أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Tuesday 29th May,2001 العدد:10470الطبعةالاولـي الثلاثاء 6 ,ربيع الاول 1422

الاقتصادية

شيء من المنطق
أكذوبة نقص التدريب
الدكتور مفرج بن سعد الحقباني
ينقسم التدريب وفقاً لما ورد في النظرية الاقتصادية إلى نوعين رئيسيين: النوع الأول التدريب العام وهو الذي يتم توفيره في العادة من قبل القطاع العام ويؤدي إلى اكتساب مهارة معينة يمكن تسويقها في سوق العمل Marketable Skills، النوع الثاني التدريب الخاص وهو الذي يؤدي إلى اكتساب مهارة معينة تتوافق مع طبيعة العمل في منشأة أو شركة محدودة فقط ولا يمكن تسويقها في سوق العمل Non Marketable Skills. وهذا النوع من التدريب يفترض ان تتحمل الشركات والمؤسسات تكلفة توفيره لكونه ذا طبيعة تخصصية ولكونه يساهم في رفع كفاءة العاملين لدى تلك الشركات دون سواها على مستوى الاقتصاد الكلي، وانطلاقاً من هذا التقسيم الذي يوضح المسؤولية عن تدريب القوى العاملة نجد أن من مسؤولية الدولة تأهيل الأيدي العاملة السعودية بمهارات عامة تؤهلهم لاكتساب المهارات الخاصة التي تخدم أغراض الشركات والمؤسسات في الاقتصاد السعودي وليس من مسؤوليتها تأهيل وتحمل تكاليف تدريب العاملين في كل الأغراض التي يحتاجها القطاع الخاص، وعليه فإن من غير المنطقي القول بتحمل التعليم العالي مسؤولية تأهيل محاسبين متخصصين في أعمال البنوك أو أعمال شركات الاسمنت وغيرها من أعمال المحاسبة المتخصصة حيث تقع على عاتق تلك الشركات والمؤسسات مسؤولية تدريب العاملين لديها على الأعمال الخاصة بها. ولكن السؤال الذي يتبادر للذهن هنا هو لماذا لم يقم القطاع الخاص بمسؤوليته في هذا المجال؟ ولماذا ظل يحمل التعليم والتدريب الحكومي مسؤولية نقص التدريب على الرغم من مسؤوليته المباشرة على هذا النقص إن كان حقيقة ملموسة على مستوى الاقتصاد السعودي؟ قبل الإجابة على هذه الأسئلة أعرض للقارئ الكريم بعضاً مما ورد في التحقيق الصحفي الذي نشرته جريدة الرياض في عددها رقم 11996 وتاريخ 4/2/1422ه حيث التقت مع مجموعة من خريجي اقسام النبات والأحياء الدقيقة الذين يعملون في كبائن الهاتف، فقد اتضح من خلال التحقيق ان غالبية الخريجين الذين شملهم التحقيق من المتفوقين علمياً وانهم في سبيل بحثهم عن فرصة عمل مناسبة قد طافوا بالعديد من الجهات الحكومية والشركات والمؤسسات الخاصة التي اغلقت الأبواب أمامهم على الرغم من وجود عمالة أجنبية تعمل لديها في نفس التخصص. والأشد مرارة في هذا الخصوص ان بعض الخريجين قد تزود بعد التخرج من الجامعة بدورات تدريبية تخصصية لم تشفع له بالحصول على فرصة عمل مناسبة تحميه من البطالة ومخاطرها المتعددة وتكفل له حياة سعيدة على أرض هذا الوطن الأغر.
والآن يمكن القول أيها السادة ان الرفض المستمر للأيدي العاملة السعودية ليس نتيجة لنقص التدريب ولكنه في الواقع نتيجة لكون سوق العمل السعودي سوقاً بلا حدود جغرافية ولعل وجود اكثر من ستة ملايين عامل أجنبي خير دليل على صفة الدولية التي تتصف بها هذه السوق. وفي اعتقادي ان المستثمر السعودي لن يجد مبرراً منطقيا لعقد دورات تدريبية لشاب سعودي في الوقت الذي يستطيع فيه الحصول على البديل الجاهز من الخارج، وبالتالي فإن مسؤوليتنا الوطنية تجاه هؤلاء الشباب القادم إلى سوق العمل ان نحميه من المنافسة الدولية من خلال فرض قيود فعلية على الاستقدام ومن خلال تفعيل دور الجهات الحكومية المعنية بتنظيم ومتابعة تنظيم سوق العمل السعودي وفي مقدمتها بالطبع وزارة العمل والشؤون الاجتماعية. وفي اعتقادي ايضاً اننا سنظل نواجه المشكلة وسيظل القطاع الخاص يسعى وراء العامل الأجنبي ويرفض تدريب وتوظيف العامل السعودي ما لم يكن لنا وقفة صريحة تعطي للمصلحة العامة الاعتبار الأهم في صناعة وصياغة القرار.
سؤال مهم: ما هو موقفنا إذا استمر الحال على ما هو عليه بعد ان يبدأ صندوق تنمية الموارد البشرية في أداء مهامه على أرض الواقع؟ اعتقد اننا من خلال إنشاء صندوق تنمية الموارد البشرية قد تحملنا مسؤولية أكثر في مجال التدريب ولكنها تظل خطوة مباركة لا سيما وانها ربما تساهم في كشف الادعاء الكاذب الذي ظل يلازم الشباب السعودي المتهم دوماً بنقص التأهيل والتدريب.
)*(أستاذ الاقتصاد المشارك بكلية الملك فهد الأمنية

أعلـىالصفحةرجوع
















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved