| أفاق اسلامية
نعم الله علينا كثيرة وعديدة، ولن نستطيع أن نعدها مهما بذلنا من جهود ومحاولات، يقول تعالى:« وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها»، فالنعم تحيط بنا وبداخلنا، فنحن حقيقة في بحار من النعم، وأول نعمة وأكبرها هي نعمة الإسلام هذا الدين الحنيف الذي ارتضاه لنا رب العالمين، وهدانا إليه، وجعلنا حملة للوائه لكل البشر في جميع أرجاء المعمورة، وبعد هذه النعمة، تأتي نعم تختلف مكانتها وأهميتها النسبية في حياة الانسان، ولكن يجمعها كل صفة النعمة، وهذه الكلمة تعني ما تعني، لأن الانسان يسعى إلى تحقيق النعمة، والابتعاد عن النقمة.
والنعم بحاجة للشكر، يقول تعالى:«لئن شكرتم لأزيدنكم» نعم، فبالشكر تزداد النعم، وتدوم، وتنمو ولهذا كان العبد المؤمن شكوراً على الدوام.
هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى هناك قضية التحدث بالنعمة، والتحدث لا يعني الكلمة فحسب، بل يعني كل مدلولات الحياة والأمور الحياتية والاجتماعية، فالغني يجب أن يظهر ذلك بالصدقات وبأعمال البر والخير وبالعطاءات المتواصلة، وكذلك لا ينسى نفسه من مسكن وملبس ومشرب، وبالطبع لا ينسى أقاربه وأهله وذوي رحمه وبلده وأمته ووطنه فالأقربون أولى بالمعروف، واظهار هذا سواء بشكله المادي أو المعنوي أو غير ذلك إنما يعبر عن شكر للنعمة، وعدم خشيته من زوالها بإذن الله فالثقة المطلقة بالله تعالى وبقضائه وقدره تجعل العبد المؤمن ينفق كمن لا يخشى الفقر، ولكن بالطبع دون إسراف وتبذير، فالله تعالى لا يجب المبذرين والمسرفين الذين يبددون الثروات الطائلة بما لا يرضي الله تعالى، وكذلك لا يجوز التباهي والخيلاء والكبرياء.
هناك البعض وليس بالقليل الذين يندبون حظهم، ويولولون على الدوام،ويشتكون بشكل متواصل، ومهما وصلت يدهم لنعم فإنها قليلة بنظرهم، وهؤلاء غالباً ما يسقطون بدوامة الحسد والحقد والغيرة، وهؤلاء يحذرهم الله تعالى من مغبة أفعالهم وأعمالهم:«ومن شر حاسد إذا حسد»، والحسد مذموم مكروه مرفوض في ديننا الحنيف، وصاحبه مصيره صعب والله أعلم والضرر يصل إلى نفسه قبل غيره.
أما الذين يخفون النعم، ويتظاهرون بالفقر، أو أنهم يبخلون حتى على أنفسهم، ويكنزون الذهب والفضة، وهؤلاء أيضاً لهم تهديد ووعيد، ففعلهم غير جائز وعملهم غير مقبول، فنعم الله أعطاها لعباده كي ينفقوا منها، ويعمروا الأرض، وبهذا تكون الحياة سليمة، والسعادة دائمة وعميمة، وهو المطلوب من تلك النعم لكي تؤدي دورها في حياتنا.
إن النعم وبسبب كثرتها وتعدد أوجهها وأشكالها تتطلب من الانسان أن يكون دائم الشكر لربه كثير الحمد له، ودائم التفكير بآياته أيضاً، وهذا بالطبع لا يأتي إلا من قلب خاشع صادق مطمئن، وهذا بدوره لا يصدر إلا عن قلب يعمره الايمان، وتلك الدورة تقودنا إلى النعمة الكبرى التي منّ الله بها علينا، ألا وهي نعمة الايمان التي يجب أن نتحدث بما يخدمها، وهنا نجد أنفسنا بشكل مباشر أو غير مباشر دعاة لدين الحق بعملنا وبسلوكنا وبأقوالنا وأفعالنا، وهذه كلها نعم أخرى تتفرع عن النعمة الكبرى التي لا بد أن توصل صاحبها إلى سعادة الدارين بإذن الله.
والله من وراء القصد.
alomari 1420@yahoo.com
|
|
|
|
|