| الثقافية
الأمير عبدالله الفيصل رائد النزعة الرومانتيكية في الشعر النجدي المعاصر، وأحد أقطاب الشعر العاطفي في العالم العربي.
ولد في مدينة الرياض وعلى أديمها الشاعري تنسم عبير الحياة في فجرها الضاحك الممراع، وانطبع شعوره المتأود الرفاف بجمال الطبيعة الحالمة في مجاليها ومباهجها المخضلة الناضرة.
تولى تربيته وتنشئته في عهد الطفولة جده الملك عبدالعزيز رحمه الله ثم ذهب به والده سمو الأمير فيصل إلى الحجاز حيث كان يقيم هناك كنائب للملك ووزير للخارجية، وقام على تعليمه وتربيته، فهيأ له كل إمكانيات التعلم، بأن جلب له مدرسين أكفاء تولوا تعليمه وتثقيفه وغرسوا في نفسه حب المطالعة الدائبة والقراءة الفاحصة المتذوقة، وخاصة في كتب الأدب القديم والجديد على السواء من شعر ونثر حتى اهتزت في نفسه الشاعرية الكامنة وربت وأخذ يقرض الشعر محاولة إثر أخرى بدافع العاطفة الخصبة والوجدان الموّار حتى أصبح علما من أعلام الشعر العربي المعاصر.
تولى مناصب هامة في الدولة فقد تعين نائبا للملك في الحجاز ووزير للصحة والداخلية ثم وزيرا للداخلية وحدها حتى استقال منها عام 1378ه ومن ثم اتجه إلى الأعمال التجارية ولعل لذلك أثراً في انقطاعه عن الشعر في تلك الفترة أو عزوفه عن نشره في الصحف كما كان يفعل سابقاً.
من آثاره الشعرية: ديوانه «وحي الحرمان» الذي طبعته رابطة «جمعية القلم» في بيروت عام 1373ه 1954م وتبرع بريعه البالغ 40 ألف ليرة لبنانية لنفس الجمعية، وهو أترف ديوان طبع حتى الآن، تغلب على شعره سمة الترف والأناقة وكأنها الصدى المتجاوب لحياته ومركزه الاجتماعي الكبير.
يشبه من الشعراء القدامى عمر بن أبي ربيعة المخزومي إلى حد كبير في كثير من خصائص الشعر وأغراضه غير أن شاعرنا عبدالله لم يتطرق إلى إدخال الجو القصصي في شعره كما فعل عمر.
ويجاري من الشعراء المعاصرين نزار قباني في الاتجاه الموضوعي دون القوالب والأساليب الصياغية، ومن الفوارق بينهما أن شعر نزار وجداني مادي مكشوف أما شعر عبدالله فعاطفي متصوف أكثر منه مادياً متطرفاً.
ويمتاز شعره بالعفوية وشبوب العاطفة والخيال الخصب والموسيقية الكلاسيكية، وشاعرنا من دعاة مذهب الفن للجمال او ما يطلق عليه اسم الفن للفن، ولكن الأمير الشاعر مع ذلك ليس ممن يقبع في إحدى زوايا هذه الرومانتيكية المتصوفة بعيدا عن حياة مجتمعه واحاسيس شعبه. وعلى الرغم من أن القدر الأكبر من شعره عاطفي ذاتي فإن الباحث لابد وأن يجد في شعره خصوصا مانشر في ديوانه قصائد وطنية لاهبة يستحث فيها شباب بلاده المثقفين على محاربة الجهل ومقاومة الاستعمار، وتعريف الغرب الجاحد بما للشرق من منن عليه في علومه وحضارته الحديثه، وما للعروبة من أمجاد ومآثر لم يدون التاريخ الغابر لها مثيلا.
وإن قصيدتيه «نداء» و «إلى شباب بلادي» هما خير دليل على اتجاهه الشعري الوطني.
من خصائص شاعرنا المحافظة على ملامح الشعر المأثور شكلاً وصياغة، فهو لايؤيد النزعات التجديدية في القوالب الشعرية لأنها في رأيه تذهب برونق الشعر وموسيقيته المبنية على التفاعيل المصوغة أساسا للغناء، والشعر المرسل غير حافل بالنغم الإيقاعيّ الذي هو من خصائص الشعر العربي.
|
|
|
|
|