عظُم المصابُ، وهاجت الأشجانُ
وتجددت بفؤاديَ الأحزانُ
والنفسُ قد وجلت لخطبٍ مفزعٍ
وتقَّرحت من هوله أجفانُ
خبرٌ كصاعقةٍ على أبداننا
شَلَّ الجوارحَ، فالأسى ألوانُ
تبكي العيونُ بحرقةٍ ودموعُها
حممٌ طَفَتْ، قد هزَّها بركانُ
والشمسُ قد كسفت بقية يومها
ومغيبُها يعلو عليه دخانُ
لفراق أمي، اذ تغشّاها الردى
واختارها لجواره الرحمنُ
في عصر ذاك اليوم فاضت روحُها
وقضى نهاية عمرها الديانُ
قد حَّدَد الشهرَ الحرامَ رحيلَها
فله - تعالى - الحمد والشكرانُ
ظهرت علاماتٌ لحسن ختامها
يُرجى لها عند الاله أمانُ
هذا مُصلاَّها يحدِّث أنه
لصلاتها ولذكرها ولهانُ
فعلى جوانبه تعالت روحُها
نحو السماء يحفها الرضوانُ
كم من محبٍّ قد بكى جزعاً لها
وفؤادُه لفراقها حيرانُ
أنوار بلدتها خَبَتْ أضواؤُها
واهتزَّ منها السهل والبنيانُ
حتى السحابُ بكى عليها واِلهاً
وعلى ثراها دمعه هتَّانُ
لم ترتحلْ حتى تقدم موتَها
بحرُ الفضيلة ما له شطآن
ومحبةٌ للخير تملأ قلبَها
وتواصلٌ ومودةٌ وحنانُ
مَدَّت جسورَ العَوْنِ فيما حولَها
فإذا اليتيم بقربها جذلانُ
والمالُ لم تأبهْ بحسن بريقه
فبريقُه وترابنا سِيّانُ
كم من أرامل قد سعيتِ لوصلهم
وعطفتِ جوداً فارتوى الظمآنُ
ووصلتِ شبّاناً وشيباً شُتّتوا
عاث اليهودٍ بأرضهم، وأهانوا
لم تتركِ الملهوفََ يُظهر حرقةً
جادت عليه، فقلبه نشوانُ
كم قدَّمتْ للعاملين جوارَها
من مِنَّةٍ لم يخْفها الكتمانُ
قالوا لها: فيهم كفورٌ جاحدٌ
فعلامَ يُبذلُ نحوه الإحسانُ
قالت: أنا لي نيتي وهُمُ على
نيّاتهمْ ما ضرَّني ما دانوا
فأتت بذلك سيرةً محمودةً
يُهدى بها مَنْ دأبُه الكفرانُ