التدخين الصحية وبأساليب متجددة، ومنع الترويج المباشر وغير المباشر للتبغ بما فيها اعلاناته وحملاته التسويقية ورعاية المسابقات بانواعها، ووضع ضوابط نظامية للبيع والتسويق والتوسع في منع التدخين في الأماكن المغلقة والعامة وأماكن العمل وإيجاد آلية لمعاقبة المخالفين مع عمل برامج لمساعدة المدخنين على الإقلاع وخاصة الأعراض الادمانية للتبغ وتبني نظام شامل لمكافحة التدخين، رفع أسعار منتجات التبغ باتخاذ خطوات مختلفة ومتنوعة.
آمال وقناعات:
إن المعنيين بالصحة العامة في دول المجلس على قناعات كبيرة بأهمية الحد من انتشار التبغ في مجتمعات دول المجلس ولكن بعض المسؤولين الاقتصاديين والماليين يعيشون تحت تأثير وابل مستمر من الحجج الوهمية التي تضخها شركات صناعية التبغ صباح مساء في أوساط الاقتصاديين أدت إلى قناعات ليس لها في ارض الواقع موقع ولعل ما جاء في أول التقرير عن الأضرار الصحية والاقتصادية يكون عاملاً في التخفيف من هذه القناعات، وخاصة ما يتعلق في هاجس التهريب وما يترتب علىه من انخفاض سعر انتشار أنواع رديئة ضررها اكبر على الصحة ) مع ملاحظة أن أنواع التبغ مرتفعة السعر قد تكون أكثر ضرراً لكثرة معالجاتها الكيماوية وإضافة الكثير من المضافات والمحسنات عليها(.

أعلـىالصفحةرجوع
















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved