| العالم اليوم
*الجزيرة لندن: عقل العقل:
^^^^^^^^^^^^
بدعوة من مجلس التفاهم العربي البريطاني )كابو( ألقى علي ابو نعمة وهو محاضر امريكي من اصل فلسطيني محاضرة في لندن بعنوان )انحياز الإعلام الأمريكي لتغطية الانتفاضة( وهو متخصص في دراسات الاعلام الامريكي والقيت المحاضرة باللغة الانجليزية.
^^^^^^^^^^^^
واشار في البداية الى انه وفريق عمل معه قاموا بمتابعة التغطيات الاعلامية للانتفاضة في بعض وسائل الاعلام الامريكية واجراء مقابلات مع المحررين حول طبيعة وموازين التحرير الخبري في وسائل الاعلام التي يعملون بها.
ويبدو من الوهلة الاولى ان الصحافة الامريكية تقوم بتغطية امينة للاحداث ولكن عند التركيز على جزئيات الخبر يتضح عكس ذلك. لقد قمنا ببعض التحاليل الكمية للاعلام الامريكي وذلك بالنظر الى بعض الأخبار والقصص الخبرية المرتبطة بتغطية الانتفاضة في الاعلام الامريكي ووجدنا ان الصوت المسموع في الاخبار والمقالات وبالتالي الذي يشكل الرأي العام هو الصوت الاسرائيلي حيث نجد ان اكبر صحيفتين هناك الواشنطن بوست والنيويورك تايمز يسيطر عليهما هذا التيار. ففي الاشهر الثلاثة الاولى من الانتفاضة نشرت الواشنطن بوست 27 تعليقا صحفيا عن الوضع في الشرق الاوسط 20 منها يقف وبقوة مع التيار المساند لاسرائيل و2 منها يقف في الوسط وال 5 الباقية يمكن ان نقول انها مع الفلسطينيين. وجريدة النيويورك تايمز تتبع نفس الاتجاه حيث نشرت لنفس الفترة 33 تعليقا خمسة وعشرون منها مع الخط الاسرائيلي واثنين في موقف وسط وستة مع الوجهة الفلسطينية. وقد توصل لنفس النتائج التي توصلنا اليها ADL the Information League وهي منظمة ذات نفوذ في مجال المعلومات في الولايات المتحدة الامريكية.
اما من حيث كتّاب المقالات فنجد ان الواشنطن بوست نشرت مثلا مقالات لدوري جول السفير السابق لاسرائيل في الامم المتحدة وديفيد عزري السفير الحالي لاسرائيل في الولايات المتحدة الامريكية في يوم واحد. اما على الجانب الفلسطيني فهنالك مقالات لكتّاب فلسطينيين في الواشنطن بوست احدها كتبها احد المفاوضين في السلطة الفلسطينية وكان عنوان مقاله )ما الذي نريد( والذي يحمل عنوانا مثيرا لانه يصور الفلسطينيين وكأنهم يفكرون بطريقة واحدة بالاضافة الى نشر صور لفلسطينيين غاضبين وهم يرتدون اسلحتهم وهو الشيء الذي لم يرافق اية مقالة كتبت من قبل الاسرائيليين.
اما المواضيع الستة المتعاطفة مع الفلسطينيين والتي نشرت في جريدة النيويورك تايمز، 2 منها كتبت بواسطة اكاديميين فلسطينيين و3 كتبت بواسطة كتّاب اسرائيليين، واذا اعتبرنا ذلك جيدا فإنه تبقى هنالك مشكلة تتعلق بالتمثيل او عكس وجهة النظر الفلسطينية.
ومن الاشياء التي بدت لنا عند متابعتنا للتعليقات والاخبار في الصحافة الامريكية عن الاحداث في فلسطين انها لا تعطي حقائق عن اصل الصراع ولا تشير الى ان هنالك احتلالا عسكريا اسرائيليا للضفة وقطاع غزة. ان اسقاط مثل هذه المعلومة يقف عقبة في سبيل فهم اصل المشكلة من قبل الجمهور الامريكي بل ان الاعلام يصور الاحتلال الاسرائيلي للمناطق الفلسطينية وكأنها )نزاع(، بل اننا نجد في بعض الصحف الامريكية اشارات متكررة الى ان الاحتلال قد انتهى حيث نجد في كلمة افتتاحية الواشنطن بوست تقول )ان عنف الانتفاضة يجب ان يصل الى النهاية لان امكانية الرجوع الى احتلال ما قبل اوسلو لا يجب التفكير فيه( ان اي احد منا يعرف ما حدث خلال الثماني سنوات الماضية، يعرف ان هذه الاشارات بعيدة عن الحقيقة.
اما موضوع الاستيطان والمستوطنات وهو احد الموضوعات الرئيسية المرتبطة بموضوع الاحتلال فترفض الصحافة الامريكية الاشارة إلى انه استيطان بل تسمي المستوطنات بمناطق الجوار Neighborhood وتصف الاعمال الفلسطينية بكلمة إرهاب اما اعتداءات الاسرائيليين عليهم فتصفها بردود افعال.
اما الاشارة الى اطفال الانتفاضة في الصحافة الامريكية فتصور على انها عملية منظمة من قبل السلطة الفلسطينية في دفع هؤلاء الاطفال الى الخطوط الامامية وهي اشارات تجرد الاسرة الفلسطينية من صفة انسانية وهي انهم لا يحبون اطفالهم. وعلى الرغم من ان هذه الدعاوى دحضت من قبل منظمات عاملة في مجال حقوق الانسان الى انها مازالت تتمركز في قلب التحليل والاشارة في التغطية الاعلامية الامريكية لأحداث الانتفاضة.
واحد من الاتجاهات السائدة والتي نلاحظها في تلك التغطية هي كيف ينقل خبر الموت في الاراضي الفلسطينية؟ لو اخذنا على سبيل المثال الراديو الوطني الامريكي والذي يعتبر مصدرا من المصادر التي تنال ثقة الجميع نجد انه وفي احد الايام قتل 8 فلسطينيين لكنه لم ينقل الخبر وحينما تعرض اثنان من الاسرائيليين بجروح في احد الانفجارات تصدر الخبر النشرة الاخبارية في نفس المحطة وهو الروتين السائد في تلك المحطة حتى الآن. وبمقارنات متشابهة ومتعددة نجد ان بعض وسائل الاعلام الامريكية ينظر الى قيمة الانسان الفلسطيني وكأنها اقل بعكس الاسرائيليين والذي ينظر اليه وكأنه ذو قيمة عالية، حيث نجد ربط القتل اللاحق بالاسرائيليين بالبشاعة وتصوير المعتدي الفلسطيني بالقاتل البشع المدفوع بالكراهية وفي الجانب الآخر نجد وصف الاعتداءات الاسرائيلية على الفلسطينيين بأنها لا تتم الا بعد تفكير طويل وعند الضرورة القصوى.
وتطرق المحاضر في ختام محاضرته الى التغطية الاعلامية في الصحافة الامريكية للجانب السياسي للانتفاضة الفلسطينية حيث تصور وكأنها احد اذرع الحركة الاسلامية وتصويرها وكأنها ضد الغرب فإنهم يبحثون عن اشياء تختلف جذريا عن دوافع الاحداث فتظهر الى السطح تبريرات مثل شيوع فكرة التصادم الحضاري او صراع الثقافات وفي هذه الفكرة يصور الغرب متماسكا متميزا ويحتل مكانة عالية في انسانيته والتي كثيرا ما تصطدم مع قطاعات دنيا وخطيرة جدا من قطاعات الحضارة الاسلامية المتخبطة.
وتصور اسرائيل على انها ممثلة لحضارة الغرب العليا يحيط بها الفلسطينيون الذين يمثلون القيم والحضارة الدنيا. هذا التفسير لدوافع الصراع بين اسرائيل والفلسطينيين يجرده من الدوافع الحقيقية لذلك الصراع.
|
|
|
|
|